للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى نَعَمْ لَوْ نَكَحَ فِي الْكُفْرِ مُفَوِّضَةً ثُمَّ أَسْلَمَا وَاعْتِقَادُهُمْ أَنْ لَا مَهْرَ لِمُفَوِّضَةٍ بِحَالٍ ثُمَّ وَطِئَ فَلَا شَيْءَ لَهَا لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ وَطْئًا بِلَا مَهْرٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ بَاعَهُمَا ثُمَّ وَطِئَهَا الزَّوْجُ وَالْمَوْتُ كَالْوَطْءِ فِي تَقْرِيرِ الْمُسَمَّى فَكَذَا فِي إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي التَّفْوِيضِ وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ أَنَّ «بِرْوَعَ بِنْتَ وَاشِقٍ نُكِحَتْ بِلَا مَهْرٍ فَمَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ لَهَا فَقَضَى لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَهْرِ نِسَائِهَا وَبِالْمِيرَاثِ» وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّ الْمَهْرَ لَا يَجِبُ بِالْعَقْدِ إذْ لَوْ وَجَبَ بِهِ لِتَشَطَّرَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ كَالْمُسَمَّى وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا الْمُتْعَةَ وَيُعْتَبَرُ مَهْرُ الْمِثْلِ (حَالَ عَقْدٍ) لِأَنَّهُ الْمُقْتَضِي لِلْوُجُوبِ بِالْوَطْءِ أَوْ بِالْمَوْتِ وَهَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْوَطْءِ مَا صَحَّحَهُ فِي الْأَصْلِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ.

وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي سِرَايَةِ الْعِتْقِ عَنْ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِينَ لَكِنْ صَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ أَكْثَرُ مَهْرٍ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْوَطْءِ لِأَنَّ الْبُضْعَ دَخَلَ بِالْعَقْدِ فِي ضَمَانِهِ وَاقْتَرَنَ بِهِ الْإِتْلَافِ فَوَجَبَ الْأَكْثَرُ كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ وَاعْتِبَارُ حَالِ الْعَقْدِ فِي الْمَوْتِ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَهَا) أَيْ الْمُفَوِّضَةِ (قَبْلَ وَطْءٍ طَلَبُ فَرْضِ مَهْرٍ وَحَبْسُ نَفْسِهَا لَهُ) أَيْ لِلْفَرْضِ لِتَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا (وَ) حَبْسُ نَفْسِهَا (لِتَسْلِيمِ مَفْرُوضٍ) غَيْرِ مُؤَجَّلٍ كَالْمُسَمَّى ابْتِدَاءً (وَهُوَ) أَيْ الْمَفْرُوضُ (مَا رَضِيَا بِهِ)

ــ

[حاشية الجمل]

يُقَالَ وَلَوْ بِقَتْلِهِ لَهَا لَا عَكْسُهُ اهـ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ) أَيْ فَيُصَانُ عَنْ التَّصَوُّرِ بِصُورَةِ الْمُبَاحِ.

وَعِبَارَةُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لِأَنَّ الْبُضْعَ لَا يَتَمَحَّضُ حَقًّا لِلْمَرْأَةِ بَلْ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ فَيُصَانُ عَنْ التَّصَوُّرِ بِصُورَةِ الْمُبَاحَاتِ اهـ ح ل فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الْوَطْءَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ مُسْتَنِدًا لِلْإِبَاحَةِ وَلَيْسَتْ هِيَ الَّتِي أَحَلَّتْهُ وَإِنَّمَا الَّذِي أَحَلَّهُ الْعَقْدُ وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ التَّفْوِيضَ فِيهِ صُورَةُ الْإِبَاحَةِ وَالْوَطْءُ مَصُونٌ عَنْ التَّصَوُّرِ بِصُورَةِ الْمُبَاحِ اهـ شَيْخُنَا.

وَقَوْلُهُ لِمَا فِيهِ أَيْ الْوَطْءِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إيقَاعُهُ عَلَى صُورَةِ الزِّنَا اهـ شَيْخُنَا وَبَعْضُهُمْ فَسَّرَ حَقَّ اللَّهِ بِقَوْلِهِ بِمَعْنَى أَنَّ إبَاحَتَهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى إذْنِ الشَّارِعِ وَهُوَ أَظْهَرُ اهـ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْوُجُوبِ وَفِيهِ أَنَّ هُنَا عَقْدًا فَكَيْفَ يَقُولُ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ أَيْ لَا الْحَقِيقِيَّةِ وَلَا الصُّورِيَّةِ وَهُنَا عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْوُجُوبِ إبَاحَةٌ صُورِيَّةٌ لِأَنَّ قَوْلَهَا الْمَذْكُورَ مَعَ تَزْوِيجِهِ لَهَا كَمَا ذُكِرَ يُشْبِهُ الْإِبَاحَةَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ نَكَحَ فِي الْكُفْرِ مُفَوِّضَةً) شَامِلٌ لِلْحَرْبِيَّيْنِ وَالذِّمِّيَّيْنِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ فَإِنَّهُمَا لَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ نَحْكُمُ بَيْنَهُمَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدُوا أَنْ لَا مَهْرَ لِمُفَوِّضَةٍ بِحَالٍ اهـ ح ل وَفِي شَرْحِ م ر مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْحَرْبِيِّينَ وَأَمَّا الذِّمِّيُّونَ فَيَجِبُ الْمَهْرُ بِالْوَطْءِ مُطْلَقًا أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْتَقِدُوا أَنْ لَا مَهْرَ لِلْمُفَوِّضَةِ أَوْ لَا لِأَنَّهُمْ لَمَّا الْتَزَمُوا أَحْكَامَنَا بِعَقْدِ الذِّمَّةِ عُومِلُوا بِمَا نُعَامَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِاعْتِقَادِهِمْ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّينَ وَقَدْ نُقِلَ لَنَا بِالدَّرْسِ عَنْ الْعَلَّامَتَيْنِ الْمَزَّاحِيِّ وَالْبَابِلِيِّ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ وَهُوَ الْمُصَدَّرُ بِهِ فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ فَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلْمُحَشِّي اهـ شَيْخُنَا فَ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا إلَخْ) قَيَّدَ بِهَذَا لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّوَهُّمِ لِاخْتِلَافِ الْمُسْتَحَقِّ أَمَّا لَوْ بَقِيَا فِي مِلْكِهِ عَلَى الرِّقِّ ثُمَّ وَطِئَ الزَّوْجُ فَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ بِشَيْءٍ لَكِنْ لَا مِنْ حَيْثُ التَّفْوِيضُ بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّ السَّيِّدَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ بَاعَهُمَا أَيْ أَوْ أَحَدَهُمَا، وَقَوْلُهُ ثُمَّ وَطِئَهَا الزَّوْجُ أَيْ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَا لِلْبَائِعِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد إلَخْ) لَا يُقَالُ قُدِّمَ الْقِيَاسُ عَلَى النَّصِّ لِأَنَّا نَقُولُ عَلَى تَسْلِيمِ أَنْ يَكُونَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَفْرَادِ الْقِيَاسِ فَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ نَصًّا لِأَنَّهُ عَلَى حَدٍّ قَضَى بِالشُّفْعَةِ فَلَا يَعُمُّ بَلْ يَحْتَمِلُ الْخُصُوصِيَّةَ وَأَيْضًا لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ قَبْلَ الْمَوْتِ تَأَمَّلْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَنَّ بِرْوَعَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ وَبِفَتْحِهَا عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ مِنْ كَلَامِهِمْ فِعْوَلٌ بِالْكَسْرِ إلَّا خِرْوَعٌ وَعِتْوَدٌ اسْمَانِ لِنَبْتٍ وَمَاءٍ اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ لَا يَجِبُ بِالْعَقْدِ) أَيْ وَحْدَهُ وَإِلَّا فَهُوَ لَهُ دَخْلٌ فِي الْوُجُوبِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ الْمُقْتَضِي لِلْوُجُوبِ بِالْوَطْءِ أَوْ بِالْمَوْتِ، وَقَوْلُهُ وَقَدْ دَلَّ إلَخْ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِالْوَطْءِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْوُجُوبِ وَلِلْوُجُوبِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُقْتَضَى كَذَا أَخَذَتْهُ مِنْ تَضْبِيبِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ لَكِنْ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَمِثْلُهُ الْمَوْتُ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لحج حَيْثُ اسْتَوْجَهَ اعْتِبَارَ يَوْمِ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ إتْلَافٌ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لَكِنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمُعْتَبِرِينَ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ الْأَكْثَرِ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْوَطْءِ لِأَنَّ الْبُضْعَ لَمَّا دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَاقْتَرَنَ بِهِ إتْلَافٌ وَجَبَ الْأَقْصَى كَالْمَقْبُوضِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَوْجَهَ فِيمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْوَطْءِ تَرْجِيحُ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ أَيْضًا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ إذْ الْبُضْعُ قَدْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ وَاقْتَرَنَ بِهِ الْمُقَرَّرُ وَهُوَ الْمَوْتُ فَكَانَ كَالْوَطْءِ.

(قَوْلُهُ وَاقْتَرَنَ بِهِ) أَيْ بِالْبُضْعِ أَوْ بِالضَّمَانِ أَوْ بِالدُّخُولِ فِي الضَّمَانِ (قَوْلُهُ وَلَهَا قَبْلَ وَطْءٍ طَلَبُ فَرْضِ مَهْرٍ) اسْتَشْكَلَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّا إنْ قُلْنَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ فَمَا مَعْنَى الْمُفَوِّضَةِ وَإِنْ قُلْنَا لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ فَكَيْفَ تَطْلُبُ مَا لَمْ يَجِبْ لَهَا قَالَ وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يُلْحَقَ مَا وُضِعَ عَلَى الْإِشْكَالِ بِمَا هُوَ بَيِّنٌ طَلَبَ مُسْتَحِيلًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى الْمُفَوِّضَةِ عَلَى الْأَوَّلِ جَوَازُ إخْلَاءِ الْوَلِيِّ الْعَقْدَ عَنْ التَّسْمِيَةِ وَكَفَى بِدَفْعِ الْإِثْمِ عَنْهُ فَائِدَةٌ وَمَعْنَى وَإِنَّمَا طَلَبَتْ ذَلِكَ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ فَالْعَقْدُ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ بِنَحْوِ الْفَرْضِ لَا أَنَّهُ مُوجِبٌ لِلْمَهْرِ وَفَرْقٌ ظَاهِرٌ بَيْنَهُمَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا رَضِيَا بِهِ) نَعَمْ إنْ فَرَضَ لَهَا الزَّوْجُ مَهْرَ مِثْلِهَا بِاعْتِرَافِهَا حَالًّا مِنْ نَقْدِ بَلَدِهَا لَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهَا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ دَاوُد

<<  <  ج: ص:  >  >>