فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ مِنْ مُكْرَهٍ وَامْرَأَةٍ وَخُنْثَى وَمُحْرِمٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يَأْتِي مَعَ بَعْضِهَا ثَمَّ
(وَفِي الشَّاهِدَيْنِ مَا) يَأْتِي (فِي الشَّهَادَاتِ) هُوَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ
ــ
[حاشية الجمل]
الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ فَلَمْ تَأْتِ فِي كَلَامِهِ فَاحْتَرَزَ عَنْهَا بِقَوْلِهِ مَعَ بَعْضِهَا فَجَعَلَ الْآتِيَ بَعْضَ السِّتَّةِ لَا كُلَّهَا اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ مِنْ مُكْرَهٍ) أَيْ بِغَيْرِ حَقٍّ وَإِلَّا بِأَنْ دَعَتْهُ لِتَزْوِيجِهَا مِنْ كُفْءٍ وَامْتَنَعَ فَأَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفْسُقُ إلَّا إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الِامْتِنَاعُ وَلَا يَضُرُّ فِي الْإِكْرَاهِ كَوْنُ الْحَاكِمِ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ الْآنَ أَيْ حَيْثُ امْتَنَعَ الْوَلِيُّ كَمَا أَنَّهُ إذَا أَكْرَهَ مَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ وَفَاءُ دَيْنٍ وَامْتَنَعَ مِنْ وَفَائِهِ يَكُونُ إكْرَاهًا، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَنْ يُوَفِّيَهُ مِنْ مَالِ الْمُمْتَنِعِ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ: وَفِي الشَّاهِدَيْنِ مَا فِي الشَّهَادَاتِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ الشَّاهِدُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ ذُو مُرُوءَةٍ يَقِظٌ نَاطِقٌ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَغَيْرُ مُتَّهَمٍ عَدْلٌ بِأَنْ لَمْ يَأْتِ كَبِيرَةً وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ أَوْ أَصَرَّ عَلَيْهَا وَغَلَبَتْ طَاعَاتُهُ عَلَى مَعَاصِيهِ فَبِارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ إلَّا أَنْ تَغْلِبَ طَاعَاتُ الْمُصِرِّ عَلَيْهِ عَلَى مَا أَصَرَّ عَلَيْهِ فَلَا تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ عَنْهُ وَالْمُرُوءَةُ تَوَقِّي الْأَدْنَاسِ عُرْفًا فَيُسْقِطُهَا أَكْلٌ وَشُرْبٌ وَكَشْفُ رَأْسٍ وَلِبْسُ فَقِيهٍ قَبَاءً أَوْ قَلَنْسُوَةً بِمَكَانٍ لَا يُعْتَادُ لِفَاعِلِهَا فِعْلُهَا فِيهِ كَأَنْ فَعَلَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ غَيْرُ سُوقِيٍّ فِي سُوقٍ وَكَأَنْ فَعَلَ الرَّابِعَ فَقِيهٌ فِي بَلَدٍ لَا يَعْتَادُ مِثْلُهُ لِبْسَ ذَلِكَ فِيهِ وَيُسْقِطُهَا أَيْضًا قُبْلَةُ حَلِيلَةٍ بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَإِكْثَارُ مَا يُضْحِكُ وَإِكْثَارُ لَعِبِ شِطْرَنْجٍ وَإِكْثَارُ غِنَاءٍ وَإِكْثَارُ اسْتِمَاعِهِ وَإِكْثَارُ رَقْصٍ بِخِلَافِ قَلِيلِ الْخَمْسَةِ وَيُسْقِطُهَا أَيْضًا حِرْفَةٌ دَنِيئَةٌ كَحَجْمٍ وَكَنْسٍ وَدَبْغٍ مِمَّنْ لَا تَلِيقُ بِهِ وَالتُّهْمَةُ جَرُّ نَفْعٍ أَوْ دَفْعُ ضَرَرٍ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِرَفِيقِهِ وَغَرِيمٌ لَهُ مَاتَ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ وَتُرَدُّ أَيْضًا شَهَادَتُهُ لِبَعْضِهِ مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ لَا شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ وَلَا شَهَادَتُهُ لِزَوْجِهِ أَوْ أَخِيهِ أَوْ صَدِيقِهِ وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ مِنْ عَدُوِّ شَخْصٍ عَلَيْهِ عَدَاوَةً دُنْيَوِيَّةً وَالْعَدُوُّ مَنْ يَحْزَنُ لِفَرَحِهِ أَوْ يَفْرَحُ لِحُزْنِهِ وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى عَدُوِّ دِينٍ كَكَافِرٍ وَمُبْتَدِعٍ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُبَادِرٍ وَهُوَ مَنْ يَشْهَدُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ إلَّا فِي شَهَادَةِ حِسْبَةٍ بِأَنْ يَشْهَدَ فِي حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ فِيمَا لَهُ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَنَسَبٍ وَعَفْوٍ عَنْ قَوَدٍ وَبَقَاعِدَةٍ وَانْقِضَائِهَا بِأَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ لِيَمْنَعَ مِنْ مُخَالَفَةِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَصُورَتُهَا أَنْ تَقُولَ الشُّهُودُ ابْتِدَاءً لِلْقَاضِي نَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا فَأَحْضِرْهُ لِنَشْهَدَ عَلَيْهِ، فَإِنْ ابْتَدَءُوا فَقَالُوا فُلَانٌ زَنَى فَهُمْ قَذَفَةٌ، وَإِنَّمَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ مِنْ الْفَاسِقِ وَمِنْ مُرْتَكِبِ الْخَارِمِ الْمُرُوءَةَ بَعْدَ تَوْبَةٍ وَهِيَ نَدَمٌ بِشَرْطِ إقْلَاعٍ وَعَزْمٍ وَخُرُوجٍ عَنْ ظُلَامَةِ آدَمِيٍّ وَيُشْتَرَطُ الِاسْتِبْرَاءُ وَهُوَ مُضِيُّ سَنَةٍ بَعْدَ التَّوْبَةِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَمِنْ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ وَشُرِطَ لِشَهَادَةٍ بِفِعْلٍ كَزِنَا وَغَصْبٍ وَوِلَادَةٍ إبْصَارٌ لِلْفِعْلِ مَعَ فَاعِلِهِ فَلَا يَكْفِي فِيهِ السَّمَاعُ مِنْ الْغَيْرِ فَيُقْبَلُ الْأَصَمُّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْفِعْلِ وَشُرِطَ لِلشَّهَادَةِ بِقَوْلِهِ كَعَقْدٍ وَفَسْخٍ وَإِقْرَارٍ إبْصَارٌ لِلْقَائِلِ حَالَ صُدُورِهِ مِنْهُ وَسَمْعٌ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ أَصَمٌّ وَلَا أَعْمَى لِجَوَازِ اشْتِبَاهِ الْأَصْوَاتِ وَقَدْ يُحَاكِي الْإِنْسَانُ صَوْتَ غَيْرِهِ فَيَشْتَبِهُ بِهِ. اهـ. مُلَخَّصًا وَفِي ع ش عَلَى م ر فِي هَذَا الْفَصْلِ مَا نَصُّهُ
(فَرْعٌ) اسْتِطْرَادِيٌّ وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ مَنْ يُرِيدُ الزَّوَاجَ يَأْخُذُ حُصُرَ الْمَسْجِدِ لِلْجُلُوسِ عَلَيْهَا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يُرِيدُونَ الْعَقْدَ فِيهِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مُفَسِّقًا فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ صِحَّةُ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ اعْتِقَادُهُمْ إبَاحَةَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُتَسَامَحُ بِهِ وَبِتَقْدِيرِ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ فَيُمْكِنُ أَنَّ ذَلِكَ صَغِيرَةً لَا تُوجِبُ فِسْقًا وَوَقَعَ السُّؤَالُ أَيْضًا عَمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِنْ لُبْسِ الْقَوَاوِيقِ الْقَطِيفَةِ لِلشُّهُودِ وَالْوَلِيِّ هَلْ هُوَ مُفَسِّقٌ يُفْسِدُ الْعَقْدَ أَمْ لَا وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّا لَا نَحْكُمُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بِفَسَادِ الْعَقْدِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلشُّهُودِ فَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْعَقْدَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ لَابِسِينَ ذَلِكَ، فَإِنْ اُتُّفِقَ أَنَّ فِيهِمْ اثْنَيْنِ سَالِمَيْنِ مِنْ ذَلِكَ اُعْتُدَّ بِشَهَادَتِهِمَا، وَإِنْ كَانَ حُضُورُهُمَا اتِّفَاقًا، وَأَمَّا فِي الْوَلِيِّ، فَإِنْ اتَّفَقَ لُبْسُهُ ذَلِكَ فَقَدْ يَكُونُ لَهُ عُذْرٌ كَجَهْلِهِ بِالتَّحْرِيمِ وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الْجُلُوسِ عَلَى الْحَرِيرِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِي الشَّاهِدَيْنِ مَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ) وَمِنْهُ إبْصَارُ الشَّاهِدَيْنِ لِلْعَاقِدَيْنِ حَالَةَ الْعَقْدِ كَمَا ذَكَرَهُ م ر وحج هُنَاكَ وَقَالَ م ر هُنَا وَمِثْلُ الْعَقْدِ بِحَضْرَةِ الْأَعْمَى فِي الْبُطْلَانِ الْعَقْدُ بِظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش مَا نَصُّهُ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الْبَصِيرَ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْمُعَيَّنِ وَإِنْ كَانَ بِظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ حَالَةَ الْعَقْدِ بِحَيْثُ لَا يَرَى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَثَمَّ أَنَّ الْقَصْدَ مِنْ ثُبُوتِ النِّكَاحِ إثْبَاتُ الْعَقْدِ بِهِمَا عِنْدَ النِّزَاعِ وَهُوَ مُنْتَفٍ مَعَ الظُّلْمَةِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute