خَمْسَةٌ (سَلَامَةٌ مِنْ عَيْبِ نِكَاحٍ) كَجُنُونٍ وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ فَغَيْرُ السَّلِيمِ مِنْهُ لَيْسَ كُفُؤًا لِلسَّلِيمَةِ مِنْهُ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُ صُحْبَةَ مَنْ بِهِ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ بِهَا عَيْبٌ أَيْضًا فَلَا كَفَاءَةَ وَإِنْ اتَّفَقَا وَمَا بِهَا أَكْثَرُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعَافُ مِنْ غَيْره مَا لَا يَعَافُ مِنْ نَفْسِهِ وَالْكَلَامُ عَلَى عُمُومِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْوَلِيِّ فَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ لَا الْجَبُّ وَالْعُنَّةُ (وَحُرِّيَّةٌ) (فَمَنْ) (مَسَّهُ أَوْ) مَسَّ (أَبًا) لَهُ (أَقْرَبَ رِقٌّ لَيْسَ كُفْءَ سَلِيمَةٍ) مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِهِ وَتَتَضَرَّرُ فِيمَا إذَا كَانَ بِهِ رِقٌّ بِأَنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا إلَّا نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ فَالرَّقِيقُ لَيْسَ كُفْءَ عَتِيقَةٍ وَلَا مُبَعَّضَةٍ وَخَرَجَ بِالْآبَاءِ الْأُمَّهَاتُ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِنَّ مَسُّ الرِّقِّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْبَيَانِ فَقَالَ
ــ
[حاشية الجمل]
الضَّمِيرِ لِلزَّوْجَةِ وَيُرَادُ بِالْمُعْتَبَرَةِ الْمَوْجُودَةُ لَا الْمُشْتَرَطَةُ وَيُرَادُ بِقَوْلِهِ لِيُعْتَبَرَ أَيْ لِيُشْتَرَطَ وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى اهـ ح ل وَالْعِبْرَةُ بِحَالَةِ الْعَقْدِ نَعَمْ لَوْ تَرَكَ الْحِرْفَةَ الدَّنِيئَةَ قَبْلَهُ لَا يُؤَثِّرُ إلَّا إنْ مَضَتْ سَنَةٌ كَمَا أَطْلَقَهُ جَمْعٌ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ تَلَبَّسَ بِغَيْرِهَا بِحَيْثُ زَالَ عَنْهُ اسْمُهَا وَلَمْ يُنْسَبْ إلَيْهَا أَصْلًا وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ زَمَنٍ يَقْطَعُ نِسْبَتَهَا عَنْهُ بِحَيْثُ صَارَ لَا يُعَيَّرُ بِهَا وَقَدْ بَحَثَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْفَاسِقَ إذَا تَابَ لَا يُكَافِئُ الْعَفِيفَةَ وَصَرَّحَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ وَإِنْ تَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ لَا يَعُودُ كُفْئًا كَمَا لَا تَعُودُ عِفَّتُهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لَيْسَ بِكُفْءٍ لِلرَّشِيدَةِ وَبِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالَةِ الْعَقْدِ عُلِمَ أَنَّ طُرُوُّ الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِأَنَّ الْخِيَارَ فِي النِّكَاحِ بَعْدَ صِحَّتِهِ لَا يُوجَدُ إلَّا بِالْأَسْبَابِ الْخَمْسَةِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهِ وَبِالْعِتْقِ تَحْتَ رَقِيقٍ وَلَيْسَ طُرُوُّ ذَلِكَ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ وَلَا فِي مَعْنَاهَا وَأَمَّا قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ يَنْبَغِي الْخِيَارُ إذَا تَجَدَّدَ الْفِسْقُ فَمَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُمَا نَعَمْ طُرُوُّ الرِّقِّ يُبْطِلُ النِّكَاحَ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ تَتَخَيَّرُ بِهِ وَهْمٌ اهـ شَرْحُ م ر.
وَقَوْلُهُ إنَّ الْفَاسِقَ إذَا تَابَ إلَخْ أَيْ وَلَوْ كَانَ الْفِسْقُ بِغَيْرِ الزِّنَا كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ الشَّارِحِ خِلَافًا لحج وَإِنْ تَبِعَهُ ز ي اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ خَمْسَةٌ) أَيْ اتِّفَاقًا وَفِي السَّادِسِ وَهُوَ الْيَسَارُ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ
شَرْطُ الْكَفَاءَةِ خَمْسَةٌ قَدْ حُرِّرَتْ ... يُنْبِيكَ عَنْهَا بَيْتُ شِعْرٍ مُفْرَدُ
نَسَبٌ وَدِينٌ حِرْفَةٌ حُرِّيَّةٌ ... فَقْدُ الْعُيُوبِ وَفِي الْيَسَارِ تَرَدُّدُ
وَالْحَاصِلُ فِيهِمَا أَنَّ كُلًّا مِنْ الدِّينِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْعِفَّةِ وَالْحِرْفَةِ وَفَقْدِ الْعُيُوبِ يُعْتَبَرُ فِي الشَّخْصِ وَآبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ وَإِنَّ الْحُرِّيَّةَ وَالنَّسَبَ يُعْتَبَرَانِ فِيهِمَا وَفِي الْآبَاءِ فَقَطْ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ سَلَامَةٌ مِنْ عَيْبِ نِكَاحٍ) هَذِهِ الْخَصْلَةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي الزَّوْجَيْنِ وَفِي أَبِيهِمَا وَأُمِّهِمَا وَالْحُرِّيَّةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي الزَّوْجَيْنِ وَفِي أَبِيهِمَا دُونَ أُمِّهِمَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُ إلَخْ) وَتُعْتَبَرُ بِمَنْ أَبُوهُ وَأُمُّهُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ اهـ ح ل وَفِي الْمُخْتَارِ عَافَ الرَّجُلُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ يَعَافُهُ عِيَافًا كَرِهَهُ فَلَمْ يَشْتَهِهِ فَهُوَ عَائِفٌ اهـ (قَوْلُهُ وَإِنْ اتَّفَقَا إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ اتَّفَقَا فِي ذَلِكَ أَمْ لَا وَهَذِهِ لَا يَشْمَلُهَا كَلَامُهُ بَلْ يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ اهـ ح ل لِأَنَّهُ قَالَ أَيُّ الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِيهَا إلَخْ فَاقْتَضَى أَنَّ الْخِصَالَ لَا تُعْتَبَرُ فِي الزَّوْجِ إلَّا إذَا كَانَتْ فِي الزَّوْجَةِ وَإِذَا فُقِدَتْ فِيهَا لَا تُعْتَبَرُ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ الْمُعْتَبَرَةُ فِيهَا أَيْ غَالِبًا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَالْكَلَامُ عَلَى عُمُومِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْإِضَافَةُ أَيْ قَوْلُهُ مِنْ عَيْبِ النِّكَاحِ فَهِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الِاسْتِغْرَاقِ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا وَفِي الْجِنْسِ بِالنَّظَرِ إلَى الْوَلِيِّ وَالْمُرَادُ مِنْ الْجِنْسِ الثَّلَاثَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا.
(قَوْلُهُ لَا الْجَبُّ وَالْعُنَّةُ) أَيْ فَإِذَا زَوَّجَهَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ مِمَّنْ اتَّصَفَ بِأَحَدِهِمَا بِرِضَاهَا دُونَ رِضَا الْبَاقِينَ صَحَّ اهـ ز ي وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ لَا الْجَبُّ وَالْعُنَّةُ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي عَلَيْهِ الزِّيَادِيُّ وم ر فِي شَرْحِهِ فِي النُّسَخِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهَا وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ الْمَرْجُوعِ عَنْهَا خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ فِيهَا وَالْمُعْتَمَدُ اعْتِبَارُهُمَا فِي حَقِّ الْوَلِيِّ أَيْضًا اهـ هَكَذَا حَرَرَهُ سم خِلَافًا لحج فِي شَرْحِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَحُرِّيَّةٌ) أَيْ فِي الزَّوْجِ إنْ كَانَتْ هِيَ حُرَّةً (قَوْلُهُ أَوْ أَبًا أَقْرَبَ) أَيْ مِنْ آبَائِهَا أَيْ فَالْمُفَضَّلُ عَلَيْهِ مَحْذُوفٌ فَإِذَا كَانَ هُوَ قَدْ مَسَّ الرِّقُّ أَبَاهُ الثَّالِثَ وَمَسَّ أَبَاهَا الرَّابِعَ فَلَيْسَ كُفْئًا لَهَا لِأَنَّهَا أَقْدَمُ حُرِّيَّةً مِنْهُ اهـ وَفِي الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ أَوْ مَسَّ أَبًا لَهُ أَقْرَبَ أَيْ مِنْ أَبٍ لَهَا وَقَوْلُهُ لَيْسَ كُفْءَ سَلِيمَةٍ مِنْ ذَلِكَ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَمَسَّ أَحَدَ آبَائِهَا رِقٌّ أَوْ مَسَّ أَبَاهُ الْخَامِسَ وَمَسَّ آبَاهَا السَّادِسَ مَثَلًا رِقٌّ اهـ (قَوْلُهُ لَيْسَ كُفْءَ سَلِيمَةٍ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ هِيَ وَآبَاؤُهَا لِأَنَّ مَسَّ الرِّقِّ يُعْتَبَرُ فِيهَا وَآبَائِهَا وَفِيهِ وَفِي آبَائِهِ اهـ شَيْخُنَا وَفِي شَرْحِ م ر فِي كِتَابِ الْمُسَابَقَةِ الْكُفْءُ بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ الْمُسَاوِي اهـ (قَوْلُهُ وَلَا مُبَعَّضَةٍ) وَكَذَلِكَ الْمُبَعَّضُ لَا يُكَافِئُهَا أَيْ إذَا انْقَضَتْ حُرِّيَّتُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا سَاوَتْ أَوْ زَادَتْ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ كَذَا بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ وَهُوَ قَرِيبٌ ثُمَّ رَأَيْته فِي الْخَطِيبِ وَحَوَاشِي الرَّوْضِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ) اعْتَمَدَهُ م ر فَقَالَ لَا يُنْظَرُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ إلَى الْأُمَّهَاتِ لِأَنَّ مِنْ أَكَابِرِ النَّاسِ وَأَجِلَّائِهِمْ مَنْ أُمُّهُ رَقِيقَةٌ وَلَا يُعَيَّرُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ تُعْتَبَرُ فِي الْأُمَّهَاتِ أَيْ كَمَا سَيَأْتِي حَتَّى لَا يُكَافِئَ ابْنُ الْمُغَنِّيَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute