وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَدْيُونِ مَلِيئًا مُقِرًّا وَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ حَالًّا مُسْتَقِرًّا (وَشُرِطَ) لِكُلٍّ مِنْ الِاسْتِبْدَالِ وَبَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فِي مُتَّفِقَيْ عِلَّةِ الرِّبَا كَدَرَاهِمَ عَنْ دَنَانِيرَ أَوْ عَكْسِهِ (قَبْضٌ) لِلْبَدَلِ فِي الْأَوَّلِ وَلِلْعِوَضَيْنِ فِي الثَّانِي (فِي الْمَجْلِسِ) حَذَرًا مِنْ الرِّبَا فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ كَمَا لَوْ تَصَارَفَا فِي الذِّمَّةِ (وَ) شُرِطَ (فِي غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ مُتَّفِقَيْ عِلَّةِ الرِّبَا كَثَوْبٍ عَنْ دَرَاهِمَ (تَعْيِينٌ) لِذَلِكَ (فِيهِ) أَيْ فِي الْمَجْلِسِ (فَقَطْ) أَيْ لَا قَبْضُهُ فِيهِ كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ فِي الذِّمَّةِ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الثَّوْبِ فِي الْمَجْلِسِ وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَإِطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ كَالْبَغَوِيِّ اشْتِرَاطَ الْقَبْضِ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى مُتَّفِقَيْ عِلَّةِ الرِّبَا وَخَرَجَ بِغَيْرِ دَيْنٍ فِيمَا ذُكِرَ الدَّيْنُ أَيْ الثَّابِتُ قَبْلُ كَأَنْ اسْتَبْدَلَ عَنْ دَيْنِهِ دَيْنًا آخَرَ أَوْ كَانَ لَهُمَا دَيْنَانِ عَلَى ثَالِثٍ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ دَيْنَهُ بِدَيْنِهِ فَلَا يَصِحُّ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَمْ لَا لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَفُسِّرَ بِبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ كَمَا وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ وَالتَّصْرِيحُ بِاشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ فِي غَيْرِ الصُّلْحِ مِنْ زِيَادَتِي وَلَا يَجُوزُ اسْتِبْدَالُ الْمُؤَجَّلِ عَنْ الْحَالِّ وَيَجُوزُ عَكْسُهُ وَكَأَنَّ صَاحِبَ الْمُؤَجَّلِ عَجَّلَهُ
(وَقَبْضُ غَيْرِ مَنْقُولٍ) مِنْ أَرْضٍ وَضِيَاعٍ
ــ
[حاشية الجمل]
لَهُ دِينَارٌ ذَهَبًا عَلَى غَيْرِهِ فَأَخَذَ عَنْهُ دِينَارًا دُونَ دِينَارِهِ فِي الْقَدْرِ كَأَنْ كَانَ إبْرَاهِيمِيًّا أَوْ سُلْطَانِيًّا فَأَخَذَ سُلَيْمِيًّا وَأَخَذَ مِقْدَارَ الْبَاقِي فِضَّةً أَوْ فُلُوسًا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ لَهُ مِحْلَقُ فِضَّةً فَأَخَذَ عَنْهُ عُثْمَانِيًّا فِضَّةً وَعُثْمَانِيًّا فُلُوسًا فَإِنْ أَخَذَ ذَلِكَ بِلَفْظِ الصُّلْحِ جَازَ وَكَأَنَّهُ اسْتَوْفَى عَنْ بَعْضِ دِينَارِهِ ذَهَبًا وَعَنْ الْبَاقِي فِضَّةً أَوْ غَيْرَهَا، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ بَيْعٍ أَوْ تَعْوِيضٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَيُفَارِقُ الصُّلْحَ؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِقَنَاعَةِ الْمُسْتَحِقِّ بِبَعْضِ حَقِّهِ كَذَا قَرَّرَهُ م ر، وَقَالَ إنَّهُ أَفْتَى بِذَلِكَ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ وَأَنَّ لِوَالِدِهِ إفْتَاءً بِمُوَافَقَةِ ذَلِكَ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ) أَيْ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ كَوْنُ الْمَدْيُونِ مَلِيئًا) أَيْ مُوسِرًا مِنْ الْمُلَاءَةِ وَهِيَ السَّعَةُ (وَقَوْلُهُ مُقِرًّا) أَيْ أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ (وَقَوْلُهُ مُسْتَقِرًّا) أَيْ مَأْمُونًا مِنْ سُقُوطِهِ لِيَخْرُجَ الْجُعْلُ وَالْأُجْرَةُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ اهـ. شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ تَصَارَفَا فِي الذِّمَّةِ) أَيْ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَيْ اسْتَبْدَلَا فِي الذِّمَّةِ كَأَنْ قَالَ اسْتَبْدَلْت عَنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي فِي ذِمَّتِك دِينَارًا فِي ذِمَّتِك وَيَقْبِضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَيَجْرِي هَذَا فِي بَيْعِهِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَيْضًا كَأَنْ بَاعَ لِعَمْرٍو مِائَةً لَهُ عَلَى زَيْدٍ بِمِائَةٍ فِي ذِمَّةِ عَمْرٍو اهـ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ كَمَا لَوْ تَصَارَفَا فِي الذِّمَّةِ تَنْظِيرٌ لِمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ اشْتِرَاطُ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ.
(قَوْلُهُ تَعْيِينٌ لِذَلِكَ) أَيْ لِلْبَدَلِ فِي الْأَوَّلِ وَلِلْعِوَضِ فِي الثَّانِي اهـ. شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ تَعْيِينٌ فِيهِ فَقَطْ) الْمُعْتَمَدُ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ الدَّيْنِ بِغَيْرِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ لِلْعِوَضَيْنِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ. وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِبْدَالِ فَالْمُعْتَمَدُ فِيهَا التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمُتَّحِدَيْنِ فَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْبَدَلِ وَغَيْرِهِمَا فَيَكْفِي تَعْيِينُهُ فِي الْمَجْلِسِ. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُمْ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِالْقَبْضِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَعْدَ اللُّزُومِ أَمَّا قَبْلَهُ فَيَتَعَيَّنُ بِرِضَاهُمَا. اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ فِي الذِّمَّةِ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الثَّوْبِ وَالدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِالْمَقَامِ، وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا إلَخْ تَنْظِيرٌ لِمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَيْ لِأَقْبِضَهُ فِيهِ، وَهَذَا التَّنْظِيرُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعْيِينُ فِي الْمَجْلِسِ فَهُوَ تَنْظِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فَقَطْ. اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِغَيْرِ دَيْنٍ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ الْقَيْدِ الثَّانِي الْمُصَرَّحِ بِهِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ دَيْنٍ وَثَانِيًا بِقَوْلِهِ كَبَيْعِهِ إذْ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلدَّيْنِ الْمُسْتَبْدَلِ عَنْهُ بِقَيْدَيْهِ أَيْ كَوْنِهِ غَيْرِ مُثْمَنٍ وَكَوْنِهِ بِغَيْرِ دَيْنٍ هُوَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا مَفْهُومُ الْأَوَّلِ فَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ أَمَّا الدَّيْنُ الْمُثْمَنُ وَسَكَتَ عَنْهُ فِي الثَّانِي اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ كَأَنْ اسْتَبْدَلَ عَنْ دَيْنِهِ) كَأَنْ كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو دِينَارٌ وَلِعَمْرٍو عَلَيْهِ رِيَالٌ فَبَاعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو الدِّينَارَ بِالرِّيَالِ. (قَوْلُهُ أَيْضًا كَأَنْ اسْتَبْدَلَ عَنْ دَيْنِهِ إلَخْ) كَأَنْ كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى بَكْرٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَلِبَكْرٍ عَلَيْهِ دِينَارٌ فَلَا يَسْتَبْدِلُ أَحَدُهُمَا عَنْ دَيْنِهِ دَيْنَ الْآخَرِ (وَقَوْلُهُ عَلَى ثَالِثٍ) كَأَنْ كَانَ لِزَيْدٍ دِينَارٌ عَلَى بَكْرٍ وَلِعَمْرٍ عَلَى بَكْرٍ دَرَاهِمُ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا دِينَارَهُ بِدَرَاهِمَ الْآخَرِ مَعَ كَوْنِهِمَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ) هُوَ بِالْهَمْزِ كَمَا ضَبَطَهُ شُرَّاحُ الْحَدِيثِ اهـ. فَتْحُ الْبَارِي لِحَجِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ، وَهُوَ مِنْ الْكِلَاءَةِ وَهِيَ الْحِفْظُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الدَّيْنَ مَحْفُوظٌ فَكَيْفَ أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْفَاعِلِ وَالْقِيَاسُ اسْمُ الْمَفْعُولِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مُتَأَوَّلٌ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا قِيلَ فِي تَأْوِيلِهِ أَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ الْأَوَّلُ فِي مَوْضِعِ الثَّانِي مَجَازًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: ٦] أَيْ مَدْفُوقٍ وَ {لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [هود: ٤٣] أَيْ لَا مَعْصُومَ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَفُسِّرَ بِبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ إلَخْ) هَذَا التَّفْسِيرُ ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ أَخْذًا مِنْ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَاَلَّذِي فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْكَالِئَ بِالْكَالِئِ هُوَ النَّسِيئَةُ بِالنَّسِيئَةِ أَيْ الْمُؤَجَّلُ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الصُّلْحِ) كَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمِنْهَاجَ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الصُّلْحِ فِي بَابِ الصُّلْحِ تَأَمَّلْ وَكَأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالتَّصْرِيحِ فَهِمَهُ مِنْ اقْتِصَارِ الْمِنْهَاجِ عَلَى نَفْيِ اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ تَأَمَّلْ اهـ. سم. (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ اسْتِبْدَالُ الْمُؤَجَّلِ عَنْ الْحَالِّ) كَأَنْ يَكُونَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو عَشَرَةٌ حَالَّةٌ فَيَسْتَبْدِلُ زَيْدٌ عَنْهَا عَشَرَةً مُؤَجَّلَةً إلَى شَهْرٍ بِحَيْثُ يَصِيرُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِهَا إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ فَهَذَا هُوَ الْبَاطِلُ. وَأَمَّا لَوْ أُجِّلَ الْحَالُّ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ التَّأْخِيرِ كَأَنْ صَبَرَ زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو فِيمَا ذُكِرَ شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ خَيْرٌ مِنْ قَبِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] تَأَمَّلْ.
وَقَبْضُ غَيْرِ مَنْقُولٍ مِنْ أَرْضٍ وَضِيَاعٍ (قَوْلُهُ وَقَبْضُ غَيْرِ مَنْقُولٍ إلَى قَوْلِهِ وَمَنْقُولٌ بِنَقْلِهِ إلَخْ) أَيْ وَكَانَ فِي هَاتَيْنِ حَاضِرًا