للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ غَلَطًا أَوْ الْحَدَثِ أَوْ الطُّهْرِ عَنْهُ أَوْ الْوُضُوءِ بَدَلَهُ (أَجْزَأَهُ) عَنْ الْوُضُوءِ، وَإِنْ لَمْ يَمْكُثْ زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ التَّرْتِيبُ حِسًّا خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ يَكْفِي لِلْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فَلِلْأَصْغَرِ أَوْلَى وَلِتَقْدِيرِ التَّرْتِيبِ فِي لَحَظَاتٍ لَطِيفَةٍ.

(وَسُنَّ اسْتِيَاكٌ)

ــ

[حاشية الجمل]

أَيْ وَلَوْ كَانَ مَا انْغَمَسَ فِيهِ مَاءً قَلِيلًا فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا نَظَرَ لِمَا قَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا الْغُسْلَ قَائِمٌ مَقَامَ الْوُضُوءِ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّرْتِيبُ فَيَكُونُ انْغِسَالُ الْوَجْهِ سَابِقًا عَلَى بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ فَيَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا، وَذَلِكَ لِأَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ التَّرْتِيبَ مُعْتَبَرٌ هَهُنَا لَكِنَّهُ تَقْدِيرِيٌّ لَا تَحْقِيقِيٌّ وَالِاسْتِعْمَالُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي التَّحْقِيقِيِّ لِتَأَخُّرِ زَمَنِ غَسْلِ بَعْضِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فِيهِ عَنْ زَمَنِ بَعْضٍ بِخِلَافِ التَّقْدِيرِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا حَجّ فِي شَرْحِهِ لِلْإِرْشَادِ قَالَ هُنَا: وَيَقَعُ التَّرْتِيبُ بِانْغِمَاسِ مُتَوَضِّئٍ وَلَوْ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ كَمَا مَرَّ إنْ نَوَى نِيَّةً مُعْتَبَرَةً، وَإِنْ لَمْ يَمْكُثْ زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ التَّرْتِيبُ لِحُصُولِهِ تَقْدِيرًا فِي أَوْقَاتٍ لَطِيفَةٍ لَا تَظْهَرُ فِي الْحِسِّ اهـ بِاخْتِصَارٍ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ غَلَطًا) أَيْ نِسْيَانًا بِأَنْ نَسِيَ أَنَّ عَلَيْهِ الْأَصْغَرَ وَيَعْتَقِدُ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ هُوَ الْأَكْبَرُ فَالْمُرَادُ بِالْغَلَطِ الْخَطَأُ فِي الِاعْتِقَادِ لَا سَبْقُ اللِّسَانِ فَقَطْ الْمُقَرَّرُ عِنْدَ النُّحَاةِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بَدَلَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِانْغَمَسَ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْوُضُوءِ، وَالْمُرَادُ بِالْوُضُوءِ غَسْلُ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ، وَالْمَعْنَى: وَلَوْ انْغَمَسَ بَدَلَ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ أَجْزَأَهُ اهـ. شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُ عَنْ الْوُضُوءِ) أَيْ وَلَوْ مُنَكِّسًا، وَالْمَاءُ الْمُنْغَمِسُ فِيهِ قَلِيلًا وَأَخَّرَ النِّيَّةَ إلَى بَعْدِ الِانْغِمَاسِ فِي صُورَةِ التَّنْكِيسِ وَإِلَى مُمَاسَّةِ الْمَاءِ لِلْوَجْهِ فِي غَيْرِهِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَا بُدَّ مِنْ الْمُكْثِ زَمَنًا يَسَعُ التَّرْتِيبَ حِسًّا اهـ حَلَبِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلِتَقْدِيرِ التَّرْتِيبِ إلَخْ) هَذَا رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ هَذِهِ اللَّحَظَاتِ اللَّطِيفَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَهَذَا التَّعْلِيلُ الثَّانِي هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ غَسَلَ الْجُنُبُ أَسَافِلَهُ قَبْلَ أَعَالِيهِ بِالصَّبِّ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَإِنَّ هَذَا الْغُسْلَ يَكْفِي لِلْأَكْبَرِ وَلَا يَكْفِي لِلْأَصْغَرِ؛ إذْ الْحَاصِلُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْأَصْغَرِ غَسْلُ وَجْهِهِ فَقَطْ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَكَتَبَ أَيْضًا وَفِي التَّعْلِيلِ الثَّانِي أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مُجَرَّدَ فَرْضِهِ وَتَقْدِيرُهُ فَرْضًا غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ فَهُوَ اعْتِرَافٌ بِانْتِفَاءِ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّقْدِيرِ كَذَا قِيلَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ مُصَرِّحُونَ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا التَّرْتِيبِ الْحَقِيقِيُّ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الرَّافِعِيَّ يَشْتَرِطُ زَمَنًا يُتَصَوَّرُ فِيهِ التَّرْتِيبُ الْحَقِيقِيُّ لَوْ وُجِدَ وَالنَّوَوِيَّ لَا يَشْتَرِطُ ذَلِكَ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فِي لَحَظَاتٍ لَطِيفَةٍ) فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ وَضَعَ النَّجَاسَةَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ حَيْثُ لَا يَقُومُ فِي النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ الْغَمْسُ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ مَقَامَ الْعَدَدِ قُلْت يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ التَّرْتِيبَ صِفَةٌ تَابِعَةٌ، وَأَمَّا الْعَدَدُ فَهُوَ ذَاتٌ مَقْصُودَةٌ وَيُغْتَفَرُ فِي الصِّفَةِ التَّابِعَةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الذَّوَاتِ الْمَقْصُودَةِ اهـ م ر اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ اسْتِيَاكٌ) مَصْدَرُ اسْتَاكَ، وَأَمَّا سِوَاكٌ وَسَوْكٌ فَمَصْدَرُ سَاكَ يَسُوكُ سَوْكًا وَسِوَاكًا فَهُمَا مَصْدَرَانِ لِلْمُجَرَّدِ وَيُقَالُ فِي الْمَزِيدِ اسْتَاكَ اسْتِيَاكًا لَكِنَّ سَوْكًا هُوَ قِيَاسُ مَصْدَرِ الْمُجَرَّدِ الْمُعَدَّى كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ مَالِكٍ

فَعْلٌ قِيَاسُ مَصْدَرِ الْمُعَدَّى

إلَخْ وَالثَّانِي سَمَاعِيٌّ، وَيُقَالُ أَيْضًا فِي الْمَزِيدِ اسْتَاكَ سَوْكًا فَمَصَادِرُهُ أَرْبَعَةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ سُكْتُ الشَّيْءَ سَوْكًا إذَا دَلَكْته وَقِيلَ مِنْ التَّسَاوُكِ وَهُوَ التَّمَايُلُ يُقَالُ جَاءَتْ الْإِبِلُ تَتَسَاوَكُ أَيْ تَتَمَايَلُ وَتَضْطَرِبُ مِنْ الْهُزَالِ، وَالْمِسْوَاكُ بِالْمِيمِ الْعُودُ وَالسِّوَاكُ بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ اسْتِعْمَالُهُ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْعُودِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَغَلَّظَ ابْنُ ظَفَرٍ فِي تَأْنِيثِهِ وَذَكَرَ فِي الْمُحْكَمِ أَنَّهُ بِالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ وَجَمْعُهُ سُوُكٌ بِضَمِّ الْوَاوِ، وَإِسْكَانِهَا وَقَلْبِهَا هَمْزَةً وَيُقَالُ سَاكَ فَاهُ وَسَوَّكَهُ تَسْوِيكًا، وَإِذَا قُلْتَ: اسْتَاكَ، أَوْ تَسَوَّكَ لَمْ تَذْكُرْ الْفَمَ وَهُوَ لُغَةً الدَّلْكُ وَآلَتُهُ، وَشَرْعًا اسْتِعْمَالُ عُودٍ، أَوْ نَحْوِهِ فِي الْأَسْنَانِ وَمَا حَوْلَهَا لِإِذْهَابِ التَّغَيُّرِ وَنَحْوِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ حَجّ: وَالسِّوَاكُ مَصْدَرُ سَاكَ فَاهُ يَسُوكُهُ وَهُوَ لُغَةً الدَّلْكُ وَآلَتُهُ، وَشَرْعًا اسْتِعْمَالُ نَحْوِ عُودٍ فِي الْأَسْنَانِ وَمَا حَوْلَهَا انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ السِّوَاكُ الْمِسْوَاكُ قَالَ أَبُو زَيْدٍ: جَمْعُهُ سُوُكٌ بِضَمِّ الْوَاوِ، مِثْلُ كِتَابٍ وَكُتُبٍ، وَسَوَّكَ فَاهُ تَسْوِيكًا، وَإِذَا قُلْت اسْتَاكَ أَوْ تَسَوَّكَ لَمْ تَذْكُرْ الْفَمَ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنَّهُ يُجْمَعُ عَلَى سُوكٍ بِالسُّكُونِ، وَالْأَصْلُ بِضَمَّتَيْنِ اهـ أَيْ فَلَمَّا اُسْتُثْقِلَتْ الضَّمَّةُ عَلَى الْوَاوِ حُذِفَتْ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ بِالسُّكُونِ لَا غَيْرُ وَفِيهِ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: سُكْتُ الشَّيْءَ أَسُوكُهُ سَوْكًا مِنْ بَابِ قَالَ إذَا دَلَكْته، فَقَوْلُ حَجّ وَالسِّوَاكُ مَصْدَرُ سَاكَ فَاهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّ الْمَصْدَرَ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ بَلْ مُرَادُهُ أَنَّ هَذَا الِاسْمَ اُسْتُعْمِلَ مَصْدَرًا كَمَا اُسْتُعْمِلَ اسْمًا لِلْآلَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>