للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْبُلُوغِ بِالسِّنِّ وَلِلِاعْتِكَافِ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ

(وَآكَدُهَا غُسْلُ جُمُعَةٍ ثُمَّ) غُسْلُ (غَاسِلِ مَيِّتٍ) لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْكَثِيرَةِ فِي الْأَوَّلِ وَلَيْسَ لِلثَّانِي حَدِيثٌ صَحِيحٌ بَلْ اعْتَرَضَ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى التِّرْمِذِيِّ فِي تَحْسِينِهِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ مِنْ أَحَادِيثِهِ فَعَلَى ابْنِ حِبَّانَ فِي تَصْحِيحِهِ لَهُ أَوْلَى وَقُدِّمَ غُسْلُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ عَلَى الْبَقِيَّةِ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهِ.

ــ

[حاشية الجمل]

مِنْ نَحْوِ حِجَامَةٍ أَوْ فَصْدٍ أَوْ خُرُوجٍ مِنْ حَمَّامٍ عِنْدَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ وَإِنْ لَمْ يَتَنَوَّرْ؛ لِأَنَّهُ يُغَيِّرُ الْبَدَنَ وَيُضْعِفُهُ وَالْغُسْلُ يَشُدُّهُ وَيُنْعِشُهُ أَيْ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَشُدُّ الْبَدَنَ وَالْحَارُّ يُضْعِفُهُ وَمِنْ نَتْفِ إبْطٍ وَيُقَاسُ بِهِ نَحْوُ قَصِّ الشَّارِبِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الرَّوْضِ بِالثَّانِي وَلِلِاعْتِكَافِ وَلِكُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَنْ يَحْضُرُ الْجَمَاعَةَ وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ وَلِدُخُولِ حَرَمِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَفِي الْوَادِي عِنْدَ سَيَلَانِهِ وَلِكُلِّ مَجْمَعٍ لِلنَّاسِ أَمَّا الْغُسْلُ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَغَيْرُ مُسْتَحَبٍّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِشِدَّةِ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ فِيهِ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ الْغُسْلُ لِتَغَيُّرِ بَدَنٍ إلَخْ قَضِيَّتُهُ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ الْغُسْلِ مِنْ الْحِجَامَةِ وَالْفَصْدِ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بَدَنُهُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ جَعَلَ نَدْبَ الْغُسْلِ لِمُجَرَّدِ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالتَّغَيُّرِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّغَيُّرِ حُدُوثُ صِفَةٍ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً قَبْلُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَمِنْ نَتْفِ إبْطٍ، وَيُقَاسُ بِهِ إلَخْ أَوْ أَنَّ نَحْوَ الْحِجَامَةِ مَظِنَّةٌ لِلتَّغَيُّرِ.

وَقَوْلُهُ عِنْدَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ يُفِيدُ أَنَّهُ يَغْتَسِلُ دَاخِلَ الْحَمَّامِ لِإِزَالَةِ التَّغَيُّرِ الْحَاصِلِ مِنْ الْعَرَقِ وَنَحْوِهِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ اغْتَسَلَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ مَثَلًا ثُمَّ اتَّصَلَ بِغُسْلِهِ الْخُرُوجُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ غُسْلٌ آخَرُ، وَقَوْلُهُ وَمِنْ نَتْفِ إبْطٍ أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَقَوْلُهُ وَلِكُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِالْغُرُوبِ وَيَخْرُجُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَقَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ أَيْ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِمُرِيدِ الْجَمَاعَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْغُسْلَ لِلْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُمْ إنَّ جَمَاعَةَ اللَّيْلِ إلَخْ فَإِنَّ جَمَاعَةَ النَّهَارِ يُطْلَبُ لَهَا الْغُسْلُ وَيَشْمَلُ ذَلِكَ قَوْلَهُ وَلِكُلِّ مَجْمَعٍ إلَخْ لَكِنْ يُشْكِلُ كُلُّ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ أَمَّا الْغُسْلُ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَغَيْرُ مُسْتَحَبٍّ إلَخْ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ فُعِلَتْ جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى فَلْيُتَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ أَنَّ الْغُسْلَ لِلصَّلَاةِ لَا يُسَنُّ لَهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا صَلَاةً فَلَا يُنَافِي سَنَةُ لَهَا مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ، وَقَوْلُهُ وَلِدُخُولِ حَرَمِ مَكَّةَ قَالَ حَجّ وَلِأَذَانٍ وَلِدُخُولِ مَسْجِدٍ أَيْ قَبْلَهُمَا، وَقَوْلُهُ وَلِكُلِّ مَجْمَعٍ لِلنَّاسِ قَالَ حَجّ مِنْ مَجَامِعِ الْخَيْرِ وَنَقَلَ عَنْهُ ابْنُ قَاسِمٍ أَنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ عَلَى مُبَاحٍ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى مَعْصِيَةٍ لَا حُرْمَةَ لَهُ إلَخْ اهـ وَمِنْ الْمُبَاحِ الِاجْتِمَاعُ فِي الْقَهْوَةِ الَّتِي لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى أَمْرٍ مُحَرَّمٍ وَلَوْ كَانَ الدَّاخِلُ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ دُخُولُهَا كَعَظِيمٍ مَثَلًا اهـ. ع ش عَلَيْهِ وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ أَنَّهُ يُسَنُّ الْغُسْلُ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَفِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ زِيَادَةِ النِّيلِ فِيهِ أَيْ النِّيلِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِلْبُلُوغِ بِالسِّنِّ) اُنْظُرْ وَجْهَهُ وَلَعَلَّ احْتِمَالَ بُلُوغِهِ بِالْإِنْزَالِ قَبْلُ وَلَمْ يُعْلَمْ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ كَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ إنْزَالِهِ قَبْلَ هَذِهِ وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَنْوِي رَفْعَ الْجَنَابَةِ فَلْيُحَرَّرْ وَلَا يُقَالُ إذَا بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا مَانِعَ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا لِحُصُولِ فَضْلِهِمَا فَلْيُحَرَّرْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَآكَدُهَا غُسْلُ جُمُعَةٍ ثُمَّ غَاسِلُ مَيِّتٍ) هَذَا عَلَى الْقَدِيمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي الْجَدِيدِ عَكْسُ هَذَا التَّرْتِيبِ أَيْ أَنَّ غُسْلَ غَاسِلِ الْمَيِّتِ آكَدُ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ. اهـ. مِنْ أَصْلِهِ وَعَنْ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا تَرَكْت غُسْلَ الْجُمُعَةِ فِي بَرْدٍ وَلَا سَفَرٍ وَلَا غَيْرِهِ اهـ. ح ل.

(فَرْعٌ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أَفْضَلِيَّةَ التَّيَمُّمِ الْوَاقِعِ بَدَلًا عَنْ الْغُسْلِ تَابِعَةٌ لِأَفْضَلِيَّةِ ذَلِكَ الْمُبْدَلِ فَالتَّيَمُّمُ عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ مِنْ التَّيَمُّمِ عَنْ الْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَهَكَذَا عَلَى التَّرْتِيبِ فِيهَا وَلَا يُتَخَيَّلُ أَفْضَلِيَّةُ التَّيَمُّمِ فِي الْجُمُعَةِ عَلَى الْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ نَظَرًا إلَى وُقُوعِهِ بَدَلًا عَنْ الْغُسْلِ الْأَفْضَلِ وَإِلَى أَنَّ الْبَدَلَ فِي الْأَصْلِ كَالْمُبْدَلِ مِنْهُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الذَّائِقِ الْمُتَأَمِّلِ لِلْقَوَاعِدِ كَذَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ لِلشَّيْخِ الطَّبَلَاوِيِّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ) أَيْ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ. اهـ. ز ي.

(قَوْلُهُ: فَعَلَى ابْنِ حِبَّانَ فِي تَصْحِيحِهِ لَهُ أَوْلَى) أَيْ لِأَنَّ التَّصْحِيحَ أَعْلَى مِنْ التَّحْسِينِ انْتَهَى شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهِ) وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْأَفْضَلَ بَعْدَهُمَا أَيْ بَعْدَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَغُسْلِ غَاسِلِ الْمَيِّتِ مَا كَثُرَتْ أَحَادِيثُهُ أَيْ وَصَحَّتْ ثُمَّ مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ ثُمَّ مَا صَحَّ حَدِيثُهُ أَيْ وَلَمْ يَكْثُرْ ثُمَّ مَا كَانَ نَفْعُهُ مُتَعَدِّيًا أَكْثَرَ وَمِنْ فَوَائِدِ مَعْرِفَةِ الْآكَدِ تَقْدِيمُهُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِمَا لِأَوْلَى النَّاسِ اهـ. ح ل وزي وَقَوْلُهُ ثُمَّ مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ لَعَلَّ الْمُرَادَ مَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي وُجُوبِهِ أَقْوَى وَإِلَّا فَغُسْلُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهِ وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا وَرَاءَ غُسْلِ غَاسِلِ الْمَيِّتِ وَالْجُمُعَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ فَلَوْ اجْتَمَعَ غُسْلَانِ اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ كُلٍّ مِنْهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>