لِأَنَّهَا أَشَدُّ افْتِقَارًا إلَى الْقُرْآنِ مِنْ الْوَرَعِ (فَأَوْرَعُ) أَيْ أَكْثَرُ وَرَعًا وَهُوَ زِيَادَةٌ عَلَى الْعَدَالَةِ بِالْعِفَّةِ وَحُسْنِ السِّيرَةِ (فَأَقْدَمُ هِجْرَةً) إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لِلْخَبَرِ الْآتِي وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَنْ هَاجَرَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ وَهَذَا مَعَ تَقْدِيمِ الْأَقْرَإِ عَلَى الْأَوْرَعِ وَالْأَوْرَعِ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ مِنْ زِيَادَتِي وَهُوَ مَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ (فَأَسَنُّ) فِي الْإِسْلَامِ لَا بِكِبَرِ السِّنِّ (فَأَنْسَبُ) وَهُوَ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى قُرَيْشٍ أَوْ ذِي هِجْرَةٍ أَوْ أَقْدَمُهَا أَوْ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ كَالْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ
ــ
[حاشية الجمل]
كَالشَّارِحِ نَعَمْ لَا اعْتِبَارَ لِلْقِرَاءَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى لَحْنٍ مُطْلَقًا لِكَرَاهَةِ الِاقْتِدَاءِ بِاللَّاحِنِ وَالْجَيِّدِ لِلْقِرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ تَصْحِيحِ أَدَائِهَا وَمَخَارِجِ حُرُوفِهَا، وَمَعْرِفَةُ لَحْنِهَا الْخَفِيِّ أَوْلَى مِنْ الْأَحْفَظِ الَّذِي لَا يُحْسِن ذَلِكَ عَلَى الْأَوْجَهِ اهـ. سم.
(فَائِدَةٌ) قَالَ الْجَعْبَرِيُّ فِي شَرْحِ الرَّائِيَةِ وَالصَّحَابَةُ الَّذِينَ حَفِظُوا الْقُرْآنَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرُونَ فَمِنْ الْمُهَاجِرِينَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَحُذَيْفَةُ، وَسَالِمٌ، وَالسَّائِبُ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَمِنْ الْأَنْصَارِ أُبَيٌّ، وَزَيْدٌ، وَمُعَاذٌ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَأَبُو زَيْدٍ وَمَجْمَعٌ فَمَعْنَى قَوْلِ أَنَسٍ «جُمِعَ الْقُرْآنُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَجْمَعْهُ إلَّا الْأَرْبَعَةُ أُبَيٌّ، وَزَيْدٌ، وَمُعَاذٍ، وَأَبُو زَيْدٍ» أَنَّهُمْ الَّذِينَ تَلَقَّوْهُ مُشَافَهَةً عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ الَّذِينَ جَمَعُوهُ بِوُجُوهِ قِرَاءَاتِهِ اهـ.
وَقَوْلُهُ إنَّهُمْ الَّذِينَ تَلَقَّوْهُ مُشَافَهَةً إلَخْ هَذَانِ الْجَوَابَانِ لَا يَخْلُوَانِ عَنْ بُعْدٍ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةَ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَغَيْرَهُمَا تُحِيلُ الْعَادَةُ أَنَّ غَيْرَهُمْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مُشَافَهَةً أَوْ بِالْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَهُمْ هَكَذَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ، وَهُوَ الشَّيْخُ سُلْطَانٌ أَقُولُ، وَمَعَ كَوْنِهِمَا لَا يَخْلُوَانِ عَنْ بُعْدِهِمَا كَافِيَانِ فِي الْجَوَابِ عَلَى أَنَّ هَذَا الِاسْتِبْعَادَ إنَّمَا بَنَاهُ عَلَى مُجَرَّدِ الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُعَارِضٌ لِمَا ذَكَرَهُ لِجَوَازِ اهْتِمَامِهِمْ فِي أَوْقَاتِ اجْتِمَاعِهِمْ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِغَيْرِ تَلَقِّي الْقُرْآنِ مِنْهُ حِفْظًا لِاسْتِغْنَائِهِمْ بِأَخْذِهِ عَنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ كَانَ مِنْ عَادَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الِاكْتِفَاءُ بِسَمَاعِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَعَ إمْكَانِ مُرَاجَعَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا سَمِعُوهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَفِي حَوَاشِي الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يَحْفَظْ الْقُرْآنَ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْوَرِعُ مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَالْمُرَادُ بِالْعِفَّةِ مَا فِيهِ تَرْكُ شُبْهَةٍ، وَبِحُسْنِ السِّيرَةِ الذِّكْرُ بَيْنَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ قَالُوا وَأَعْلَى الْوَرَعِ الزُّهْدُ، وَهُوَ تَرْكُ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ مِنْ الْحَلَالِ، وَفِيهِ بَحْثٌ، وَقَبْلَهُ مَرَاتِبُ مُتَفَاوِتَةٌ، وَلَعَلَّهَا مِنْ أَقْسَامِ الْوَرَعِ فَيُقَدَّمُ مِنْهَا الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى فَصَحَّ التَّعْبِيرُ فِيهِ بِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ حَيْثُ قَالَ أَيْ الْأَكْثَرُ وَرَعًا فَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَهُ مَرْتَبَةٌ أَعْلَى مِنْهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ بِالْعِفَّةِ وَحُسْنِ السِّيرَةِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، وَأَمَّا الْوَرَعُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ مُجَرَّدَ الْعَدَالَةِ بَلْ مَا يَزِيدُ عَلَيْهِ مِنْ حُسْنِ السِّيرَةِ وَالْعِفَّةِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ فَأَفَادَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ بِالْعِفَّةِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِالزِّيَادَةِ اهـ. (قَوْلُهُ فَأَقْدَمُ هِجْرَةً إلَخْ) اعْتَبَرُوا الْهِجْرَةَ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا الصِّحَّةَ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهَلْ يُقَدَّمُ مَنْ هَاجَرَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ هَاجَرَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مِنْ هَاجَرَ إلَخْ أَيْ وَقَدْ طُلِبَتْ مِنْهُ الْهِجْرَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يُقَدَّمُ مَنْ هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ عَلَى مَنْ نَشَأَ بِهَا، وَلَا مَنْ هَاجَرَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ عَلَى مَنْ نَشَأَ بِهَا اهـ. ح ل (قَوْلُهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ فِي حَيَاتِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَيْ بَعْدَ وَفَاتِهِ اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَأَقْدَمُ هِجْرَةً بِالنِّسْبَةِ لِآبَائِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ) أَيْ كَأَنْ أَسْلَمَ، وَهَاجَرَ إلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ عَادَ إلَى بِلَادِ الْكُفَّارِ، وَهُوَ مُسْلِمٌ فَاجْتَمَعَ بِمُسْلِمٍ هُنَاكَ لَمْ يُهَاجِرْ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ، وَكَذَا مَنْ لَمْ تُطْلَبْ مِنْهُ الْهِجْرَةُ كَأَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلْ الْمُرَادُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ مِمَّنْ يَحْتَاجُ إلَى الْهِجْرَةِ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَحْتَجْ لَهَا كَالْمُقِيمِ ابْتِدَاءً بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ أَعَمَّ حَرَّرَهُ اهـ. سم، وَقَوْلُهُ هَلْ الْمُرَادُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ إلَخْ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ التَّقْدِيمُ بِالْهِجْرَةِ، وَبِأَقْدَمِهَا مِنْ زِيَادَتِي أَيْ فَإِنَّ الْمِنْهَاجَ لَمْ يَذْكُرْ التَّقْدِيمَ بِالْهِجْرَةِ، وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ تَقْدِيمَ الْأَرْوَعِ عَلَى مَنْ هَاجَرَ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ فَأَسَنُّ فِي الْإِسْلَامِ) أَيْ فَيُقَدَّمُ شَابٌّ أَسْلَمَ أَمْسِ عَلَى شَيْخٍ أَسْلَمَ الْيَوْمَ اهـ. ح ل وَيُقَدَّمُ مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ تَبَعًا، وَإِنْ تَأَخَّرَ إسْلَامُهُ لِأَنَّ فَضِيلَةَ الْأَوَّلِ فِي ذَاتِهِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ اهـ. اط ف، وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف وَقَوْلُهُ لَا بِكِبَرِ السِّنِّ أَيْ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْإِسْلَامِ رُوعِيَ كِبَرُ السِّنِّ كَمَا عُلِمَ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ) أَيْ كَذِي الْحِرْفَةِ الرَّفِيعَةِ فَيُقَدَّمُ وَلَدُهُ عَلَى وَلَدِ ذِي الْحِرْفَةِ الْوَضِيعَةِ لَا سَائِرُ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ، وَإِلَّا لَاقْتَضَى تَقَدُّمَ وَلَدِ السَّلِيمِ مِنْ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ عَلَى وَلَدِ غَيْرِ السَّلِيمِ مِنْ ذَلِكَ، وَفِي الْتِزَامِهِ بُعْدٌ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ كَالْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ) أَيْ فَيُقَدَّمْ الْهَاشِمِيُّ، وَالْمُطَّلِبِيُّ ثُمَّ سَائِرُ قُرَيْشٍ ثُمَّ الْعَرَبُ ثُمَّ الْعَجَمِ