دَعَاهُ ذِمِّيٌّ لَكِنَّ سَنَّهَا لَهُ دُونَ سَنِّهَا لَهُ فِي دَعْوَةِ مُسْلِمٍ (وَعُمُومٌ) لِلدَّعْوَةِ بِأَنْ لَا يَخُصَّ بِهَا الْأَغْنِيَاءَ وَلَا غَيْرَهُمْ بَلْ يَعُمُّ عِنْدَ تَمَكُّنِهِ عَشِيرَتَهُ أَوْ جِيرَانَهُ أَوْ أَهْلَ حِرْفَتِهِ، وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءَ لِخَبَرِ " شَرُّ الطَّعَامِ " فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهُ قَصْدُ التَّخْصِيصِ (وَأَنْ يَدْعُوَ مُعَيَّنًا) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِيَحْضُرْ مَنْ شَاءَ أَوْ نَحْوَهُ (وَ) أَنْ يَدْعُوَهُ (لِعُرْسٍ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) فَلَوْ أَوْلَمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ إلَّا فِي الْأَوَّلِ (وَتُسَنُّ لَهُمَا) أَيْ لِلْعُرْسِ وَغَيْرِهِ (فِي الثَّانِي) لَكِنْ دُونَ سَنِّهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ (ثُمَّ تُكْرَهُ) فِيمَا بَعْدَهُ فَفِي أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْوَلِيمَةُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حَقٌّ وَفِي الثَّانِي مَعْرُوفٌ وَفِي الثَّالِثِ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» (وَأَنْ لَا يَدْعُوَ وَلِنَحْوِ خَوْفٍ) مِنْهُ كَطَمَعٍ فِي جَاهِهِ فَإِنْ دَعَاهُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ.
(وَ) أَنْ (لَا يُعْذَرَ كَأَنْ لَا يَدْعُوَهُ آخَرُ) فَإِنْ دَعَاهُ آخَرُ قَدَّمَ الْأَسْبَقَ، ثُمَّ الْأَقْرَبَ رَحِمًا، ثُمَّ دَارًا، ثُمَّ يُقْرِعُ
ــ
[حاشية الجمل]
عَنْ الْمُسْلِمِ ظَاهِرًا، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ كَانَ انْتِفَاءُ الطَّلَبِ عَنْ الْكَافِرِ غَيْرَ ظَاهِرٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْفُرُوعِ.
وَلِهَذَا قَالَ ح ل قَوْلُهُ فَيَنْتَفِي طَلَبُ الْإِجَابَةِ مَعَ الْكَافِرِ هَذَا فِي الدُّنْيَا وَإِلَّا فَالْكَافِرُ مُخَاطَبٌ بِالْفُرُوعِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ دَعَاهُ ذِمِّيٌّ) أَيْ، وَقَدْ رُجِيَ إسْلَامُهُ أَوْ كَانَ رَحِمًا أَوْ جَارًا وَإِلَّا لَمْ تُسَنَّ بَلْ تُكْرَهُ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يَخُصَّ بِهَا الْأَغْنِيَاءَ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمْ أَغْنِيَاءُ فَلَوْ خَصَّهُمْ لِكَوْنِهِمْ جِيرَانَهُ أَوْ أَهْلَ حِرْفَتِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَا غَيْرَهُمْ كَالْفُقَرَاءِ) أَيْ، وَقَدْ خَصَّهُمْ لِأَجْلِ فَقْرِهِمْ مَثَلًا فَمَتَى خَصَّ الْأَغْنِيَاءَ أَوْ الْفُقَرَاءَ لَا تَجِبُ وَلَا تُسَنُّ لِلْمَدْعُوِّ وَلَا غَيْرِهِ هَذَا، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ خَصَّ الْفُقَرَاءَ وَجَبَتْ أَوْ سُنَّتْ فَالْمُضِرُّ تَخْصِيصُ الْأَغْنِيَاءِ فَقَطْ فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ بِأَغْنِيَاءَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْمُرَادُ بِالْغِنَى هُنَا مَا يَقْصِدُ بِهِ التَّجَمُّلُ بِهَيْئَتِهِ أَوْ جَاهِهِ، وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَلَا غَيْرَهُمْ) فَإِذَا خَصَّ بِدَعْوَتِهِ شَخْصًا لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ لَا عَلَيْهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا ز ي أَنَّهُ لَوْ خَصَّ الْفُقَرَاءَ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ الْإِجَابَةُ أَوْ سُنَّتْ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ أَوْ جِيرَانَهُ) الْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا أَهْلُ مَحَلَّتِهِ وَمَسْجِدِهِ دُونَ أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَظْهَرَ إلَخْ) جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ التَّعْمِيمِ لِفَقْرِهِ أَوْ قِلَّةِ الطَّعَامِ فَالشَّرْطُ إلَخْ أَيْ فَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ التَّعْمِيمُ لِجِيرَانِهِ أَوْ عَشِيرَتِهِ مَثَلًا عِنْدَ التَّمَكُّنِ وَكَثْرَةِ الطَّعَامِ، وَأَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهُ قَصْدُ التَّخْصِيصِ عِنْدَ عَدَمِ تَمَكُّنِهِ لِفَقْرِهِ أَوْ قِلَّةِ الطَّعَامِ هَكَذَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ عَشْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَعُمَّ جَمِيعَ النَّاسِ لِتَعَذُّرِهِ بَلْ لَوْ كَثُرَتْ عَشِيرَتُهُ أَوْ نَحْوُهَا وَخَرَجَتْ عَنْ الضَّبْطِ أَوْ كَانَ فَقِيرًا لَا يُمْكِنُهُ اسْتِيعَابُهَا فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِ عُمُومِ الدَّعْوَةِ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهُ قَصْدُ التَّخْصِيصِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَشُرِطَ أَنْ يَخُصَّهُ بِدَعْوَةٍ، وَلَوْ بِكِتَابَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ مَعَ ثِقَةٍ أَوْ مُمَيِّزٍ لَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِ الْكَذِبَ جَازِمَةً لَا إنْ فَتَحَ الْبَابَ وَقَالَ لِيَحْضُرْ مَنْ شَاءَ أَوْ قَالَ لَهُ اُحْضُرْ إنْ شِئْت مَا لَمْ تَظْهَرْ قَرِينَةٌ عَلَى جَرَيَانِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّأَدُّبِ وَالِاسْتِعْطَافِ مَعَ ظُهُورِ رَغْبَةٍ فِي حُضُورِهِ وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ قَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ لَوْ قَالَ إنْ شِئْت أَنْ تُجَمِّلَنِي لَزِمَتْهُ الْإِجَابَةُ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِيَحْضُرْ مَنْ شَاءَ أَوْ نَحْوَهُ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ فَلَا تُطْلَبُ الْإِجَابَةُ، وَظَاهِرُهُ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا، وَهُوَ صَرِيحُ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ إنَّمَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ أَوْ تُسَنُّ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ إلَّا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) مَا لَمْ يَكُنْ فِعْلُ ذَلِكَ لِضِيقِ مَنْزِلِهِ وَكَثْرَةِ النَّاسِ وَإِلَّا كَانَتْ كَوَلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ دُعِيَ النَّاسُ إلَيْهَا أَفْوَاجًا فَتَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْضُرْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ الْإِجَابَةُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ وَكَتَبَ أَيْضًا إلَّا عَلَى مَنْ لَمْ يُدْعَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لِعُذْرٍ، ثُمَّ دُعِيَ فِي الثَّانِي اهـ ح ل. (قَوْلُهُ تُسَنُّ لَهُمَا فِي الثَّانِي) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ أَنَّ الشَّخْصَ يَدْعُو جَمَاعَتَهُ وَيَعْقِدُ الْعَقْدَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُهَيِّئُ طَعَامًا وَيَدْعُو النَّاسَ ثَانِيًا فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَتُسَنُّ لَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ) وَقِيلَ تَجِبُ إنْ لَمْ يُدْعَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ دُعِيَ وَامْتَنَعَ لِعُذْرٍ وَدُعِيَ فِي الثَّانِي وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ تَعَدُّدَ الْأَوْقَاتِ كَتَعَدُّدِ الْأَيَّامِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ لَكِنْ دُونَ سَنِّهَا إلَخْ) إيضَاحُهُ أَنَّ سَنَّهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِهِ دُونَ سَنِّهَا فِي الْأَوَّلِ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ فَفِي أَبِي دَاوُد إلَخْ) يُتَأَمَّلْ دَلَالَةُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ لَا عَلَى وُجُوبٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا كَرَاهَةٍ. (قَوْلُهُ حَقٌّ) أَيْ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا. وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّانِي مَعْرُوفٌ أَيْ إحْسَانٌ وَمُوَاسَاةٌ انْتَهَتْ عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَدْعُوَهُ لِنَحْوِ خَوْفٍ مِنْهُ) بَلْ لِلتَّقَرُّبِ وَالتَّوَدُّدِ الْمَطْلُوبِ أَوْ لِنَحْوِ عَمَلِهِ أَوْ صَلَاحِهِ أَوْ وَرَعِهِ، أَوْ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ فِي الْإِحْيَاءِ أَنْ يَقْصِدَ بِإِجَابَتِهِ الِاقْتِدَاءَ بِالسُّنَّةِ حَتَّى يُثَابَ وَزِيَارَةَ أَخِيهِ وَإِكْرَامَهُ حَتَّى يَكُونَ مِنْ الْمُتَحَابِّينَ الْمُتَزَاوِرِينَ فِي اللَّهِ أَوْ صِيَانَةَ نَفْسِهِ عَنْ أَنْ يُظَنَّ بِهِ كِبْرٌ أَوْ احْتِقَارُ مُسْلِمٍ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ كَانَ لَا يَدْعُوهُ آخَرُ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَأَنْ لَا يُدْعَى قَبْلُ وَتَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ لُزُومِهَا فَيَظْهَرُ أَنَّهَا كَالْعَدَمِ وَعِنْدَ لُزُومِهَا يُجِيبُ الْأَسْبَقَ فَإِنْ جَاءَاهُ مَعًا أَجَابَ الْأَقْرَبَ رَحِمًا فَإِنْ اسْتَوَيَا أَقْرَعَ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ أَجَابَ الْأَقْرَبَ. وَقَوْلُهُمْ أَقْرَعَ وُجُوبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَقَدْ يَنْظُرُ فِيهِ إذْ لَوْ قِيلَ بِالنَّدْبِ فَقَطْ لَتَعَارَضَ الْمُسْقِطُ لِلْوُجُوبِ لَمْ يَبْعُدْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ دَعَاهُ آخَرُ قَدَّمَ الْأَسْبَقَ) وُجُوبًا أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute