للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا عُبُورُهُ قَالَ تَعَالَى {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: ٤٣] بِخِلَافِ الرِّبَاطِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْمَسْجِدُ شَائِعًا فِي أَرْضٍ بَعْضُهَا مَمْلُوكٌ، وَإِنْ قَلَّ غَيْرُ الْمِلْكِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُفَارِقُ التَّفْصِيلَ السَّابِقَ فِي التَّفْسِيرِ مَعَ أَنَّ حُرْمَةَ الْقُرْآنِ آكَدُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَسْجِدِ بِأَنَّ الْمَسْجِدِيَّةَ لَمَّا انْتَهَتْ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ تِلْكَ الْأَرْضِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْمُكْثُ كَأَنْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَاكِثٌ فِي مَسْجِدٍ شَائِعٍ بِخِلَافِ الْقُرْآنِ مَعَ التَّفْسِيرِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُبْهَمٍ فِيهِ بَلْ مُتَمَيِّزٌ عَنْهُ فَلَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَسَّ مُصْحَفًا شَائِعًا وَأَيْضًا فَاخْتِلَاطُ الْمَسْجِدِيَّةِ بِالْمِلْكِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ يُسَمَّى مَسْجِدًا وَلَا كَذَلِكَ الْمُصْحَفُ إذَا اخْتَلَطَ بِالتَّفْسِيرِ، فَإِنَّهُ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ يُسَمَّى مُصْحَفًا إنْ زَادَ عَلَيْهِ التَّفْسِيرُ كَمَا مَرَّ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ أَيْضًا بِمَسْجِدٍ) وَمِثْلُهُ رَحْبَتُهُ وَهِيَ مَا وُقِفَ لِلصَّلَاةِ حَالَةَ كَوْنِهَا جُزْءًا مِنْهُ، وَهَوَاؤُهُ وَلَوْ طَائِرًا فِيهِ وَجَنَاحٌ بِجِدَارِهِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّهُ فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ وَشَجَرَةٌ أَصْلُهَا فِيهِ، وَإِنْ جَلَسَ عَلَى فَرْعِهَا الْخَارِجِ عَنْهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ أَصْلُهَا خَارِجًا عَنْهُ وَفَرْعُهَا فِيهِ وَمَكَثَ عَلَى فَرْعِهَا فِي هَوَائِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى فَرْعِ شَجَرَةٍ أَصْلُهَا خَارِجٌ عَنْ أَرْضِ عَرَفَاتٍ وَفَرْعُهَا فِي هَوَائِهَا؛ لِأَنَّ هَوَاءَهَا لَا يُسَمَّى عَرَفَاتٍ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْجُنُبُ مُسْتَلْقِيًا أَوْ مُضْطَجِعًا أَوْ مُنَكِّسًا بِحَيْثُ صَارَ بَعْضُهُ فِي الْمَسْجِدِ وَبَعْضُهُ الْآخَرُ خَارِجَهُ أَوْ جَعَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ فِيهِ وَالْأُخْرَى خَارِجَةً وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ حَيْثُ كَفَى ذَلِكَ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَإِلَّا فَلَا وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَتَثْبُتُ الْمَسْجِدِيَّةُ بِالْعِلْمِ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ لِلصَّلَاةِ أَوْ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَمَعْنَاهَا إنْ تَتَكَرَّرَ صَلَاةُ النَّاسِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَمَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَصْلَهُ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ بِقَرَافَةِ مِصْرٍ فَلَا يَثْبُتُ بِهَا اهـ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ لَا عُبُورِهِ) أَيْ الْمُرُورُ بِهِ بِأَنْ كَانَ لَهُ بَابَانِ فَدَخَلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَخَرَجَ مِنْ الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُ بَابٌ وَاحِدٌ فَيَمْتَنِعُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ اهـ زي وَلَا يُكَلَّفُ الْإِسْرَاعَ بَلْ يَمْشِي عَلَى عَادَتِهِ نَعَمْ هُوَ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ عِنْدَ أَمْنِهِمَا التَّلْوِيثَ مَكْرُوهٌ وَلِلْجُنُبِ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَلَوْ عَبَّرَ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ إذْ الْحُرْمَةُ إنَّمَا هِيَ لِقَصْدِ الْمَعْصِيَةِ لَا الْمُرُورِ، وَلَوْ دَخَلَ عَلَى عَزْمِ أَنَّهُ مَتَى وَصَلَ لِلْبَابِ الْآخَرِ رَجَعَ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ التَّرَدُّدَ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَاءً إلَّا فِيهِ جَازَ لَهُ الْمُكْثُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَيَتَيَمَّمُ لِذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ، وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرِّبَاطِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ أَيْ كَمُصَلِّي الْعِيدِ فَلَا يَحْرُمُ الْمُكْثُ فِيهِمَا لِلْجُنُبِ. وَأَمَّا مَا بَعْضُهُ مَسْجِدٌ كَأَنْ وَقَفَ حِصَّةً شَائِعَةً، وَإِنْ قُلْت مَسْجِدًا فَكَالْمَسْجِدِ فِي حُرْمَةِ الْمُكْثِ فِيهِ عَلَى الْجُنُبِ وَنَحْوِهِ وَيُسْتَحَبُّ لِدَاخِلِهِ التَّحِيَّةُ وَتَجِبُ قِسْمَتُهُ فَوْرًا وَكَغَيْرِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيهِ الِاعْتِكَافُ وَأَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، وَكَذَا الصُّفُوفُ بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَهَلْ شَرْطُ الْحُرْمَةِ تَحَقُّقُ الْمَسْجِدِيَّةِ أَوْ يُكْتَفَى بِالْقَرِينَةِ فِيهِ احْتِمَالَانِ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ فَالِاسْتِفَاضَةُ كَافِيَةٌ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَمُ أَصْلَهُ كَالْمَسَاجِدِ الْمُحْدَثَةِ بِمِنًى اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر. وَقَوْلُهُ وَكَغَيْرِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيهِ الِاعْتِكَافُ قَالَ سم وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ التَّحِيَّةِ أَنْ لَا تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ فِيهِ فَاسْتُحِبَّتْ فِي الشَّائِعِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ مَسْجِدٌ بَلْ مَا مِنْ جُزْءٍ إلَّا وَفِيهِ جِهَةٌ مَسْجِدِيَّةٌ وَتَرْكُ الصَّلَاةِ يُخِلُّ بِتَعْظِيمِهِ، وَالِاعْتِكَافُ إنَّمَا يَكُونُ فِي مَسْجِدٍ وَالشَّائِعُ بَعْضُهُ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ فَالْمَاكِثُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ خَرَجَ بَعْضُهُ عَنْ الْمَسْجِدِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِتَيْسِيرِ الْوُقُوفِ عَلَى غَوَامِضِ أَحْكَامِ الْوُقُوفِ، ثُمَّ مَوْضِعُ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ أَيْ وَقْفِ الْجُزْءِ الْمُشَاعِ مَسْجِدًا مِنْ أَصْلِهِ حَيْثُ أَمْكَنَتْ قِسْمَةُ الْأَرْضِ أَجْزَاءً وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا فِيهِ نَقْلًا وَهُوَ عَجِيبٌ، فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي فَتَاوِيهِ الَّتِي جَمَعَهَا ابْنُ أَخِيهِ فَقَالَ: وَمِنْ الْغَرَائِبِ إذَا كَانَ لَهُ حِصَّةٌ فِي أَرْضٍ مُشَاعَةٍ وَهِيَ لَا تَنْقَسِمُ فَجَعَلَهَا مَسْجِدًا لَمْ يَصِحَّ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(فَائِدَةٌ) قَالَ حَجّ كُلُّ الْأَرْضِ يَصِحُّ جَعْلُهَا مَسْجِدًا إلَّا مَسْجِدَ الضِّرَارِ وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَالْمَطَافِ وَالْأَقْصَى وَالْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ وَالْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ هَلْ وُقِفَتْ بِصِيغَةٍ أَوْ هِيَ وَقْفٌ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى وَقْفِيَّةِ أَحَدٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِبِنَائِهَا الْأَنْبِيَاءَ، وَهَلْ يَجُوزُ الْمُكْثُ فِي حَرِيمِ زَمْزَمَ بِالْجَنَابَةِ لِتَقَدُّمِهَا عَلَى الْمَسْجِدِ وَحَرِيمُهَا لَا يَدْخُلُ فِي وَقْفِيَّتِهِ، وَهَلْ مَا يَخْرُجُ لِلْعِمَارَةِ مِنْ نَحْوِ تُرَابٍ وَحَصًى تَسْتَمِرُّ حُرْمَتُهُ مِنْ حُرْمَةِ الِاسْتِجْمَارِ بِهِ وَالِاسْتِنْجَاءِ وَالتَّيَمُّمِ أَوْ يُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ وَبَابِهَا إذَا جُدِّدَ، وَهَلْ الْمَسَاجِدُ الثَّلَاثَةُ فِي مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ وَعَرَفَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا الْحَقِّ فِيهِ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ هِيَ سَابِقَةٌ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِمْ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>