أَوْ إتْلَافِ مَالٍ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ فَلَا يَحْصُلُ الْإِكْرَاهُ بِالتَّخْوِيفِ بِالْعُقُوبَةِ الْآجِلَةِ كَقَوْلِهِ لَأَضْرِبَنَّكَ غَدًا وَلَا بِالتَّخْوِيفِ بِالْمُسْتَحَقِّ كَقَوْلِهِ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ قِصَاصٌ طَلِّقْهَا وَإِلَّا اقْتَصَصْت مِنْك وَهَذَانِ خَرَجَا بِمَا زِدْته بِقَوْلِي عَاجِلًا ظُلْمًا (، فَإِنْ ظَهَرَ) مِنْ الْمُكْرَهِ (قَرِينَةُ اخْتِيَارٍ) مِنْهُ لِلطَّلَاقِ (كَانَ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ (أُكْرِهَ عَلَى ثَلَاثٍ) مِنْ الطَّلْقَاتِ (أَوْ) عَلَى (صَرِيحٍ أَوْ تَعْلِيقٍ أَوْ) عَلَى أَنْ يَقُولَ (طَلَّقْت أَوْ) عَلَى (طَلَاقِ مُبْهَمَةٍ) وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (فَخَالَفَ) بِأَنْ وَحَّدَ أَوْ ثَنَّى أَوْ كَنَّى أَوْ نَجَّزَ أَوْ سَرَّحَ أَوْ طَلَّقَ مُعَيَّنَةً (وَقَعَ) الطَّلَاقُ بَلْ لَوْ وَافَقَ الْمُكْرَهُ وَنَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ لِاخْتِيَارِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ طَلِّقْ زَوْجَتِي وَإِلَّا قَتَلْتُك.
(وَ) شَرْطٌ (فِي الصِّيغَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى فِرَاقٍ صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً فَيَقَعُ بِصَرِيحِهِ) وَهُوَ مَا لَا يَحْتَمِلُ ظَاهِرُهُ غَيْرَ الطَّلَاقِ (بِلَا نِيَّةٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
الضَّابِطِ السَّابِقِ وَمِنْهُ قَوْلُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ طَلِّقْهَا وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي فَهُوَ إكْرَاهٌ وَكَذَا عَكْسُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِمَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ إتْلَافِ مَالٍ) وَمِنْهُ حَبْسُ دَوَابِّهِ حَبْسًا يُؤَدِّي إلَى التَّلَفِ عَادَةً اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ إتْلَافِ مَالٍ) أَيْ أَوْ نَفْسٍ بِالْأَوْلَى وَمِنْهُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا طَلِّقْنِي وَإِلَّا أَطْعَمْتُك سُمًّا مَثَلًا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَيَخْتَلِفُ الْإِكْرَاهُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَسْبَابِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهَا فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ إكْرَاهًا فِي حَقِّ شَخْصٍ دُونَ آخَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الضَّرْبِ وَغَيْرِهِ فَغَيْرُ الضَّرْبِ الشَّدِيدِ لِذِي الْمُرُوءَةِ أَوْ بِحَضْرَةِ الْمَلَأِ إكْرَاهٌ وَالتَّخْوِيفُ بِالزِّنَا وَاللِّوَاطِ إكْرَاهٌ وَلَوْ لِذِي الْعَجُوزِ وَنَحْوُ خَمْسَةِ دَنَانِيرَ مِنْ غَنِيٍّ غَيْرُ إكْرَاهٍ وَهَكَذَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْصُلُ الْإِكْرَاهُ بِالتَّخْوِيفِ بِالْعُقُوبَةِ الْآجِلَةِ) أَيْ وَإِنْ عَلِمَ مَنْ عَادَتُهُ الْمُطَّرِدَةُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ الْآنَ تَحَقَّقَ الْقَتْلُ غَدًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَوَجْهُهُ أَنَّ بَقَاءَهُ إلَى الْغَدِ غَيْرُ مُتَيَقِّنٍ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْإِلْجَاءُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَإِنْ ظَهَرَ إلَى قَوْلِهِ وَقَعَ) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى شَرْطٍ آخَرَ فِي الْإِكْرَاهِ وَمِنْ ظُهُورِ الْقَرِينَةِ مَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الطَّلَاقِ وَأَطْلَقَ الْمُكْرَهُ فَطَلَّقَ الْمُكْرَهُ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَقَعَ لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ إذْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَفْصِلَ الْحَالَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ كَنَى) هُوَ بِالتَّخْفِيفِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ قَالَ الْكِنَايَةُ أَنْ تَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ وَتُرِيدُ بِهِ غَيْرَهُ وَقَدْ كَنَيْت بِكَذَا عَنْ كَذَا وَكَنَوْتُ أَيْضًا كِنَايَةً فِيهِمَا ثُمَّ قَالَ وَكَنَّاهُ أَبَا زَيْدٍ وَبِأَبِي زَيْدٍ يُكَنِّيه كَمَا تَقُولُ سَمَّاهُ يُسَمِّيه اهـ. فَجَعَلَ التَّكْنِيَةَ بِمَعْنَى وَضْعِ الْكُنْيَةِ وَالْكِنَايَةُ هِيَ التَّكَلُّمُ بِكَلَامٍ تُرِيدُ غَيْرَ مَعْنَاهُ وَلَعَلَّ هَذَا بِحَسَبِ اللُّغَةِ، وَأَمَّا عِنْدَ أَهْلِ الشَّرْعِ فَهِيَ لَفْظٌ يَحْتَمِلُ الْمُرَادَ وَغَيْرَهُ
اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ وَافَقَ الْمُكْرَهَ إلَخْ) هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا مُسْتَثْنَاتَانِ مِنْ عَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ كَمَا فِي التَّصْحِيحِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِي اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ نَظَرٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي التَّعْلِيلِ لَمْ يُعَنْوِنْ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ وَافَقَ الْمُكْرَهُ) أَيْ عَلَى مَا أَكْرَهَهُ بِهِ كَأَنْ قَالَ لَهُ طَلِّقْ ثَلَاثًا فَطَلَّقَ الثَّلَاثَ وَلَوْ بِالصَّرِيحِ وَنَوَى إيقَاعَ الطَّلَاقِ فَهُوَ مُخْتَارٌ فِي هَذِهِ النِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَ الصَّرِيحُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا اهـ (قَوْلُهُ: وَنَوَى الطَّلَاقَ) أَيْ وَلَوْ بِالصَّرِيحِ؛ لِأَنَّ الصَّرِيحَ فِي حَقِّ الْمُكْرَهِ كِنَايَةٌ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى فِرَاقٍ) أَيْ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى فِرَاقٍ فَلَا يَقَعُ بِغَيْرِ لَفْظٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَشَارَ بِهِ إلَى خِلَافِ سَيِّدِنَا مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَإِنَّهُ قَالَ يَقَعُ بِنِيَّتِهِ اهـ مِنْ حَجّ بِالْمَعْنَى وَقَوْلُ حَجّ بِنِيَّتِهِ أَيْ بِأَنْ يُضْمِرَ فِي نَفْسِهِ مَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْتُك أَمَّا مَا يَخْطُرُ لِلنَّفْسِ عِنْدَ الْمُشَاجَرَةِ أَوْ التَّضَجُّرِ مِنْهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعَزْمِ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَطْلِيقِهِ لَهَا فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ أَصْلًا اهـ ع ش عَلَيْهِ وَشَرْطُ وُقُوعِهِ بِصَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ رَفْعُ صَوْتِهِ بِحَيْثُ يَسْمَعُ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ صَحِيحَ السَّمْعِ وَلَا عَارِضَ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَيَقَعُ بِصَرِيحِهِ بِلَا نِيَّةٍ) وَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا صَرْفُ هَذِهِ الصَّرَائِحِ عَنْ مَوْضُوعِهَا بِنِيَّةٍ كَقَوْلِهِ أَرَدْت طَلَاقَهَا مِنْ وَثَاقٍ أَوْ مُفَارَقَتَهَا لِلْمَنْزِلِ أَوْ بِالسَّرَاحِ التَّوْجِيهُ إلَيْهَا أَوْ أَرَدْت غَيْرَهَا فَسَبَقَ لِسَانِي إلَيْهَا إلَّا بِقَرِينَةٍ كَحِلِّهَا مِنْ وَثَاقٍ فِي الْأَوَّلِ أَوْ فَارَقْتُك الْآنَ فِي الثَّانِي وَقَدْ وَدَّعَهَا عِنْدَ سَفَرِهِ أَوْ اسْرَحِي عَقِبَ أَمْرِهَا بِالتَّكْبِيرِ لِمَحَلِّ الزِّرَاعَةِ فِي الثَّالِثِ فِيمَا يَظْهَرُ فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا أَوْ عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ فَرَسِي أَوْ ذِرَاعِي أَوْ جَوْزَةِ حَلَقِي أَوْ قَوْسِي أَوْ نَخْوَةِ رَأْسِي فَكَالِاسْتِثْنَاءِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَقَعُ بِهَا شَيْءٌ إنْ نَوَى ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ اللَّفْظِ وَعَزَمَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِقَوْلِهِ مِنْ جَوْزَتِي وَنَحْوِ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَإِلَّا وَقَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ إتْيَانِهِ بِنَحْوِ مِنْ جَوْزَتِي وَالْعَامِّيُّ وَالْعَالِمُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ كَحَلِّهَا مِنْ وَثَاقٍ فِي الْأَوَّلِ فَحَلُّهَا مِنْ الْوَثَاقِ هُوَ الْقَرِينَةُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ فِي حَالِ كَوْنِهِ يَحِلُّهَا مِنْ وَثَاقٍ كَانَتْ مَرْبُوطَةً بِهِ وَقَوْلُهُ فَكَالِاسْتِثْنَاءِ أَيْ لَفْظِ مِنْ فَرَسِي وَمَا بَعْدَهُ بَعْدَ صِيغَةِ الطَّلَاقِ وَهِيَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي شُرُوطِهِ، فَإِنْ نَوَى الْإِتْيَانَ بِهِ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ صِيغَةِ الطَّلَاقِ وَتَلَفَّظَ بِهِ مُسْمِعًا نَفْسَهُ وَاتَّصَلَ بِصِيغَةِ الطَّلَاقِ مَنَعَ الْوُقُوعَ وَإِلَّا فَلَا فَقَوْلُهُ إنْ نَوَى ذَلِكَ أَيْ الْإِتْيَانَ بِلَفْظِ مِنْ فَرَسِي وَمَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ وَعَزَمَ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ إنْ نَوَى ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: بِلَا نِيَّةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute