(فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ) بِفَتْحِهَا أَيْ مَكَانِهِ الْمُعَيَّنِ بِالشَّرْطِ أَوْ الْعَقْدِ وَطَالَبَهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ (وَلِنَقْلِهِ) مِنْ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ إلَى مَحَلِّ الظَّفَرِ (مُؤْنَةٌ) .
ــ
[حاشية الجمل]
مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَنَصُّهُ وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْبَلْدَةُ الَّتِي لَقِيَهُ فِيهَا يُعْتَادُ حَمْلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْهَا إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ كَمَا إذَا أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي حِنْطَةٍ يُوَفِّيهَا بِالْقَاهِرَةِ ثُمَّ وَجَدَهُ فِي بَلَدٍ مِنْ صَعِيدِ مِصْرَ كُلِّفَ أَدَاؤُهُ ثُمَّ إذَا طَالَبَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَفَّرَ عَلَيْهِ مُؤْنَةَ حَمْلِ ذَلِكَ إلَى الْقَاهِرَةِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَاسْتَظْهَرَهُ الشَّارِحُ اهـ.
وَأَقُولُ إنْ كَانَ وَجْهُ ذَلِكَ عَدَمَ زِيَادَةِ السِّعْرِ فِي بَلَدِ اللِّقَاءِ فِيمَا ذُكِرَ فَهَذَا إنَّمَا يَتَّجِهُ عَلَى مَنْ يَعُولُ عَلَى زِيَادَةِ السِّعْرِ فَقَطْ وَلَا يَعُولُ عَلَى مُجَرَّدِ كَوْنِ النَّقْلِ لَهُ مُؤْنَةً وَلَا يَتَّجِهُ عَلَى مَنْ يَجْعَلُ كُلًّا مِنْهُمَا عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً لِعَدَمِ لُزُومِ الْأَدَاءِ فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ تَحَرَّرَ عَنْ م ر فِي دَرْسِهِ أَنَّهُ حَيْثُ زَادَ سِعْرُهُ لَكِنْ كَانَ لِنَقْلِهِ إلَى مَحَلِّ الظَّفَرِ مُؤْنَةٌ لَوْ ضُمَّتْ إلَى سِعْرِهِ بِمَحَلِّ الظَّفَرِ زَادَ الْمَجْمُوعُ عَلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ وَكَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِأَنَّهُ يُنْقَلُ إلَى مَحَلِّ الظَّفَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَجْمُوعُ مُؤْنَةِ النَّقْلِ وَسِعْرِهِ بِمَحَلِّ بَلَدِ الظَّفَرِ لَا يَزِيدُ عَلَى سِعْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ وَمَا إذَا كَانَ يُوجَدُ بِمَحَلِّ الظَّفَرِ لَا بِسِعْرٍ نَقَلَهُ مِنْ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ مَحَلُّ التَّسْلِيمِ مِصْرَ وَمَحَلُّ الظَّفَرِ الصَّعِيدُ فَيَجِبُ الْأَدَاءُ وَلَا نَظَرَ؛ لِأَنَّهُ لِنَقْلِهِ مِنْ مِصْرَ لِلصَّعِيدِ مُؤْنَةٌ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ مِنْ الصَّعِيدِ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى نَقْلِهِ مِنْ مِصْرَ فَلَا يُنْظَرُ إلَى الْمُؤْنَةِ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ تَضَرُّرِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِهَا.
لَا يُقَالُ هَذَا يُوجِبُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ زِيَادَةُ السِّعْرِ دُونَ مُؤْنَةِ النَّقْلِ مَعَ أَنَّ الْمَرَضِيَّ أَنَّ كُلًّا مُعْتَبَرٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ هَذَا أَنَّ كُلًّا مِنْ زِيَادَةِ السِّعْرِ فِي نَفْسِهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمُؤْنَةِ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَمِنْ مُؤْنَةِ النَّقْلِ إذَا أَوْجَبَتْ زِيَادَةُ السِّعْرِ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً وَلَيْسَ فِي هَذَا اعْتِبَارُ زِيَادَةِ السِّعْرِ فَقَطْ فِي نَفْسِهِ نَعَمْ فِيهِ أَنَّ الْمَدَارَ حِينَئِذٍ عَلَى زِيَادَةِ السِّعْرِ سَوَاءٌ كَانَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَاسِطَةِ مُؤْنَةِ النَّقْلِ وَنَحْنُ نَدَّعِي أَنَّ هَذَا مُرَادُهُمْ وَتَحَرَّرَ مَعَهُ أَيْضًا أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَلْزَمْ الْأَدَاءُ لِلْمُؤْنَةِ لَوْ دَفَعَهَا الْمُسْلَمُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ جَازَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَبُولُهَا وَالْأَدَاءُ وَهَلْ يَجِبُ ذَلِكَ أَوَّلًا لِلْمِنَّةِ تَوَقَّفَ فِيهِ وَمَالَ إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لِلْمِنَّةِ فَلْيُحَرَّرْ.
وَمَفْهُومُ شَرْحِ الرَّوْضِ اللُّزُومُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْقَرْضِ فَإِنَّهُ قَالَ وَلَا يَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ الدَّفْعُ فِي غَيْرِ مَكَانِ الْإِقْرَاضِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ تَحَمَّلَهَا الْمُقْتَرِضُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ آخِرَ مَا اعْتَمَدَهُ م ر وَجَزَمَ بِهِ فِي كُلٍّ مِنْ السَّلَمِ وَالْقَرْضِ فِيمَا لَوْ ظَفِرَ بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ أَنَّهُ إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ الْقِيمَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَجَبَ الدَّفْعُ وَإِنْ اخْتَلَفَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ لَمْ يَجِبْ الدَّفْعُ فَكُلٌّ مِنْ اخْتِلَافِ الْقِيمَةِ وَمُؤْنَةِ النَّقْلِ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ حَتَّى إذَا اقْتَرَضَ مِنْهُ بِمَكَّةَ أَرَدْبَ قَمْحٍ وَوَجَدَ بِمِصْرَ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ بَلْ تَجِبُ الْقِيمَةُ بِمَكَانِ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّ لِحَمْلِهِ إلَى مِصْرَ مُؤْنَةٌ وَلَوْ اقْتَرَضَ دِينَارًا بِمِصْرَ وَلَقِيَهُ بِالرُّومِ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ بِالرُّومِ أَكْثَرُ اهـ. سم
(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ) أَيْ مَكَانِهِ الْمُعَيَّنِ بِالشَّرْطِ أَوْ الْعَقْدِ قَدْ يُشْكِلُ مَعَ عَدَمِ التَّأَمُّلِ قَوْلُهُ: أَوْ الْعَقْدُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَ الْمَحَلِّ وَفِيمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَالسَّلَمُ الْمُؤَجَّلُ إذَا كَانَ لِلنَّقْلِ مُؤْنَةٌ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ وَإِنْ كَانَ مَوْضِعُ الْعَقْدِ صَالِحًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا حَرَّرْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ أَوْ الْعَقْدُ وَالْجَوَابُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا وَمَشَى الشَّارِحُ فِيمَا سَبَقَ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَكَانُ صَالِحًا لِلتَّسْلِيمِ لَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ وَيَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ السَّلَمُ مُؤَجَّلًا فَقَوْلُهُ هُنَا أَوْ الْعَقْدُ مَبْنِيٌّ عَلَى ذَلِكَ وَلَا إشْكَالَ عَلَى أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ الْمَحَلِّ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ الْكَلَامِ فِي الْمُؤَجَّلِ فَقَطْ بَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَشْمَلَ مَعَ ذَلِكَ الْحَالَّ أَيْضًا؛ إذْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ قَوْلُنَا بَعْدَ الْحُلُولِ؛ إذْ مَعْنَى بَعْدِيَّةِ الْحُلُولِ أَنْ يَكُونَ الظَّفَرُ بِهِ فِي وَقْتٍ اتَّصَفَ فِيهِ بِالْحُلُولِ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَتَّصِفَ بِحُلُولٍ حَادِثٍ أَوْ أَصْلِيٍّ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُؤْنَةَ الْمَذْكُورَةَ هُنَاكَ مُؤْنَةُ نَقْلٍ لِمَكَانِ التَّسْلِيمِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي مُؤْنَةِ نَقْلٍ لِمَحَلِّ الظَّفَرِ فَيَجُوزُ أَنْ يُفْرَضَ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا وَالْمَكَانُ صَالِحًا وَلَا مُؤْنَةَ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ مَكَانُ الْعَقْدِ وَهَذَا لَا يُنَافِي ذِكْرَ الْمُؤْنَةِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مُؤْنَةُ النَّقْلِ لِمَكَانِ الظَّفَرِ تَأَمَّلْ اهـ. سم
(قَوْلُهُ: وَلِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ مَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا طِبّ فِي ذَلِكَ وَاعْتَمَدَهُ وَصَمَّمَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ فَأَحْضَرَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْمُسْلَمَ فِيهِ فَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مِنْ بَلَدِ الِاجْتِمَاعِ إلَى بَلَدِ التَّسْلِيمِ مُؤْنَةٌ أَوْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَتَحَمَّلَهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِأَنْ دَفَعَهَا لِلْمُسْلَمِ لِيَصْرِفَهَا فِي نَقْلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَعْنِي عَلَى الْمُسْلَمِ الْقَبُولُ وَإِنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُسْلَمَ الْقَبُولُ وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْمُسْلَمَ فِيهِ لِلْمُسْلَمِ وَإِنَّمَا طَالَبَ الْمُسْلَمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُسْلَمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute