للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ لَيْسَ كُفُؤًا لِمَنْ لَهَا أَبٌ أَوْ أَكْثَرُ فِي الْإِسْلَامِ وَمَنْ لَهُ أَبَوَانِ فِيهِ لَيْسَ كُفُؤًا لِمَنْ لَهَا ثَلَاثَةُ آبَاءٍ فِيهِ (وَحِرْفَةٌ) وَهِيَ صِنَاعَةٌ يُرْتَزَقُ مِنْهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْحَرِفُ إلَيْهَا (فَلَيْسَ ذُو حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ كُفْءَ أَرْفَعَ مِنْهُ فَنَحْوُ كَنَّاسٍ وَرَاعٍ) كَحَجَّامٍ وَحَارِسٍ وَقَيِّمِ حَمَّامٍ (لَيْسَ كُفْءَ بِنْتِ خَيَّاطٍ وَلَا هُوَ) أَيْ خَيَّاطٌ (بِنْتَ تَاجِرٍ و) بِنْتَ (بَزَّازٍ وَلَا هُمَا) أَيْ تَاجِرٌ وَبَزَّازٌ (بِنْتَ عَالِمٍ وَ) بِنْتَ (قَاضٍ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ

ــ

[حاشية الجمل]

قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ إسْلَامُ الْآبَاءِ) وَكَذَا الْأُمَّهَاتُ وَهَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَيُعْتَبَرُ فِي الْعِفَّةِ وَالْحِرْفَةِ الْآبَاءُ أَيْضًا وَكَذَا تُعْتَبَرُ الْحِرْفَةُ فِي الزَّوْجَيْنِ وَالْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَسَكَتَ عَنْ اعْتِبَارِ الصَّلَاحِ فِي الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْإِسْلَامُ فِي الْأُمَّهَاتِ فَيَكُونُ ابْنُ الْكِتَابِيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ أَوْ النَّصْرَانِيَّةِ كُفُؤًا لِبِنْتِ الْمُسْلِمَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ تَبَعًا كُفْءٌ لِمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ اهـ ح ل

(قَوْلُهُ فَمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ لَيْسَ كُفُؤًا إلَخْ) يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَكُونَ الصَّحَابِيُّ لَيْسَ كُفْئًا لِبِنْتِ التَّابِعِيِّ وَالْتَزَمَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ قَالَ إنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الصَّحَابِيَّ لَيْسَ كُفْئًا لِبِنْتِ التَّابِعِيِّ زَلَلٌ أَيْ لِأَنَّ الشَّرَفَ لَمْ يَحْصُلْ لِلتَّابِعِيِّ إلَّا بِوَاسِطَتِهِمْ اهـ ح ل وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر قَالَ لِأَنَّ بَعْضَ الْخِصَالِ لَا تُقَابَلُ بِبَعْضٍ

(قَوْلُهُ وَحِرْفَةٌ) أَيْ لِلزَّوْجِ إنْ كَانَتْ هِيَ مُحْتَرَفَةً (قَوْلُهُ يُرْتَزَقُ مِنْهَا) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ بَاشَرَ صَنْعَةً دَنِيئَةً لَا عَلَى جِهَةِ الْحِرْفَةِ بَلْ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ لَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِيهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي أَنَّ مَنْ بَاشَرَ نَحْوَ ذَلِكَ اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ لَا تَنْخَرِمُ بِهِ مُرُوءَتُهُ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَنْحَرِفُ إلَيْهَا) فِي الْمِصْبَاحِ وَحَرَفْت الشَّيْءَ عَنْ وَجْهِهِ حَرْفًا مِنْ بَابِ قَتَلَ وَالتَّشْدِيدُ مُبَالَغَةٌ غَيَّرْته وَحَرَفَ لِعِيَالِهِ يَحْرُفُ أَيْضًا كَسَبَ وَاحْتَرَفَ مِثْلُهُ وَالِاسْمُ مِنْهُ الْحِرْفَةُ بِالْكَسْرِ اهـ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ ذُو حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ) بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ وَهِيَ مَا دَلَّتْ مُلَابَسَتُهَا عَلَى انْحِطَاطِ الْمُرُوءَةِ وَسُقُوطِ النَّفْسِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَيْسَ مِنْهَا نِجَارَةٌ بِالنُّونِ وَتِجَارَةٌ بِالتَّاءِ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ تُرَاعَى فِيهَا عَادَةُ الْبَلَدِ فَإِنَّ الزِّرَاعَةَ قَدْ تَفْضُلُ التِّجَارَةَ فِي بَلَدٍ وَفِي بَلَدٍ أُخْرَى بِالْعَكْسِ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي ذَلِكَ بِالْعُرْفِ الْعَامِّ وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ بَلَدُ الزَّوْجَةِ لَا بَلَدُ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَارِهَا وَعَدَمِهِ وَذَلِكَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِالنِّسْبَةِ لِعُرْفِ بَلَدِهَا أَيْ الَّتِي هِيَ بِهَا حَالَةَ الْعَقْدِ وَذَكَرَ فِي الْأَنْوَارِ تَفَاضُلًا بَيْنَ كَثِيرٍ مِنْ الْحِرَفِ وَلَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ عُرْفِ بَلَدِهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فَنَحْوُ كَنَّاسٍ) أَيْ وَلَوْ لِلْمَسْجِدِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَرَاعٍ) لَا يُنَافِي عَدَّهُ هُنَا مِنْ الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ مَا وَرَدَ «مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا وَرَعَى الْغَنَمَ» لِأَنَّ مَا هُنَا بِاعْتِبَارِ مَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ وَغَلَبَ عَلَى الرُّعَاةِ بَعْدَ تِلْكَ الْأَزْمِنَةِ مِنْ التَّسَاهُلِ فِي الدِّينِ وَقِلَّةِ الْمُرُوءَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَالْأَوْجَهُ أَنَّ كُلَّ ذِي حِرْفَةٍ فِيهَا مُبَاشَرَةُ نَجَاسَةٍ كَالْجِزَارَةِ عَلَى الْأَصَحِّ لَيْسَ كُفُؤًا لِذِي حِرْفَةٍ لَا مُبَاشَرَةَ فِيهَا لَهَا وَأَنَّ بَقِيَّةَ الْحِرَفِ الَّتِي لَمْ يَذْكُرُوا فِيهَا تَفَاضُلًا مُتَسَاوِيَةً إلَّا إنْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِتَفَاوُتِهَا كَمَا مَرَّ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ الْقَصَّابَ لَيْسَ كُفْئًا لِبِنْتِ السَّمَّاكِ خِلَافًا لِلْقَمُولِيِّ.

(قَوْلُهُ وَقَيِّمِ حَمَّامٍ) وَهُوَ الْبَلَّانُ بِالنُّونِ مَنْ يُكَيِّسُ النَّاسَ فِيهِ (قَوْلُهُ لَيْسَ كُفْءَ بِنْتِ خَيَّاطٍ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لِخِيَاطَةٍ لِأَنَّ حِرْفَةَ الْآبَاءِ لَا تُعْتَبَرُ إلَّا بَعْدَ اتِّحَادِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْحِرْفَةِ اهـ ح ل قَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ لَمْ يَقُلْ لَيْسَ كُفْءَ خِيَاطَةٍ مَعَ أَنَّهُ الْمُلَائِمُ لِمَا قَبْلَهُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْحِرْفَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْأُصُولِ كَمَا تُعْتَبَرُ فِي الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ لَيْسَ كُفْءَ بِنْتِ خَيَّاطٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ أَبُوهُ خَيَّاطًا وَكَانَتْ هِيَ كَنَّاسَةً أَوْ رَاعِيَةً أَوْ حَجَّامَةً أَوْ حَارِسَةً أَوْ قَيِّمَةَ حَمَّامٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِلْآبَاءِ إلَّا إنْ اتَّحَدَ الزَّوْجَانِ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ مَتَى كَانَ أَبُوهُ خَيَّاطًا وَهِيَ كَنَّاسَةٌ فَهُمَا مُتَكَافِئَانِ وَلَوْ كَانَ لَهُ حِرْفَتَانِ دَنِيئَةٌ وَرَفِيعَةٌ نُظِرَ لِلدَّنِيئَةِ وَلَوْ تَرَكَ الْحِرْفَةَ الدَّنِيئَةَ لَا بُدَّ أَنْ تَنْقَطِعَ نِسْبَتُهَا عَنْهُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَلَا هُوَ إلَخْ) فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ الْعَطْفُ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِيهِمَا أَيْضًا الْعَطْفُ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُتَّصِلِ لَكِنْ مَعَ الْمُسَوِّغِ (قَوْلُهُ بِنْتَ عَالِمٍ وَقَاضٍ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِبِنْتِ الْعَالِمِ وَالْقَاضِي مَنْ فِي آبَائِهَا الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهِمْ أَحَدُهُمَا وَإِنْ عَلَا لِأَنَّهَا مَعَ ذَلِكَ تَفْتَخِرُ بِهِ وَالْجَاهِلُ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِلْعَالِمَةِ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ خِلَافَهُ لِأَنَّ الْعِلْمَ إذَا اُعْتُبِرَ فِي آبَائِهَا فَلَأَنْ يُعْتَبَرَ فِيهَا بِالْأَوْلَى إذْ أَقَلُّ مَرَاتِبِ الْعِلْمِ أَنْ يَكُونَ كَالْحِرْفَةِ وَصَاحِبُ الدَّنِيئَةِ لَا يُكَافِئُ صَاحِبَ الشَّرِيفَةِ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْعِلْمَ مَعَ الْفِسْقِ لَا أَثَرَ لَهُ إذْ لَا فَخْرَ لَهُ حِينَئِذٍ فِي الْعُرْفِ فَضْلًا عَنْ الشَّرْعِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ فَقَالَ إنْ كَانَ الْقَاضِي أَهْلًا فَعَالِمٌ وَزِيَادَةٌ أَوْ غَيْرَ أَهْلٍ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي قُضَاةِ زَمَنِنَا تَجِدُ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ كَقَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ فَفِي النَّظَرِ إلَيْهِ نَظَرٌ وَيَجِيءُ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي الظَّلَمَةِ الْمَسْئُولِينَ عَلَى الرِّقَابِ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُمْ بِعَدَمِ الِاعْتِبَارِ لِأَنَّ النِّسْبَةَ إلَيْهِ عَارٍ بِخِلَافِ الْمُلُوكِ وَنَحْوِهِمْ اهـ.

وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْعِلْمَ مَعَ الْفِسْقِ بِمَنْزِلَةِ الْحِرْفَةِ الشَّرِيفَةِ فَيُعْتَبَرُ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ أَيْضًا وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّ فِسْقَ أُمِّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>