(وَلَا بَيْعُ غَائِبٍ) بِأَنْ لَمْ يَرَهُ الْعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَإِنْ وُصِفَ بِصِفَةِ السَّلَمِ لِلْغَرَرِ وَلِأَنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ كَالْعِيَانِ (وَتَكْفِي مُعَايَنَةُ عِوَضٍ) عَنْ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ اكْتِفَاءً بِالتَّخْمِينِ الْمَصْحُوبِ بِهَا فَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِهَذِهِ الصُّبْرَةِ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ صَحَّ الْبَيْعُ لَكِنْ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُوقِعُ فِي النَّدَمِ وَلَا يُكْرَهُ شِرَاءُ مَجْهُولِ الذَّرْعِ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الصُّبْرَةَ لَا تَعْرِفُ تَخْمِينًا غَالِبًا لِتَرَاكُمِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ
ــ
[حاشية الجمل]
الْمَعْدِنِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ النَّقْدُ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي انْتِفَاءِ الصِّحَّةِ بَيْعُ لَبَنٍ خُلِطَ بِنَحْوِ مَاءٍ وَنَحْوُ مِسْكٍ خُلِطَ بِغَيْرِهِ لِغَيْرِ تَرْكِيبٍ نَعَمْ بَحَثَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ أَنَّ الْمَاءَ لَوْ قُصِدَ خَلْطُهُ بِاللَّبَنِ لِنَحْوِ حُمُوضَةٍ وَكَانَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ صَحَّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَخَلْطِ غَيْرِ الْمِسْكِ بِهِ لِلتَّرْكِيبِ وَمَتَى جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا وَيَشْكُل بِمُعَامَلَةٍ أَوْ إتْلَافٍ فَالْوَاجِبُ مِثْلُهَا إذْ هِيَ مِثْلِيَّةٌ لَا قِيمَتُهَا إلَّا إنْ فُقِدَ الْمِثْلُ فَيَجِبُ قِيمَتُهَا وَحَيْثُ وَجَبَتْ الْقِيمَةُ أُخِذَتْ قِيمَةُ الدَّرَاهِمِ ذَهَبًا وَعَكْسَهُ. اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فَالْوَاجِبُ مِثْلُهَا أَيْ صُورَةً فَالْفِضَّةُ الْعَدَدِيَّةُ تَتَضَمَّنُ بِعَدَدِهَا مِنْ الْفِضَّةِ وَلَا يَكْفِي مَا يُسَاوِيهَا قِيمَةً مِنْ الْقُرُوشِ إلَّا بِالتَّعْوِيضِ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُهُ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي عَكْسِهِ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْفِضَّةِ الْمَفْصُوصَةِ أَمَّا هِيَ فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِهَا فِي الذِّمَّةِ لِتَفَاوُتِهَا وَلَوْ فِي الْوَزْنِ فِي الْفَصِّ وَاخْتِلَافِ قِيمَتِهَا وَأَمَّا الْبَيْعُ بِالْمُعَيَّنِ مِنْهَا فَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَقَوْلُهُ أُخِذَتْ قِيمَةُ الذَّهَبِ ذَهَبًا أَيْ حَذَرًا مِنْ الْوُقُوعِ فِي الرِّبَا فَإِنَّهُ لَوْ أَخَذَ بَدَلَ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ فِضَّةً خَالِصَةً كَانَ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ الْآتِيَةِ وَهِيَ بَاطِلَةٌ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَلَا بَيْعُ غَائِبٍ) أَيْ عَلَى الْأَظْهَرِ وَمُقَابِلُهُ يَصِحُّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ وَالثَّانِي وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَة يَصِحُّ الْبَيْعُ إنْ ذُكِرَ جِنْسُهُ أَيْ أَوْ نَوْعُهُ وَإِنْ لَمْ يَرَيَاهُ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ الرُّؤْيَةِ لِحَدِيثٍ فِيهِ ضَعِيفٍ بَلْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ بَاطِلٌ وَيَنْفُذُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ الْفَسْخُ دُونَ الْإِجَارَةِ وَيَمْتَدُّ الْخِيَارُ امْتِدَادَ مَجْلِسِ الرُّؤْيَةِ وَكَالْبَيْعِ الصُّلْحُ وَالرَّهْنُ وَالْهِبَةُ وَالْإِجَارَةُ وَنَحْوُهَا بِخِلَافِ نَحْوِ الْوَقْفِ انْتَهَتْ وَقَوْلِي لِحَدِيثٍ فِيهِ ضَعِيفٍ لَفْظُهُ كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ «مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ» وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ نَحْوِ الْوَقْفِ أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَعَلَّ مِنْ نَحْوِ الْوَقْفِ الْعِتْقُ ثُمَّ رَأَيْتُ سم عَلَى حَجّ جَزَمَ بِالتَّمْثِيلِ بِهِ هَذَا وَفِي كَلَامِ عَمِيرَةَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْوَقْفِ وَغَيْرِهِ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَرَهُ الْعَاقِدَانِ) أَيْ ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا وَقَوْلُهُ وَإِنْ وُصِفَ بِصِفَاتِ السَّلَمِ أَيْ وَلَوْ كَانَ أَيْضًا حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ وَبَالَغَ فِي وَصْفِهِ أَوْ سَمِعَهُ بِطَرِيقِ التَّوَاتُرِ كَمَا يَأْتِي أَوْ رَآهُ لَيْلًا وَلَوْ فِي ضَوْءٍ إنْ سَتَرَ الضَّوْءُ لَوْنَهُ كَوَرِقٍ أَبْيَضَ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالرُّؤْيَةِ الْعُرْفِيَّةِ مَعَ أَنَّ هَذَا مِنْهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ الْعُرْفُ الْمُطَّرِدُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ ظَاهِرًا بِحَيْثُ يَرَاهُ كُلُّ مَنْ نَظَرَ إلَى الْمَبِيعِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ الْعُرْفِيَّةِ هِيَ مَا يَظْهَرُ لِلنَّاظِرِ مِنْ غَيْرِ مَزِيدِ تَأَمُّلٍ وَرَوِيَّةٍ نَحْوُ الْوَرِقِ لَيْلًا فِي ضَوْءٍ يَسْتُرُ مَعْرِفَةَ بَيَاضِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ أَوْ مِنْ وَرَاءَ نَحْوِ زُجَاجٍ وَكَذَا مَاءٌ صَافٍ إلَّا الْأَرْضَ وَالسَّمَكَ لِأَنَّ بِهِ صَلَاحَهُمَا وَصَحَّتْ إجَارَةُ أَرْضٍ مَسْتُورَةٍ بِمَاءٍ وَلَوْ كَدِرٍ لِأَنَّهَا أَوْسَعُ بِقَبُولِهَا التَّأْقِيتَ وَوُرُودِهَا عَلَى مُجَرَّدِ الْمَنْفَعَةِ وَذَلِكَ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ تُفِيدُ مَا لَمْ تُفِدْهُ الْعِبَارَةُ كَمَا يَأْتِي اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ أَيْضًا بِأَنْ لَمْ يَرَهُ الْعَاقِدَانِ) أَيْ الرُّؤْيَةَ الْمُعْتَبَرَةَ شَرْعًا اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَإِنْ وُصِفَ بِصِفَاتِ السَّلَمِ) أَيْ جُعِلَ الْوَصْفُ الْمَذْكُورُ قَائِمًا مَقَامَ رُؤْيَتِهِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ بَعْدُ. اهـ ح ل وَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْخِلَافِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَالْأَصَحُّ أَنَّ وَصْفَهُ أَيْ الْمُعَيَّنِ الَّذِي يُرَادُ بَيْعُهُ بِصِفَةِ السَّلَمِ لَا يَكْفِي عَنْ الرُّؤْيَةِ وَإِنْ بَالَغَ فِيهَا وَوَصَلَتْ حَدَّ التَّوَاتُرِ لِأَنَّهَا تُفِيدُ أُمُورًا تَقْصُرُ عَنْهَا الْعِبَارَةُ وَفِي الْخَبَرِ «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعِيَانِ» وَالثَّانِي يَكْفِي وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ ثَمَرَةَ الرُّؤْيَةِ الْمَعْرِفَةُ وَالْوَصْفُ يُفِيدُهَا وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِنَا أَيْ الْمُعَيَّنِ عَدَمُ مُنَافَاةِ هَذَا لِمَا يَأْتِي أَوَّلَ السَّلَمِ فِي ثَوْبٍ صِفَتُهُ كَذَا وَكَذَا لِأَنَّهُ فِي مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ كَالْعِيَانِ) هَذَا لَيْسَ حَدِيثًا بِهَذَا اللَّفْظِ بَلْ لَفْظُ الْحَدِيثِ «لَيْسَ الْمُعَايِنُ كَالْمُخْبَرِ» وَرِوَايَةٌ أُخْرَى «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ» اهـ. شَيْخُنَا ح ف وَفِي شَرْحِ م ر وَفِي الْخَبَرِ «لَيْسَ الْخَبَر كَالْعِيَانِ» اهـ. وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ وَمِنْ ثَمَّ وَرَدَ «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعِيَانِ» بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَرَوَى كَثِيرُونَ مِنْهُمْ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ خَبَرُ «يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى لَيْسَ الْمُعَايِنُ كَالْمُخْبَرِ أَخْبَرَهُ رَبُّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّ قَوْمَهُ فُتِنُوا بَعْدَهُ فَلَمْ يُلْقِ الْأَلْوَاحَ فَلَمَّا رَآهُمْ وَعَايَنَهُمْ أَلْقَى الْأَلْوَاحَ فَتَكَسَّرَ مِنْهَا مَا تَكَسَّرَ» اهـ.
(قَوْلُهُ عَنْ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ) أَيْ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا أَوْ كَيْلًا أَوْ ذَرْعًا وَلَا يُشْتَرَطُ شَمُّ الْمَشْمُومِ وَلَا ذَوْقُ الْمَذُوقِ اهـ. ح ل وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ
(فَرْعٌ)
بَيْعُ الْمُشَاهَدِ مِنْ غَيْرٍ تَقْدِيرِ كَصُبْرَةِ الطَّعَامِ وَالْبَيْعِ بِهِ أَيْ بِالْمُشَاهَدِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ كَصُبْرَةِ الدَّرَاهِمِ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ قَدْرُهَا اكْتِفَاءً بِالْمُشَاهَدَةِ فَإِنْ عَلِمَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَنَّ تَحْتَهَا دَكَّةً بِفَتْحِ