للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَبَيْتُ مَالٍ) يَعْقِلُ (عَنْ مُسْلِمٍ) الْكُلَّ أَوْ الْبَاقِيَ؛ لِأَنَّهُ يَرِثُهُ بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَمَا لَهُ فَيْءٌ وَالْوَاجِبُ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ اللَّقِيطُ فَلَا يَعْقِلُ عَنْ قَاتِلِهِ بَيْتُ الْمَالِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي أَخْذِهَا مِنْهُ لِتُعَادَ إلَيْهِ (فَ) إنْ عُدِمَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَفِ مَا ذُكِرَ فَالْكُلُّ أَوْ الْبَاقِي (عَلَى جَانٍ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ ابْتِدَاءً عَلَيْهِ ثُمَّ تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فَكُلُّهُ عَلَى جَانٍ.

(وَتُؤَجَّلُ) ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ قَاضٍ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْجَانِي (كَعَاقِلَةِ دِيَةُ نَفْسٍ كَامِلَةٍ) بِإِسْلَامٍ وَحُرِّيَّةٍ وَذُكُورَةٍ (ثَلَاثَ سِنِينَ فِي) آخِرِ (كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثٌ) مِنْ الدِّيَةِ وَتَأْجِيلُهَا بِالثَّلَاثِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ قَضَاءِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَعَزَاهُ الشَّافِعِيُّ إلَى قَضَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالظَّاهِرُ تَسَاوِي الثَّلَاثِ فِي الْقِسْمَةِ وَأَنَّ كُلَّ ثُلُثٍ آخِرَ سَنَتِهِ وَأُجِّلَتْ بِالثَّلَاثِ لِكَثْرَتِهَا لَا لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسٍ وَتَأْجِيلُهَا عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) تُؤَجَّلُ دِيَةُ (كَافِرٍ مَعْصُومٍ) وَلَوْ غَيْرَ ذِمِّيٍّ وَإِنْ عَبَّرَ الْأَصْلُ بِالذِّمِّيِّ (سَنَةً) ؛ لِأَنَّهَا قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةِ مُسْلِمٍ أَوْ أَقَلُّ (و) تُؤَجَّلُ (دِيَةُ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى) مُسْلِمَيْنِ (سَنَتَيْنِ فِي) آخِرِ (الْأُولَى) مِنْهُمَا (ثُلُثٌ) مِنْ دِيَةِ نَفْسٍ كَامِلَةٍ وَذِكْرُ حُكْمِ الْخُنْثَى مِنْ زِيَادَتِي (وَتَحْمِلُ عَاقِلَةٌ رَقِيقًا) أَيْ الْجِنَايَةَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسٍ كَالْحُرِّ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ دِيَةٍ أَوْ دِيَتَيْنِ (فَفِي) آخِرِ (كُلِّ سَنَةٍ) يُؤْخَذُ مِنْهَا (قَدْرُ ثُلُثٍ) مِنْ دِيَةِ نَفْسٍ كَامِلَةٍ (كَ) وَاجِبِ (غَيْرِ نَفْسٍ) مِنْ الْأَطْرَافِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّهُ يُؤَجَّلُ فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرَ ثُلُثِ الدِّيَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُ بَدَلَهَا كَدِيَةِ النَّفْسِ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

جُمْلَتِهِ ذَوُو الْأَرْحَامِ فَيُقَدَّمُونَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ فَبَيْتُ مَالٍ) أَيْ يُؤْخَذُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ مِنْهُ الْوَاجِبُ بِكَمَالِهِ أَوْ مَا بَقِيَ مُؤَجَّلًا اهـ حَجّ اهـ سم فَعُلِمَ أَنَّ جِهَاتِ التَّحَمُّلِ ثَلَاثَةٌ قَرَابَةٌ وَوَلَاءٌ وَبَيْتُ مَالٍ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ وَارِثَهُ بَيْتُ الْمَالِ فَلَوْ عَقَلَ عَادَ إلَيْهِ مَا عَقَلَ بِهِ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ إلَّا بَيْتُ الْمَالِ كَاللَّقِيطِ فِيمَا ذَكَرَ اهـ سم. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَدِمَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَفِ مَا ذَكَرَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر، فَإِنْ فُقِدَ بَيْتُ الْمَالِ بِأَنْ تَعَذَّرَ أَخْذُ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ مِنْهُ لِعَدَمِ وُجُودِ شَيْءٍ أَوْ مَنْعِ مُتَوَلِّيهِ ذَلِكَ ظُلْمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ كَانَ ثَمَّ مَصْرِفٌ أَهَمُّ فَعَلَى الْجَانِي إلَخْ انْتَهَتْ قَالَ حَجّ.

(تَنْبِيهٌ)

هَلْ يَعُودُ التَّحَمُّلُ لِغَيْرِهِ بِعَوْدِ صَلَاحِيَّتِهِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ نَحْوُ فَقْرِهِ مَثَلًا، وَقَدْ زَالَ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ هُوَ الْأَصْلُ فَمَتَى خُوطِبَ بِهِ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهُ لِانْقِطَاعِ النَّظَرِ لِنِيَابَةِ غَيْرِهِ عَنْهُ حِينَئِذٍ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ فَلَوْ عَدِمَ مَا فِي بَيْتِ الْمَالِ فَأَخَذَ مِنْ الْجَانِي، ثُمَّ اسْتَغْنَى بَيْتُ الْمَالِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ بِخِلَافِ عَاقِلَةٍ أَنْكَرُوا الْجِنَايَةَ فَأُخِذَتْ مِنْ الْجَانِي، ثُمَّ اعْتَرَفُوا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ هُنَا حَالَةَ الْأَخْذِ مِنْ أَهْلِ التَّحَمُّلِ بِخِلَافِ بَيْتِ الْمَالِ اهـ س ل. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَدِمَ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ شَيْءٌ قَالَ بَعْضُهُمْ أَوْ لَمْ يَنْتَظِمُ أَمْرُهُ بِحَيْلُولَةِ الظَّلَمَةِ دُونَهُ اهـ ح ل. وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا، وَلَوْ كَانَ تَعَذُّرُ بَيْتِ الْمَالِ لِعَدَمِ الِانْتِظَامِ أُخِذَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ قَبْلَ الْجَانِي بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ، وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ أَنَّ مَنْعَ بَذْلِ مُتَوَلِّي أَمْرِ بَيْتِ الْمَالِ ظُلْمًا كَفَقْدِ مَا فِيهِ فَتُؤْخَذُ مِنْ الْجَانِي وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَتَنْظِيرُ الشَّارِحِ فِيهِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْعَاقِلَةِ إذَا امْتَنَعُوا فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْجَانِي يُرَدُّ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهُمْ بِالْحَاكِمِ، فَإِنْ فُرِضَ عَجْزُهُ فَنَادِرٌ بِخِلَافِ مُتَوَلِّي أَمْرِ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ لَوْ لَمْ يَجْعَلْهَا عَلَى الْجَانِي لَضَاعَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ بَعْدَ الْأَخْذِ مِنْ الْجَانِي لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ يُلَاقِيهِ ابْتِدَاءً كَمَا مَرَّ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي وُجُوبِهِ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِأَنَّهُمْ أَهْلٌ لِلتَّحَمُّلِ حَالَ أَدَائِهِ بِخِلَافِ بَيْتِ الْمَال هُنَا؛ لِأَنَّهُ حَالَ الْأَدَاءِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ اهـ وَقَضِيَّةُ مَا عَلَّلَ بِهِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ إذَا امْتَنَعَ الْمُتَوَلِّي ظُلْمًا، ثُمَّ بَعْدَ الْأَخْذِ مِنْ الثَّانِي أَجَابَ، وَقَدْ يُوَجَّهُ هَذَا أَيْضًا بِأَنَّ شَرْطَ الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا وَإِذَا مَنَعَ بَيْتُ الْمَالِ ظُلْمًا لَمْ يَكُنْ مُنْتَظِمًا فَلَا يَكُونُ وَارِثًا فَلَا يَكُونُ عَاقِلًا فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم. (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ، فَإِنْ فُقِدَ فَعَلَى الْجَانِي فِي الْأَظْهَرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ ابْتِدَاءٌ، ثُمَّ تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ وَالثَّانِي الْمَنْعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ ابْتِدَاءٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ دَيْنًا فِي بَيْتِ الْمَالِ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ وَحَيْثُ وَجَبَ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ عَلَى الْجَانِي فَيَتَأَجَّلُ تَأَجُّلُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ثَلَاثَ سِنِينَ كُلُّ سَنَةٍ ثُلُثُهُ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَتُؤَجَّلُ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا انْتَهَى الْأَمْرُ لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ كَعَاقِلَةِ) قَالَ النَّاشِرِيُّ إلَّا أَنَّهُ يُخَالِفُهَا فِي أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ قَدْرُ ثُلُثِ الدِّيَةِ كُلَّ سَنَةٍ لَا رُبْعَ دِينَارٍ وَلَا نِصْفَ دِينَارٍ، وَلَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ حَلَّ عَلَيْهِ وَأُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ بِخِلَافِ مَوْتِ وَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اهـ سم. (قَوْلُهُ لَا؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسٍ) أَيْ وَإِلَّا لَأُجِّلَتْ بِالثَّلَاثَةِ دِيَةُ الْكَافِرِ وَالْمَرْأَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةِ مُسْلِمٍ) أَيْ، وَذَلِكَ فِي الْيَهُودِيِّ أَوْ أَقَلَّ، وَذَلِكَ فِي الْمَجُوسِيِّ إذَا عُقِدَتْ لَهُ ذِمَّةٌ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ وَتَحَمُّلُ عَاقِلَةِ رَقِيقًا إلَخْ) لَوْ اخْتَلَفَ الْعَاقِلَةُ وَالسَّيِّدُ فِي قِيمَتِهِ صُدِّقُوا بِأَيْمَانِهِمْ لِكَوْنِهِمْ غَارِمِينَ اهـ س ل. (قَوْلُهُ بِقِيمَتِهِ) لَعَلَّ الْبَاءَ زَائِدَةٌ فِي الْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ هِيَ الْمَحْمُولَةُ وَيَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ التَّفْسِيرِ وَيَكُونُ مَدْخُولُهَا بَدَلًا مِنْ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ بَدَلَ اشْتِمَالٍ أَوْ هِيَ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ الْجَنَابَةِ مُلْتَبِسَةٌ بِقِيمَتِهِ مُلَابَسَةَ السَّبَبِ لِلْمُسَبِّبِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ يُؤْخَذُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْقِيمَةِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ مِنْ دِيَةِ نَفْسٍ كَامِلَةٍ) فَفِيمَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ دِيَتَيْنِ تُؤْخَذُ فِي سِتٍّ سِتِّينَ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْعَاقِلَةَ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَالْأَطْرَافُ وَالْمَعَانِي وَالْأُرُوشُ وَالْحُكُومَاتُ فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ نِصْفَ دِيَةٍ فَفِي الْأُولَى ثُلُثٌ، وَفِي الثَّانِيَةِ سُدُسٌ أَوْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا فَفِي الْأَوَّلَيْنِ ثُلُثٌ، وَفِي الثَّانِيَةِ ثُلُثٌ، وَفِي الثَّالِثَةِ نِصْفُ سُدُسٍ أَوْ دِيَتَيْنِ فَفِي سِتٍّ سِنِينَ، وَقِيلَ تَجِبُ كُلُّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>