لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ أَوْ بَعْضَهُ عَنْ الْغُسْلِ، (ثُمَّ تَعَهُّدُ مَعَاطِفِهِ) وَهِيَ مَا فِيهِ انْعِطَافٌ وَالْتِوَاءٌ كَإِبْطٍ وَغُضُونِ بَطْنٍ (وَتَخْلِيلُ شَعْرِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ) بِالْمَاءِ فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ الْعَشْرَ فِيهِ فَيُشَرِّبُ بِهَا أُصُولَ الشَّعْرِ (ثُمَّ إفَاضَةُ الْمَاءِ عَلَى رَأْسِهِ) وَذِكْرُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ هَذَيْنِ مَعَ ذِكْرِ اللِّحْيَةِ مِنْ زِيَادَتِي (ثُمَّ) إفَاضَتُهُ عَلَى (شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ الْيَمِينَ فِي طُهُورِهِ، وَهَذَا التَّرْتِيبُ أَبْعَدُ عَنْ الْإِسْرَافِ وَأَقْرَبُ إلَى الثِّقَةِ بِوُصُولِ الْمَاءِ
ــ
[حاشية الجمل]
فَلَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ لَا تُنْدَبُ إعَادَتُهُ عِنْدَ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ تُنْدَبُ إعَادَتُهُ.
قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش، فَإِنْ تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ نَوَى بِهِ سُنَّةَ الْغُسْلِ وَإِلَّا نَوَى بِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَفَائِدَةُ بَقَاءِ الْوُضُوءِ مَعَ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ بَعْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ بِنِيَّتِهِ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ انْتَهَتْ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ مِنْ انْدِرَاجِهِ فِي الْغُسْلِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَهُوَ الْقَائِلُ بِعَدَمِ الِانْدِرَاجِ فَلَا يَحْصُلُ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ إلَّا بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ، وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ الْغُسْلِ وَكَلَامُ النَّوَوِيِّ كَالصَّرِيحِ فِي هَذَا اهـ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْوُضُوءَ لِلْغُسْلِ فَتَارَةً يَكُونُ عَلَيْهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ وَتَارَةً لَا فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ فَإِمَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ قَبْلَ الْغُسْلِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ قَبْلَ الْغُسْلِ فَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْوُضُوءِ مِنْ نِيَّةٍ مَنْ نِيَّاتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَإِنْ تَوَضَّأَ بَعْدَ الْغُسْلِ، فَإِنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ فَكَذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ فَيَكْفِيهِ نِيَّةُ سُنَّةِ الْغُسْلِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ قَبْلَ الْغُسْلِ تَعَيَّنَ أَنْ يَنْوِيَ بِالْوُضُوءِ سُنَّةَ الْغُسْلِ، وَإِنْ تَوَضَّأَ بَعْدَهُ فَيَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إرَادَةِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَعَدَمِهَا اهـ شَيْخُنَا ح ف لَكِنَّ قَوْلَهُ فَيَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ لَا يَتَأَتَّى هُنَا؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِوُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَيْهِ سَبَبُهُ عِنْدَهُ عَدَمُ الِانْدِرَاجِ وَلَا يَتَأَتَّى هَذَا فِي هَذَا الشِّقِّ كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَيْضًا، ثُمَّ وُضُوءٌ) لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ، هَلْ يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْوُضُوءِ فِي الْأُولَى أَوْ غَسْلِ مَا غَسَلَ فِي الثَّانِيَةِ لِتَحْصُلَ لَهُ السُّنَّةُ أَمْ لَا؟ أَجَابَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ لَا يَحْتَاجُ فِي تَحْصِيلِ سُنَّةِ الْغُسْلِ إلَى إعَادَتِهِ فِيمَا إذَا أَحْدَثَ بَعْدَهُ وَيَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْنَافِهِ لِتَحْصِيلِهَا فِيمَا إذَا أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ اهـ بِحُرُوفِهِ فَتَاوَى وَأَجَابَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ فِيمَا إذَا أَحْدَثَ بَعْدَهُ أَيْ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ تَأَمَّلْ وَمِثْلُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ فِي طَلَبِ الْوُضُوءِ وَسَائِرِ السُّنَنِ الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ وَالْغُسْلُ الْوَاجِبُ لِتَمْكِينِ الْحَلِيلِ مِنْ الْكَافِرَةِ وَغُسْلِ الْحَائِضِ لِنَحْوِ الْإِحْرَامِ فَلْيُحَرَّرْ.
(فَرْعٌ) لَوْ تَوَضَّأَ لِلْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ مَثَلًا، ثُمَّ أَرَادَ الْغُسْلَ فِي الْحَالِ فَهَلْ يُسَنُّ الْوُضُوءُ لِلْغُسْلِ أَوْ يَكْتَفِي بِوُضُوءِ نَحْوِ الْأَكْلِ كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ لِلْإِحْرَامِ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ مِنْ مَكَّةَ، فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِهِ عَنْ غُسْلِ دُخُولِهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي اهـ م ر أَعْنِي الِاكْتِفَاءَ.
(فَرْعٌ) هَلْ يُسَنُّ الْوُضُوءُ لِكُلِّ أَكْلٍ وَشُرْبٍ مَثَلًا أَوْ لِلْمَرَّةِ الْأُولَى فَقَطْ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ الشَّيْخُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَدْ تَعَرَّضَ لِنَقْلِ الْمَسْأَلَةِ فِي هَامِشٍ الْعُبَابِ فَرَاجِعْ الْحَاشِيَةَ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَعَهُّدُ مَعَاطِفِهِ) أَيْ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَالْأَفْضَلُ تَقْدِيمُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَأَعْلَى بَدَنِهِ عَلَى أَسْفَلِهِ وَالشِّقِّ الْأَيْمَنِ مِنْ رَأْسِهِ عَلَى الْأَيْسَرِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ كَإِبْطٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَبِسُكُونِهَا وَهُوَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَتَأَبَّطَ الشَّيْءَ وَضَعَهُ تَحْتَ إبْطِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْإِبْطُ مَا تَحْتَ الْجَنَاحِ وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَيُقَالُ هُوَ الْإِبْطُ وَهِيَ الْإِبْطُ، وَمِنْ كَلَامِهِمْ وَرَفَعَ السَّوْطَ حَتَّى بَرِقَتْ إبْطُهُ وَالْجَمْعُ آبَاطٌ، مِثْلُ حِمْلٍ وَأَحْمَالٍ وَيَزْعُمُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ كَسْرَ الْبَاءِ لُغَةٌ وَهُوَ غَيْرُ ثَبْتٍ وَتَأَبَّطَ الشَّيْءَ جَعَلَهُ تَحْتَ إبْطِهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَغُضُونِ بَطْنٍ) أَيْ وَدَاخِلِ سُرَّةٍ وَبَيْنَ الْبَيْنِ وَتَحْتَ أَظْفَارٍ وَرُكْبَتَيْنِ وَدَاخِلِ أُذُنَيْنِ وَمُوقِ عَيْنٍ، وَكَذَا الْمَقْبَلُ مِنْ الْأَنْفِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْغُضُونُ مَكَاسِرُ الْجِلْدِ وَمَكَاسِرُ كُلِّ شَيْءٍ غُضُونٌ أَيْضًا الْوَاحِدُ غَضَنٌ مِثْلُ أَسَدٍ وَأُسُودٍ وَفَلَسٍ وَفُلُوسٍ. (قَوْلُهُ فَيُشَرِّبُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إفَاضَتُهُ عَلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ) وَيُقَدَّمُ مُقَدِّمُهُ عَلَى مُؤَخِّرُهُ، وَكَذَا الْأَيْسَرُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفَارَقَ غُسْلَ الْمَيِّتِ حَيْثُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْمُؤَخِّرِ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُقَدِّمِ لِسُهُولَةِ ذَلِكَ عَلَى الْحَيِّ هُنَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ لِمَا يَلْزَمُ فِيهِ مِنْ تَكْرِيرِ تَقْلِيبِ الْمَيِّتِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيْسَرِ فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ بِاسْتِوَائِهِمَا مَرْدُودٌ وَعَلَى الْفَرْقِ لَوْ فَعَلَ هُنَا مَا يَأْتِي ثَمَّ كَانَ آتِيًا بِأَصْلِ السُّنَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِمُقَدِّمِ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ دُونَ مُؤَخِّرِهِ لِتَأَخُّرِهِ عَنْ مُقَدِّمِ الْأَيْسَرِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا تُسَنُّ الْبُدَاءَةُ فِي الرَّأْسِ بِالْأَيْمَنِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاعْتَمَدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute