. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الجمل]
وَحِينَئِذٍ فَهَذَا الْمَنْقُولُ عَنْ هَذَا الْبَعْضِ يُوجِبُ عَدَمَ اعْتِبَارِ مُجَرَّدِ كَوْنِ النَّقْلِ لَهُ مُؤْنَةٌ وَيُوجِبُ أَنَّ الْمَدَارَ إنَّمَا هُوَ عَلَى زِيَادَةِ الْقِيمَةِ بِمَوْضِعِ الظَّفَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ أَوْرَدْت ذَلِكَ عَلَى م ر فَقَالَ الْمُرَادُ بِارْتِفَاعِ السِّعْرِ بِسَبَبِهَا أَنْ تَكُونَ مُؤْنَةُ النَّقْلِ إذَا انْضَمَّتْ إلَى سِعْرِهِ بِمَحَلِّ الظَّفَرِ زَادَ الْمَجْمُوعُ عَلَى سِعْرِهِ بِمَحَلِّ التَّسْلِيمِ وَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِدًا، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ إلَّا مُجَرَّدَ اعْتِبَارِ مُؤْنَةِ النَّقْلِ فِي الْحَقِيقَةِ فَتَأَمَّلْهُ وَثَالِثُهَا كَتَبَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ بِالْهَامِشِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ كَمَا تَرَى مَا نَصُّهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ يَصْدُقُ مَفْهُومُهَا الْآتِي بِمَا لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي قَمْحٍ صَعِيدِيٍّ مَثَلًا وَجَعَلَ مَحَلَّ التَّسْلِيمِ الصَّعِيدِ ثُمَّ وَجَدَهُ بِمِصْرَ فَطَالَبَهُ بِهِ فِيهَا وَتَحَمُّلَ الْمُؤْنَةِ أَيْ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مِقْدَارَ أُجْرَةِ حَمْلِهِ مِنْ الصَّعِيدِ إلَيْهَا وَلَا يُتَّجَهُ إجْبَارُهُ عَلَى قَبُولِ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى فَلْيُتَأَمَّلْ نَعَمْ فِي عَكْسِهَا يَتَّجِهُ الْإِجْبَارُ اهـ. وَقَوْلُهُ فِي عَكْسِهَا أَيْ بِأَنْ جَعَلَ مَحَلَّ التَّسْلِيمِ مِصْرَ فَوَجَدَهُ بِالصَّعِيدِ فَطَالَبَهُ وَتَحَمُّلُ الْمُسْلَمِ مُؤْنَةَ النَّقْلِ بِأَنْ رَضِيَ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ بِدُونِ زِيَادَةِ أُجْرَةِ نَقْلِهِ وَأَنْ يَغْرَمَ مِنْ عِنْدِهِ أُجْرَةَ نَقْلِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَفِيمَا قَالَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَفَادَ أَنَّ مَعْنَى تَحَمُّلِ الْمُؤْنَةِ هُنَا الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنْ يَدْفَعَ الْمُسْلَمُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أُجْرَةَ النَّقْلِ مِنْ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ إلَى مَحَلِّ الظَّفَرِ لَكِنْ مَا كَتَبْنَاهُ فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ عَنْ شَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ مِنْ قَوْلِهِ وَتَحَمَّلَهَا الْمُسْلَمُ بِأَنْ رَضِيَ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ مُؤْنَةٍ يَأْخُذُهَا مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِتَحَمُّلِ الْمُؤْنَةِ الرِّضَا بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ آخَرَ فِي نَظِيرِ نَقْلِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مُؤْنَةُ نَقْلِهِ مِنْ مَحَلِّ الظَّفَرِ إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ، وَقَدْ يُقَالُ كُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مُعْتَبَرٌ فَحَيْثُ كَانَ لِنَقْلِهِ مِنْ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ إلَى مَحَلِّ الظَّفَرِ مُؤْنَةٌ وَلَمْ يَغْرَمْهَا الْمُسْلَمُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ كَانَ لِنَقْلِهِ مِنْ مَحَلِّ الظَّفَرِ إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ مُؤْنَةٌ وَلَمْ يَرْضَ الْمُسْلَمُ بِأَخْذِهِ إلَّا مَعَ أُجْرَةِ نَقْلِهِ إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ الْأَدَاءُ لَكِنْ فِي هَذَا الْكَلَامِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ نَقْلِهِ إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ لَهُ مُؤْنَةٌ عَكْسُهُ وَهُوَ أَنَّ لِنَقْلِهِ إلَى مَكَانِ الظَّفَرِ مُؤْنَةٌ فَمَا مَعْنَى جَعْلِ ذَلِكَ شَيْئَيْنِ.
وَثَانِيهِمَا أَنَّ قَضِيَّةَ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِنَقْلِهِ مِنْ مَحَلِّ الظَّفَرِ إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ مُؤْنَةٌ وَرَضِيَ الْمُسْلَمُ بِأَخْذِهِ بِدُونِهَا يَلْزَمُ الْأَدَاءُ وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِ الْعُبَابِ وَلَوْ وَجَدَهُ الْمُسْتَحِقُّ بِغَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ إنْ حَلَّ وَلَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ أَوْ رَضِيَ بِهِ دُونَهَا اهـ. لَكِنْ كَتَبَ شَيْخُنَا فِي هَامِشِ الْبَهْجَةِ مَا نَصُّهُ، وَقَدْ بَحَثَ الْجَوْجَرِيُّ اسْتِثْنَاءَ مَا لَوْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُجْلَبَ إلَى مَكَانِ اللِّقَاءِ قَالَ لَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ وَإِنْ قَنَعَ بِهِ الْمُسْلَمُ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَكْلِيفَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ مُؤْنَةَ نَقْلِهِ مِنْ بَلَدِ الْمَحَلِّ إلَى بَلَدِ اللِّقَاءِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ أَوَّلَ الْبَابِ وَقَالَ هُنَا بَحْثٌ أَيْضًا وَسَاقَ شَيْخُنَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا نَقَلَهُ عَنْ الْجَوْجَرِيِّ ثُمَّ قَالَ ثُمَّ رَأَيْت مَا بَحَثَهُ أَوَّلًا فِي مَتْنِ الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِهِ لِلْمَحَلِّيِّ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ وَجَدَ الْمُسْلَمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بَعْدَ الْمَحَلِّ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ إذَا كَانَ لِنَقْلِهِ مِنْ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ مُؤْنَةٌ اهـ. كَلَامُ شَيْخِنَا.
وَعَلَى هَذَا فَمَا كَتَبْنَاهُ فِي الْهَامِشِ مِنْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لِنَقْلِهِ مِنْ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ إلَى مَحَلِّ الظَّفَرِ مِنْ أَنَّ عَكْسَ ذَلِكَ أَحْسَنُ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ هَذَا بِخِلَافِهَا فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَا أَنْ يَدْفَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِلْمُسْلَمِ مُؤْنَةَ النَّقْلِ مِنْ مَحَلِّ الظَّفَرِ إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ وَثَالِثُهَا أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا يَتَّجِهُ الْإِجْبَارُ إنْ كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ زِيَادَةَ السِّعْرِ بِمَحَلِّ الظَّفَرِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْقَمْحَ إنَّمَا يَحْصُلُ فِيهِ بِالنَّقْلِ مِنْ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ كَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِذَلِكَ فَفِيهِ أَنَّ زِيَادَةَ السِّعْرِ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِعَدَمِ لُزُومِ الْأَدَاءِ وَالْكَلَامُ لَيْسَ فِيهَا بَلْ فِي مُجَرَّدِ مُؤْنَةِ النَّقْلِ الَّتِي هِيَ عِلَّةٌ أُخْرَى مُسْتَقِلَّةٌ كَمَا تَرَى إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْخُنَا يَرَى أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى زِيَادَةِ السِّعْرِ لَكِنَّ قَوْلَهُ فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَكُونَ قِيمَتُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِالصَّعِيدِ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ كَوْنَ الْقَمْحِ يُنْقَلُ مِنْ الصَّعِيدِ إلَى مِصْرَ لَا يُوجِبُ زِيَادَةَ سِعْرِهِ بِمِصْرَ عَلَى سِعْرِهِ بِالصَّعِيدِ بَلْ قَدْ يَكُونُ سِعْرُهُ بِمِصْرَ كَسِعْرِهِ بِالصَّعِيدِ أَوْ أَقَلَّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ.
وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ وَإِنْ فَرَضَ زِيَادَةَ سِعْرِهِ بِمِصْرَ بِوَاسِطَةِ نَقْلِهِ إلَيْهَا مِنْ الصَّعِيدِ لَكِنْ قَدْ تَكُونُ مُؤْنَةُ النَّقْلِ الَّتِي دَفَعَهَا الْمُسْلَمُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ دَافِعَةً لِضَرُورَةِ زِيَادَةِ السِّعْرِ بِمِصْرَ كَمَا لَوْ كَانَ يُبَاعُ فِي الصَّعِيدِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَفِي مِصْرَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَكَانَتْ أُجْرَةُ نَقْلِهِ خَمْسَةً فَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِ خَمْسَةً أَمْكَنَهُ أَنْ يَضُمَّ إلَيْهَا عَشَرَةً وَيَحْصُلَ بِالْخَمْسَةَ عَشَرَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مِنْ مِصْرَ وَلَمْ يَلْحَقْهُ ضَرَرٌ وَلَمْ يَغْرَمْ زِيَادَةً عَلَى قِيمَتِهِ بِالصَّعِيدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ رَابِعُهَا قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بَعْدَ تَقْرِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا مِنْ جُمْلَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute