للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ بِدَلِيلِ السِّيَاقِ وَرَدَ فِي قَوْمٍ مُنَافِقِينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجَمَاعَةِ وَلَا يُصَلُّونَ فَثَبَتَ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ.

ــ

[حاشية الجمل]

وَقَوْلُهُ ع ش فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا كَأَنَّهُ رِوَايَةٌ بِالْمَعْنَى، وَإِلَّا فَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ مَعَ الْقَسْطَلَّانِيِّ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَبِالْقَافِ الْعَظْمُ الَّذِي عَلَيْهِ بَقِيَّةُ لَحْمٍ أَوْ قِطْعَةُ لَحْمٍ أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَقَدْ تُفْتَحُ تَثْنِيَةُ مِرْمَاةٍ ظِلْفُ الشَّاةِ أَوْ مَا بَيْنَ ظِلْفَيْهَا مِنْ اللَّحْمِ كَذَا عَنْ الْبُخَارِيِّ فِيمَا نَقَلَهُ الْمُسْتَمْلِي فِي رِوَايَتِهِ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ عَنْ الْعَزِيزِيِّ أَوْ اسْمُ سَهْمٍ يَتَعَلَّمُ عَلَيْهِ الرَّمْيُ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ الصَّلَاةَ يَجِدُ نَفْعًا دُنْيَوِيًّا، وَإِنْ كَانَ خَسِيسًا حَقِيرًا لَحَضَرَهَا لِقُصُورِ هِمَّتِهِ عَلَى الدُّنْيَا، وَلَا يَحْضُرُهَا لِمَا لَهَا مِنْ مَثُوبَاتِ الْأُخْرَى، وَنَعِيمِهَا فَهُوَ وَصْفٌ بِالْحِرْصِ عَلَى الشَّيْءِ الْحَقِيرِ مِنْ مَطْعُومٍ أَوْ مَلْعُوبٍ بِهِ مَعَ التَّفْرِيطِ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ رَفْعُ الدَّرَجَاتِ وَمَنَازِلِ الْمَكْرُمَاتِ، وَوَصْفُ الْعَرْقِ بِالسِّمَنِ، وَالْمِرْمَاةِ بِالْحُسْنِ لِيَكُونَ ثَمَّ بَاعِثٌ نَفْسَانِيٌّ عَلَى تَحْصِيلِهَا اهـ. (قَوْلُهُ أَنْ آمُرَ) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ، وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَنْطَلِقَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْقَافِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ فَيُقَامُ) أَيْ فَيُقَامُ لَهَا مِنْ الْإِقَامَةِ أُخْتِ الْأَذَانِ، وَهِيَ الْكَلِمَاتُ الْمَخْصُوصَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا إلَخْ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا) يُرِيدُ بِهِ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ مَعَهُمْ حُزَمٌ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِكَسْرِهَا مَعَ فَتْحِ الزَّايِ فِيهِمَا جَمْعُ حُزْمَةٍ أَيْ جُمْلَةٍ مِنْ أَعْوَادِ الْحَطَبِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ إلَخْ) هُوَ إمَّا لِلزَّجْرِ أَوْ قَبْلَ تَحْرِيمِ حَرْقِ الْحَيَوَانِ أَوْ لِخُصُوصِ هَؤُلَاءِ أَوْ بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ نُقِضَ أَوْ أَنَّهُ يُحَرِّقُ الْبُيُوتَ دُونَ أَصْحَابِهَا كَقَوْلِهِمْ لِمَنْ أَحْرَقَ مَالَ غَيْرِهِ أَحْرِقْ عَلَى فُلَانٍ مَالَهُ أَوْ الْمُرَادُ إتْلَافُ الْمَالِ كَمَا يُقَالُ لِمَنْ أَتْلَفَ مَالَهُ أَحْرِقْهُ بِالنَّارِ تَعْزِيرًا لَهُمْ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْعُقُوبَةَ لَيْسَتْ قَاصِرَةً عَلَى الْمَالِ بَلْ الْمُرَادُ تَحْرِيقُ الْمَقْصُودِينَ، وَالْبُيُوتُ تَبَعًا لِلْفَاطِنِينَ بِهَا، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ فَأُحَرِّقَ بُيُوتًا عَلَى مَنْ فِيهَا اهـ. فَتْحُ الْبَارِي لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ انْتَهَتْ، وَهُوَ بِالتَّشْدِيدِ، وَيُرْوَى فَأُحَرِّقَ بِإِسْكَانِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ، وَهُمَا لُغَتَانِ مِنْ أَحْرَقْت وَحَرَّقْت، وَالتَّشْدِيدُ أَبْلَغُ فِي الْمَعْنَى. اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْضًا فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ) إنْ قِيلَ كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ التَّعْذِيبَ بِالنَّارِ لَا يَجُوزُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ ثُمَّ نَزَلَ وَحْيٌ بِخِلَافِهِ أَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر.

وَقَوْلُهُ ثُمَّ نَزَلَ وَحْيٌ بِخِلَافِهِ أَيْ نَزَلَ وَحْيٌ نَاسِخٌ لِمَا أَدَّاهُ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الْخَطَأُ مِنْهُ أَصْلًا خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ مِنْهُ لَكِنْ لَا يُقِرُّ عَلَيْهِ بَلْ يُنَبِّهُ عَلَى الصَّوَابِ بِالْوَحْيِ حَالًا اهـ. ع ش عَلَيْهِ، وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْعَذَابِ بِالنَّارِ اهـ. عَنَانِيٌّ، وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْهَمِّ الْفِعْلُ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِالنَّارِ) تَأْكِيدٌ كَسَمِعْت بِأُذُنِي، وَرَأَيْت بِعَيْنِي اهـ. ع ش عَلَى ر م، وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ فَوَارِدٌ فِي قَوْمٍ مُنَافِقِينَ إلَخْ نَصُّهَا وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُحَرِّقْهُمْ، وَإِنَّمَا هَمَّ بِتَحْرِيقِهِمْ فَإِنْ قُلْت لَوْ لَمْ يَجُزْ تَحْرِيقُهُمْ لَمَا هَمَّ بِهِ قُلْنَا لَعَلَّهُ هَمَّ بِالِاجْتِهَادِ ثُمَّ نَزَلَ وَحْيٌ بِالْمَنْعِ أَوْ بِغَيْرِ الِاجْتِهَادِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ. (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ السِّيَاقِ) يُرِيدُ صَدْرَ الْحَدِيثِ، وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا أَيْ زَحْفًا وَلَقَدْ هَمَمْت» إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَلَا يُصَلُّونَ أَيْ أَصْلًا فَالتَّحْرِيقُ إنَّمَا هُوَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ بِالْكُلِّيَّةِ لَا جَمَاعَةً فَسَقَطَ الِاسْتِدْلَال بِذَلِكَ عَلَى وُجُوبِهَا عَيْنًا، وَفِيهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَعْلَمُ أَنْ لَا صَلَاةَ عَلَيْهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ مُعْرِضًا عَنْ الْمُنَافِقِينَ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ الْتَزَمُوهَا ظَاهِرًا اهـ. ح ل.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَدْ يُقَالُ فِي الْحَدِيثِ إشْكَالٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمْ مُنَافِقُونَ وَصَلَاتُهُمْ بَاطِلَةٌ فَكَيْفَ يَأْمُرُهُمْ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُمْ كَانُوا مُظْهِرِينَ لِلْإِسْلَامِ، وَأَمْرُهُ لَهُمْ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ مِنْ حَالِهِمْ لِأَنَّ شَرِيعَتَهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الظَّاهِرِ وَقَوْلُهُ وَلَا يُصَلُّونَ أَيْ فَالتَّحْرِيقُ عَلَيْهِمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِتَرْكِهِمْ الصَّلَاةَ لَا الْجَمَاعَةَ أَوْ لِتَرْكِهِمْ الْجَمَاعَةَ مَعَ تَوَقُّفِ الشِّعَارِ عَلَيْهِمْ فَسَقَطَ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى كَوْنِ الْجَمَاعَةِ فَرْضَ عَيْنٍ انْتَهَتْ، وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَوَارِدٌ فِي قَوْمٍ مُنَافِقِينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجَمَاعَةِ، وَلَا يُصَلُّونَ فُرَادَى انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَثَبَتَ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ بِقَوْلِهِ مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَخْ حَيْثُ قَالَ لَا تُقَامُ فِيهِمْ دُونَ لَا يُقِيمُونَ اهـ ع ش فَالتَّفْرِيعُ عَلَى دَلِيلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ لَا عَلَى الْجَوَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>