كَائِنٍ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ (جَعَلَ الْبُرَّ هَرِيسَةً) أَوْ الدَّقِيقَ عَصِيدَةً (فَكَتَالِفٍ) لِإِشْرَافِهِ عَلَى التَّلَفِ فَيَضْمَنُ بَدَلَهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ، وَهَلْ يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ إتْمَامًا لِلتَّشْبِيهِ بِالتَّالِفِ أَوْ يَبْقَى لِلْمَالِكِ لِئَلَّا يَقْطَعَ الظُّلْمُ حَقَّهُ وَجْهَانِ
ــ
[حاشية الجمل]
فَمَاتَ بِيَدِ الْمَالِكِ غَرِمَ جَمِيعَ قِيمَتِهِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ إذَا حُمَّ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ كَذَلِكَ فَمَاتَ بِيَدِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مَا نَقَصَ فَقَطْ اهـ. م ر اهـ. سم عَلَى مَنْهَجٍ أَقُولُ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا التَّغْلِيظُ عَلَى الْغَاصِبِ وَمِنْ ثَمَّ ضَمِنَ بِأَقْصَى الْقِيَمِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ وَلَا نَظَرَ إلَى مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُمْ كَمَا لَمْ يَنْظُرُوا لِمَا قَبْلَ وَقْتِ التَّلَفِ لَمْ يَنْظُرُوا إلَى مَا بَعْدَ الرَّدِّ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(فَرْعٌ) لَوْ غَصَبَ وَرَقًا وَكَتَبَ عَلَيْهِ قُرْآنًا أَوْ غَيْرَهُ كَانَ كَالْهَالِكِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِحَالِهِ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ كَالصَّبْغِ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ كَأَنْ جَعَلَ الْبُرَّ هَرِيسَةً) خَرَجَ بِالْجَعْلِ مَا لَوْ تَعَفَّنَ الطَّعَامُ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ مَعَ الْأَرْشِ اهـ. شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ مَعَ الْأَرْشِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَمْ يُجْعَلْ كَالتَّالِفِ نَظِيرَ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ هُنَا حَصَلَ بِلَا جِنَايَةٍ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَعَلَى هَذَا لَوْ صَارَ الْمَغْصُوبُ هَرِيسَةً بِنَفْسِهِ بِوَاسِطَةِ وُقُوعِهِ فِي قِدْرٍ عَلَى النَّارِ فِيهِ مَاءٌ لِلْمَالِكِ فَهَلْ يُشَارِكُ الْمَالِكَ بِنِسْبَةِ مَائِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ الْقِيَاسُ الْمُشَارَكَةُ (قَوْلُهُ كَأَنْ جَعَلَ الْبُرَّ هَرِيسَةً) مَثَّلُوا بِالْمِثْلِيِّ وَلَا يَأْتِي ذَلِكَ فِي الْمُتَقَوِّمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَادِمِ فَإِذَا جُرِحَ الْعَبْدُ بِحَيْثُ يَسْرِي إلَى مَوْتِهِ لَا يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي رَدَّ بَدَلَهُ وَخَرَجَ بِالْجَعْلِ مَا لَوْ صَارَ الْمَغْصُوبُ لِمَا ذُكِرَ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ جَعْلٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كَتَالِفٍ بَلْ يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ مَعَ الْأَرْشِ، وَمِثْلُهُ إذَا حَصَلَ لَهُ مَرَضٌ يَشُقُّ عِلَاجُهُ كَالِاسْتِسْقَاءِ اهـ. ح ل، وَكَذَلِكَ إذَا غَصَبَ الشَّاةَ وَذَبَحَهَا وَطَبَخَ لَحْمَهَا لَا يَمْلِكُهُ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا فَيَرُدُّهُ لَهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ بَيْنَ قِيمَةِ الشَّاةِ وَقِيمَةِ اللَّحْمِ اهـ. (قَوْلُهُ فَكَتَالِفٍ) أَيْ فَلَيْسَ تَالِفًا حَقِيقَةً فَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ مِلْكًا مُرَاعًى فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَوْ بِأَكْلٍ حَتَّى يَرُدَّ بَدَلَهُ وَإِنْ خَافَ تَلَفَهُ بِالْكُلِّيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ بِدَلِيلِ مَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا م ر وَغَيْرُهُ مِنْ امْتِنَاعِ الْأَكْلِ مِنْ الْكَوَارِعِ الْمَطْبُوخَةِ وَإِنْ جَهِلْت أَعْيَانَ مُلَّاكِهَا؛ لِأَنَّهُمْ مَعْلُومُونَ فَهِيَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ وَمَا نُقِلَ عَنْهُ مِنْ أَنَّهَا مِنْ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ وَأَمْرَهَا لِبَيْتِ الْمَالِ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ بَلْ هُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى جَوَازِ أَكْلِ الظَّلَمَةِ أَمْوَالَ النَّاسِ بِنَحْوِ طَبْخِهَا وَلَا قَائِلَ بِهِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَصَرَّفَ الْغَاصِبُ فِي الْمَغْصُوبِ بِمَا يُزِيلُ اسْمَهُ مَلَكَهُ كَطَبْخِ الْحِنْطَةِ وَخُبْزِ الدَّقِيقِ أَنْكَرَهُ أَصْحَابُنَا أَشَدَّ إنْكَارٍ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ إنْكَارُهُ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ فَكَتَالِفٍ) لَا يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِهِ كَتَالِفٍ أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ قَدْ خَلَطَهُ بِمَالِهِ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ صُنْعٌ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ صُنْعٌ كَأَنْ صَارَ هَرِيسَةً بِنَفْسِهِ أَوْ ابْتَلَّتْ الْحِنْطَةُ بِنَفْسِهَا وَتَعَفَّنَتْ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَالتَّالِفِ بَلْ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَغْصُوبُ لِوَاحِدٍ أَوْ لِأَكْثَرَ كَأَنْ غَصَبَ حَبًّا مِنْ وَاحِدٍ وَدُهْنًا مِنْ آخَرَ وَصَنَعَهُمَا هَرِيسَةً فَهُوَ كَالتَّالِفِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْدُثْ نَقْصٌ يَسْرِي إلَى التَّلَفِ بَلْ حَدَثَ بِمُجَرَّدِ خَلْطٍ وَعَدَمِ تَمْيِيزٍ كَأَنْ خَلَطَ زَيْتًا بِزَيْتٍ آخَرَ فَإِنْ كَانَ الْخَلْطُ بِمَالِ الْغَاصِبِ صَارَ أَيْضًا كَالتَّالِفِ، وَإِلَّا بِأَنْ غَصَبَ زَيْتَيْنِ مِنْ اثْنَيْنِ وَخَلَطَهُمَا لَمْ يَكُنْ كَالتَّالِفِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي قَالَهُ م ر بَعْدَ أَنْ كَانَ قَرَّرَ خِلَافَ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ.
(فَرْعٌ) غَصَبَ وَرَقًا أَبْيَضَ وَكَتَبَ فِيهِ فَكَالتَّالِفِ لِحَقَارَةِ قِيمَتِهِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ (فَرْعٌ) غَصَبَ وَثِيقَةً لَزِمَهُ إذَا تَلِفَتْ قِيمَةُ الْوَرَقِ وَأُجْرَةُ الْكِتَابَةِ أَوْ ثَوْبًا مُطَرَّزًا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ مُطَرَّزًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَعِيبُ الْوَرَقَ وَتُنْقِصُ قِيمَتَهُ فَلَوْ أَلْزَمْنَاهُ قِيمَةَ الْوَثِيقَةِ دُونَ الْأُجْرَةِ لَأَجْحَفْنَا بِالْمَالِكِ وَلَا كَذَلِكَ الطَّرَّازُ؛ لِأَنَّهُ يُزِيدُ فِي قِيمَةِ الثَّوْبِ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ اهـ. م ر.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ.
(فَرْعٌ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا لَوْ غَصَبَ وَثِيقَةً أَوْ سِجِلًّا وَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ قِيمَةَ الْكَاغَدِ وَإِنْ بَطَلَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَلَوْ مَحَاهُ فَقَطْ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَنْقُصَ قِيمَةُ الْكَاغَدِ فَيَغْرَمُ نَقْصَهُ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ آخِرَ الْوَدِيعَةِ اهـ سم.
(قَوْلُهُ فَكَتَالِفٍ) وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْفَلْسِ حَيْثُ جُعِلَ مُشْتَرَكًا بِأَنَّا لَوْ لَمْ نُثْبِتْ لَهُ الشَّرِكَةَ لَمَا حَصَلَ لَهُ تَمَامُ حَقِّهِ بَلْ احْتَاجَ إلَى الْمُضَارَبَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَانْظُرْ لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِالْفَلْسِ قَبْلَ أَدَاءِ حَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَهَلْ يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ إلَخْ) أَيْ هَلْ يَنْتَقِلُ لِلْغَاصِبِ وَيَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْهُ لَكِنْ مِلْكُ الْغَاصِبِ لَهُ مِلْكٌ مُرَاعًى بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِأَكْلٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى يَدْفَعَ الْبَدَلَ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ إتْمَامًا لِلتَّشْبِيهِ إلَخْ يَقْتَضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute