للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجَّحَ مِنْهُمَا ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلَ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَإِنْ كَانَ الْمُخْتَارُ عِنْدَهُ مَا اسْتَحْسَنَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَنَسَبَهُ الْإِمَامُ إلَى النَّصِّ مِنْ أَنَّ الْمَالِكَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ جَعْلِهِ كَالتَّالِفِ وَبَيْنَ أَخْذِهِ مَعَ أَرْشِ عَيْبٍ سَارٍ أَيْ شَأْنُهُ السِّرَايَةُ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ عَيْبٍ وَاقِفٍ (وَلَوْ جَنَى) رَقِيقٌ (مَغْصُوبٌ فَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ

ــ

[حاشية الجمل]

أَنَّ الْمَغْصُوبَ إذَا تَلِفَ عِنْدَ الْغَاصِبِ يَنْتَقِلُ مِلْكُهُ لَهُ قُبَيْلَ التَّلَفِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ عَلَيْهِ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ عَلَى الْمَالِكِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَبْقَى لِلْمَالِكِ إلَخْ أَيْ مَعَ اسْتِحْقَاقِهِ الْبَدَلَ فَيَأْخُذُ الْعَيْنَ وَبَدَلَهَا هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ فَحِينَئِذٍ يُغَايِرُ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ أَنَّ الْمَالِكَ إلَخْ هَذَا هُوَ الْأَنْسَبُ فِي فَهْمِ هَذَا الْمَحَلِّ اهـ. شَيْخُنَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا نُقِلَ عَنْ الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَهَلْ يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ إلَخْ) اُسْتُفِيدَ مِنْ صَنِيعِهِ حِكَايَةُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ وَفِي شَرْحِ م ر مَا يَقْتَضِي أَنَّهَا أَرْبَعَةٌ وَعِبَارَتُهُ مَعَ الْمَتْنِ، وَلَوْ حَدَثَ نَقْصٌ يَسْرِي إلَى التَّلَفِ فَكَالتَّالِفِ فَيَغْرَمُ بَدَلَ جَمِيعِ الْمَغْصُوبِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ قِيَاسًا عَلَى التَّعْيِيبِ الَّذِي لَا يَسْرِي وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَقِيلَ يَبْقَى لِلْمَالِكِ لِئَلَّا يَقْطَعَ الظُّلْمُ حَقَّهُ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ يَبْقَى لِلْمَالِكِ يُتَأَمَّلُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَبْقِيَتِهِ لِلْمَالِكِ إلَّا أَنَّهُ يُتْرَكُ لَهُ بِحَالِهِ إذَا لَمْ يَنْقُصْ وَمَعَ الْأَرْشِ إنْ نَقَصَ، وَهَذَا عَيْنُ الْقَوْلِ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ وَقِيلَ يَبْقَى لِلْمَالِكِ أَيْ مَعَ أَخْذِهِ لِلْبَدَلِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ، وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ.

وَعِبَارَةِ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ وَلَوْ حَدَثَ نَقْصٌ يَسْرِي إلَى التَّلَفِ بِأَنْ جَعَلَ الْحِنْطَةَ هَرِيسَةً وَالسَّمْنَ وَالدَّقِيقَ عَصِيدَةً فَكَالتَّالِفِ لِإِشْرَافِهِ عَلَى التَّلَفِ فَيَضْمَنُ بَدَلَهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ وَفِي قَوْلٍ ثَالِثٍ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَفِي رَابِعٍ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَهُمَا.

قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ حَسَنٌ انْتَهَتْ فَتَلَخَّصَ مِنْ مَجْمُوعِ عِبَارَتِهِ.

وَعِبَارَةِ م ر أَنَّ فِيهِ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ إلَخْ) رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمَغْصُوبَ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ قَبْلَ التَّلَفِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ مَا فَعَلَ بِهِ فِعْلٌ يَسْرِي إلَى التَّلَفِ هَلْ يَكُونُ كَالتَّالِفِ بِالْفِعْلِ فَيُطَالِبُ بِالْبَدَلِ أَوْ لَا يَكُونُ كَالتَّالِفِ فَلَا يُطَالِبُ بِالْبَدَلِ حِينَئِذٍ بَلْ يَتَخَيَّرُ إلَخْ اهـ. ح ل.

وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ هَلْ يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ أَيْ هَلْ يَزُولُ مِلْكُ الْمَالِكِ عَنْهُ إتْمَامًا إلَخْ، وَإِنَّمَا أَوَّلْنَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ لَا يَسْتَدْعِي مِلْكَ الْغَاصِبِ لِمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ، وَإِنَّمَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْبَدَلِ عَلَيْهِ عِوَضًا عَنْ الْمَغْصُوبِ نَعَمْ لَمَّا زَالَ مِلْكُ الْمَالِكِ عَنْهُ بِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ التَّالِفِ قَدَّرْنَا دُخُولَهُ فِي مِلْكِ الْغَاصِبِ طَرِيقًا لِوُجُوبِ الْبَدَلِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ وَمِنْ فَوَائِدِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ الْبَدَلَ وَتَصَرَّفَ فِيهِ وَزَادَ ثَمَنُ الْمَغْصُوبِ فَازَ بِهِ الْغَاصِبُ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ صَنْعَةَ الْغَاصِبِ هَدْرٌ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلَ) مُعْتَمَدٌ وَعَلَيْهِ فَيَمْلِكُهُ مِلْكَ مُرَاعَاةٍ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَوْ بِأَكْلٍ وَإِنْ خَافَ تَلَفَهُ حَتَّى يُعْطِيَ الْبَدَلَ اهـ. ح ل لَكِنْ فِي س ل أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ إنْ أَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَبِيعَهُ وَيَدْفَعَ قِيمَتَهُ مِنْ ثَمَنِهِ لِلْمَالِكِ، فَإِنْ فُقِدَ الْقَاضِي احْتَمَلَ أَنْ يَتَوَلَّى الْمَالِكُ بَيْعَهُ بِحَضْرَةِ الْغَاصِبِ أَوْ الْغَاصِبُ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ، وَيَأْخُذُ الْمَالِكُ قَدْرَ الْقِيمَةِ مِنْ ثَمَنِهِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ يُقَدِّرُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ قُبَيْلَ التَّلَفِ فَالزِّيَادَةُ، إنَّمَا حَدَثَتْ فِي مِلْكِهِ وَبِهَذَا يُفَارِقُ مَا يَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي فِيمَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ أَثَرًا مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ فَإِنْ فُقِدَ الْمَالِكُ تَوَلَّى الْغَاصِبُ بَيْعَهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ لِحُضُورِ الْمَالِكِ وَبَقِيَ مَا يَقَعُ فِي بِلَادِ الْأَرْيَافِ مِنْ الطَّعَامِ الْمُسَمَّى بِالْوَحْشَةِ وَمِنْ الْوَلَائِمِ الَّتِي تُفْعَلُ بِمِصْرِنَا مِنْ مَالِ الْأَيْتَامِ الْقَاصِرِينَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْغَصْبِ فَهَلْ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ يَصِيرُ كَالتَّالِفِ وَإِنْ لَمْ يَمْضُغْهُ أَوْ لَا يَصِيرُ كَذَلِكَ إلَّا بِالْمَضْغِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ بَلْعُهُ قَبْلَ دَفْعِ الْقِيمَةِ فَإِنْ قِيلَ بِذَلِكَ وَلَمْ تَكُنْ مَعَهُ فَهَلْ يَلْفِظُهُ مِنْ فِيهِ، أَوْ يَبْلَعُهُ وَتَثْبُتُ الْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ يَلْفِظُهُ وَيَرُدُّهُ لِصَاحِبِهِ مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْبَلْعُ قَبْلَ غُرْمِهِ الْقِيمَةَ فَإِنْ لَمْ يَغْرَمْهَا وَجَبَ عَلَيْهِ لَفْظُهُ مِنْ فِيهِ وَرَدَّهُ لِمَالِكِهِ مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ جَنَى مَغْصُوبٌ) أَيْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَقَطْ فَلَوْ جَنَى قَبْلَ غَصْبِهِ وَبَعْدَهُ وَبِيعَ فِي الْجِنَايَتَيْنِ وَاسْتَغْرَقَا قِيمَتَهُ لَمْ يَلْزَمْ الْغَاصِبَ إلَّا أَرْشُ الْجِنَايَةِ الَّتِي فِي يَدِهِ فَإِنْ تَلِفَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ غَرِمَ لِلْمَالِكِ أَقْصَى الْقِيَمِ فَإِنْ أَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَالِكِ أَرْشَهُ مِنْ الْغَاصِبِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ أَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَرْشَهُ مِنْ الْمَالِكِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ فَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ) أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ الْعَفْوِ اهـ. شَرْحُ م ر

<<  <  ج: ص:  >  >>