للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِنَّ وَتَفْضِيلِهَا عَلَيْهِنَّ وَمِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ ضَرَّاتٍ بِمَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ (وَلَا) أَنْ (يَجْمَعَهُنَّ) وَلَا زَوْجَةً وَسُرِّيَّةً كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ (بِمَسْكَنٍ إلَّا بِرِضَاهُنَّ) ؛ لِأَنَّ جَمْعَهُنَّ فِيهِ مَعَ تَبَاغُضِهِنَّ يُوَلِّدُ كَثْرَةَ الْمُخَاصَمَةِ وَتَشْوِيشَ الْعِشْرَةِ فَإِنْ رَضِينَ بِهِ جَازَ لَكِنْ يُكْرَهُ وَطْءُ إحْدَاهُنَّ بِحَضْرَةِ الْبَقِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ الْمَرْأَةِ وَلَا يَلْزَمُهَا الْإِجَابَةُ إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ فِي دَارِ حَجَرٍ أَوْ سُفْلٍ وَعُلْوٍ جَازَ إسْكَانُهُنَّ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُنَّ إنْ تَمَيَّزَتْ الْمَرَافِقُ وَلَاقَتْ الْمَسَاكِنُ بِهِنَّ.

(وَلَا) أَنْ (يَدْعُوَ بَعْضًا لِمَسْكَنِهِ وَيَمْضِيَ لِبَعْضٍ) آخَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّخْصِيصِ الْمُوحِشِ (إلَّا بِهِ) أَيْ بِرِضَاهُنَّ أَوْ (بِقُرْعَةٍ) وَهُمَا مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ غَرَضٍ) كَقُرْبِ مَسْكَنِ مَنْ مَضَى إلَيْهَا دُونَ الْأُخْرَى أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهَا دُونَ الْأُخْرَى كَأَنْ تَكُونَ شَابَّةً وَالْأُخْرَى عَجُوزًا فَلَهُ ذَلِكَ لِلْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ فِي مُضِيِّهِ لِلْبَعِيدَةِ وَلِخَوْفِهِ عَلَى الشَّابَّةِ وَيَلْزَمُ مَنْ دَعَاهَا الْإِجَابَةُ فَإِنْ أَبَتْ بَطَلَ حَقُّهَا (وَالْأَصْلُ) فِي الْقَسْمِ لِمَنْ عَمَلُهُ نَهَارًا (اللَّيْلُ) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ السُّكُونِ (وَالنَّهَارُ) قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، وَهُوَ أَوْلَى (تَبَعٌ) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْمَعَاشِ قَالَ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} [يونس: ٦٧] وَقَالَ {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} [النبأ: ١٠] {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: ١١] .

(وَ) الْأَصْلُ فِي الْقَسْمِ (لِمَنْ عَمَلُهُ لَيْلًا) كَحَارِسٍ (النَّهَارُ) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ سُكُونِهِ وَاللَّيْلُ تَبَعٌ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ مَعَاشِهِ (وَلِمُسَافِرٍ وَقْتُ نُزُولِهِ) لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ خَلْوَتِهِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (دُخُولٌ فِي أَصْلٍ) لِوَاحِدَةٍ (عَلَى) زَوْجَةٍ (أُخْرَى لِضَرُورَةٍ) لَا لِغَيْرِهَا (كَمَرَضِهَا الْمَخُوفِ) ، وَلَوْ ظَنًّا قَالَ الْغَزَالِيُّ أَوْ احْتِمَالًا فَيَجُوزُ دُخُولُهُ لِيَتَبَيَّنَ الْحَالَ لِعُذْرِهِ (و) لَهُ دُخُولٌ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْأَصْلِ، وَهُوَ التَّبَعُ (لِحَاجَةٍ) ، وَلَوْ غَيْرَ ضَرُورِيَّةٍ (كَوَضْعٍ) أَوْ أَخْذِ (مَتَاعٍ) وَتَسْلِيمِ نَفَقَةٍ (وَلَهُ تَمَتُّعٌ بِغَيْرِ وَطْءٍ فِيهِ)

ــ

[حاشية الجمل]

شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَا أَنْ يَجْمَعَهُنَّ بِمَسْكَنٍ) وَيَجُوزُ بِخَيْمَةٍ فِي السَّفَرِ لِمَشَقَّةِ الِانْفِرَادِ، وَكَذَا بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ فِي سَفِينَةٍ قَالَ حَجّ حَيْثُ تَعَذَّرَ إفْرَادُ كُلٍّ بِمَحَلٍّ لِصِغَرِهَا مَثَلًا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ إلَّا بِرِضَاهُنَّ) وَفِي صُورَةِ الزَّوْجَةِ وَالسُّرِّيَّةِ الْعِبْرَةُ بِرِضَا الزَّوْجَةِ. وَأَمَّا السُّرِّيَّةُ فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهَا؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا حَيْثُ شَاءَ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَتَشْوِيشَ الْعِشْرَةِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِتَشْوِيشِ الْعِشْرَةِ عَدَمُ الْأُلْفَةِ بَيْنَهُنَّ وَإِلَّا فَهُوَ عَطْفٌ مُسَبَّبٌ عَلَى سَبَبٍ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ لَكِنْ يُكْرَهُ وَطْءُ إحْدَاهُنَّ بِحَضْرَةِ الْبَقِيَّةِ) الْمَدَارُ عَلَى عَمَلِهِ بِعِلْمِ إحْدَى ضَرَّاتِهَا بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَجَسُّسٍ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِحُضُورِهَا أَيْ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ أَذِيَّةَ غَيْرِهَا وَإِلَّا حَرُمَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ الْآتِي عَلَيْهِ وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ حَيْثُ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ حُرْمَتَهُ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ إنْ تَمَيَّزَتْ الْمَرَافِقُ) أَيْ مَا يَرْتَفِقُ بِهِ كَالْمَطْبَخِ والشِّشْمَةِ وَالْبَلَّاعَةِ وَالْمُسْتَحَمِّ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ الْمُوحِشِ) أَيْ الْمُوقِعِ فِي الْوَحْشَةِ أَيْ النَّفْرَةِ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ الْوَحْشَةُ بَيْنَ النَّاسِ، وَهِيَ الِانْقِطَاعُ وَبُعْدُ الْقُلُوبِ عَنْ الْمَوَدَّاتِ وَيُقَالُ إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ اسْتَأْنَسَ كُلُّ وَحْشِيٍّ وَاسْتَوْحَشَ كُلُّ إنْسِيٍّ وَأَوْحَشَ الْمَكَانُ وَتَوَحَّشَ خَلَا مِنْ الْأَنِيسِ. (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ مَنْ دَعَاهَا الْإِجَابَةُ) وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ مَا إذَا كَانَتْ ذَاتَ قَدْرٍ وَفَخْرٍ وَلَمْ تَعْتَدْ الْبُرُوزَ فَلَا يَلْزَمُهَا إجَابَتُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْسِمَ لَهَا فِي بَيْتِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ حَسَنٌ، وَإِنْ اسْتَغْرَبَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَلَوْ رَكِبَتْ بِأُجْرَةٍ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهَا لَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَتِمَّةِ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ اهـ ع ن وَأَصْلُهُ فِي شَرْحِ م ر، وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ مَعْذُورَةً فَإِنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْحُضُورُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ لِمَنْ عَمَلُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَهُ أَنْ يُرَتِّبَ الْقَسْمَ عَلَى لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ وَأَوَّلُهَا مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلَافِ أَهْلِ الْحِرَفِ فَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّ أَهْلِ كُلِّ حِرْفَةٍ عَادَتُهُمْ الْغَالِبَةُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَآخِرُهَا الْفَجْرُ خِلَافًا لِلسَّرَخْسِيِّ حَيْثُ حَدَّهَا بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِهَا. وَقَوْلُهُ وَآخِرُهَا الْفَجْرُ قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْآخَرَ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحِرَفِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فَإِنَّهُ كَمَا تَخْتَلِفُ أَحْوَالُ أَهْلِ الْحِرَفِ فِي أَوَّلِهَا كَذَلِكَ تَخْتَلِفُ فِي آخِرِهَا اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ، وَهُوَ أَوْلَى) أَيْ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ عَيَّنَهُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ التَّوَارِيخُ الشَّرْعِيَّةُ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْمَعَاشِ) فَلَوْ كَانَ يَعْمَلُ تَارَةً لَيْلًا وَتَارَةً نَهَارًا رَاعَى ذَلِكَ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ) التِّلَاوَةُ هُوَ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا) قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ وَلَمْ يَقُلْ لِتُبْصِرُوا فِيهِ كَمَا فِي جَانِبِ اللَّيْلِ تَفْرِقَةً بَيْنَ الظَّرْفِ الْمُجَرَّدِ وَالظَّرْفِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ اهـ وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّيْلَ لَيْسَ سَبَبًا لِلسُّكُونِ بِخِلَافِ النَّهَارِ فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِلْإِبْصَارِ قَالَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا) أَيْ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَإِنْ تَفَاوَتَ وَحَصَلَ لِوَاحِدَةٍ نِصْفُ يَوْمٍ وَلِأُخْرَى رُبُعُ يَوْمٍ فَلَوْ كَانَتْ خَلْوَتُهُ وَقْتَ السَّيْرِ دُونَ النُّزُولِ وَكَانَ هُوَ وَقْتَ الْقَسْمِ، وَلَوْ قَامَ فِيهِ إقَامَةً يُمْكِنُ فِيهَا الْقَسْمُ لِلْمُقِيمِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَسْمُ لِيَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ لِمَنْ مَعَهُ زَوْجَتَانِ وَلِمَجْنُونٍ وَقْتَ إفَاقَتِهِ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ فَإِذَا أَفَاقَ فِي نَوْبَةِ وَاحِدَةٍ قَضَى لِلْأُخْرَى قَدْرَهَا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ وَلَهُ دُخُولٌ فِي أَصْلٍ) وَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الْخُرُوجِ لِنَحْوِ جَمَاعَةٍ كَإِجَابَةِ دَعْوَةٍ فَإِنْ خَصَّ بِهِ وَاحِدَةً حَرُمَ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ كَمَرَضِهَا الْمَخُوفِ) ، وَلَوْ مَرِضَتْ أَوْ وَلَدَتْ وَلَا مُتَعَهِّدَ لَهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ أَوْ لَهَا مُتَعَهِّدٌ كَمَحْرَمٍ إذْ لَا يَلْزَمُهُ إسْكَانُهُ فَلَهُ أَنْ يُدِيمَ الْبَيْتُوتَةَ عِنْدَهَا وَيَقْضِي، وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَسْكَنَ إحْدَاهُنَّ لَوْ اخْتَصَّتْ بِخَوْفٍ وَلَمْ تَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهَا إلَّا بِهِ جَازَ لَهُ الْبَيْتُوتَةُ عِنْدَهَا مَا دَامَ الْخَوْفُ مَوْجُودًا وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ نَعَمْ إنْ سَهُلَ نَقْلُهَا لِمَنْزِلٍ لَا خَوْفَ فِيهِ لَمْ يَبْعُدْ تَعَيُّنُهُ عَلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ لِيَتَبَيَّنَ الْحَالُ) أَيْ لِيَعْرِفَ هَلْ هُوَ مَخُوفٌ أَوْ غَيْرُ مَخُوفٍ انْتَهَى رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر. (قَوْلُهُ لِعُذْرِهِ) عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ.

(قَوْلُهُ وَلَهُ تَمَتُّعٌ بِغَيْرِ وَطْءٍ فِيهِ) وَلَهُ تَمَتُّعٌ بِغَيْرِ وَطْءٍ فِي الْأَصْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ كَانَ ذِكْرُهُمْ لَهُ فِي غَيْرِ الْأَصْلِ وَسُكُوتُهُمْ عَنْهُ فِي الْأَصْلِ رُبَّمَا يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ ذَلِكَ اهـ ح ل وع ش عَلَى م ر. وَقَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ ذِكْرُهُمْ لَهُ إلَخْ أَيْ كَمَا صَنَعَ الشَّارِحُ حَيْثُ قَالَ أَيْ فِي دُخُولِهِ فِي غَيْرِ الْأَصْلِ فَلَوْ جَرَى الشَّارِحُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَفَسَّرَ الضَّمِيرَ فِي الْمَتْنِ بِالدُّخُولِ مُطْلَقًا أَيْ فِي أَصْلٍ أَوْ تَابِعٍ. (قَوْلُهُ تَمَتُّعٌ بِغَيْرِ وَطْءٍ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>