الْحَقَّ (أَوْ سَمَاعِ حُجَّةٍ) لِيَحْكُمَ بِهَا ثُمَّ يَسْتَوْفِيَ فِي الْحَقِّ (وَيُسَمِّيهَا) أَيْ الْحُجَّةَ (إنْ لَمْ يُعَدِّلْهَا وَإِلَّا فَلَهُ تَرْكُ تَسْمِيَتِهَا) كَمَا أَنَّهُ إذَا حَكَمَ اسْتَغْنَى عَنْ تَسْمِيَةِ الشُّهُودِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْحُجَّةُ شَاهِدَيْنِ فَذَاكَ أَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا أَوْ يَمِينًا مَرْدُودَةً وَجَبَ بَيَانُهَا فَقَدْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ حُجَّةً عِنْدَ الْمَنْهِيِّ إلَيْهِ (وَسُنَّ) مَعَ الْإِشْهَادِ (كِتَابٌ بِهِ يَذْكُرُ فِيهِ مَا يُمَيِّزُ الْخَصْمَيْنِ) الْغَائِبَ وَذَا الْحَقِّ وَذِكْرُ الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِي وَيَكْتُبُ فِي إنْهَاءِ الْحُكْمِ قَامَتْ عِنْدِي حُجَّةٌ عَلَى فُلَانٍ لِفُلَانٍ بِكَذَا حَكَمْت لَهُ بِهِ فَاسْتَوْفَى حَقَّهُ وَقَدْ يَنْهَى عِلْمُ نَفْسِهِ (وَ) سُنَّ (خَتْمُهُ) بَعْدَ قِرَاءَتِهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِحَضْرَتِهِ وَيَقُولُ أُشْهِدُكُمَا أَنِّي كَتَبْت إلَى فُلَانٍ بِمَا سَمِعْتُمَا وَيَضَعَانِ خَطَّهُمَا فِيهِ وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ أُشْهِدُكُمَا أَنَّ هَذَا خَطِّي، وَأَنَّ مَا فِيهِ حُكْمِي وَيَدْفَعُ لِلشَّاهِدَيْنِ نُسْخَةً أُخْرَى بِلَا خَتْمٍ لِيُطَالِعَاهَا وَيَتَذَكَّرَا عِنْدَ الْحَاجَةِ (وَيَشْهَدَانِ) عِنْدَ الْقَاضِي الْآخَرِ عَلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ (بِمَا جَرَى) عِنْدَهُ مِنْ ثُبُوتٍ أَوْ حُكْمٍ (إنْ أَنْكَرَ الْخَصْمُ) الْمُحْضَرُ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ فِيهِ عَلَيْهِ (فَإِنْ قَالَ لَيْسَ الْمَكْتُوبُ اسْمِي حَلَفَ) فَيُصَدَّقُ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ لَمْ يَعْرِفْ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِنَفْسِهِ وَالْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَإِنْ عُرِفَ بِهِ لَمْ يُصَدِّقْ بَلْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ (أَوْ) قَالَ (لَسْت الْخَصْمَ وَ) قَدْ (ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ) أَوْ بِحُجَّةٍ (أَنَّهُ اسْمُهُ حَكَمَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يُشْرِكُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الِاسْمِ حَالَةَ كَوْنِهِ (مُعَاصِرًا لِلْمُدَّعِي) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يُشْرِكُهُ فِيهِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ أَوْ كَانَ وَلَمْ يُعَاصِرْ الْمُدَّعِي لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يُشْرِكُهُ فِيهِ وَعَاصَرَ الْمُدَّعِي (فَإِنْ مَاتَ) .
ــ
[حاشية الجمل]
فَيَقُولُ شَهِدَ عِنْدِي عُدُولٌ وَحَكَمْت بِشَهَادَتِهِمْ أَوْ يَقُولُ حَكَمْت بِكَذَا اهـ ح ل (وَقَوْلُهُ أَوْ سَمَاعِ حُجَّةٍ) أَيْ وَالْحَاكِمُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَإِلَّا وَجَبَ إحْضَارُ الْبَيِّنَةِ أَوْ سَمَاعُ كَلَامِهِمَا كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَيْضًا أَوْ سَمَاعِ حُجَّةٍ) تَوَقَّفَ فِيهِ الْقَاضِي وَقَالَ هُوَ غَيْرُ مَسْطُورٍ لِلشَّافِعِيِّ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ تَخْرِيجِ الْأَصْحَابِ قَالَ وَقِيَاسُ قَوْلِهِ عَدَمُ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِي إذَا سَمِعَ الْبَيِّنَةَ فَهُوَ كَشَاهِدٍ فَرْعٍ فَلَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ شَهَادَةُ شَاهِدَيْنِ إذْ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا تَثْبُتُ بِوَاحِدٍ قَالَ الْإِمَامُ، وَهَذَا الَّذِي أَبْدَاهُ لَيْسَ مَذْهَبًا وَلَا وَجْهًا مُخَرَّجًا، وَإِنَّمَا هُوَ إشْكَالٌ وَاَلَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ الْجَوَازُ قَائِلِينَ بِأَنَّ سَمَاعَ الْقَاضِي حُكِمَ مِنْهُ بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إنَّهُ حُكْمُ ثُبُوتٍ وَفِي كَلَامِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَقْلٌ اهـ
وَالْأَصَحُّ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحُكْمٍ اهـ سم (قَوْلُهُ لِيَحْكُمَ بِهَا) أَيْ حَاكِمُ بَلَدِ الْغَائِبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْحَاكِمُ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَوْ يَمِينًا مَرْدُودَةً) الْغَرَضُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ يَمِينٌ مَرْدُودَةٌ وَقَدْ تُصُوِّرَ بِمَا إذَا ادَّعَى عَلَى حَاضِرٍ وَرَدَّ الْيَمِينَ ثُمَّ غَابَ قَبْلَ الْقَضَاءِ ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِ بَعْدَ تَحْلِيفِ خَصْمِهِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ الْعَنَانِيِّ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ حَالَ حُضُورِهِ فَيُنْكِرُ وَيَعْجِزُ الْمُدَّعِي عَنْ الْبَيِّنَةِ وَيَرُدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَيَحْلِفُهَا الْمُدَّعِي فِي غَيْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَسُنَّ كِتَابٌ إلَخْ) وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ كِتَابَتِهِ بِسَمَاعِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ لِيَسْمَعَ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ شَاهِدًا آخَرَ وَيَحْلِفَهُ لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَدُّ بِكِتَابِ الْقَاضِي حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُهُ بِغَيْرِهِ فَلَوْ طُلِبَ مِنْهُ الْحُكْمَ لِغَرِيبٍ حَاضِرٍ عَلَى غَائِبٍ بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ فِي بَلَدِ الْقَرِيبِ وَلَهُ بَيِّنَةٌ مِنْ بَلَدِهِ وَلَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُمْ عِنْدَهُ وَهُمْ عَازِمُونَ عَلَى السَّفَرِ إلَيْهِ وَذَكَرَ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً تُزَكِّيهِمْ عِنْدَ قَاضِي بَلَدِهِمْ لَمْ يَسْمَعْ شَهَادَتَهُمْ، وَإِنْ سَمِعَهَا لَمْ يَكْتُبْ بَلْ يَقُولُ لَهُ اذْهَبْ مَعَهُمْ لِقَاضِي بَلَدِك وَبَلَدِ مِلْكِك لِيَشْهَدُوا عِنْدَهُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كِتَابٌ بِهِ) أَيْ بِمَا جَرَى مِنْ الْحُكْمِ أَوْ السَّمَاعِ وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى إرْسَالِ الشَّاهِدَيْنِ مِنْ غَيْرِ كِتَابٍ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَسُنَّ كِتَابٌ بِهِ أَيْ بِمَا جَرَى عِنْدَهُ مِنْ ثُبُوتٍ أَوْ حُكْمٍ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ رَجُلَانِ، وَلَوْ فِي مَالٍ أَوْ هِلَالِ رَمَضَانَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ مَا يُمَيِّزُ الْخَصْمَيْنِ) أَيْ مِنْ اسْمٍ وَنَسَبٍ وَصِفَةٍ وَحِلْيَةٍ اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَقَدْ يُنْهَى عِلْمُ نَفْسِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَنْهِيَّ إلَيْهِ يَحْكُمُ اكْتِفَاءً بِإِخْبَارِ ذَلِكَ الْقَاضِي عَنْ عِلْمِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى شَاهِدٍ آخَرَ بَلْ يَنْزِلُ إخْبَارُهُ عَنْ عِلْمِهِ مَنْزِلَةَ إنْهَاءِ الْبَيِّنَةِ إلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ م ر حَيْثُ قَالَ وَخَرَجَ بِالْبَيِّنَةِ عِلْمُهُ فَلَا يُكْتَبُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ لَا قَاضٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْعِدَّةِ لَكِنْ ذَهَبَ السَّرَخْسِيُّ إلَى خِلَافِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ إذْ عِلْمُهُ كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ اهـ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَقَدْ يُنْهَى عِلْمُ نَفْسِهِ) أَيْ إذَا كَانَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا اهـ ع ش وَحِينَئِذٍ يَحْكُمُ بِهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَيْ وَقَدْ لَا يُنْهَى عِلْمُ نَفْسِهِ بِأَنْ كَانَ الْمَنْهِيُّ إلَيْهِ لَا " يَرَى الْحُكْمَ بِعِلْمِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَسُنَّ خَتْمُهُ) أَيْ حِفْظًا لَهُ وَإِكْرَامًا لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَخَتْمُ الْكِتَابِ مِنْ حَيْثُ هُوَ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِخَتْمِهِ جَعْلُ نَحْوِ شَمْعٍ عَلَيْهِ وَيَخْتِمُ عَلَيْهِ بِخَاتِمَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَتَحَفَّظُ بِذَلِكَ وَيُكْرِمُ بِهِ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ حِينَئِذٍ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُرْسِلُ كُتُبَهُ غَيْرَ مَخْتُومَةٍ فَامْتَنَعَ بَعْضُهُمْ مِنْ قَبُولِهَا إلَّا مَخْتُومَةً فَاِتَّخَذَ خَاتَمًا وَنَقَشَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَيُسَنُّ لَهُ ذِكْرُ نَقْشِ خَاتِمَةِ الَّذِي يَخْتِمُ بِهِ فِي الْكِتَابِ وَأَنْ يُثَبِّتَ اسْمَ نَفْسِهِ وَاسْمَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فِي بَاطِنِهِ وَعُنْوَانَهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ كَمَا إلَخْ) أَيْ لَا يَكْفِي عَنْ قِرَاءَتِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَيْهِمَا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَيَشْهَدَانِ عِنْدَ الْقَاضِي الْآخَرِ) أَيْ بَعْدَ حُضُورِ الْخَصْمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ بَابِلِيٌّ وَانْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ م ر فِي الشَّرْحِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ إنْ أَنْكَرَ الْخَصْمُ الْمَحْضَرَ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ حَكَمَ احْتِيَاطًا خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ لَا يَتَوَقَّفُ إثْبَاتُ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ عَلَى حُضُورِ الْخَصْمِ كَمَا قَالَهُ الْعَنَانِيُّ
(قَوْلُهُ بِمَا جَرَى عِنْدَهُ) أَيْ، وَهُوَ حُكْمُهُ أَوْ سَمَاعُهُ بِنِيَّةِ الْحَقِّ فَلَا يَشْهَدَانِ بِالْحَقِّ بَلْ بِالثُّبُوتِ أَوْ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ بَلْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ) أَيْ حَيْثُ لَا مُشَارِكَ لَهُ فِي ذَلِكَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ الْآتِي تَأَمَّلْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَوْ بِحُجَّةِ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْعَدَالَةَ الْبَاطِنَةَ بَلْ يَكْتَفِي بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ اهـ ح ل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute