وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ لَوْ هَدَّدَهُ بِقَتْلٍ يَتَضَمَّنُ تَعْذِيبًا شَدِيدًا إنْ لَمْ يَقْتُلْ نَفْسَهُ كَانَ إكْرَاهًا (أَوْ) عَلَى (قَتْلِ زَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو) فَقَتَلَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَا قَوَدَ عَلَى الْمُكْرِهِ وَإِنْ كَانَ آثِمًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إكْرَاهًا حَقِيقَةً فَالْمَأْمُورُ مُخْتَارٌ لِلْقَتْلِ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ (أَوْ) عَلَى (صُعُودِ شَجَرَةٍ فَزَلِقَ وَمَاتَ) فَلَا قَوَدَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا بَلْ هُوَ شِبْهُ عَمْدٍ إنْ كَانَتْ مِمَّا يُزْلَقُ عَلَى مِثْلِهَا غَالِبًا وَإِلَّا فَخَطَأٌ
(وَ) يَجِبُ (عَلَى مُكْرَهٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ يُوَلِّدُ دَاعِيَةَ الْقَتْلِ فِي الْمُكْرَهِ غَالِبًا لِيَدْفَعَ الْهَلَاكَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَدْ آثَرَهَا بِالْبَقَاءِ فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْقَتْلِ (لَا إنْ قَالَ) شَخْصٌ لِآخَرَ (اُقْتُلْنِي) سَوَاءٌ أَقَالَ مَعَهُ وَإِلَّا قَتَلْتُك أَمْ لَا
ــ
[حاشية الجمل]
إكْرَاهًا لِعَدَمِ الِاتِّحَادِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ) أَيْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إلَخْ مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ كَانَ إكْرَاهًا أَيْ لِعَدَمِ اتِّحَادِ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّحِدْ الْمَأْمُورُ بِهِ وَالْمُخَوَّفُ بِهِ ذَاتًا وَصِفَةً اهـ ح ل. (قَوْلُهُ فَقَتَلَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَا قَوَدَ عَلَى الْمُكْرَهِ) أَيْ وَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ اهـ س ل (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى صُعُودِ شَجَرَةٍ) أَيْ أَوْ نُزُولِ بِئْرٍ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْإِكْرَاهَ عَلَى الصُّعُودِ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا، وَقَوْلُهُ بَلْ هُوَ أَيْ الْإِكْرَاهُ عَلَى الصُّعُودِ شِبْهُ عَمْدٍ أَيْ فَتَجِبُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ مِمَّا يُزْلَقُ عَلَى مِثْلِهَا غَالِبًا) هَذَا بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ تَقْيِيدِ النَّوَوِيِّ فِي نُكَتِ الْوَسِيطِ، وَذَلِكَ لَيْسَ تَقْيِيدًا لِلْحُكْمِ بَلْ لِأَجْلِ الْقَوْلِ بِالْقِصَاصِ فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ مُطْلَقًا اهـ س ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقِيلَ هُوَ عَمْدٌ وَمَحِلُّ هَذَا الْقَوْلِ إنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ مِمَّا يُزْلَقُ عَلَى مِثْلِهَا غَالِبًا كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ الْوَسِيطِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّا يُزْلَقُ عَلَى مِثْلِهَا غَالِبًا لَمْ يَأْتِ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ، وَحِينَئِذٍ فَالتَّقْيِيدُ بِذَلِكَ لِمَحِلِّ الْخِلَافِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ أَكْثَرُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ قَيْدٌ لِشِبْهِ الْعَمْدِ فَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ خَطَأً فَافْهَمْ هَذَا الْمَقَامَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَيَجِبُ عَلَى مُكْرَهٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ أَوْ مَأْمُورَ الْإِمَامِ أَوْ زَعِيمَ بُغَاةٍ لَمْ يُعْلَمْ ظُلْمُهُ بِأَمْرِهِ بِالْقَتْلِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا ظَنَّ أَنَّ الْإِكْرَاهَ يُبِيحُ الْقَتْلَ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ عَدَمِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ اهـ شَرْحُ م ر قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِمَامِ هُنَا الْمُتَوَلِّينَ عَلَى الرِّقَابِ وَالْأَمْوَالِ الْمُمَزِّقِينَ لَهُمْ كَالسِّبَاعِ وَالْمُنْتَهِبِينَ لِأَمْوَالِهِمْ كَأَهْلِ الْحَرْبِ إذَا ظَفِرُوا بِالْمُسْلِمِينَ بَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ الْعَادِلُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ مِنْهُ الظُّلْمُ وَالْقَتْلُ بِغَيْرِ حَقٍّ اهـ رَشِيدِيٌّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْقَتْلِ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ أَيْ تَعْلِيلِ وُجُوبِهِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَعْلِيلِ وُجُوبِهِ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِهَا الْمَذْكُورِ هُنَا فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَيْهِمَا أَيْ فَعُلِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ لِوُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَالتَّعْلِيلُ الْمُتَقَدِّمُ لِوُجُوبِهِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْقَتْلِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ إلَخْ لَا يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِوُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ وُجُوبَ الْقَوَدِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْجَلَالَ الْمَحَلِّيَّ عَلَّلَ وُجُوبَ الْقَوَدِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْمُكْرَهِ بِفَتْحِهَا بِهَذَا التَّعْلِيلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ إلَخْ فَأَشَارَ إلَى أَنَّ عِلَّةَ وُجُوبِهِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ إلَخْ وَإِنَّ عِلَّةَ وُجُوبِهِ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ كَوْنُهُ آثَرَ نَفْسَهُ بِالْبَقَاءِ عَلَى مُكَافِئِهِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَحْذِفَ الْأَوَّلَ وَيَقْتَصِرَ عَلَى الثَّانِي تَأَمَّلْ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ سم وَاعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ أَصْلِهِ وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلٍ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَكَذَا عَلَى الْمُكْرَهِ فِي الْأَظْهَرِ، وَعَلَّلَ الشَّارِحُ الْجَلَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَلِكَ بِعَيْنِ هَذَا الَّذِي قَالَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ غَرَضَ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْمُكْرِهِ عِلَّتُهُ كَوْنُ الْإِكْرَاهِ يُوَلِّدُ دَاعِيَةَ الْقَتْلِ فِي الْمُكْرَهِ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ الْهَلَاكَ وَأَنَّ وُجُوبَهُ عَلَى الْمُكْرَهِ عِلَّتُهُ كَوْنُهُ آثَرَ نَفْسَهُ بِالْبَقَاءِ وَشَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَعَلَ كُلَّ ذَلِكَ كُلُّهُ كَمَا تَرَى عِلَّةً لِوُجُوبِهِ عَلَى الْمُكْرَهِ تَابِعًا لِلْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فِي التَّعْلِيلِ غَافِلًا عَنْ مُرَادِهِ مِنْهُ، وَالصَّوَابُ أَنْ يُحْذَفَ صَدْرُ الْكَلَامِ وَيَقُولَ لِأَنَّهُ آثَرَ نَفْسَهُ بِالْبَقَاءِ عَلَى مُكَافِئِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَعِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ فِي تَوْجِيهِ الْوُجُوبِ عَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ عُدْوَانًا لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ فَكَانَ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ لِيَأْكُلَهُ فِي الضَّرُورَةِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّيْخِ تَعْلِيلُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْمُكْرِهَ بِالْكَسْرِ مَذْكُورٌ فِي قَوْلِهِ أَيْضًا تَأَمَّلْ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ فَهُمَا شَرِيكَانِ تَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ لَا إنْ قَالَ اُقْتُلْنِي إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا خِلَافٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَهَا فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا انْتَهَى اهـ سم.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَوْ قَالَ حُرٌّ لِحُرٍّ أَوْ قِنٍّ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَهُ الْمَقُولُ لَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ لِلْإِذْنِ لَهُ فِي الْقَتْلِ، وَإِنْ فَسَقَ بِامْتِثَالِهِ وَالْقَوَدُ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً كَالدِّيَةِ وَلِهَذَا أُخْرِجَتْ مِنْهَا دُيُونَهُ وَوَصَايَاهُ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي ذَاتُ قَوْلَيْنِ ثَانِيهِمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يُبَاحُ بِالْإِذْنِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الزِّنَا بِأَمَتِهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا دِيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَرِّثَ أَسْقَطَهَا أَيْضًا بِإِذْنِهِ نَعَمْ يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَالْإِذْنُ فِي الْقَطْعِ يُهْدِرُهُ وَسِرَايَتَهُ كَمَا يَأْتِي، وَالثَّانِي تَجِبُ وَلَا يُؤَثِّرُ إذْنُهُ وَمَحِلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي النَّفْسِ فَلَوْ قَالَ لَهُ اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَهَا وَلَمْ يَمُتْ فَلَا دِيَةَ