(، وَعَلَيْهِ) أَيْ الرَّاهِنِ الْمَالِكِ (مُؤْنَةُ مَرْهُونٍ) كَنَفَقَةِ رَقِيقِ وَكِسْوَتِهِ وَعَلَفِ دَابَّةٍ وَأُجْرَةِ سَقْيِ أَشْجَارٍ وَجُذَاذِ ثِمَارٍ وَتَجْفِيفِهَا وَرَدِّ آبِقٍ وَمَكَانِ حِفْظٍ فَيُجْبَرُ عَلَيْهَا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ.
(، وَلَا يُمْنَعُ) الرَّاهِنُ (مِنْ مَصْلَحَتِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ (كَفَصْدٍ وَحَجْمٍ) وَمُعَالَجَةٍ بِأَدْوِيَةٍ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا حِفْظًا لِمِلْكِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا (وَهُوَ أَمَانَةٌ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ) لِخَبَرِ «الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ» أَيْ مِنْ ضَمَانِهِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ فَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ كَمَوْتِ الْكَفِيلِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ، وَلَا يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ إلَّا إذَا تَعَدَّى فِيهِ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ رَدِّهِ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ (وَأَصْلُ فَاسِدِ كُلِّ عَقْدٍ) صَدَرَ (مِنْ رَشِيدٍ كَصَحِيحِهِ) فِي ضَمَانٍ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ اقْتَضَى صَحِيحُهُ الضَّمَانَ فَفَاسِدُهُ أَوْلَى أَوْ عَدَمُهُ فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَاضِعَ الْيَدِ أَثْبَتَهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَلَمْ يَلْتَزِمْ بِالْعَقْدِ ضَمَانًا فَالْمَقْبُوضُ بِفَاسِدٍ بَيْعٌ أَوْ إعَارَةٌ مَضْمُونٌ وَبِفَاسِدٍ رَهْنٌ أَوْ هِبَةٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ
ــ
[حاشية الجمل]
الرَّاهِنِ فَيُقَالُ: إنَّ الثَّمَنَ عِنْدَهُ مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ إلَى آخِرِ التَّفَارِيعِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ مَرْهُونٍ) أَيْ الَّتِي بِهَا بَقَاؤُهُ اهـ. ح ل أَيْ دُونَ الَّتِي بِهَا تَنْمِيَتُهُ فَإِنْ غَابَ أَوْ أَعْسَرَ رَاجَعَ الْمُرْتَهِنُ الْحَاكِمَ وَلَهُ الْإِنْفَاقُ بِإِذْنِهِ لِيَكُونَ رَهْنًا بِالنَّفَقَةِ أَيْضًا فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُهُ وَأَشْهَدَ بِالْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ رَجَعَ، وَإِلَّا فَلَا اهـ. حَجّ اهـ. ز ي
(قَوْلُهُ أَيْ الرَّاهِنِ الْمَالِكِ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْمُسْتَعِيرِ فَمُؤْنَتُهُ عَلَى الْمُعِيرِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ فَيُجْبَرُ عَلَيْهَا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ الْمِلْكُ؛ لِأَنَّ لِلْمَالِكِ تَرْكَ سَقْيِ زَرْعِهِ وَعِمَارَةِ دَارِهِ، وَلَا لِحَقِّ اللَّهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِذِي الرُّوحِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ الْمُؤَجِّرَ عِمَارَةُ الدَّارِ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ الْمُسْتَأْجِرِ يَنْدَفِعُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ اهـ. ز ي.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَمْنَعُ الرَّاهِنُ إلَخْ) لَمْ يُقَيَّدْ بِالْمَالِكِ كَسَابِقِهِ وَلَعَلَّهُ حَذَفَهُ مِنْهُ لِدَلَالَةٍ سَابِقَةٍ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ حِفْظًا لِمِلْكِهِ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي الْمُسْتَعِيرِ الرَّاهِنِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ
الْمَصَالِحِ
وَمِثْلُهُ الْوَدِيعُ أَوْ لَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ أَوْ الْمَالِكِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْوَجْهُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا) فَلَوْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ مُنِعَ مِنْ الْفَصْدِ دُونَ الْحِجَامَةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لِخَبَرٍ رُوِيَ «قَطْعُ الْعُرُوقِ مَسْقَمَةٌ وَالْحِجَامَةُ خَيْرٌ مِنْهُ» اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا) قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ سَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الْأَدْوِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ اكْتِفَاءً بِدَاعِيَةِ الطَّبْعِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ بَلْ الرَّقِيقُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ الْقَرِيبِ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بَلْ فِي عَيْنِ الْمَرْهُونِ بِبَيْعِ جُزْءٍ مِنْهُ لِأَجْلِهَا إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ بَيْعُ جُزْءٍ مِنْهُ، وَإِلَّا وَجَبَ فِي خَالِصِ مَالِهِ حِفْظًا لِحَقِّ الْقِنِّ اهـ. شَرْحُ م ر اهـ. شَوْبَرِيٌّ فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّ نَفْيَ الْإِجْبَارِ عَلَيْهَا إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَمَانَةٌ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ) وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَبَعًا لِلْمَحَامِلِيِّ ثَمَانِ مَسَائِلَ مَا لَوْ تَحَوَّلَ الْمَغْصُوبُ رَهْنًا أَوْ تَحَوَّلَ الْمَرْهُونُ غَصْبًا أَوْ تَحَوَّلَ الْمَرْهُونُ عَارِيَّةً أَوْ تَحَوَّلَ الْمُسْتَعَارُ رَهْنًا أَوْ رُهِنَ الْمَقْبُوضُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ أَوْ رُهِنَ مَقْبُوضٌ بِسَوْمٍ أَوْ رَهَنَ مَا بِيَدِهِ بِإِقَالَةٍ أَوْ فَسَخَ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ خَالَعَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ رَهَنَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِمَّنْ خَالَعَهُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ ضَمَانِهِ) أَيْ لَا مِنْ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ فَالدَّلَالَةُ عَلَى الْمُدَّعِي بِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ) أَيْ سَوَاءٌ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ أَوْ بِدُونِهِ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ التَّفْرِيطِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَمَعَ ضَمَانِهِ لَهَا دَيْنُهُ بَاقٍ بِحَالِهِ، وَقَوْلُهُ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى بِجَامِعِ فَوَاتِ التَّوَثُّقِ يَعْنِي مَعَ بَقَاءِ الدَّيْنِ بِحَالِهِ (قَوْلُهُ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ رَدِّهِ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ) عِبَارَةُ م ر أَوْ مُنِعَ مِنْ رَدِّهِ بَعْدَ سُقُوطِ الدَّيْنِ وَالْمُطَالَبَةُ إمَّا بَعْدَ سُقُوطِهِ وَقَبْلَ الْمُطَالَبَةِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى أَمَانَتِهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَأَصْلُ فَاسِدِ كُلِّ عَقْدٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْأَصْلِ الْكَثِيرُ وَالْغَالِبُ اهـ. ع ش، وَقَوْلُهُ فِي ضَمَانٍ أَيْ فِي مُطْلَقِ الضَّمَانِ، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ يَضْمَنُ بِالثَّمَنِ، وَفِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَضْمَنُ بِالْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ وَبِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ اهـ. سم وَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ التَّسْوِيَةُ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ لَا فِي الضَّامِنِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّ الْوَلِيَّ لَوْ اسْتَأْجَرَ لِمُوَلِّيهِ فَاسِدًا تَكُونُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ، وَفِي الصَّحِيحَةِ عَلَى مُوَلِّيهِ، وَلَا فِي الْقَدْرِ فَلَا يُرَدُّ صَحِيحُ الْبَيْعِ مَضْمُونًا بِالثَّمَنِ وَفَاسِدُهُ بِالْبَدَلِ وَالْقَرْضِ بِمِثْلِ الْمُتَقَوِّمِ الصُّورِيِّ وَفَاسِدُهُ بِالْقِيمَةِ، وَنَحْوُ الْقِرَاضِ وَالْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ بِالْمُسَمَّى وَفَاسِدُهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ اقْتَضَى صَحِيحُهُ إلَخْ) الْمَقَامُ لِلتَّفْرِيعِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ) أَيْ لَا يَقْتَضِي الضَّمَانَ بَلْ هُوَ مُسَاوٍ لَهُ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لَا أَنَّهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ تَعْلِيلَهُ بِقَوْلِهِ إنَّ وَاضِعَ إلَخْ لَا يُفِيدُ إلَّا ذَلِكَ، وَأَمَّا تَعْلِيلُ الْأَوَّلِ فَهُوَ أَنَّ الشَّارِعَ وَالْمَالِكَ أَذِنَا فِي الصَّحِيحِ وَأَمَّا الْفَاسِدُ فَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ إلَّا الْمَالِكُ فَكَانَ أَوْلَى بِالضَّمَانِ اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَلَمْ يَقُلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَيْسَ أَوْلَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ بَلْ بِالضَّمَانِ اهـ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ عَدَمَ الضَّمَانِ تَخْفِيفٌ، وَلَيْسَ الْفَاسِدُ أَوْلَى بِهِ بَلْ حَقُّهُ أَنْ يَكُونَ أَوْلَى بِالضَّمَانِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى وَضْعِ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِلَا حَقٍّ فَكَانَ أَشْبَهَ بِالْغَصْبِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وَاضِعَ الْيَدِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ، وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: الصَّحِيحُ غَيْرُ الْمُضَمَّنِ أَذِنَ فِيهِ كُلٌّ مِنْ الشَّارِعِ وَالْمَالِكِ وَأَمَّا الْفَاسِدُ فَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الشَّارِعُ فَكَانَ يُنَاسِبُهُ الضَّمَانُ لِنَهْيِ الشَّارِعِ عَنْهُ فَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ وَضْعَ الْيَدِ لَمَّا كَانَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ