رَفْعُ حُكْمِ ذَلِكَ (أَوْ) نِيَّةُ (اسْتِبَاحَةِ مُفْتَقِرٍ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْغُسْلِ كَصَلَاةٍ (أَوْ أَدَاءِ) غُسْلٍ (أَوْ فَرْضِ غُسْلٍ) وَفِي مَعْنَاهُ الْغُسْلُ الْمَفْرُوضُ وَالطَّهَارَةُ لِلصَّلَاةِ
ــ
[حاشية الجمل]
عَنْ كُلِّ الْبَدَنِ، وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَقَدْ وَافَقَ اللَّفْظُ الْقَصْدَ فَلَا غَلَطَ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ رَفْعِ الْجَنَابَةِ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِعَدَمِ تَعَرُّضِهِ فِي نِيَّتِهِ لِلْأَكْبَرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْغَلَطِ هُنَا مَا قَرَّرَهُ النُّحَاةُ فِي بَابِ الْبَدَلِ مِنْ سَبْقِ اللِّسَانِ لِشَيْءٍ مَعَ قَصْدِ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ الْجَهْلُ أَيْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ النَّاوِي لِجَهْلِهِ أَنَّ تَطْهِيرَ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ يَكْفِي عَنْ الْأَكْبَرِ فَلَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ الْمُتَطَهِّرُ إلَّا الْأَصْغَرَ فَمُوَافَقَةُ لَفْظِهِ لِقَصْدِهِ مُسَلَّمَةٌ وَقَوْلُهُ فِي الْإِشْكَالِ فَلَا غَلَطَ مَمْنُوعٌ لِمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَلَطِ فِي هَذَا الْمَقَامِ الْجَهْلُ وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ الْإِشْكَالِ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ رَفْعِ الْجَنَابَةِ إلَخْ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ فِي نِيَّةِ رَفْعِ الْأَصْغَرِ مُعْتَقِدًا كِفَايَتَهُ عَنْ الْأَكْبَرِ تَعَرُّضًا لَهُ مَعَ عُذْرِهِ بِالْجَهْلِ لِاتِّحَادِ مُوجِبِ الْحَدَثَيْنِ عَنْ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْمَنْوِيِّ تَطْهِيرُهَا مَا عَدَا الرَّأْسَ وَهُوَ تَعْمِيمُهَا بِالْغُسْلِ وَلِاخْتِلَافِ ذَلِكَ الْمُوجِبِ فِي الرَّأْسِ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ إلَّا مَا نَوَاهُ وَهُوَ الْأَصْغَرُ، وَهَذَا مَدْرَكُ وَالِدِ م ر الْمَذْكُورُ وَفِي تَقْرِيرِهِمْ لِنِيَّةِ غَيْرِ مَا عَلَيْهِ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ غَالِطًا مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: قَوْلُهُ صَحَّ مَعَ الْغَلَطِ إلَخْ قَدْ يُشْكِلُ تَصْوِيرَ الْغَلَطِ فِي ذَلِكَ مِنْ الرَّجُلِ، فَإِنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ مَا عَلَيْهِ لِظَنِّهِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي حَقِّ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَظُنَّ حُصُولَ الْحَيْضِ لَهُ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ تَصَوُّرِهِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ خُنْثَى اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ، ثُمَّ خَرَجَ دَمٌ مِنْ فَرْجِهِ فَظَنَّهُ حَيْضًا فَنَوَاهُ، وَقَدْ أَجْنَبَ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ ذَكَرِهِ فَصُدِّقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ غَلَطًا وَيَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ ذَكَرِ الرَّجُلِ دَمٌ فَيَظُنُّهُ لِجَهْلِهِ حَيْضًا فَيَنْوِي رَفْعَهُ مَعَ أَنَّ جَنَابَتَهُ بِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ أَيْ رَفْعُ حُكْمِ ذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِهَذَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ لَا تُطْلَقُ إلَّا عَلَى الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا تُطْلَقُ عَلَى السَّبَبِ كَخُرُوجِ الْمَنِيِّ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ نِيَّةُ رَفْعِ الْجَنَابَةِ بِمَعْنَاهَا الْحَقِيقِيِّ لَهَا وَهُوَ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي ح ل مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ أَيْ رَفْعُ حُكْمِ ذَلِكَ أَيْ إذَا نَوَى الْمُغْتَسِلُ رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ رَفْعَ الْجَنَابَةِ بِأَنْ قَالَ: نَوَيْت رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ نَوَيْت رَفْعَ الْجَنَابَةِ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ رَفْعَ حُكْمِ الْحَدَثِ وَرَفْعَ حُكْمِ الْجَنَابَةِ لَا رَفْعَ نَفْسِ الْحَدَثِ وَلَا رَفْعَ نَفْسِ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ هُنَا وَالْجَنَابَةَ مَحْمُولٌ كُلٌّ مِنْهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى نَفْسِ الْمُوجِبَاتِ لِلْغُسْلِ وَهُوَ لَا يَرْتَفِعُ، وَإِنَّمَا يَرْتَفِعُ حُكْمُهُ فَكَانَ قَوْلُ الْمُغْتَسِلِ نَوَيْت رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ نَوَيْت رَفْعَ الْجَنَابَةِ الْمُرَادُ مِنْهُ رَفْعُ حُكْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ هَذَا الْمَعْنَى حَتَّى لَوْ أَرَادَ بِالْحَدَثِ أَوْ بِالْجَنَابَةِ نَفْسَ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْغُسْلِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنَّمَا كَانَ رَفْعُ الْحُكْمِ هُوَ الْمُرَادُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْغُسْلِ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا أَيْ الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْغُسْلِ فَإِذَا نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ رَفْعَ الْجَنَابَةِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْقَصْدِ أَيْ لِلْمَقْصُودِ مِنْ الْغُسْلِ وَهُوَ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا الَّذِي هُوَ حُكْمُ الْحَدَثِ وَحُكْمُ الْجَنَابَةِ الَّذِي نَوَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ اهـ.
(قَوْلُهُ كَصَلَاةٍ) بِأَنْ يَقُولَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إلَى وُضُوءٍ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ شَيْءٌ مِنْ مُفْرَدَاتِهِ وَكَوْنُ نِيَّتِهِ حِينَئِذٍ تَصْدُقُ بِنِيَّةِ وَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِمَّا يَفْتَقِرُ لِلْوُضُوءِ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ هُنَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ نَظِيرَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يَنْوِيَ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْغُسْلِ وَأَنَّهُ لَوْ نَوَى بَعْضَهَا اكْتَفَى بِهِ، وَإِنْ نَفَى بَعْضَهَا إلَّا آخَرَ وَأَنَّهُ لَوْ نَوَى مِنْهَا غَيْرَ مَا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ وُقُوعُهُ مِنْهُ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ وَالِدُ شَيْخِنَا كَأَنْ نَوَى الرَّجُلُ الْحَيْضَ، وَقَدْ أَجْنَبَ، فَإِنْ كَانَ عَامِدًا لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ كَانَ غَالِطًا صَحَّ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ كَمَا عَلِمْت رَفْعُ حُكْمِ تِلْكَ الْأَسْبَابِ لَا نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُرْفَعُ وَالْحُكْمُ يُضَافُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهَا أَسْبَابُهُ وَإِضَافَتُهُ لِوَاحِدٍ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ كَإِضَافَتِهِ لِكُلِّهَا فَذِكْرُ السَّبَبِ وَعَدَمُهُ سِيَّانِ وَكَانَ مُقْتَضَى هَذَا أَنْ يَصِحَّ هَذَا فِي صُورَةِ الْعَمْدِ إلَّا أَنَّهُمْ نَظَرُوا فِيهِ لِكَوْنِهِ مُتَلَاعِبًا وَذَكَرُوا أَنَّ الْحَيْضَ يَرْتَفِعُ بِنِيَّةِ النِّفَاسِ وَعَكْسُهُ مَعَ الْعَمْدِ لِتَعْلِيلِهِمْ إيجَابَ الْغُسْلِ فِي النِّفَاسِ بِأَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ مُجْتَمِعٍ وَتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ اسْمَ النِّفَاسِ مِنْ أَسْمَاءِ الْحَيْضِ وَفِي كَلَامِ حَجّ مَا لَمْ يَقْصِدْ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ كَنِيَّةِ الْأَدَاءِ بِالْقَضَاءِ وَعَكْسِهِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ نِيَّةِ الْغُسْلِ) ، فَإِنْ قُلْت أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ أَدَاءِ الْغُسْلِ وَالْغُسْلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْأَدَاءِ مَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ فِعْلُ الْعِبَادَةِ فِي وَقْتِهَا الْمُقَدَّرِ لَهَا شَرْعًا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ لَا وَقْتَ لَهُ مُقَدَّرٌ شَرْعًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute