للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ «أَوْتِرُوا بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ تِسْعٍ أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ» فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَصِحَّ وِتْرُهُ، وَأَمَّا خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ» فَحُمِلَ عَلَى أَنَّهَا حَسِبَتْ فِيهِ سُنَّةُ الْعِشَاءِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ أَنَا أَقْطَعُ بِجَوَازِ الْوِتْرِ بِهَا وَبِصِحَّتِهِ لَكِنْ أُحِبُّ الِاقْتِصَارَ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ فَأَقَلَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَالِبُ أَحْوَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُكْرَهُ الْإِيتَارُ بِرَكْعَةٍ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ.

(وَلِمَنْ زَادَ عَلَى رَكْعَةٍ) فِي الْوِتْرِ (الْوَصْلُ بِتَشَهُّدٍ) فِي الْأَخِيرَةِ (أَوْ تَشَهُّدَيْنِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ) لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ وَلَا يَجُوزُ فِي الْوَصْلِ أَكْثَرُ مِنْ تَشَهُّدَيْنِ وَلَا فِعْلُ أَوَّلِهِمَا قَبْلَ الْأَخِيرَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَالْفَصْلُ) بَيْنَ الرَّكَعَاتِ بِالسَّلَامِ كَأَنْ يَنْوِيَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْوِتْرِ (أَفْضَلُ) مِنْهُ لِزِيَادَتِهِ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْأَقَلِّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» وَلِهَذَا قَالُوا كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْإِتْيَانُ بِأَكْمَلِ الْوِتْرِ فَقَالُوا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا إذَا أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ أَحْرَمَ بِهِ شَفْعًا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ تَقْرِيرٌ وَيُسَنُّ لِمَنْ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى بَعْدَ الْفَاتِحَةِ الْأَعْلَى وَفِي الثَّانِيَةِ الْكَافِرُونَ وَفِي الثَّالِثَةِ الْإِخْلَاصَ ثُمَّ الْفَلَقَ ثُمَّ النَّاسَ مَرَّةً مَرَّةً وَلَوْ أَوْتَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ قَرَأَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ مَا ذُكِرَ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّالِثَةِ الْإِخْلَاصَ إلَخْ ظَاهِرُهُ وَإِنْ وَصَلَ وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ تَطْوِيلُ الثَّالِثَةِ عَلَى الثَّانِيَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ إلَخْ) أَخَّرَهُ لِيُفِيدَ أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لَبْسٌ مُرَادًا مِنْهُ الْوُجُوبُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَصِحَّ وِتْرُهُ) فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ صَحَّ مَا عَدَا الْإِحْرَامَ السَّادِسَ فَلَا يَصِحُّ وِتْرًا ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمَنْعَ وَتَعَمَّدَ فَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ وَإِلَّا وَقَعَ نَفْلًا مُطْلَقًا كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا غَالِطًا اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ الْإِيتَارُ بِرَكْعَةٍ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ الِاقْتِصَارُ وَإِلَّا فَهِيَ سُنَّةٌ وَالْمُرَادُ الْكَرَاهَةُ الْخَفِيفَةُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ) أَيْ: لِأَنَّ الثَّانِيَ فِيهِ تَشْبِيهٌ بِالْمَغْرِبِ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْ تَشْبِيهِ الْوِتْرِ بِالْمَغْرِبِ وَفِيهِ أَنَّ التَّشْبِيهَ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا صَلَّى الْوِتْرَ ثَلَاثًا بِتَشَهُّدَيْنِ وَمِنْ ثَمَّ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «لَا تُوتِرُوا بِثَلَاثٍ وَلَا تَشَبَّهُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ» أَيْ بِتَشَهُّدَيْنِ فَهُوَ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ بِثَلَاثٍ وَفِي الْعُبَابِ فَإِنْ وَصَلَ الثَّلَاثَ كُرِهَ.

وَعِبَارَةُ الْكَنْزِ لِلْأُسْتَاذِ الْبَكْرِيِّ وَيُكْرَهُ الْوَصْلُ عِنْدَ الْإِتْيَانِ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَإِذَا زَادَ وَوَصَلَ فَخِلَافُ الْأَوْلَى اهـ ح ل وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمَا قِيلَ إنَّ وَصْلَ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ رَدَّهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّ مَحَلَّ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يُوقِعْ فِي حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ كَمَا هُنَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ فِي الْوَصْلِ أَكْثَرُ مِنْ تَشَهُّدَيْنِ) أَيْ: وَقَدْ أَحْرَمَ بِهِ وِتْرًا وَقَوْلُهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ: مِنْ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرَغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إلَى الْفَجْرِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً وَيُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ مِنْ فِعْلِهِ وَإِنْ حَصَلَ بِذَلِكَ مُطْلَقُ الْفَصْلِ؛ لِأَنَّ الْمُرَجَّحَ فِي ذَلِكَ الِاتِّبَاعُ وَلَمْ يُرِدْ بِمَا سَبَقَ أَفَادَهُ الْجَوْجَرِيُّ لَكِنْ قَالَ وَالِدُ شَيْخِنَا: هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَهُوَ مُوَافِقٌ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ كَأَنْ يَنْوِيَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْوِتْرِ أَيْ فَإِنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَوْ يَنْوِيَ عَشْرَةً بِتَشَهُّدٍ وَيُسَلِّمَ ثُمَّ يَنْوِيَ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ بِتَشَهُّدٍ وَيُسَلِّمَ سَوَاءٌ تَشَهَّدَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعٍ مِنْ الْعَشَرَةِ بِدُونِ سَلَامٍ أَوْ لَمْ يَتَشَهَّدْ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الزِّيَادَةِ عَلَى التَّشَهُّدَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَصْلِ كَمَا عَلِمْت وَهَذَا مِنْ الْفَصْلِ، وَأَمَّا إيقَاعُ التَّشَهُّدِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَوْ خَمْسٍ فَالظَّاهِرُ امْتِنَاعُهُ أَوْ يَنْوِي ثَمَانِيَةً بِتَشَهُّدٍ وَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَنْوِي الثَّلَاثَةَ بِتَشَهُّدٍ وَيُسَلِّمُ اهـ ح ل

وَعِبَارَةُ ز ي وَلَوْ صَلَّى عَشْرًا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ وَالْحَادِيَةَ عَشْرَةَ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ فَلَهُ أَنْ يَتَشَهَّدَ كُلَّ رَكْعَتَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ هَذَا فَصْلٌ لَا وَصْلٌ وَلَمْ أَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَقْلًا فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقَوْلُ الْجَوْجَرِيِّ إنَّ قَضِيَّةَ تَعْبِيرِهِمْ بِالسَّلَامِ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَنَّهُ لَوْ أَوْتَرَ بِإِحْدَى عَشْرَةَ سَلَّمَ سِتَّ تَسْلِيمَاتٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ ذَلِكَ كَأَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَسِتًّا بِتَسْلِيمَةٍ ثُمَّ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ وَإِنْ وُجِدَ مُطْلَقُ الْفَصْلِ؛ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ الِاتِّبَاعُ وَلَمْ يَرِدْ إلَّا كَذَلِكَ رَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهَا بَلْ دَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ قَضِيَّتُهُ مَمْنُوعٌ وَإِنَّمَا قَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْأَوْلَى انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَالْفَصْلُ أَفْضَلُ) أَيْ: إنْ سَاوَاهُ عَدَدًا اهـ شَرْحُ م ر أَيْ: فَصْلُ الْأَخِيرَةِ بِإِحْرَامٍ مُسْتَقِلٍّ أَفْضَلُ سَوَاءٌ فَصَلَ مَا قَبْلَهَا أَوْ وَصَلَهُ وَلَهُ فِيهِ حِينَئِذٍ التَّشَهُّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَهُ فِيهِ أَنْ يَنْوِيَ سُنَّةَ الْوِتْرِ وَمُقَدِّمَةَ الْوِتْرِ أَوْ مِنْ الْوِتْرِ أَوْ الْوِتْرُ أَيْضًا وَلَا يَصِحُّ بِنِيَّةِ الشَّفْعِ وَلَا بِنِيَّةِ سُنَّةِ الْعِشَاءِ وَلَا بِنِيَّةِ صَلَاةِ اللَّيْلِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ مَا حَاصِلُهُ لَوْ كَانَ صَلَّى الْوِتْرَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ مَوْصُولَةً أَدْرَكَهَا جَمِيعَهَا فِي الْوَقْتِ أَوْ مَفْصُولَةً خَرَجَ بَعْضُهَا فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَوْصُولَةً وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ لَوْ صَلَّى خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا أَدْرَكَهَا فِي الْوَقْتِ وَإِذَا صَلَّى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ خَرَجَ بَعْضُهَا عَنْ الْوَقْتِ هَلْ الْأَفْضَلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَقَلِّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِتَبَعِيَّةِ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ لِمَا وَقَعَ فِيهِ فَكَأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>