الْغَبْنُ وَالْخَدِيعَةُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا اُشْتُهِرَ فِي الشَّرْعِ أَنَّ قَوْلَهُ لَا خِلَابَةَ عِبَارَةٌ عَنْ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْوَاقِعَةُ فِي الْخَبَرِ الِاشْتِرَاطُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَقِيسَ بِهِ الِاشْتِرَاطُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَصْدُقُ ذَلِكَ بِالِاشْتِرَاطِ مِنْهُمَا مَعًا وَبِكُلِّ حَالٍ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِ كَمَا عُرِفَ مِمَّا مَرَّ وَتُحْسَبُ الْمُدَّةُ الْمَشْرُوطَةُ (مِنْ) حِينِ (الشَّرْطِ) لِلْخِيَارِ سَوَاءٌ أَشُرِطَ فِي الْعَقْدِ أَمْ فِي مَجْلِسِهِ فَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ الْعَقْدِ، وَلَوْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ الْخِيَارُ مِنْ الْغَدِ بَطَلَ الْعَقْدُ
ــ
[حاشية الجمل]
لَا رَجْعَةَ. اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ الْغَبْنُ وَالْخَدِيعَةُ) أَيْ لُغَةً وَأَمَّا مَعْنَاهَا شَرْعًا فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ خَلَبَهُ يَخْلِبُهُ مِنْ بَابَيْ قَتَلَ وَضَرَبَ: خَدَعَهُ وَالِاسْمُ الْخِلَابَةُ بِالْكَسْرِ وَالْفَاعِلُ خَلُوبٌ كَرَسُولٍ أَيْ كَثِيرَ الْخِدَاعِ وَخَلَبْتُ النَّبَاتَ خَلْبًا مِنْ بَابِ قَتَلَ: قَطَعْتُهُ وَمِنْهُ الْمِخْلَبُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ لِلطَّائِرِ وَالسَّبْعِ كَالظُّفْرِ لِلْإِنْسَانِ لِأَنَّ الطَّائِرَ يَخْلِبُ بِمِخْلَبِهِ الْجِلْدَ أَيْ يَقْطَعُهُ وَيُمَزِّقُهُ وَالْمِخْلَبُ بِالْكَسْرِ أَيْضًا مِنْجَلٌ لَا أَسْنَانَ لَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ عِبَارَةٌ عَنْ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ فَإِنْ ذُكِرَتْ وَعَلِمَا مَعْنَاهَا ثَبَتَ الْخِيَارُ ثَلَاثًا وَإِلَّا فَلَا اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا قَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَسُقُوطُ الْخِيَارِ لَكِنْ الَّذِي فِي الْعُبَابِ بُطْلَانُ الْبَيْعِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فَاسْتَوْجَهَهُ بَحْثًا قَالَ شَيْخُنَا وَوَجْهُهُ اشْتِمَالُهُ عَلَى أَمْرٍ مَجْهُولٍ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ أَيْضًا عِبَارَةٌ عَنْ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ إلَخْ) أَيْ أَخْذًا مِمَّا هُوَ كَالتَّفْسِيرِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا بِذَلِكَ، وَفِي الْأَشْبَاهِ الصَّرِيحُ هُوَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِمَعْنًى لَا يُفْهَمُ مِنْهُ غَيْرُهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَاشْتُهِرَ عَنْهُ أَنَّهُ مَا تَكَرَّرَ وُرُودُهُ فِي الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ عَلَى أَلْسِنَةِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ لَا مَا شَاعَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَامَّةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَرَاتِبَ الْوُرُودِ تَخْتَلِفُ وَكَذَلِكَ الِاشْتِهَارُ وَرُبَّمَا تَقَابَلَتْ الصِّفَاتُ بَعْضُهَا بِبَعْضِ فَزَالَتْ الصَّرَاحَةُ وَحَصَلَ الْخِلَافُ، قَالُوا لَا خِلَابَةَ فِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ فَلَيْسَ لَهُ مِنْ الشُّيُوعِ مَا لِلصَّرِيحِ بَلْ لَا شُيُوعَ فِيهِ وَلِاشْتِرَاطِ الْخِيَارِ مَدْلُولُهُ لُغَةً إنَّمَا الْخِلَابَةَ فِي اللُّغَةِ الْخَدِيعَةُ وَغَايَةُ مُتَمَسِّكِ الْأَصْحَابِ حَدِيثُ الَّذِي كَانَ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ وَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُ مَخْصُوصًا بِهِ فَهَذَا مِمَّا أَتَوَقَّفُ فِيهِ اهـ. انْتَهَى حَلَبِيٌّ وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُ مَخْصُوصًا بِهِ، الْأَصْلُ عَدَمُ الْخُصُوصِيَّةِ فَإِذَا جَرَتْ بَيْنَ عَارِفِينَ بِمَعْنَاهَا صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى شَرْطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ مَنْ قَالَ لَا خِلَابَةَ: لِي أَوْ لَك أَوْ لَنَا أَوْ لِفُلَانٍ، لِأَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ لَا يَصِحُّ إلَّا إنْ بَيَّنَ الْمَشْرُوطَ لَهُ كَمَا قَالَهُ حَجّ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا إذَا قَالَ لَا خِلَابَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ لِي مَثَلًا اهـ. شَيْخُنَا ح ف وَقَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ قَالَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ يَوْمًا وَلَمْ يَقُلْ لِي وَلَا لَنَا مَثَلًا فَهُوَ لَهُمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَقِيلَ لِلْقَائِلِ فَقَطْ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَصْدُقُ ذَلِكَ) أَيْ الِاشْتِرَاطُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالِاشْتِرَاطُ مِنْ الْبَائِعِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالصِّدْقِ الْإِفَادَةَ أَيْ وَيُفِيدُ ذَلِكَ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَهُ مَقِيسًا كَمَا فَعَلَ فِي النُّكَتِ. اهـ ح ل (قَوْلُهُ مِنْ حِينِ الشَّرْطِ) إنَّمَا لَمْ تُحْسَبْ مِنْ التَّفَرُّقِ لِئَلَّا تَصِيرَ مُدَّةُ الْخِيَارِ مَجْهُولَةً لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مَتَى يَفْتَرِقَانِ وَقِيلَ تُحْسَبُ الْمُدَّةُ مِنْ التَّفَرُّقِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الشَّارِطَ يَقْصِدُ بِالشَّرْطِ زِيَادَةً عَلَى مَا يُفِيدُهُ الْمَجْلِسُ، وَعُورِضَ بِمَا مَرَّ مِنْ أَدَائِهِ إلَى الْجَهَالَةِ وَيَجْرِي هُنَا نَظِيرُ مَا مَرَّ ثَمَّ مِنْ اللُّزُومِ بِاخْتِيَارِ مَنْ اخْتَارَ لُزُومَهُ وَإِنْ جَهِلَ الْمَبِيعَ وَالثَّمَنَ كَمَا اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ كَأَنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ وَكِيلًا أَوْ وَارِثًا، وَبِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَمِنْ تَصْدِيقِ نَافِي الْفَسْخِ أَوْ الِانْقِضَاءِ وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ مَبِيعٍ وَلَا ثَمَنٍ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ أَيْ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَلَا يَنْتَهِي الْخِيَارُ بِالتَّسْلِيمِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ مَا لَمْ يَلْزَمْ أَيْ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ مَثَلًا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْفَسْخِ حَبْسُ مَا بِيَدِهِ بَعْدَ طَلَبِ صَاحِبِهِ بِأَنْ يَقُولَ لَا أَرُدُّ حَتَّى تَرُدَّ بَلْ إذَا بَدَأَ أَحَدُهُمَا بِالْمُطَالَبَةِ لَزِمَ الْآخَرَ الدَّفْعُ إلَيْهِ ثُمَّ يَرُدُّ مَا كَانَ فِي يَدِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ هُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِثْلُهُ جَمِيعُ الْفُسُوخِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ لَكِنْ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ لَهُ الْحَبْسَ فَيَمْتَنِعُ تَصَرُّفُ مَالِكِهِ فِيهِ مَا دَامَ مَحْبُوسًا وَهُوَ ضَعِيفٌ. اهـ. شَرْحُ م ر مَعَ زِيَادَةٍ ل عِ ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مُتَّصِلَةً وَقَوْلُهُ وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى جَوَازِهِ إلَخْ، مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ يُعْلَمُ بُطْلَانُ عَدَمِ الْمُتَوَالِيَةِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْ مُحْتَرَزُهُ وَسَكَتُوا عَنْ اشْتِرَاطِ تَعْيِينِ مَنْ يُشْتَرَطُ لَهُ الْخِيَارُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ الْخِيَارِ كَانَ لَهُمَا إلَّا إنْ كَانَ وَكِيلًا فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ إلَّا إنْ كَانَ مُوَكِّلُهُ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ لِلْبَائِعِ أَيْضًا وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ الْأَصْلِ مَا يُفِيدُ اشْتِرَاطَ تَعْيِينِ مَنْ يُشْتَرَطُ لَهُ الْخِيَارُ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. ح ل وَعِبَارَتُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمَشْرُوطِ لَهُ بِأَنْ يَتَلَفَّظَ هُوَ بِهِ إذَا كَانَ هُوَ الْمُبْتَدِئُ بِالْإِيجَابِ أَوْ الْقَبُولِ وَيُوَافِقُهُ الْآخَرُ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ انْتَهَتْ وَقَالَ ع ش عَلَيْهِ قَضِيَّتُهُ الْبُطْلَانُ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُكَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ لِي أَوْ لَك أَوْ لَنَا وَيُوَجَّهُ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْرُوطُ لَهُ أَحَدَهُمَا وَهُوَ مُبْهَمٌ اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute