للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّوَاتِبِ قَبْلَ الْفَرْضِ بِدُخُولِ وَقْتِهِ وَبَعْدَهُ) وَلَوْ وِتْرًا (بِفِعْلِهِ وَيَخْرُجَانِ) أَيْ: وَقْتًا الرَّوَاتِبُ الَّتِي قَبْلَ الْفَرْضِ وَبَعْدَهُ (بِخُرُوجِ وَقْتِهِ) فَفِعْلُ الْقَبْلِيَّةِ فِيهِ بَعْدَ الْفَرْضِ أَدَاءً.

(وَأَفْضَلُهَا) أَيْ الرَّوَاتِبِ (الْوِتْرُ) لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النِّعَمِ وَهِيَ الْوِتْرُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَذِكْرُ أَفْضَلِيَّتِهِ وَجَعْلُهُ قِسْمًا مِنْهَا وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ زِيَادَتِي.

(وَأَقَلُّهُ رَكْعَةٌ) وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا نَفْلٌ مِنْ سُنَّةِ الْعِشَاءِ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثٌ وَأَكْمَلُ مِنْهُ خَمْسٌ ثُمَّ سَبْعٌ ثُمَّ تِسْعٌ (وَأَكْثَرُهُ إحْدَى عَشْرَةَ) رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ» .

ــ

[حاشية الجمل]

الْبَعْضَ وَالْبَعْضَ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ قَبْلِ الْفَرْضِ) هُوَ حَالٌ مِنْ الرَّوَاتِبِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ لِلْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ الْجُمَلَ وَشِبْهَهَا بَعْدَ الْمَعَارِفِ أَحْوَالٌ وَجَازَ مَجِيئُهَا مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُ الْجُزْءِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا صِفَتَيْنِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ بِفِعْلِهِ) فِيهِ تَسَمُّحٌ إذْ وَقْتُ الْبَعْدِيَّةِ يَدْخُلُ بِدُخُولِ وَقْتِ فَرْضِهَا وَإِنْ تَوَقَّفَ فِعْلُهَا عَلَى فِعْلِ الْفَرْضِ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ يَقْتَضِي أَنَّ وَقْتَهَا لَا يَدْخُلُ إلَّا بِفِعْلِ الْفَرْضِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَبَعْدَهُ بِفِعْلِهِ) فَلَوْ فَعَلَهَا قَبْلَهُ لَمْ تَنْعَقِدْ وَلَوْ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ فَعُلِمَ أَنَّ الْوِتْرَ لَا يَدْخُلُ وَقْتُهُ إلَّا بِفِعْلِ الْعِشَاءِ أَيْ: وَلَوْ جَمْعَ تَقْدِيمٍ وَلَوْ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا فَإِذَا خَرَجَ وَقْتُ الْعِشَاءِ وَأَرَادَ فِعْلَ الْوِتْرِ قَضَاءً قَبْلَ فِعْلِهَا كَانَ مُمْتَنِعًا وَبِهِ أَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ وَلَا يُشْتَرَطُ وُقُوعُ الرَّاتِبَةِ بِقُرْبِ فِعْلِ الْفَرْضِ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّامِلِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَلَوْ وِتْرًا) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلتَّعْمِيمِ لَا لِلرَّدِّ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَيَخْرُجَانِ بِخُرُوجِ وَقْتِهِ) فِيهِ أَنَّ الْبَعْدِيَّةَ تَصِيرُ قَضَاءً بِخُرُوجِ وَقْتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا فَكَيْفَ يُقَالُ: إنَّهُ خَرَجَ وَقْتُهَا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِمُقْتَضَى قَوْلِهِ وَبَعْدَهُ بِفِعْلِهِ وَالْخُرُوجُ فَرْعُ الدُّخُولِ قَالَهُ ح ل وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ اللُّغْزُ لَنَا صَلَاةٌ خَرَجَ وَقْتُهَا وَمَا دَخَلَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَفْضَلُهَا الْوِتْرُ) فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا نَصُّهُ.

(تَنْبِيهٌ) أَفْضَلُ هَذَا الْقِسْمِ الْوِتْرُ ثُمَّ رَكْعَتَا الْفَجْرِ ثُمَّ بَقِيَّةُ الرَّوَاتِبِ الْمُؤَكَّدُ ثُمَّ غَيْرُ الْمُؤَكَّدِ ثُمَّ الضُّحَى ثُمَّ مَا تَعَلَّقَ بِفِعْلٍ أَوْ سَبَبٍ غَيْرِ فِعْلٍ كَالزَّوَالِ ثُمَّ رَكْعَتَا الطَّوَافِ وَالْإِحْرَامِ وَالتَّحِيَّةِ وَسُنَّةُ الْوُضُوءِ ثُمَّ النَّفَلُ الْمُطْلَقُ هَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ز ي وَيَدْخُلُ وَقْتُ الْوِتْرِ بِفِعْلِ الْعِشَاءِ وَلَوْ جَمْعَ تَقْدِيمٍ لَكِنْ إنْ كَانَ مُسَافِرًا حِينَئِذٍ وَأَقَامَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ فِعْلُ الْوِتْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَهُ عَقِبَ فِعْلِ الْعِشَاءِ وَمَتَى دَخَلَ وَقْتُ الْعِشَاءِ جَازَ لَهُ فِعْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يَسَعُ فِعْلَ الْعِشَاءِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر.

(فَرْعٌ) نَذَرَ أَنْ يُصَلِّي الْوِتْرَ لَزِمَهُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ؛ لِأَنَّ أَقَلَّهُ وَهُوَ وَاحِدَةٌ يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا فَلَا يَتَنَاوَلُهُ النَّذْرُ فَأَقَلُّ عَدَدٍ مِنْهُ مَطْلُوبٌ لَا كَرَاهَةَ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ هُوَ الثَّلَاثَةُ فَيَنْحَطُّ النَّذْرُ عَلَيْهِ وَلِهَذَا قُلْنَا: إذَا أَطْلَقَ نِيَّةَ الْوِتْرِ انْعَقَدَتْ عَلَى ثَلَاثٍ ثُمَّ إنْ أَحْرَمَ بِالثَّلَاثِ ابْتِدَاءً حَصَلَ بِهَا الْوِتْرُ وَبَرِئَ مِنْ النَّذْرِ وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ وُجِدَ مُسَمَّى الْوِتْرِ امْتَنَعَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر وَإِنْ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ بِالْإِحْدَى عَشْرَةَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لَمْ يَقَعْ وَيَقَعُ بَعْضُ مَا أَتَى بِهِ وَاجِبًا وَبَعْضُهُ مَنْدُوبًا اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ إنَّ اللَّهَ أَمَدَّكُمْ) أَيْ أَتْحَفَكُمْ وَقَوْلُهُ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ أَيْ: الْأَحْمَرِ مِنْهَا وَهُوَ الْإِبِلُ الْحُمْرُ وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ أَمْوَالِ الْعَرَبِ وَفِي دَلَالَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْمُدَّعَى نَظَرٌ فَقَدْ وَرَدَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا فَلَوْ قَالَ لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ) بِسُكُونِ الْمِيمِ جَمْعُ أَحْمَرَ أَوْ حَمْرَاءَ، وَأَمَّا بِضَمِّهَا فَجَمْعُ حِمَارٍ اهـ ع ش وَالْأَحْمَرُ مِنْ أَلْوَانِ الْإِبِلِ الْمَحْمُودَةِ وَالْإِبِلُ أَنْفَسُ أَمْوَالِ الْعَرَبِ يَضْرِبُونَ بِهَا الْمَثَلَ فِي نَفَاسَةِ الشَّيْءِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ تَشْبِيهَ أُمُورِ الْآخِرَةِ إنَّمَا هُوَ لِلتَّقْرِيبِ إلَى الْأَفْهَامِ وَإِلَّا فَذَرَّةٌ مِنْ الْآخِرَةِ خَيْرٌ مِنْ الْأَرْضِ بِأَسْرِهَا وَأَمْثَالِهَا مَعَهَا لَوْ تُصُوِّرَتْ اهـ اط ف وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف وَفِي الشَّوْبَرِيِّ قِيلَ الْمُرَادُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ فَيُتَصَدَّقُ بِهَا وَقِيلَ الْمُرَادُ قِنْيَتُهَا وَتَمَلُّكُهَا وَكَانَتْ مِمَّا يَتَفَاخَرُ بِهِ الْعَرَبُ قَالَهُ فِي فَتْحِ الْبَارِي اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا نَفْلٌ إلَخْ) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَقِيلَ شَرْطُ الْإِيتَارِ بِرَكْعَةٍ سَبْقُ نَفْلٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُنَّتُهَا لِتَقَعَ هِيَ مُوتِرَةٌ لِذَلِكَ النَّفْلِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ يَكْفِي كَوْنُهَا وِتْرًا فِي نَفْسِهَا أَوْ مُوتِرَةً لِمَا قَبْلَهَا وَلَوْ فَرْضًا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثٌ إلَخْ) وَلَوْ صَلَّى مَا عَدَا أَخِيرَةَ الْوِتْرِ أُثِيبَ عَلَى مَا أَتَى بِهِ ثَوَابَ كَوْنِهِ مِنْ الْوِتْرِ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مَجْمُوعِ الْإِحْدَى عَشْرَةَ وَمِثْلُهُ مَنْ أَتَى بِبَعْضِ التَّرَاوِيحِ وَلَيْسَ هَذَا كَمَنْ أَتَى بِبَعْضِ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّهُ خَصْلَةٌ مِنْ خِصَالِهَا لَيْسَ لَهُ أَبْعَاضٌ مُتَمَيِّزَةٌ بِنِيَّاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا اهـ شَرْحُ م ر.

(فَرْعٌ) سُئِلَ شَيْخُنَا ز ي عَنْ شَخْصٍ صَلَّى أَقَلَّ الْوِتْرِ نَاوِيًا الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ ثُمَّ بَعْدَ سَلَامِهِ مِنْ ذَلِكَ عَنَّ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَقَلِّ مُرِيدًا الْأَكْمَلَ هَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا أَفْتُونِي مَأْجُورِينَ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا تَجُوزُ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>