للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَالتَّوْرِيَةُ كَأَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ زَوْجَتِهِ أَوْ يَنْوِيَ بِالطَّلَاقِ حَلَّ الْوَثَاقِ أَوْ بِطَلَّقْتُ الْإِخْبَارَ كَاذِبًا (وَشَرْطُ الْإِكْرَاهِ قُدْرَةُ مُكْرِهٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (عَلَى) تَحْقِيقِ (مَا هَدَّدَ بِهِ) بِوِلَايَةٍ أَوْ تَغَلُّبٍ (عَاجِلًا ظُلْمًا وَعَجْزُ مُكْرَهٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (عَنْ دَفْعِهِ) بِهَرَبٍ وَغَيْرِهِ كَاسْتِغَاثَةٍ بِغَيْرِهِ (وَظَنَّهُ) أَنَّهُ (إنْ امْتَنَعَ) مِنْ فِعْلِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ (حَقَّقَهُ) أَيْ مَا هَدَّدَ بِهِ (وَيَحْصُلُ) الْإِكْرَاهُ (بِتَخْوِيفٍ بِمَحْذُورٍ كَضَرْبٍ شَدِيدٍ) أَوْ حَبْسٍ

ــ

[حاشية الجمل]

تُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ وَيُفَارِقُ الْمَصُولَ عَلَيْهِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْهَرَبُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ بِأَنَّ النُّفُوسَ يُحْتَاطُ لَهَا مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهَا وَالتَّوْرِيَةُ مِنْ وَرَيْت الْخَبَرَ تَوْرِيَةً أَيْ سَتَرْته وَأَظْهَرْت غَيْرَهُ كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ وَرَاءِ الْإِنْسَانِ كَأَنَّهُ يَجْعَلُهُ وَرَاءَهُ حَيْثُ لَا يَظْهَرُ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَمَعْنَاهَا أَنْ يُطْلِقَ لَفْظًا هُوَ ظَاهِرٌ فِي مَعْنًى وَيُرِيدُ بِهِ مَعْنًى آخَرَ يَتَنَاوَلُهُ ذَلِكَ اللَّفْظُ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِهِ اهـ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُوَرِّ) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَقِيلَ إنْ تَرَكَهَا أَيْ التَّوْرِيَةَ بِلَا عُذْرٍ كَغَبَاوَةٍ وَدَهْشَةٍ وَقَعَ وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَتْ الْمُكْرَهَ عَلَى الْكُفْرِ وَلَوْ قَالَ لَهُ اللُّصُوصُ لَا نَتْرُكُك حَتَّى تَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّكَ لَا تُخْبِرُ بِنَا أَحَدًا كَانَ إكْرَاهًا عَلَى الْحَلِفِ فَلَا وُقُوعَ بِالْإِخْبَارِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَهُمْ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ إطْلَاقِهِ إلَّا بِالْحَلِفِ لِعَدَمِ إكْرَاهِهِ عَلَى الْحَلِفِ اهـ وَقَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَتْ الْمُكْرَهَ عَلَى الْكُفْرِ وَهَلْ يَلْحَقُ بِالْكُفْرِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَعَاصِي حَتَّى لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الدَّلَالَةِ عَلَى امْرَأَةٍ يَزْنِي بِهَا أَوْ إنْسَانٍ يُرِيدُ قَتْلَهُ أَوْ أَخْذَ أَمْوَالِهِ فَأَخْبَرَ كَاذِبًا هَلْ تَلْزَمُهُ التَّوْرِيَةُ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ بِغِلَظِ أَمْرِ الْكُفَّارِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ) أَيْ إكْرَاهٍ فَسَّرُوا الْإِغْلَاقَ بِالْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ أُغْلِقَ عَلَيْهِ الْبَابُ أَوْ انْغَلَقَ عَلَيْهِ رَأْيُهُ وَمَنَعُوا تَفْسِيرَهُ بِالْغَضَبِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى وُقُوعِ طَلَاقِ الْغَضْبَانِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ يَنْوِي بِالطَّلَاقِ حَلَّ الْوَثَاقِ) فِيهِ أَنَّ نِيَّةَ هَذَا وَعَدَمَهُ سِيَّانِ حَيْثُ لَمْ يَحِلَّهَا مِنْ وَثَاقٍ اهـ ح ل وَالْوَثَاقُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنَّهُ الْقَيْدُ وَالْحَبْلُ وَنَحْوُهُمَا وَالْجَمْعُ وُثُقٌ كَرِبَاطٍ وَرُبُطٍ اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى تَحْقِيقِ مَا هُدِّدَ بِهِ بِوِلَايَةٍ) وَمِنْهُ الْمِشَدُّ الْمَنْصُوبُ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ وَقَوْلُهُ ظُلْمًا مِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا يَعْتَادُ الْحِرَاثَةَ لِشَخْصٍ فَتَشَاجَرَ مَعَهُ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا يَحْرُثُ لَهُ هَذِهِ السَّنَةَ فَشَكَاهُ لِشَادِّ الْبَلَدِ فَأَكْرَهَهُ عَلَى الْحِرَاثَةِ لَهُ تِلْكَ السَّنَةَ وَهَدَّدَهُ بِالضَّرْبِ وَنَحْوِهِ إنْ لَمْ يَحْرُثْ لَهُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ

؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِكْرَاهَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا يُشْتَرَطُ تَجَدُّدُ الْإِكْرَاهِ مِنْ الشَّادِّ الْمَذْكُورِ بَلْ يَكْفِي مَا وُجِدَ مِنْهُ أَوَّلًا حَيْثُ أَكْرَهَهُ عَلَى الْفِعْلِ جَمِيعَ السَّنَةِ عَلَى الْعَادَةِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ عَاقَبَهُ بَلْ لَوْ قَالَ لَهُ اُحْرُثْ لَهُ جَمِيعَ السِّنِينَ وَكَانَ حَلَفَ أَنْ لَا يَحْرُثَ لَهُ أَصْلًا لَا فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا لَمْ يَحْنَثْ مَا دَامَ الشَّادُّ مُتَوَلِّيًا، فَإِنْ عُزِلَ وَتَوَلَّى غَيْرُهُ وَلَمْ يُكْرِهْهُ عَلَى ذَلِكَ حَنِثَ بِالْحَرْثِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ فَأُكْرِهَ عَلَيْهِ فَيَحْنَثُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِكْرَاهَ بِحَقٍّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ مَا هُدِّدَ بِهِ) أَيْ أَمْرٍ غَيْرِ مُسْتَحَقٍّ اهـ شَرْحُ م ر.

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَهَدَّدَهُ وَتَهَدَّدَهُ تَوَعَّدَهُ بِالْعُقُوبَةِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: عَاجِلًا ظُلْمًا) وَمَعَ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ عَاجِلًا لَا يُشْتَرَطُ تَنْجِيزُهُ بَلْ يَكْفِي التَّوَعُّدُ لَفْظًا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَعَجَزَ مُكْرَهٌ إلَخْ) لَا يُقَالُ هُوَ عِنْدَ قُدْرَةِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْهَرَبِ مَثَلًا لَا يَصِيرُ الْمُكْرَهُ قَادِرًا عَلَى مَا هُدِّدَ بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِهَذَا الْقَيْدِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قُدْرَةُ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ عَلَى الْهَرَبِ لَا تَنْفِي قُدْرَةَ الْمُكْرَهِ عَلَى مَا هُدِّدَ بِهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَعَجَزَ مُكْرَهٌ) أَيْ فِي غَيْرِ إكْرَاهِ الْحَاكِمِ الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا فَأَمْرُ الْحَاكِمِ مَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا عَلَى كَلَامِهِ إكْرَاهٌ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ بِقَدْرِ مَا أَمَرَهُ مِنْ مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ دَائِمًا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: كَاسْتِغَاثَةٍ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ أَوْ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَظَنَّهُ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ إلَخْ) فَلَوْ بَانَ خِلَافُ ظَنِّهِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْوُقُوعِ أَيْضًا وَمِنْهُ تَخْوِيفُ أَخْرَقَ بِمَا يَحْسِبُهُ مُهْلِكًا وَالْأَخْرَقُ بِمُعْجَمَةٍ فَمُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَقَافٍ مَنْ لَا يَعْرِفُ النَّافِعَ مِنْ الْمُضِرِّ وَيَحْسِبُهُ بِمَعْنَى يَظُنُّهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ وَيَحْصُلُ بِتَخْوِيفٍ إلَخْ) الضَّابِطُ أَنَّ كُلَّمَا يَسْهُلُ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ ارْتِكَابُهُ دُونَ الطَّلَاقِ لَيْسَ إكْرَاهًا وَعَكْسُهُ إكْرَاهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ بِتَخْوِيفٍ بِمَحْذُورٍ) وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ عَزْلُهُ مِنْ مَنْصِبِهِ حَيْثُ لَمْ يَسْتَحِقَّ وِلَايَتَهُ؛ لِأَنَّ عَزْلَهُ لَيْسَ ظُلْمًا بَلْ مَطْلُوبٌ شَرْعًا بِخِلَافِ مُتَوَلِّيهِ بِحَقٍّ فَيَنْبَغِي أَنَّ التَّهْدِيدَ بِعَزْلِهِ مِنْهُ كَالتَّهْدِيدِ بِإِتْلَافِ الْمَالِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: كَضَرْبٍ شَدِيدٍ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ فِي حَقِّ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ بِخِلَافِ ضَرْبِ وَلَدِهِ أَوْ وَالِدِهِ أَوْ قَتْلِهِمَا فَلَيْسَ إكْرَاهًا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّ الْإِكْرَاهَ بِقَتْلِ بَعْضِهِ الْمَعْصُومِ، وَإِنْ عَلَا أَوْ سَفُلَ إكْرَاهٌ وَهُوَ وَجِيهٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>