(غَيْرُ مُطَهِّرٍ) سَوَاءٌ أَكَانَ قُلَّتَيْنِ أَمْ لَا فِي غَيْرِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَاءً وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فَشَرِبَ مِنْ ذَلِكَ
ــ
[حاشية الجمل]
كَلَامُهُ بِرِيحِ اللَّاذَنِ وَعَلَى كَلَامِ الرُّويَانِيِّ يُعْتَبَرُ بِمَاءِ وَرْدٍ لَهُ رَائِحَةٌ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْمُخَالِطِ وَقَوْلُهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَرْضِ إلَخْ قَدْ يُخَالِفُ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ فُرِضَ وَصْفُ الْخَلِيطِ الْمَفْقُودِ إلَّا أَنْ يُخَصَّ مَا هُنَا بِمَا لَوْ كَانَ الْوَاقِعُ فِي الْأَصْلِ لَهُ الصِّفَاتُ الثَّلَاثَةُ وَفُقِدَتْ أَوْ لَيْسَ لَهُ صِفَةٌ كَالْمُسْتَعْمَلِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ بَعِيدٌ اهـ.
وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ فُرِضَ وَصْفُ الْخَلِيطِ الْمَفْقُودِ أَيْ بِفَرْضِ جَمِيعِ الْأَوْصَافِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَعْلُومٌ إلَخْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ مَائِعٌ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَصْفٌ مَثَلًا فَفُقِدَ أَنَّهُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الصِّفَاتِ لَكِنْ ذَلِكَ الْعَرْضُ إنَّمَا هُوَ عَنْ الْوَصْفِ الْمَفْقُودِ الَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِهِ الْوُجُودُ كَالرِّيحِ فِي مَاءِ الْوَرْدِ الْمُنْقَطِعِ الرَّائِحَةُ وَكَالطَّعْمِ فِي الْمِلْحِ الْجَبَلِيِّ لَا أَنَّ كُلَّ وَصْفٍ بَدَلٌ عَنْ نَظِيرِهِ مِنْ الْمَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَأْنِهِ وُجُودُهُ فِيهِ كَاللَّوْنِ فِي الْمِثَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَصْفَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفُقِدَ حَتَّى يُقَدَّرَ فَرَجَعَتْ عِبَارَتُهُ إلَى قَوْلِ الْعُبَابِ وَلَوْ خَالَطَ الْمَاءَ الْقَلِيلَ أَوْ الْكَثِيرَ مَائِعٌ طَاهِرٌ يُوَافِقُ أَوْصَافَهُ أَوْ خَالَطَ الْمَاءَ الْقَلِيلَ مُسْتَعْمَلٌ وَلَمْ يَبْلُغْ قُلَّتَيْنِ فُرِضَ وَصْفُ الْخَلِيطِ الْمَفْقُودِ مُخَالِفًا وَسَطًا فِي جَمِيعِ الْأَوْصَافِ اهـ فَجَعَلَ الْفَرْضَ لِلْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ بَدَلًا عَنْ خُصُوصِ الْوَصْفِ الْمَفْقُودِ وَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ مَعَ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِهِ كَالشَّارِحِ أَنَّ الْمَائِعَ مُوَافِقٌ فِي جَمِيعِ الْأَوْصَافِ وَوَجْهُهُ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ وَوَجْهُ تَقْدِيرُ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ الْأَمْرَ إذَا آلَ إلَى التَّقْدِيرِ يُسْلَكُ فِيهِ الِاحْتِيَاطُ أَلَا تَرَى أَنَّ وَصْفَ النَّجَاسَةِ الْمَفْقُودَ يُقَدَّرُ بِالْأَشَدِّ وَإِنْ كَانَ تَأْثِيرُهُ أَضْعَافَ تَأْثِيرِ الْوَصْفِ الْمَفْقُودِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ فِي الشَّارِحِ كَالْعُبَابِ وَغَيْرِهِ تَعَرُّضٌ لِمَا إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ مَا يُوَافِقُهُ فِي بَعْضِ أَوْصَافِهِ وَيُخَالِفُهُ فِي بَعْضِهَا بَلْ كَلَامُهُمَا كَغَيْرِهِمَا يُفْهَمُ أَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ حِينَئِذٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
إذْ مِنْ الْبَعِيدِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ مِلْحٌ جَبَلِيٌّ مَثَلًا بَاقِي الطَّعْمِ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ بِطَعْمِهِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ إلَّا هُوَ فِي الْوَاقِعِ إنَّا نَفْرِضُ لَهُ لَوْنًا أَوْ رِيحًا مُخَالِفًا وَكَلَامُهُمْ وَأَمْثِلَتُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ وَصْفٌ مَفْقُودٌ مِنْ شَأْنِهِ الْوُجُودُ حَتَّى تُقَدِّرَ بَدَلَهُ وَلَيْسَ الْمُخَالِطُ الطَّاهِرُ كَالنَّجَاسَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ فِيهَا الشِّهَابُ ابْنُ حَجٍّ مِنْ أَنَّهَا إذَا وَافَقَتْ فِي بَعْضِ الْأَوْصَافِ وَخَالَفَتْ فِي بَعْضِهَا أَنَّا نُقَدِّرُ الْأَوْصَافَ الْمُوَافَقَةَ إذَا لَمْ تُغَيِّرْ بِالْمُخَالَفَةِ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ وَهُوَ غِلَظُ أَمْرِ النَّجَاسَةِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْ هُوَ نَظِيرَهُ هُنَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى الشَّارِحِ مِنْ دَعْوَى التَّنَاقُضِ فِي كَلَامِهِ نَعَمْ تَأْخِيرُ قَوْلِهِ وَمَعْلُومٌ إلَخْ عَمَّا نَقَلَهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ يُوهِمُ جَرَيَانَهُ فِيهِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَيُقَدَّرُ مُخَالِفًا) أَيْضًا يَعْنِي إنْ أُرِيدَ التَّقْدِيرُ وَإِلَّا فَلَوْ هَجَمَ شَخْصٌ وَتَوَضَّأَ بِهِ صَحَّ وُضُوءُهُ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ شَاكٌّ وَنَحْنُ لَا نُؤَثِّرُ بِالشَّكِّ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ الْمُتَيَقَّنِ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي مُغَيِّرِهِ هَلْ هُوَ مُخَالِطٌ أَوْ مُجَاوِرٌ أَوْ فِي كَثْرَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ غَيْرِ مُطَهِّرٍ) مَحَلُّهُ أَعْنِي كَوْنَهُ غَيْرَ مُطَهِّرٍ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ ذَلِكَ الْمُخَالِطِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَهُوَ مُطَهِّرٌ لَهُ كَمَا لَوْ أُرِيدَ تَطْهِيرُ سِدْرٍ أَوْ عَجِينٍ أَوْ طِينٍ فَصُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ فَتَغَيَّرَ بِهِ تَغْيِيرًا كَثِيرًا قَبْلَ وُصُولِهِ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ فَإِنَّهُ يُطَهِّرُ جَمِيعَ أَجْزَائِهِ بِوُصُولِهِ لَهَا وَإِنْ كَانَ مُتَغَيِّرًا كَثِيرًا لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ إلَّا بَعْدَ تَغَيُّرِهِ كَذَلِكَ هَكَذَا حَفِظْتُهُ مِنْ تَقْرِيرِ شَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَاعْتِمَادُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أُرِيدَ غُسْلُ الْمَيِّتِ فَتَغَيَّرَ الْمَاءُ الْمَصْبُوبُ عَلَى بَدَنِهِ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ سِدْرٍ تَغَيُّرًا كَثِيرًا فَإِنَّهُ يَضُرُّ عَلَى الْمُتَّجَهِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي بَابِ غُسْلِ الْمَيِّتِ وِفَاقًا لِجَمَاعَةٍ فَتَأَمَّلْ اهـ سم اهـ ع ش (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَاءِ الَّذِي خَلِيطُهُ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ وَهَذَا رَاجِعٌ لِلشِّقِّ الْأَوَّلِ مِنْ التَّعْمِيمِ وَقَوْلُهُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي هُوَ قَوْلُهُ وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي فَرْضٍ غَيْرُ مُطَهِّرٍ إنْ قَلَّ الْمُفِيدُ بِمَفْهُومِهِ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ إذَا كَثُرَ يَكُونُ مُطَهِّرًا مَعَ أَنَّ جَمِيعَهُ مُسْتَعْمَلٌ فَبِالْأَوْلَى مَا إذَا كَانَ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ مُخَالِطًا لِمَاءٍ آخَرَ مُطْلَقٍ وَصَارَ الْمَجْمُوعُ قُلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ.
وَعِبَارَةُ الْأُجْهُورِيِّ قَوْلُهُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي الَّذِي يَأْتِي هُوَ قَوْلُ الشَّارِحِ أَمَّا إذَا كَثُرَ ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً بِأَنْ جَمَعَ إلَخْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَاءً) أَيْ لِأَنَّ الْمُتَغَيِّرَ الْمَذْكُورَ وَلَوْ تَقْدِيرًا لَا يُسَمَّى مَاءً أَيْ بِلَا قَيْدٍ لَازِمٍ بَلْ بِقَيْدٍ لَازِمٍ كَمَاءِ الْخَرُّوبِ وَمَاءِ الزَّبِيبِ وَمَاءِ الْوَرْدِ اهـ ح ل بِزِيَادَةٍ لِكَاتِبِهِ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَاءً مَا لَوْ قَالَ هَذَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِهِ وَإِنْ مُزِجَ بِغَيْرِهِ وَتَغَيَّرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ هَذَا الْمَاءُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ بِهِ إذَا شَرِبَهُ عَلَى حَالَتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مُزِجَ بِسُكَّرٍ أَوْ نَحْوِهِ بِحَيْثُ تَغَيَّرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute