يَسْقُطْ بِهَا فَفَرْضُهُ الثَّانِيَةُ إذَا نَوَى بِهَا الْفَرْضَ
(وَرُخِّصَ تَرْكُهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ (بِعُذْرٍ) عَامٍّ أَوْ خَاصٍّ فَلَا رُخْصَةَ بِدُونِهِ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ فِي صَحِيحَيْهِمَا «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ أَيْ كَامِلَةٌ إلَّا مِنْ عُذْرٍ» وَالْعُذْرُ (كَمَشَقَّةِ مَطَرٍ) بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِبَلِّهِ الثَّوْبَ (وَشِدَّةِ رِيحٍ بِلَيْلٍ) لِعِظَمِ مَشَقَّتِهَا فِيهِ دُونَ النَّهَارِ قَالَ فِي الْمُهِّمَّاتِ وَالْمُتَّجِهُ إلْحَاقُ الصُّبْحِ بِاللَّيْلِ فِي ذَلِكَ (وَ) شِدَّةِ (وَحَلٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ لِلتَّلْوِيثِ بِالْمَشْيِ فِيهِ
ــ
[حاشية الجمل]
الثَّانِيَةُ وَحْدَهَا ثُمَّ رَأَيْت ق ل عَلَى الْجَلَالِ ذَكَرَ هَذَا الْقَوْلَ فَقَالَ وَقِيلَ فَرْضُهُ الثَّانِيَة اهـ.
وَرَأَيْت أَيْضًا مَا يُثْبِتُ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ فِي الْفَرْعِ الْمَنْقُولِ قَرِيبًا عَنْ سم عَلَى حَجّ حَيْثُ قَالَ فِيهِ سَوَاءٌ قُلْنَا الْفَرْضُ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ اهـ فَتَخَلَّصَ أَنَّ فِيهَا خَمْسَةَ أَقْوَالٍ تَأَمَّلْ.
(فَرْعٌ) هَلْ تُسَنُّ إعَادَةُ الرَّوَاتِبِ أَيْ فُرَادَى أَمَّا الْقَبْلِيَّةُ فَلَا يَتَّجِهُ إلَّا عَدَمُ إعَادَتِهَا لِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ فِي مَحِلِّهَا سَوَاءٌ قُلْنَا الْفَرْضُ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ أَوْ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا يَحْتَسِبُ اللَّهُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا، وَأَمَّا الْبَعْدِيَّةُ فَيَحْتَمِلُ سَنُّ إعَادَتِهَا مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ الثَّالِثِ لِجَوَازِ أَنْ يَحْتَسِبَ اللَّهُ لَهُ الثَّانِيَةَ فَيَكُونُ مَا فَعَلَهُ بَعْدَ الْأُولَى وَاقِعًا قَبْلَ الثَّانِيَةِ فَلَا يَكُونُ بَعْدِيَّةً لَهَا اهـ. سم عَلَى حَجّ وَعِبَارَتُهُ عَلَى الْمَنْهَجِ.
(فَرْعٌ) الظَّاهِرُ وِفَاقًا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَةُ رَوَاتِبِ الْمُعَادَةِ مَعَهَا لِأَنَّهَا لَا تُطْلَبُ الْجَمَاعَةُ فِي الرَّوَاتِبِ، وَإِنَّمَا يُعَادُ مَا تُطْلَبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَيْ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ عَلَى حَجّ لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ الْإِعَادَةُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الثَّانِيَةَ فَرْضُهُ كَانَ وَجْهُ الْإِعَادَةِ احْتِمَالَ كَوْنِ الْأُولَى وَقَعَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا لِفِعْلِهَا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ إذَا نَوَى بِهَا الْفَرْضَ) أَيْ، وَقَدْ نَسِيَ الْأُولَى عِنْدَ إحْرَامِهِ بِالثَّانِيَةِ لِجَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ حِينَئِذٍ فَالنِّيَّةُ هُنَا غَيْرُهَا فِي قَوْلِهِ بِنِيَّةِ فَرْضٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ فَالْمُرَادُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ حِينَئِذٍ نِيَّةُ الْفَرْضِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي عَلَيْهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَنْسَ الْأُولَى فَإِنْ تَذَكَّرَ خَلَلَهَا قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَكَذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ إلَّا بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَلَا تَتَأَتَّى نِيَّةُ الْفَرْضِ الْحَقِيقِيِّ بَلْ لَا تَصِحُّ، وَإِنَّمَا يَنْوِي مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ كَوْنُهَا تَكْفِيهِ أَوْ لَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ، وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ كَمَا فِي ز ي.
(قَوْلُهُ وَرَخَّصَ تَرْكَهَا إلَخْ) أَيْ فَتَسْقُطُ الْكَرَاهَةُ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ وَالْحُرْمَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَرْضِيَّةِ اهـ. شَيْخُنَا، وَيَنْتَفِي الْإِثْمُ عَنْ مَنْ تَوَقَّفَ حُصُولُ الشِّعَارِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ بَلْ يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ لَكِنْ دُونَ فَضْلِ مَنْ فَعَلَهَا أَيْ حَيْثُ قَصَدَ فِعْلَهَا لَوْلَا الْعُذْرُ، وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ز ي اعْتِمَادَهُ، وَنَقَلَ شَيْخُنَا م ر أَنَّ بَعْضَهُمْ حَمَلَ الْقَوْلَ بِعَدَمِ حُصُولِ فَضْلِهَا عَلَى مَنْ تَعَاطَى سَبَبَ الْعُذْرِ كَأَكْلِ الْبَصَلِ وَوَضْعِ الْخُبْزِ فِي التَّنُّورِ، وَالْقَوْلُ بِحُصُولِ فَضْلِهَا عَلَى غَيْرِهِ كَالْمَطَرِ وَالْمَرَضِ قَالَ وَهُوَ جَمْعٌ لَا بَأْسَ بِهِ اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ رُخِّصَ لَهُ تَرْكُ الْجَمَاعَةِ حَصَلَتْ لَهُ فَضِيلَتُهَا، وَحِينَئِذٍ يُقَالُ لَنَا مُنْفَرِدٌ يَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ، وَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ دَوَام عَلَى تَرْكِهَا لِعُذْرٍ، وَأَمَّا إذَا أَمْرَ الْإِمَامُ النَّاسَ بِالْجَمَاعَةِ فَلَا تَجِبُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ لِقِيَامِ الْعُذْرِ اهـ. ح ل.
(فَائِدَةٌ) الرُّخْصَةُ بِسُكُونِ الْخَاءِ، وَيَجُوزُ ضَمُّهَا لُغَةً التَّيْسِيرُ وَالتَّسْهِيلُ، وَاصْطِلَاحًا الْحُكْمُ الثَّابِتُ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا زَادَ عَمِيرَةُ وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ الشَّخْصُ الْمُتَرَخِّصُ اهـ. أَيْ الَّذِي يَقَعُ مِنْهُ التَّرَخُّصُ كَثِيرًا، كَمَا فِي " ضُحَكَةٍ " فَإِنَّهُ الَّذِي يَضْحَكُ كَثِيرًا. اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِعُذْرٍ عَامٍّ أَوْ خَاصٍّ) الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَشْخَاصِ لَا لِلْأَزْمِنَةِ فَالْعَامُّ هُوَ الَّذِي لَمْ يَخْتَصَّ بِوَاحِدٍ دُونَ آخَرَ كَالْمَطَرِ، وَالْخَاصُّ بِخِلَافِهِ كَالْجُوعِ إذْ قَدْ يَجُوعُ الشَّخْصُ، وَيَشْبَعُ غَيْرُهُ اهـ. عَنَانِيٌّ، وَذَكَرَ لِلْعَامِّ أَمْثِلَةً خَمْسَةً، وَلِلْخَاصِّ أَحَدَ عَشَرَ اهـ شَيْخُنَا، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ الْعُذْرُ مَا يُذْهِبُ الْخُشُوعَ أَوْ كَمَالَهُ، وَالتَّعْلِيلُ بِغَيْرِهِ لِلُزُومِهِ لَهُ (قَوْلُهُ كَمَطَرٍ) أَيْ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ، وَتَقَاطُرُ السُّقُوفِ كَالْمَطَرِ (قَوْلُهُ وَلِبَلِّهِ الثَّوْبِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَلُّهُ لِبُعْدِ مَنْزِلِهِ لَا لِشِدَّتِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يَمْنَعُ بَلَلَهُ كَ لَبَادٍ لَمْ يَنْتَفِ بِهِ كَوْنُهُ عُذْرًا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ مَعَ ذَلِكَ مَوْجُودَةٌ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَشِدَّةُ رِيحٍ بِلَيْلٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَارِدَةً، وَإِنْ قَيَّدَ فِي التَّحْرِيرِ بِكَوْنِهَا بَارِدَةً، وَالرِّيحُ مُؤَنَّثَةٌ فِي الْأَكْثَرِ يُقَالُ هِيَ رِيحٌ، وَقَدْ تُذَكَّرُ عَلَى مَعْنَى الْهَوَاءِ فَيُقَالُ هُوَ الرِّيحُ، وَهَبُّ الرِّيحِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ، وَمِثْلُهُ شِدَّةُ الظُّلْمَةِ اهـ. ق ل.
(قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْحَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ وَإِسْكَانُهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ اهـ. شَرْحُ م ر، وَفِي الْمِصْبَاحِ، وَحِلَ الرَّجُلُ يُوحِلُ وَحْلًا فَهُوَ وَحِلٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ، وَتَوَحَّلَ أَيْضًا، وَأَوْحَلَهُ غَيْرُهُ، وَالْوَحْلُ بِالسُّكُونِ اسْمٌ، وَجَمْعُهُ وُحُولٌ مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ، وَيَجُوزُ فَتْحُهُ فَيُجْمَعُ عَلَى أَوْحَالٍ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ، وَاسْتَوْحَلَ الْمَكَانُ صَارَ ذَا وَحْلٍ، وَهُوَ الطِّينُ الرَّقِيقُ اهـ. (قَوْلُهُ لِلتَّلْوِيثِ بِالْمَشْيِ فِيهِ) أَيْ تَلْوِيثِ نَحْوِ مَلْبُوسِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا نَحْوِ أَسْفَلَ الرِّجْلِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِذَلِكَ لَا يَخْفَى بُعْدُهُ خُصُوصًا مَعَ وَصْفِهِ بِالشِّدَّةِ وَمُقَابَلَتِهِ بِالْفَاحِشِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ خَفِيفٌ إذْ