وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي غَيْرِ الْإِمَامِ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَلَا يَمْنَعُ فِسْقُهُ وِلَايَتَهُ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ فَيُزَوِّجُ بَنَاتَه وَبَنَاتَ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ (وَحَجْرُ سَفَهٍ) بِأَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ أَوْ بَذَّرَ بَعْدَ رُشْدِهِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لِنَقْصِهِ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ فَلَا يَلِي أَمْرَ غَيْرِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْحَجْرُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَجَّحَهُ الْقَاضِي مُجَلِّي وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ أَمَّا حَجْرُ الْفَلَسِ فَلَا يَمْنَعُ الْوِلَايَةَ لِكَمَالِ نَظَرِهِ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ لَا لِنَقْصٍ فِيهِ (وَاخْتِلَالُ نَظَرٍ) بِهَرَمٍ أَوْ غَيْرِهِ كَخَبَلٍ وَكَثْرَةِ إسْقَامٍ لِعَجْزِهِ عَنْ الْبَحْثِ عَنْ أَحْوَالِ الْأَزْوَاجِ وَمَعْرِفَةِ الْكُفْءِ مِنْهُمْ وَاقْتِصَارِي عَلَى مَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ بِهَرَمٍ أَوْ خَبَلٍ (وَاخْتِلَافُ دِينٍ) لِانْتِفَاءِ الْمُوَالَاةِ فَلَا يَلِي كَافِرٌ مُسْلِمَةً وَلَوْ كَانَتْ عَتِيقَةً كَافِرَةً كَمَا مَرَّ وَلَا مُسْلِمٌ كَافِرَةً نَعَمْ لِوَلِيِّ السَّيِّدِ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ الْكَافِرَةِ كَالسَّيِّدِ الْآتِي بَيَانُ حُكْمِهِ وَلِلْقَاضِي تَزْوِيجُ الْكَافِرَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَيَلِي كَافِرٌ لَمْ يَرْتَكِبْ مَحْظُورًا فِي دِينِهِ كَافِرَةً وَلَوْ كَانَتْ عَتِيقَةً مُسْلِمَةً كَمَا مَرَّ.
أَوْ اخْتَلَفَ اعْتِقَادُهُمَا فَيَلِي الْيَهُودِيُّ النَّصْرَانِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيُّ الْيَهُودِيَّةَ كَالْإِرْثِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: ٧٣] (وَيَنْقُلُهَا) أَيْ الْوِلَايَةَ (كُلٌّ) مِنْ الْمَذْكُورَاتِ (لِأَبْعَدَ) وَلَوْ فِي بَابِ الْوَلَاءِ
ــ
[حاشية الجمل]
فَاسِقٍ أَبْقَيْنَاهُ عَلَى وِلَايَتِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْفَتْوَى بِغَيْرِهِ قَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ وَيَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ وَالْمُعْتَمَدُ انْتِقَالُهَا لَهُ أَيْ لِلْحَاكِمِ الْفَاسِقِ اهـ ح ل وز ي.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر.
وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَوْ سَلَبْنَاهُ الْوِلَايَةَ انْتَقَلَتْ إلَى حَاكِمٍ فَاسِقٍ وَلِيَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْفَتْوَى بِغَيْرِهِ إذْ الْفِسْقُ عَمَّ الْعِبَادَ وَالْبِلَادَ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ حَسَنٌ وَيَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ الْإِمَامُ) أَيْ وَمِثْلُهُ نُوَّابُهُ كَالْقُضَاةِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَيُزَوِّجُ بَنَاتِهِ وَبَنَاتِ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُجْبِرًا فَلَا يُزَوِّجُ بِنْتَهُ الصَّغِيرَةَ وَلَا الْكَبِيرَةَ الْبِكْرَ إلَّا بِإِذْنِهَا وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ مَالَ إلَى أَنَّهُ يَكُونُ مُجْبِرًا وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ حَيْثُ لَا وَلِيَّ غَيْرَهُ لِبَنَاتِهِ وَبَنَاتِ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ الْخَاصَّةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْعَامَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ كَانَتْ بَنَاتُهُ أَبْكَارًا لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِهِنَّ لِأَنَّهُ أَبٌ وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ الْمَحْضَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأُمَّ لَوْ تَوَلَّتْ الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى لَا تُزَوِّجُ مَنْ ذُكِرَ إلَّا بِالْإِذْنِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ مُجْبِرَةً اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْله فَيُزَوِّجُ بَنَاتِهِ إلَخْ وَلَوْ كُنَّ أَبْكَارًا هَلْ يُجْبِرُهُنَّ لِأَنَّهُ أَبٌ جَازَ لَهُ التَّزْوِيجُ أَوْ لَا وَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْذَانِ لِأَنَّ تَزْوِيجَهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ لَا الْخَاصَّةِ فِيهِ نَظَرٌ وَمَالَ م ر لِلْأَوَّلِ سم عَلَى حَجّ لَكِنْ مُقْتَضَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلِيٌّ خَاصٌّ الثَّانِي وَذَلِكَ لِأَنَّهُ اُشْتُرِطَ فِي تَزْوِيجِهِ فَقْدُ الْقَرِيبِ الْعَدْلِ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا أَخٌ أَوْ نَحْوُهُ فَتَمَحَّضَ تَزْوِيجُهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَهِيَ لَا تَقْتَضِي الْإِجْبَارَ بَلْ عَدَمَهُ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ) أَيْ فِي مَالِهِ وَالْمُرَادُ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا أَنْ يَمْضِيَ لَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ زَمَنٌ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مَا يُنَافِي الرُّشْدَ بِحَيْثُ تَقْضِي الْعَادَةُ بِرُشْدِ مَنْ مَضَى عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَعَاطِي مَا يَحْصُلُ بِهِ لَا مُجَرَّدُ كَوْنِهِ لَمْ يَتَعَاطَ مُنَافِيًا وَقْتَ الْبُلُوغِ بِخُصُوصِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ) فَإِنْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ صَحَّ تَزْوِيجُهُ كَبَقِيَّةِ تَصَرُّفَاتِهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ) رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ وَأَمَّا الْأُولَى فَيَكْفِي فِيهَا حَجْرُ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ يَدُومُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْحَجْرُ) أَيْ لَا يَتَقَيَّدُ مَنْ بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ بَذَّرَ يَحْجُرُ الْقَاضِي عَلَيْهِ بَلْ لَا يُزَوِّجُ وَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ السَّفِيهَ الْمُهْمَلَ يُزَوِّجُ اهـ (قَوْلُهُ كَخَبَلٍ) فِي الْمِصْبَاحِ الْخَبَلُ مِثْلُ فَلَسٍ الْجُنُونُ وَشَبَهُهُ كَالْهَوَجِ وَالْبَلَهِ وَخَبَلَهُ الْحُزْنُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَذْهَبَ فُؤَادَهُ فَهُوَ مَخْبُولٌ وَمُخَبَّلٌ وَالْخَبَلُ بِفَتْحَتَيْنِ الْجُنُونُ أَيْضًا وَخَبَلْته خَبْلًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَيْضًا أَفْسَدْت عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ أَوْ أَذْهَبْت عَقْلَهُ وَالْخَبَالُ بِفَتْحِ الْخَاءِ يُطْلَقُ عَلَى الْفَسَادِ وَالْجُنُونِ اهـ (قَوْلُهُ وَكَثْرَةُ إسْقَامٍ) اسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ عَدَمَ انْتِظَارِ زَوَالِ الْأَسْقَامِ حَيْثُ قَالَ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ سُكُونُ الْأَلَمِ لَيْسَ بِأَبْعَدَ مِنْ إفَاقَةِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَإِذَا انْتَظَرْنَا الْإِفَاقَةَ فِي الْإِغْمَاءِ وَجَبَ أَنْ نَنْتَظِرَ السُّكُونَ هُنَا وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ الِانْتِظَارِ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يُزَوِّجُ السُّلْطَانُ لَا الْأَبْعَدُ كَمَا فِي الْغَائِبِ وَأَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْإِغْمَاءَ لَهُ أَمَدٌ يُنْتَظَرُ يَعْرِفُهُ الْأَطِبَّاءُ فَجُعِلَ مُرَادًا بِخِلَافِ سُكُونِ الْأَلَمِ وَعَنْ الثَّانِي بِمَنْعِ بَقَاءِ الْأَهْلِيَّةِ مَعَ الْأَلَمِ إذْ لَا أَهْلِيَّةَ مَعَ دَوَامِ الْأَلَمِ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ مَنْطُوقِ الْقَاعِدَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَيُزَوِّجُ عَتِيقَةَ امْرَأَةٍ حَيَّةٍ مَنْ يُزَوِّجُهَا (قَوْلُهُ نَعَمْ لِوَلِيِّ السَّيِّدِ إلَخْ) سَوَاءٌ كَانَ السَّيِّدُ الذَّكَرُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا لِأَنَّ السَّيِّدَ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا يُزَوِّجُ أَمَتَهُ الْمُسْلِمَةَ فَقَامَ وَلِيُّهُ مَقَامَهُ أَوْ كَانَ السَّيِّدُ أُنْثَى مُسْلِمَةً بِخِلَافِ الْكَافِرَةِ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا الْمُسْلِمِ أَنْ يُزَوِّجَهَا لِأَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ أَمَةَ الْكَافِرَةِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَالسُّلْطَانُ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِتَزْوِيجِ الْمُسْلِمَةِ وَالْكَافِرَةِ (قَوْلُهُ وَيَلِي كَافِرٌ لَمْ يَرْتَكِبْ إلَخْ) أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَا يَلِي بِحَالٍ وَلَا يُزَوِّجُ أَمَتَهُ بِمِلْكٍ كَمَا لَا يَتَزَوَّجُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فَلَا يَلِي بِحَالٍ أَيْ حَتَّى لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ أَوْ مُوَلِّيَتَهُ فِي الرِّدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَتَبَيَّنْ صِحَّتُهُ بَلْ هُوَ مَحْكُومٌ بِبُطْلَانِهِ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِمَّا لَا يَقْبَلُ الْوَقْفَ وَإِنْ قُلْنَا السَّيِّدُ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفٌ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ مَفْهُومِ الْقَاعِدَةِ السَّابِقِ ذِكْرُهَا (قَوْلُهُ فَيَلِي الْيَهُودِيُّ النَّصْرَانِيَّةَ إلَخْ) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَ نَصْرَانِيٌّ يَهُودِيَّةً أَوْ عَكْسُهُ فَتَلِدُ لَهُ بِنْتًا فَتُخَيَّرُ إذَا بَلَغَتْ بَيْنَ دِينِ أَبِيهَا أَوْ أُمِّهَا فَتَخْتَارُهَا أَوْ تَخْتَارُهُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ كَالْإِرْثِ) وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ الْحَرْبِيُّ ذِمِّيَّةً وَلَا عَكْسُهُ وَمِثْلُ الذِّمِّيِّ الْمُعَاهَدُ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَيَنْقُلُهَا كُلٌّ لِأَبْعَدَ) أَيْ يُثْبِتُهَا فَاسْتُعْمِلَ النَّقْلُ فِي لَازِمِهِ فَيَكُونُ مَجَازًا أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute