للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّمَا يُخْرَجُ مِنْ عُهْدَتِهِ بِاسْتِيفَائِهَا وَكَالْمَاءِ الْقَلِيلِ غَيْرُهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ، وَإِنْ كَثُرَ، وَقَوْلِي فَإِنْ شَكَّ فِي طُهْرِهِمَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ " فَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ طُهْرَهُمَا " الصَّادِقِ بِتَيَقُّنِ نَجَاسَتِهِمَا مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ.

(فَمَضْمَضَةٌ فَاسْتِنْشَاقٌ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَأَمَّا خَبَرُ: «تَمَضْمَضُوا وَاسْتَنْشِقُوا» فَضَعِيفٌ (وَجَمْعُهُمَا) أَفْضَلُ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِسِتِّ غَرَفَاتٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ثَلَاثٌ أَوْ بِغَرْفَتَيْنِ يَتَمَضْمَضُ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْ الْأُخْرَى ثَلَاثًا (وَ) جَمْعُهُمَا (بِثَلَاثِ غُرَفٍ) يَتَمَضْمَضُ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا (أَفْضَلُ) مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِغَرْفَةٍ يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا ثَلَاثًا أَوْ يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مَرَّةً، ثُمَّ كَذَلِكَ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَعُلِمَ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْأَفْضَلِ أَنَّ السُّنَّةَ تَتَأَدَّى بِالْجَمِيعِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلِي وَبِثَلَاثٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِثَلَاثٍ وَتَقْدِيمُ الْمَضْمَضَةِ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ مُسْتَحَقٌّ لَا مُسْتَحَبٌّ كَمَا أَفَادَتْهُ الْفَاءُ لِاخْتِلَافِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْغَمْسِ الَّتِي دَلَّ عَلَيْهَا قَوْلُهُ: فَلَا يَغْمِسُ يَدَهُ إلَخْ، وَالْغَايَةُ هِيَ قَوْلُهُ: حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا يُخْرَجُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَفِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ فَإِنَّمَا يَخْرُجُ الْمُكَلَّفُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَقَوْلُهُ: بِاسْتِيفَائِهَا بِالْفَاءِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ " اسْتِيعَابِهَا " بِالْعَيْنِ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: غَيْرُهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ) وَكَذَا الْجَامِدَاتُ الرَّطْبَةُ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ) أَيْ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ غَمْسُهُمَا حِينَئِذٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ، وَمِلْكُ الْغَيْرِ وَالْمُسَبَّلُ كَذَلِكَ، وَأَمَّا مِلْكُهُ، وَالْمُبَاحُ فَمَكْرُوهٌ إذَا كَانَ قُلَّتَيْنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ غَمْسُهُمَا حِينَئِذٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضَمُّحِ بِالنَّجَاسَةِ لَكِنْ اُنْظُرْ غَمْسَهُمَا حِينَئِذٍ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُكْرَهَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ؛ لِأَنَّهُ يُقَذِّرُهُ دُونَ الْجَارِي وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحُكْمِيَّةِ وَغَيْرِهَا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: فَمَضْمَضَةٌ فَاسْتِنْشَاقٌ) وَيَحْصُلُ أَقَلُّهُمَا بِإِيصَالِ الْمَاءِ إلَى الْفَمِ، وَالْأَنْفِ، وَإِنْ لَمْ يُدِرْهُ فِي الْفَمِ وَلَا مَجَّهُ وَلَا جَذَبَهُ فِي الْأَنْفِ وَلَا نَثَرَهُ وَأَكْمَلُهُمَا بِأَنْ يُدِيرَهُ، ثُمَّ يَمُجَّهُ، أَوْ يَجْذِبَهُ اهـ شَرْحُ م ر، وَالْمَضْمَضَةُ مِنْ الْمَضِّ وَهُوَ التَّحْرِيكُ وَمِنْهُ مَضْمَضَ النُّعَاسُ عَيْنَيْهِ إذَا تَحَرَّكَتَا بِالنُّعَاسِ، ثُمَّ اُشْتُهِرَ اسْتِعْمَالُهَا فِي وَضْعِ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَتَحْرِيكِهِ وَقُدِّمَ الْفَمُ عَلَى الْأَنْفِ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ لِكَوْنِهِ مَحَلَّ الْقِرَاءَةِ، وَالذِّكْرِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَكْثَرَ مَنْفَعَةً وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِهَا أَيْ مُنْفَرِدَةً فَلَا يُنَافِي قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِوُجُوبِهِمَا، وَالِاسْتِنْشَاقُ مِنْ النَّشَقِ وَهُوَ الرِّيحُ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَضْمَضَةِ؛ لِأَنَّ أَبَا ثَوْرٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا قَالَ بِوُجُوبِهِ وَسَنَدُهُ فِي ذَلِكَ الْأَمْرُ بِغَسْلِ شُعُورِ الْوَجْهِ، وَالْأَنْفُ لَا يَخْلُو غَالِبًا مِنْ الشَّعْرِ وَيَحْصُلَانِ بِإِيصَالِ الْمَاءِ إلَى دَاخِلِ الْفَمِ، وَالْأَنْفِ وَوَقَعَ السُّؤَالُ هَلْ يَكْفِي فِي حُصُولِ أَصْلِ السُّنَّةِ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى إحْدَى طَاقَتَيْ الْأَنْفِ، أَوْ لَا؟ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي حُصُولُ أَصْلِ السُّنَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا دَخَلَ فِيهِ الْمَاءُ فَقَطْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَجَمْعُهُمَا إلَخْ) الْجَمْعُ هُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِالْوَصْلِ وَضَابِطُهُ أَنْ يُشْرِكَ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي غَرْفَةٍ وَضَابِطُ الْفَصْلِ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِيهَا وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّ الْجَمْعَ - مِنْ حَيْثُ هُوَ - أَفْضَلُ مِنْ الْفَصْلِ - مِنْ حَيْثُ هُوَ -، وَأَنَّ أَفْضَلَ كَيْفِيَّاتِ الْوَصْلِ أَنْ يَكُونَ بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا ثَلَاثٌ، فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَيْفِيَّتَانِ وَهِيَ بِقِسْمَيْهَا أَضْعَفُ الْكَيْفِيَّاتِ وَأَنْظَفُهَا: الْأُولَى أَنْ يَتَمَضْمَضَ بِثَلَاثٍ مُتَوَالِيَةٍ، ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ بِثَلَاثَةٍ كَذَلِكَ، الثَّانِيَةُ أَنْ يَتَمَضْمَضَ بِوَاحِدَةٍ ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ بِأُخْرَى وَهَكَذَا إلَى أَنْ تَتِمَّ الثَّلَاثُ فَفِي الْفَصْلِ ثَلَاثُ كَيْفِيَّاتٍ مَا ذُكِرَ وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ، أَوْ بِغَرْفَتَيْنِ إلَخْ وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ الثَّالِثَةُ أَفْضَلُ كَيْفِيَّاتِ الْفَصْلِ الثَّلَاثِ اهـ ح ل.

وَكَيْفِيَّاتُ الْوَصْلِ ثَلَاثٌ فَالْمَجْمُوعُ سِتَّةٌ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى هَذِهِ السِّتَّةِ مَعَ أَنَّ هُنَاكَ كَيْفِيَّاتٍ مُمْكِنَةً؛ لِأَنَّهَا الَّتِي وَرَدَتْ اهـ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: وَبِثَلَاثِ غُرَفٍ) جَمْعُ غَرْفَةٍ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ فَإِنْ جُمِعَتْ عَلَى لُغَةِ الْفَتْحِ تَعَيَّنَ فَتْحُ الرَّاءِ، وَإِنْ جُمِعَتْ عَلَى لُغَةِ الضَّمِّ جَازَ إسْكَانُ الرَّاءِ وَفَتْحُهَا وَضَمُّهَا فَتَلَخَّصَ أَنَّ فِي الْمُفْرَدِ لُغَتَيْنِ، وَفِي الْجَمْعِ أَرْبَعَ لُغَاتٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ، وَفِي الْمُخْتَارِ غَرَفَ الْمَاءَ بِيَدِهِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَالْغَرْفَةُ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَبِالضَّمِّ اسْمٌ لِلْمَفْعُولِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا لَمْ يُغْرَفْ لَمْ يُسَمَّ غَرْفَةً، وَالْجَمْعُ غِرَافٌ كَنُطْفَةٍ وَنِطَافٍ، وَالْغُرْفَةُ الْعِلِّيَّةُ، وَالْجَمْعُ غُرُفَاتٌ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَسُكُونِهَا وَغُرَفٌ اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ الْغَرْفَةُ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ وَغَرَفْتُ الْمَاءَ غَرْفًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَاغْتَرَفْتُهُ، وَالْغُرْفَةُ الْعِلِّيَّةُ، وَالْجَمْعُ غُرَفٌ وَغُرَفَاتٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ جَمْعُ الْجَمْعِ عِنْدَ قَوْمٍ وَهُوَ تَخْفِيفٌ عِنْدَ قَوْمٍ وَتُضَمُّ الرَّاءُ لِلْإِتْبَاعِ وَتُسَكَّنُ حَمْلًا عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ اهـ فَأَنْتَ تَرَاهُمَا إنَّمَا ذَكَرَا اللُّغَاتِ فِي الْجَمْعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى غُرْفَةٍ بِمَعْنَى الْعِلِّيَّةِ لَا بِمَعْنَى الْمَغْرُوفِ مِنْ الْمَاءِ، أَوْ الْمَرَّةِ مِنْ الْغَرْفِ الَّذِي هُوَ مُرَادٌ هُنَا فَتَأَمَّلْ وَمِثْلُهُمَا الْقَامُوسُ سَوَاءً بِسَوَاءٍ. (قَوْلُهُ: مُسْتَحَقٌّ) أَيْ لِلِاعْتِدَادِ بِهِمَا مَعًا فَلَوْ قُدِّمَ الِاسْتِنْشَاقُ عَلَى الْمَضْمَضَةِ حَصَلَ هُوَ دُونَ الْمَضْمَضَةِ، وَإِنْ أَتَى بِهَا بَعْدَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا لَوْ تَعَوَّذَ قَبْلَ الِافْتِتَاحِ اهـ ز ي.

وَأَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فَإِنَّهُ إذَا أَعَادَهُ ثَانِيًا حُسِبَا مَعًا اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَلَوْ قَدَّمَ مُؤَخَّرًا كَأَنْ اسْتَنْشَقَ قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ، حَسَبَ مَا بَدَأَ بِهِ وَفَاتَ مَا كَانَ مَحَلُّهُ قَبْلَهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ خِلَافًا لِلْمَجْمُوعِ؛ إذْ الْمُعْتَمَدُ مَا فِيهَا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِقَوْلِهِمْ فِي الصَّلَاةِ: الثَّالِثَ عَشَرَ: تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ فَخَرَجَ السُّنَنُ فَيَحْسُبُ مِنْهَا مَا أَوْقَعَهُ أَوَّلًا وَكَأَنَّهُ تَرَكَ غَيْرَهُ فَلَا يَعْتَدُّ بِفِعْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ تَعَوَّذَ، ثُمَّ أَتَى بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>