إنْ لَمْ يَكُنْ الْغَائِبُ مُتَوَارِيًا وَلَا مُتَعَزِّزًا
(بَعْدَ) إقَامَةِ (حُجَّتِهِ أَنَّ الْحَقَّ) ثَابِتٌ (عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ) وَبَعْدَ تَعْدِيلِهَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا احْتِيَاطًا لِلْغَائِبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَضَرَ رُبَّمَا ادَّعَى مَا يُبْرِئُهُ مِنْهُ (كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى نَحْوِ صَبِيٍّ) مِنْ مَجْنُونٍ وَمَيِّتٍ، وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ لِمَا مَرَّ نَعَمْ إنْ كَانَ لِلْغَائِبِ نَائِبٌ حَاضِرٌ أَوْ لِلصَّبِيِّ أَوْ لِلْمَجْنُونِ نَائِبٌ خَاصٌّ أَوْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ خَاصٌّ اعْتَبَرَ فِي وُجُوبِ التَّحْلِيفِ سُؤَالَهُ وَلَوْ ادَّعَى قَيِّمٌ لِمُوَلِّيهِ شَيْئًا وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً عَلَى قَيِّمِ شَخْصٍ آخَرَ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ يَجِبُ انْتِظَارُ كَمَالِ الْمُدَّعَى لَهُ لِيَحْلِفَ ثُمَّ يُحْكَمُ لَهُ وَخَالَفَهُمَا السُّبْكِيُّ فَقَالَ الْوَجْهُ أَنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ وَلَا يَنْتَظِرُ كَمَالَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الِانْتِظَارِ ضَيَاعُ الْحَقِّ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ هُنَا تَابِعَةٌ لِلْبَيِّنَةِ وَتَعْبِيرِي فِيمَا مَرَّ بِالْعُقُوبَةِ، وَفِيهِ وَفِيمَا يَأْتِي بِالْحُجَّةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحَدِّ وَبِالْبَيِّنَةِ وَقَوْلِي يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ مِنْ زِيَادَتِي وَلَا يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ لِتَأْجِيلٍ وَنَحْوِهِ.
ــ
[حاشية الجمل]
الْأَعْضَاءِ الْبَاطِنَةِ فَيَحْلِفُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَلَى سَلَامَتِهِ اهـ الْعَاشِرَةُ إذَا ادَّعَى الْمُودَعُ أَنَّهُ سَافَرَ لِلْخَوْفِ ثُمَّ هَلَكَتْ بِالسَّفَرِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ شَاهِدٌ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَقَطْ حَلَفَ يَمِينَيْنِ يَمِينًا لِتَكْمِيلِ الشَّهَادَةِ وَيَمِينًا لِلِاسْتِظْهَارِ اهـ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّحْرِيرِ وَحَوَاشِيهِ وَفِي ع ش عَلَى م ر وَهَذِهِ الْيَمِينُ لَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ أَيْ لَا يَرُدُّهَا الْمُدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ وَيُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى حُضُورِهِ اهـ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَيَجِبُ تَحْلِيفُهُ إلَخْ) ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى عَلَى حَاضِرٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً لَمْ يَجُزْ تَحْلِيفُهُ مَعَهَا، وَإِنْ ارْتَابَ الْقَاضِي فِي الْبَيِّنَةِ خِلَافًا لِمَا يَقَعُ لِبَعْضِ قُضَاةِ الْجَهَلَةِ بَلْ إنْ شَاءَ احْتَاطَ فِي الْبَحْثِ عَنْ حَالِ الْبَيِّنَةِ اهـ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْغَائِبُ مُتَوَارِيًا وَلَا مُتَعَزِّزًا) فَإِنْ كَانَ مُتَوَارِيًا أَوْ مُتَعَزِّزًا لَمْ يَجِبْ تَحْلِيفُهُ لِعَدَمِ عُذْرِ الْغَائِبِ فِي الْحُضُورِ وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ التَّحْلِيفِ، وَإِنْ كَانَ مُتَوَارِيًا أَوْ مُتَعَزِّزًا اهـ ح ل وَقَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَلَا يَمِينَ لِقُدْرَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْحُضُورِ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَصَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ؛ لِأَنَّ هَذَا احْتِيَاطٌ لِلْقَضَاءِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ تَمَرُّدُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اهـ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا م ر مَا صَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ اهـ سم (قَوْلُهُ أَنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ عَلَيْهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا لَا يَأْتِي فِي الدَّعْوَى بِعَيْنٍ بَلْ يَحْلِفُ فِيهَا عَلَى مَا يَلِيقُ كَأَنْ يَقُولَ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ تَحْتَ يَدِهِ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا اهـ س ل وع ش عَلَى م ر فَإِذَا كَانَتْ حُجَّتُهُ شَاهِدًا وَيَمِينًا وَجَبَتْ يَمِينَانِ وَاحِدَةٌ تَكْمِلَةُ الْحُجَّةِ وَوَاحِدَةٌ لِلِاسْتِظْهَارِ وَيَجِبُ أَنْ يَقُولَ فِي يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ وَلَا أَعْلَمُ فِي شُهُودِي أَوْ شَاهِدِي قَادِحًا يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ وَهَلْ تَجِبُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ فِي الْقَسَامَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا دُونَ الْبَيِّنَةِ أَوْ لِكَوْنِهَا مِنْ جِنْسِ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ فَلَا حَاجَةَ لِيَمِينٍ أُخْرَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى وُجُوبِ الْيَمِينِ يَكْتَفِي بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ وَلَا تَجِبُ خَمْسُونَ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ أَيْضًا أَنَّ الْحَقَّ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنَّ الْحَقَّ عَلَيْهِ وَتَنَازَعَهُ تَحْلِيفُهُ وَإِقَامَةُ حُجَّةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ تَعَلُّقُهُ بِالْأَوَّلِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَدَعْوَى قِنٍّ عِتْقًا أَوْ امْرَأَةٍ طَلَاقًا عَلَى غَائِبٍ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ حِسْبَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ إذَا لَاحَظَ جِهَةَ الْحِسْبَةِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْعِتْقِ وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقَةِ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ نَحْوَ بَيْعٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِهِ وَطَلَبَ الْحُكْمَ بِثُبُوتِهِ فَإِنَّهُ يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الْجَوَاهِرِ وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ تَحْلِيفُهُ خَوْفًا مِنْ مُفْسِدٍ قَارَنَ الْعَقْدَ أَوْ طَرَّ وَمُزِيلٍ لَهُ وَيَكْفِي أَنَّهُ الْآنَ مُسْتَحِقٌّ لِمَا ادَّعَاهُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَبَعْدَ تَعْدِيلِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بَعْدَ إقَامَةِ حُجَّتِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَوْ حَضَرَ رُبَّمَا ادَّعَى مَا يُبَرِّئُهُ مِنْهُ) أَيْ، وَهُوَ إذَا ادَّعَى مَا ذَكَرَ يُكَلِّفُ الْمُدَّعِي يَمِينًا زَائِدَةً عَلَى الْبَيِّنَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يَمِينَ عَلَى مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً إلَّا إنْ ادَّعَى خَصْمُهُ مُسْقِطًا فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِهِ اهـ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ ادَّعَى) أَيْ مَنْ مَعَهُ حُجَّةً عَلَى نَحْوِ صَبِيٍّ وَإِلَّا فَدَعْوَاهُ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَلَوْ فِي إتْلَافٍ وَنَحْوِهِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ زي قَوْلُهُ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى نَحْوِ صَبِيٍّ إلَخْ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ بِمَا ادَّعَاهُ بُخْلًا مَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ وَعَلَى هَذِهِ الْحَالِ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الِاحْتِيَاطِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ لِلْغَائِبِ إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ لَمْ يَكُنْ قَضَاءً عَلَى غَائِبٍ وَلَمْ تَجِبْ يَمِينٌ جَزْمًا قَالَ حَجّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْخُصُومَاتِ فِي نَحْوِ الْيَمِينِ بِالْمُوَكِّلِ لَا الْوَكِيلِ فَهُوَ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْيَمِينِ ثُمَّ قَالَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّعْوَى إنْ سُمِعَتْ عَلَى الْوَكِيلِ تَوَجَّهَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ دُونَ مُوَكِّلِهِ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِطَلَبِ الْيَمِينِ احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْمُوَكِّلِ، وَإِنْ لَمْ تُسْمَعْ عَلَيْهِ تَوَجَّهَ الْحُكْمُ إلَى الْغَائِبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي الْيَمِينِ وَغَيْرِهَا اهـ س ل (قَوْلُهُ أَوْ لِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ نَائِبٌ) الْأَوْلَى وَلِي وَلَعَلَّهُ عَبَّرَ بِالنَّائِبِ لِمُشَاكَلَةِ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ اعْتَبَرَ فِي وُجُوبِ التَّحْلِيفِ سُؤَالَهُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ وُجُوبَ التَّحْلِيفِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سُؤَالِهِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْضًا اعْتَبَرَ فِي وُجُوبِ التَّحْلِيفِ سُؤَالَهُ) فَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ حَكَمَ وَلَا يُؤَخِّرُ الْيَمِينَ لِسُؤَالِهِ لِعَدَمِ وُجُوبِ التَّحْلِيفِ عِنْدَ عَدَمِ سُؤَالِهِ اهـ ز ي مَا لَمْ يَكُنْ سُكُوتُهُ لِجَهْلٍ وَإِلَّا فَيُعَرِّفُهُ الْحَاكِمُ اهـ س ل (قَوْلُهُ عَلَى قَيِّمِ شَخْصٍ آخَرَ) حَاضِرٍ وَقَوْلُهُ فَمُقْتَضَى إلَخْ مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ انْتِظَارُ كَمَالِ الْمُدَّعَى لَهُ شَامِلٌ لِلسَّفِيهِ وَلَا يَكْتَفِي بِيَمِينِهِ حَرِّرْ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ هُنَا تَابِعَةٌ لِلْبَيِّنَةِ أَيْ فَسَقَطَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ هُنَا تَابِعَةٌ) أَيْ فَتَسْقُطُ اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute