للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» زَادَ مُسْلِمٌ «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَدَأَهُ الْبَادِي بِذَلِكَ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَتْرُكُهُ عِنْدَك لِتَبِيعَهُ تَدْرِيجًا أَوْ انْتَفَى عُمُومُ الْحَاجَةِ إلَيْهِ كَأَنْ لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ إلَّا نَادِرًا أَوْ عَمَّتْ وَقَصَدَ الْبَادِي بَيْعَهُ تَدْرِيجًا فَسَأَلَهُ الْحَاضِرُ أَنْ يُفَوِّضَهُ إلَيْهِ أَوْ قَصَدَ بَيْعَهُ حَالًّا فَقَالَ لَهُ اُتْرُكْهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ كَذَلِكَ فَلَا يُحَرَّمُ لِأَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ وَلَا سَبِيلَ إلَى مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِ وَالنَّهْيُ فِي ذَلِكَ وَفِيمَا يَأْتِي فِي بَقِيَّةِ الْفَصْلِ لِلتَّحْرِيمِ فَيَأْثَمُ بِارْتِكَابِهِ الْعَالِمُ بِهِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ لِمَا مَرَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْقَفَّالُ وَالْإِثْمُ عَلَى الْبَلَدِيِّ دُونَ الْبَدْوِيِّ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي انْتَهَى وَالْبَادِي سَاكِنُ الْبَادِيَةِ وَالْحَاضِرُ سَاكِنُ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ الْمَدَنُ وَالْقُرَى وَالرِّيفُ وَهُوَ أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ وَخِصْبٌ

ــ

[حاشية الجمل]

بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ) يَصِحُّ عَرَبِيَّةً قِرَاءَتُهُ بِالرَّفْعِ وَالْجَزْمِ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الرِّوَايَةَ بِالْجَزْمِ وَيُوَافِقُهُ الرَّسْمُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ دَعُوا النَّاسَ) تَتِمَّتُهُ: فَإِنَّكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ بَاعَ ذَوُو الْمَتَاعِ أَهْلَ السُّوقِ بَيْعًا مُرْبِحًا فَحِينَئِذٍ تَسْلَمُونَ مِنْ الْإِثْمِ وَيَرْزُقُ اللَّهُ إلَخْ زَادَ ابْنُ شُهْبَةَ فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُسْلِمٍ فِي غَفَلَاتِهِمْ قَالَ الْعَلَّامَةُ حَجّ وَهُوَ غَلَطٌ إذْ لَا وُجُودَ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي مُسْلِمٍ بَلْ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورَةِ كَمَا قَضَى بِهِ سِيَرُ مَا بِأَيْدِي النَّاسِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ أَيْضًا دَعُوا النَّاسَ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ بَاعَ ذَوُو الْمَتَاعِ أَهْلَ السُّوقِ بَيْعًا مُرْبِحًا فَحِينَئِذٍ تَسْلَمُونَ مِنْ الْإِثْمِ وَيَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَقَوْلُهُ وَيَرْزُقُ اللَّهُ إلَخْ حَالٌ أَيْ دَعُوا النَّاسَ فِي حَالٍ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَعَلَيْهِ فَيَرْزُقُ مَرْفُوعٌ لَا غَيْرَ لِأَنَّ شَرْطَ جَزْمِهِ فِي جَوَابِ الطَّلَبِ قَصْدُ الْجَزَاءِ وَهَذَا الْقَصْدُ مُفْسِدٌ لِلْمَعْنَى هُنَا لِأَنَّ الرِّزْقَ مِنْ اللَّهِ لَا يَتَسَبَّبُ عَنْ تَرْكِ النَّاسِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ حَالٌ أَيْ دَعُوا النَّاسَ فِي حَالٍ إلَخْ لَا يَصِحُّ مَعَ بَيَانِ أَصْلِ الرِّوَايَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَكَذَلِكَ هُوَ فَإِنَّ صَرِيحَ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى تَسْلَمُونَ بِالْوَاوِ وَإِنْ حَذَفَهَا الشَّارِحُ اخْتِصَارًا لِلْحَدِيثِ كَمَا حَذَفَ الْكَلَامَ الَّذِي قَبْلَهَا الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْحَدِيثِ فَتَأَمَّلْ وَفِي عِ ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ يَرْزُقُ اللَّهُ هُوَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَيَمْنَعُ الْكَسْرَ فَسَادُ الْمَعْنَى لِأَنَّ التَّقْدِيرَ عَلَيْهِ: إنْ تَدْعُوا يَرْزُقْ إلَخْ وَمَفْهُومُهُ إنْ لَمْ تَدْعُوا لَا يَرْزُقْ وَكُلٌّ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ رِزْقَ اللَّهِ النَّاسَ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى أَمْرٍ وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ تُعْلَمْ الرِّوَايَةُ وَإِلَّا فَإِذَا عُلِمَتْ فَتَتَعَيَّنُ وَيَكُونُ مَعْنَاهَا عَلَى الْجَزْمِ إنْ تَدْعُوهُمْ يَرْزُقْهُمْ اللَّهُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَإِنْ مَنَعْتُمُوهُمْ جَازَ أَنْ يَرْزُقَهُمْ اللَّهُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَأَنْ يَرْزُقَهُمْ مِنْ غَيْرِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ مَا يُؤَدِّي) أَيْ تَضْيِيقٌ يُؤَدِّي بَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي إلَيْهِ أَيْ ذَلِكَ التَّضْيِيقُ فَقَوْلُهُ مِنْ التَّضْيِيقِ بَيَانٌ لِ " مَا " وَكَانَ عَلَيْهِ إبْرَازُ فَاعِلِ يُؤَدِّي لِأَنَّ اللَّبْسَ غَيْرُ مَأْمُونٍ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تُوُهِّمَ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى النَّهْيِ وَالنَّظَرُ مَا وَجَّهَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِبْرَازَ لَا يَجِبُ إلَّا فِي الْوَصْفِ. تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَدَأَهُ الْبَادِي) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فَيَقُولُ الْحَاضِرُ وَقَوْلُهُ أَوْ عَمَّتْ وَقَصَدَ إلَخْ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِيَبِيعَهُ حَالًّا وَقَوْلُهُ لِأَبِيعَهُ كَذَلِكَ أَيْ حَالًّا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ تَدْرِيجًا اهـ. ح ل

(قَوْلُهُ أَتْرُكُهُ عِنْدَك) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ اسْتِفْهَامٌ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَلَا يَتَعَيَّنُ هَذَا بَلْ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْهَمْزَةُ لِلْمُتَكَلِّمِ الَّتِي تَدْخُلُ عَلَى الْمُضَارِعِ

(قَوْلُهُ كَأَنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ إلَّا نَادِرًا) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى النُّدْرَةِ هَلْ هُوَ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِ النَّاسِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْأَوْقَاتِ كَأَنْ تَعُمَّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي انْتَهَى ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ فَسَأَلَهُ الْحَاضِرُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ التَّأْخِيرَ إلَى شَهْرٍ مَثَلًا فَقَالَ لَهُ الْحَاضِرُ أَخِّرْهُ إلَى شَهْرَيْنِ لَمْ يُحَرَّمْ اد بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَا يُحَرَّمُ) رَاجِعٌ لِلصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ رَاجِعٌ لِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ وَقَوْلُهُ وَلَا سَبِيلَ أَيْ لَا طَرِيقَ إلَى مَنْعِ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ لِمَا فِيهِ أَيْ الْمَنْعِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِ أَيْ الْمَالِكِ. تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ الْعَالِمُ بِهِ) وَمِثْلُهُ الْجَاهِلُ الْمُقَصِّرُ وَلَوْ فِيمَا يَخْفَى غَالِبًا وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُعَزِّرَ فِي ارْتِكَابِ مَا لَا يَخْفَى غَالِبًا وَإِنْ ادَّعَى جَهْلَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُرْمَةَ مُقَيَّدَةٌ بِالْعِلْمِ أَوْ التَّقْصِيرِ وَأَنَّ التَّعْزِيرَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الْخَفَاءِ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ النَّهْيَ فِي ذَلِكَ لِمَعْنًى اقْتَرَنَ بِهِ لَا لِذَاتِهِ وَلَا لَازِمِهِ وَمُقْتَضَى كَوْنِ الْبَيْعِ مَنْهِيًّا عَنْهُ أَنَّهُ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَفِي كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ وَلَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ لِحُصُولِ التَّوْسِعَةِ بِهِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ اهـ. ح ل أَيْ وَإِنَّمَا الَّذِي يُحَرَّمُ سَبَبُهُ اهـ. شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ وَالْإِثْمُ عَلَى الْبَلَدِيِّ) أَيْ إثْمُ هَذَا الْإِرْشَادِ دُونَ الْبَدَوِيِّ لِأَنَّهُ بِمُوَافَقَتِهِ لَهُ يَكُونُ مُتَصَرِّفًا فِي مِلْكِهِ حَتَّى إنَّ الْإِثْمَ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ عَلَى ذَلِكَ. اهـ. ح ل.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ دُونَ الْبَدَوِيِّ أَيْ لِأَنَّ غَرَضَ الرِّبْحِ لَهُ دَفَعَ الْإِثْمَ عَنْهُ وَالْإِعَانَةُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ لِانْقِضَائِهَا بِانْقِضَاءِ الْكَلَامِ الصَّادِرِ إذْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُحِبَّهُ بِخِلَافٍ نَحْوِ لِعْبِ شَافِعِيٍّ الشَّطْرَنْجَ مَعَ حَنَفِيٍّ إذْ لَا يَتَأَتَّى إلَّا مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ لِحُصُولِ التَّوْسِعَةِ بِهِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ، وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فَيَحْرُمُ كَالْوَسِيلَةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَالْبَادِي سَاكِنُ الْبَادِيَةِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ فِي بَابِ اللَّقِيطِ وَالْبَادِيَةُ خِلَافُ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ الْعِمَارَةُ فَإِنْ قَلَّتْ فَقَرْيَةٌ أَوْ كَبِرَتْ فَبَلَدٌ أَوْ عَظُمَتْ فَمَدِينَةٌ أَوْ كَانَتْ ذَاتَ زَرْعٍ وَخِصْبٍ فَرِيفٌ انْتَهَتْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَخِصْبٌ)

<<  <  ج: ص:  >  >>