لِأَنَّ الْإِمَامَ بِصَدَدِ تَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ عَنْ الْمَسْبُوقِ وَإِذَا لَمْ يُحْسِنْهَا لَمْ يَصْلُحْ لِلتَّحَمُّلِ فَعُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَوْ بَانَ إمَامُهُ أُمِّيًّا وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ وَالْأُمِّيُّ مَنْ (يُخِلُّ بِحَرْفٍ) كَتَخْفِيفِ مُشَدَّدٍ (مِنْ الْفَاتِحَةِ) بِأَنْ لَا يُحْسِنَهُ (كَأَرَتَّ) بِمُثَنَّاةٍ وَهُوَ مَنْ (يُدْغِمُ) بِإِبْدَالٍ (فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ) أَيْ الْإِدْغَامِ بِخِلَافِهِ بِلَا إبْدَالٍ كَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَوْ الْكَافِ مِنْ مَالِكٍ (وَأَلْثَغَ) بِمُثَلَّثَةٍ وَهُوَ مَنْ (يُبَدِّلُ حَرْفًا) بِأَنْ يَأْتِيَ بِغَيْرِهِ بَدَلَهُ كَأَنْ يَأْتِيَ بِالْمُثَلَّثَةِ بَدَلَ السِّينِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَإِلَّا فَبِالثَّانِي، وَيُحْمَلُ سُكُوتُهُ عَنْ الْقِرَاءَةِ جَهْرًا عَلَى الْقِرَاءَةِ سِرًّا حَتَّى يَجُوزَ لَهُ مُتَابَعَتُهُ، وَجَوَازُ الِاقْتِدَاءِ لَا يُنَافِي وُجُوبَ الْقَضَاءِ كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ اجْتَهَدَ فِي الْقِبْلَةِ ثُمَّ ظَهَرَ الْخَطَأُ فَإِنَّهُ فِي حَالِ الصَّلَاةِ مُتَرَدِّدٌ فِي صِحَّةِ الْقُدْوَةِ كَذَا أَفَادَ نِيَّةُ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَهُ سِوَاهُ، وَمَنْ جَهِلَ حَالَ إمَامِهِ الَّذِي لَهُ حَالَتَا جُنُونٍ وَإِفَاقَةٍ وَإِسْلَامٍ وَرِدَّةٍ فَلَمْ يَدْرِ هُوَ فِي أَيُّهُمَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ بَلْ تُسَنُّ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ بِصَدَدِ تَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ) فِي الْمِصْبَاحِ الصَّدَدُ بِفَتْحَتَيْنِ الْقُرْبُ، وَدَارُهُ بِصَدَدِ الْمَسْجِدِ أَيْ قُبَالَتَهُ، وَتَصَدَّيْت لِلْأَمْرِ تَفَرَّعْت لَهُ، وَالْأَصْلُ تَصَدَّتْ فَأَبْدِلْ لِلتَّخْفِيفِ اهـ. (قَوْلُهُ بِحَرْفٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ) خَرَجَ التَّشَهُّدُ فَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْقَارِئِ فِيهِ بِالْأُمِّيِّ فِيهِ بَلْ، وَإِنْ لَمْ يُحَسِّنْهُ مِنْ أَصْلِهِ وَالْفَرْقُ يُفْهَمُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ بِالْمَعْنَى.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ صِحَّةَ اقْتِدَاءِ مَنْ يُحْسِنُ نَحْوَ التَّكْبِيرِ أَوْ التَّشَهُّد أَوْ السَّلَامِ بِالْعَرَبِيَّةِ بِمَنْ لَا يُحْسِنُهَا بِهَا وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذِهِ لَا مَدْخَلَ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ فِيهَا فَلَمْ يَنْظُرْ لِعَجْزِهِ عَنْهَا انْتَهَتْ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الْبِرْمَاوِيِّ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْإِخْلَالَ بِبَعْضِ الشِّدَّاتِ فِي التَّشَهُّدِ مُخِلٌّ أَيْضًا أَيْ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ حِينَئِذٍ، وَلَا إمَامَتُهُ اهـ.
وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ بِحَرْفٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَالتَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ، وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ لَا يُسَمَّى أُمِّيًّا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَلَا إمَامَتُهُ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ شَرْطَ الْخَطِيبِ صِحَّةُ إمَامَتِهِ بِالْقَوْمِ فِي الْجُمُعَةِ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر.
وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْإِخْلَالَ بِبَعْضِ الشِّدَّاتِ فِي التَّشَهُّدِ مُخِلٌّ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ حَيْثُ التَّسْمِيَةُ فَهُوَ مُمْكِنٌ انْتَهَى، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْإِخْلَالَ فِي التَّكْبِيرِ مِنْ الْإِمَامِ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ مُطْلَقًا أَيْ سَرِيَّةً كَانَتْ الصَّلَاةُ أَوْ جَهْرِيَّةً لِأَنَّ شَأْنَ الْإِمَامِ الْجَهْرُ بِهِ فَشَأْنُهُ أَنْ لَا يَخْفَى فَإِنْ تَبَيَّنَ لِلْمُقْتَدِي ذَلِكَ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ لَمْ يَصِحَّ أَوْ بَعْدَهُ، وَبَعْدَ الصَّلَاةِ اسْتَأْنَفَ، وَكَذَا فِي أَثْنَائِهَا، وَلَا تَنْفَعُهُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ، وَأَمَّا الْإِخْلَالُ فِي التَّشَهُّدِ فَلَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْهُ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ لِأَنَّهُ سِرِّيٌّ شَأْنُهُ أَنْ يَخْفَى، وَإِنْ عَلِمَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا انْتَظَرَهُ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ أَعَادَة عَلَى الصَّوَابِ فَذَاكَ، وَإِلَّا سَجَدَ لِلسَّهْوِ إذْ صَلَاتُهُ قَدْ تَمَّتْ فَلَا تَتَأَتَّى نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ بِخِلَافِ الْفَاتِحَةِ إذَا لَمْ يَتَدَارَكْ قَبْلَ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَنْوِي الْمُفَارَقَةَ فَتَأَمَّلْ اهـ. شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ كَتَخْفِيفِ مُشَدَّدٍ) وَلَوْ أَحْسَنَ أَصْلَ التَّشْدِيدِ، وَتَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ الْمُبَالَغَةُ صَحَّتْ الْقُدْوَةُ بِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يُحْسِنَهُ) صَادِقٌ بِأَنْ تَرَكَهُ، وَلَوْ بِغَيْرِ بَدَلٍ، وَقَوْلُهُ " كَأَرَتٍّ " الْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ، وَبَقِيَ لَهَا فِي أَفْرَادِ الْأُمِّيِّ مَنْ يُخَفِّفُ الْمُشَدِّدَ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ، وَقَوْلُهُ فِي الْأَلْثَغِ مَنْ يُبَدِّلُ حَرْفًا أَيْ مَعَ الْإِدْغَامِ أَوْ بِدُونِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْأَرَتِّ فَكُلُّ أَرَتَّ أَلْثَغُ، وَلَا عَكْسَ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ بَعْدَ، وَلَا أَرَتَّ بِأَلْثَغَ، وَعَكْسُهُ يُوهِمُ التَّغَايُرَ الْكُلِّيَّ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ بِأَلْثَغَ أَيْ غَيْرَ أَرَتَّ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَكْسِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ كَأَرَتَّ) مَأْخُوذٌ مِنْ الرُّتَّةِ، وَهِيَ الْإِبْدَالُ مَعَ الْإِدْغَامِ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ اهـ. شَيْخُنَا ح ف، وَفِي الْمُخْتَارِ الرُّتَّةُ بِالضَّمِّ الْعُجْمَةُ فِي الْكَلَامِ، وَرَجُلٌ أَرَتُّ بَيِّنُ الرَّتَتِ اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الرُّتَّةُ بِالضَّمِّ حُبْسَةٌ فِي اللِّسَانِ، وَعَنْ الْمُبَرَّدِ هِيَ كَالرِّيحِ تَمْنَعُ الْكَلَامَ قَالَ وَهِيَ عَزِيزَةٌ تَكْثُرُ فِي الْأَشْرَافِ، وَقِيلَ إذَا عَرَضَتْ لِلْإِنْسَانِ تَرَدَّدَ كَلِمَتُهُ، وَيَسْبِقُهُ نَفْسُهُ، وَقَدْ يُدْغِمُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْإِدْغَامِ يُقَالُ مِنْهُ رَتَّ رَتَتًا مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهُوَ أَرَتُّ، وَبِهِ سُمِّيَ، وَالْمَرْأَةُ رَتَّاءُ، وَالْجَمْعُ مِثْلُ أَحْمَرَ وَحَمْرَاءَ وَحُمْرٍ اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا اللُّثْغَةُ وَزَانُ غُرْفَةٍ حُبْسَةٌ فِي اللِّسَانِ حَتَّى تَصِيرَ الرَّاءُ لَامًا أَوْ غَيْنًا، وَالسِّينُ ثَاءً، وَنَحْوُ ذَلِكَ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ اللُّثْغَةُ أَنْ تَعْدِلَ بِحَرْفٍ إلَى حَرْفٍ، وَلَثِغَ لَثَغًا مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهُوَ أَلْثَغُ، وَامْرَأَةٌ لَثُغَاءُ مِثْلُ أَحْمَرَ وَحَمْرَاءَ وَحُمْرٍ، وَمَا أَشَدَّ لُثْغَتَهُ، وَهُوَ بَيْنَ اللُّثْغَةِ بِالضَّمِّ أَيْ ثِقَلِ لِسَانِهِ بِالْكَلَامِ اهـ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ) أَيْ الْإِدْغَامِ بِلَا إبْدَالٍ، وَحِينَئِذٍ لَا يُقَالُ لَهُ أَرَتُّ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِدْغَامِ إدْخَالُ أَحَدِ الْحَرْفَيْنِ فِي الْآخَرِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ الْإِبْدَالِ لِلْأَوَّلِ أَوْ لِلثَّانِي أَوْ لَا، وَلَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْإِدْغَامَ الْمَعْهُودَ عِنْدَ الْقُرَّاءِ لِأَنَّ مَنْ لَازَمَهُ الْإِبْدَالُ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ كَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَوْ الْكَافِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ التَّشْدِيدَ الْمَذْكُورَ يُقَالُ لَهُ إدْغَامٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ لِأَنَّ الْإِدْغَامَ عِنْدَهُمْ كَمَا عَلِمْت إدْخَالُ حَرْفٍ فِي حَرْفٍ، وَلَوْ بِلَا إبْدَالٍ، وَأَمَّا الْإِدْغَامُ عِنْدَ الْقُرَّاءِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِبْدَالِ كَمَا عَلِمْت اهـ. شَيْخُنَا ح ف.
(فَرْعٌ) لَوْ سَهَّلَ هَمْزَةَ أَنْعَمْت أَثِمَ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ