(وَ) سُنَّ (بُكُورٌ) إلَيْهَا (لِغَيْرِ إمَامٍ) لِيَأْخُذُوا مَجَالِسَهُمْ وَيَنْتَظِرُوا الصَّلَاةَ وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ أَيْ كَغُسْلِهَا ثُمَّ رَاحَ أَيْ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ
ــ
[حاشية الجمل]
قُدِّمَ مَا الْقَوْلُ بِوُجُوبِهِ أَقْوَى فَإِنْ اسْتَوَيَا تَعَارَضَا فَيَكُونَانِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا شَيْءٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى سَبْرِ الْأَحَادِيثِ، وَقَدْ أَيِسَ مِنْهُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَسُنَّ بُكُورٌ) أَيْ لِمَنْ يُرِيدُ حُضُورَهَا وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى وَلَا بُدَّ أَنْ يَقْصِدَ أَنَّ حُضُورَهُ لِلصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى التَّبْكِيرِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى حَجّ وَلَوْ بَكَّرَ شَخْصٌ مُكْرَهًا عَلَى التَّبْكِيرِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فَضْلُ التَّبْكِيرِ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَوْ زَالَ الْإِكْرَاهُ حُسِبَ لَهُ مِنْ حِينَئِذٍ إنْ قَصَدَ الْإِقَامَةَ لِأَجْلِ الْجُمُعَةِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَسُنَّ بُكُورٌ) أَيْ وَلَوْ لِعَجُوزٍ سُنَّ لَهَا الْحُضُورُ اهـ. ح ل بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُتَزَيِّنَةً وَلَا مُتَعَطِّرَةً اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِيَأْخُذُوا مَجَالِسَهُمْ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْغَيْرِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ اهـ. شَيْخُنَا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ هُوَ بِالْمَسْجِدِ أَوْ يَأْتِيهِ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ كَطَلَبِ الْعِلْمِ يُحْسَب إتْيَانُهُ لِلْجُمُعَةِ مِنْ وَقْتِ التَّهَيُّؤِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ الْخَطِيبَ لَوْ بَكَّرَ إلَى مَسْجِدٍ غَيْرِ الَّذِي يَخْطُبُ فِيهِ لَا تَحْصُلُ لَهُ سُنَّةُ التَّبْكِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُتَهَيِّئًا لِلصَّلَاةِ فِيهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ إلَخْ) قَالَ حَجّ الْعَسْقَلَانِيُّ فِي فَتْحِ الْبَارِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَائِدُ مِنْهَا الْحَضُّ عَلَى الِاغْتِسَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَفَضْلُهُ وَفَضْلُ التَّبْكِيرِ إلَيْهَا وَأَنَّ الْفَضْلَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا يَحْصُلُ لِمَنْ جَمَعَهُمَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا أُطْلِقَ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ مِنْ تَرْتِيبِ الْفَضْلِ عَلَى التَّبْكِيرِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالْغُسْلِ اهـ.
وَقَوْلُهُ وَأَنَّ الْفَضْلَ الْمَذْكُورَ إلَخْ أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الثَّوَابَ أَمْرٌ تَوْقِيفِيٌّ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَرَدَ عَلَيْهِ اهـ. حَجّ فِي شَرْحِ الْأَصْلِ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر حُصُولُ الْفَضْلِ وَلَوْ بِدُونِ الْغُسْلِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ مَنْ اغْتَسَلَ إلَخْ) هَذَا عَجُزُ الْحَدِيثِ، وَقَدْ رَوَاهُ فِي شَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْبَهْجَةِ بِتَمَامِهِ فَقَالَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَمَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْ كَغُسْلِهَا) وَقِيلَ الْمُرَادُ حَقِيقَةُ غُسْلِهَا؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ الْجِمَاعُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْمَهَا كَذَا قَالُوهُ وَظَاهِرُهُ اسْتِوَاؤُهُمَا لَكِنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَوْمُهَا أَفْضَلُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ صِيَانَةُ كَفِّ بَصَرِهِ عَمَّا لَعَلَّهُ يَرَاهُ فَيَشْغَلُ قَلْبَهُ اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَغُسْلِهَا) أَيْ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ عُدُولُهُ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِهِ مَنْ اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَةَ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ الْجِمَاعُ فِي لَيْلَتِهَا وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى مَا ذُكِرَ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الثَّوَابِ بِمَنْ جَامَعَ وَهُوَ خِلَافُ الْمَقْصُودِ وَنُقِلَ عَنْ الْمَجْمُوعِ لِلنَّوَوِيِّ مَا يُوَافِقُهُ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: «ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى» ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالرَّوَاحِ هَلْ هُوَ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَنْزِلِ إلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى لَوْ طَالَ الْمَشْيُ مِنْ الْمَنْزِلِ إلَى الْمَسْجِدِ بِزَمَانٍ كَثِيرٍ يَصْدُقُ بِهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الرَّوَاحَ اسْمٌ لِلذَّهَابِ إلَى الْمَسْجِدِ مَحَلُّ نَظَرٍ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي كَمَا قَدْ يَتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ» إلَخْ فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَكْتُبُونَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِمْ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ زي مَا يُوَافِقُ مَا اسْتَقَرَّ بِنَاهُ نَعَمْ الْمَشْيُ لَهُ ثَوَابٌ آخَرُ زَائِدٌ عَلَى مَا يُكْتَبُ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ قَبْلَ غَيْرِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِرَوَاحِهِ دُخُولُهُ الْمَسْجِدَ حَتَّى لَوْ بَعُدَتْ دَارُهُ جِدًّا بِحَيْثُ إنَّهُ سَارَ مِنْ الْفَجْرِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْمَسْجِدَ إلَّا فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ مَثَلًا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ التَّبْكِيرُ إلَّا مِنْ السَّاعَةِ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا أَوْ يَكْتُبُ لَهُ مِنْ حِينِ خُرُوجِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ السَّائِرَ الْمَذْكُورَ لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ مَنْ بَكَّرَ أَوَّلَ سَاعَةٍ لَكِنْ لَهُ ثَوَابٌ مَخْصُوصٌ مِنْ حَيْثُ بُعْدُ الدَّارِ وَالْمَشَقَّةُ بِحَيْثُ إنَّهُ يُوَازِي ثَوَابَ مَنْ بَكَّرَ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ اهـ.
(فَرْعٌ) دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى ثُمَّ خَرَجَ وَعَادَ إلَيْهِ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ مَثَلًا فَهَلْ لَهُ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ الْوَجْهُ لَا بَلْ خُرُوجُهُ يُنَافِي اسْتِحْقَاقَ الْبَدَنَةِ بِكَمَالِهَا بَلْ يَنْبَغِي عَدَمُ حُصُولِهَا لِمَنْ خَرَجَ بِلَا عُذْرٍ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ أَنَّهَا لِمَنْ دَخَلَ وَاسْتَمَرَّ وَلَوْ حَصَلَا لَهُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مَنْ غَابَ ثُمَّ رَجَعَ أَكْمَلَ مِمَّنْ لَمْ يَغِبْ وَلَا يَقُولُهُ أَحَدٌ خُصُوصًا مَنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ كَأَنْ دَخَلَ فِي أَوَّلِ السَّاعَةِ الْأُولَى وَعَادَ فِي آخِرِ السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَتَدَبَّرْ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَلَوْ حَضَرَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى وَخَرَجَ لِعُذْرٍ ثُمَّ عَادَ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ الشَّيْخُ فَيَنْبَغِي عَدَمُ حُصُولِ الْبَدَنَةِ اهـ. وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَسُئِلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَوَافَقَ عَلَى حُصُولِ الْبَدَنَةِ إذَا كَانَ عَزْمُهُ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ لَوْلَا الْعُذْرُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً) فِي الصِّحَاحِ الْبَدَنَةُ نَاقَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ تُنْحَرُ بِمَكَّةَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ