بِخُصُوصِهِ - فَلَا يُوجِبُ أَدْوَنَهُمَا بِعُمُومِهِ كَزِنَا الْمُحْصَنِ وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ مَعَ إيجَابِهِمَا الْغُسْلَ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْوُضُوءِ مُطْلَقًا فَلَا يُجَامِعَانِهِ بِخِلَافِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ يَصِحُّ مَعَهُ الْوُضُوءُ فِي صُورَةِ سَلَسِ الْمَنِيِّ فَيُجَامِعُهُ وَدَخَلَ فِي غَيْرِ مَنِيِّهِ مَنِيُّ غَيْرِهِ فَيَنْقُضُ فَتَعْبِيرِي بِمَنِيِّهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَنِيِّ.
(وَ) ثَانِيهَا (زَوَالُ عَقْلٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
هَذِهِ الْقَاعِدَةُ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا وُضُوءَ بِإِلْقَاءِ الْوَلَدِ الْجَافِّ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ انْعَقَدَ مِنْ مَنِيِّهَا وَمَنِيِّهِ اسْتَحَالَ إلَى الْحَيَوَانِيَّةِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِخُصُوصِهِ) أَيْ بِخُصُوصِ كَوْنِهِ مَنِيًّا، وَقَوْلُهُ: بِعُمُومِهِ أَيْ بِعُمُومِ كَوْنِهِ خَارِجًا، وَقَوْلُهُ: كَزِنَا الْمُحْصَنِ أَيْ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ الرَّجْمُ بِخُصُوصِ كَوْنِهِ زِنَا مُحْصَنٍ وَلَمْ يُوجِبْ أَدْوَنَهُمَا وَهُوَ الْجَلْدُ وَالتَّغْرِيبُ بِعُمُومِ كَوْنِهِ زِنًا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: كَزِنَا الْمُحْصَنِ) أُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ قَدْ يُوجِبُ الْأَمْرَيْنِ بَلْ أَكْثَرَ كَالْجِمَاعِ فِي رَمَضَانَ يُوجِبُ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ - وَهُوَ الْكَفَّارَةُ بِخُصُوصِ كَوْنِهِ جِمَاعًا -، وَأَدْوَنَهُمَا وَهُوَ الْقَضَاءُ بِعُمُومِ كَوْنِهِ فِطْرًا، وَأَدْوَنَ مِنْهُمَا مَعًا وَهُوَ التَّعْزِيرُ بِعُمُومِ كَوْنِهِ مَعْصِيَةً وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَالطَّهَارَةِ، أَوْ الْحَدِّ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا يَرِدُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَكُونُ بِالصَّوْمِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا أَصَالَةُ الْعِتْقِ فَتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَلَا يَرِدُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِالْجِمَاعِ فِي رَمَضَانَ بِخُصُوصِ كَوْنِهِ جِمَاعًا مَعَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ بِعُمُومِ الْكَفَّارَةِ كَوْنِهِ مُفْطِرًا وَلَا وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ بِخُصُوصِ كَوْنِهَا غَمُوسًا مَعَ التَّعْزِيرِ بِعُمُومِ كَوْنِهَا مَعْصِيَةً لِعَدَمِ الْمُجَانَسَةِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الْأَعَمُّ الْمُفِيدُ أَنَّ الْأَدْوَنَ بَعْضُ الْأَعَمِّ وَلَا يَرِدُ مَا لَوْ كَفَّرَ فِي رَمَضَانَ بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ) أَيْ الْأَدْوَنَ الَّذِي هُوَ الْوُضُوءُ وَإِيجَابُهُ فَرْعُ إبْطَالِهِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْوُضُوءِ) أَيْ الرَّافِعِ أَوْ الْمُبِيحِ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ فَلَا يَرِدُ الْوُضُوءُ مِنْهَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْوُضُوءِ إلَخْ قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّهُمَا قَدْ يُجَامِعَانِ الْوُضُوءَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْحَجِّ يُسَنُّ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ الْغُسْلُ لِنَحْوِ الْإِحْرَامِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ لَمْ تُرِدْهُ، أَوْ كَانَ مَعَهَا مَاءٌ لَا يَكْفِيهِ سُنَّ لَهَا الْوُضُوءُ وَهَذَا يَشْمَلُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَيُتَصَوَّرُ أَنَّهُمَا يُجَامِعَانِهِ وَلَا يَمْنَعَانِ صِحَّتَهُ فِي صُورَةٍ اهـ كَلَامُ الْإِيعَابِ وَقَدْ أَشَارَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِرَدِّهِ حَيْثُ قَالَ وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي الْحَجِّ مِنْ سُنِّيَّةِ الْغُسْلِ لِنَحْوِ الْإِحْرَامِ مَعَهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِعَدَمِ مُجَامَعَتِهِمَا لَهُ بِالنِّسْبَةِ لِاسْتِبَاحَةِ صَلَاةٍ وَنَحْوِهَا؛ إذْ الْمَقْصُودُ فِي بَابِ الْحَجِّ النَّظَافَةُ مَعَ غَلَبَةِ التَّعَبُّدِ فِيهِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا: لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الْوُضُوءِ) أَيْ وَلِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِبَقَاءِ الْوُضُوءِ مَعَهُمَا بِخِلَافِهِ مَعَ الْمَنِيِّ فَإِنَّ مِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّهُ لَوْ اغْتَسَلَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ صَحَّ غُسْلُهُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ وُضُوءَهُ بَاقٍ وَلَوْ قُلْنَا بِعَدَمِ بَقَائِهِ وَتَرْكِ الْوُضُوءِ كَانَ فِي صِحَّةِ غُسْلِهِ خِلَافٌ وَأَيْضًا إذَا قُلْنَا بِبَقَائِهِ نَوَى بِالْوُضُوءِ مَعَ الْغُسْلِ سُنَّةَ الْغُسْلِ، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِبَقَائِهِ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ فَظَهَرَتْ الْفَائِدَةُ فِي كَيْفِيَّةِ النِّيَّةِ اهـ م ر وَأَقُولُ يُتَصَوَّرُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحَائِضِ فَيُقَالُ فَائِدَةُ الْحُكْمِ بِبَقَاءِ الْوُضُوءِ أَنَّهَا إذَا اغْتَسَلَتْ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ وَلَمْ تَنْوِ الْوُضُوءَ أَجْزَأَ الْغُسْلُ اتِّفَاقًا وَيُقَالُ إذَا اغْتَسَلَتْ مَعَ الْحُكْمِ بِبَقَاءِ الْوُضُوءِ نَوَتْ بِالْوُضُوءِ مَعَ الْغُسْلِ سُنَّةَ الْغُسْلِ، وَإِلَّا نَوَتْ رَفْعَ الْحَدَثِ لَا يُقَالُ الْفَائِدَتَانِ تُتَصَوَّرَانِ فِي الْغُسْلِ قَبْلَ الشِّفَاءِ مِنْ الْمَنِيِّ بِخِلَافِ الْحَيْضِ لَا يُتَصَوَّرَانِ إلَّا بَعْدَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا لَا يَمْنَعُ الْفَائِدَةَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي الِابْتِدَاءِ بِأَنْ طَرَأَ عَلَيْهِمَا وَفِي الدَّوَامِ بِأَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: فَلَا يُجَامِعَانِهِ أَيْ فِي الدَّوَامِ بِأَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ، وَحَاصِلُ صَنِيعِهِ أَنَّهُ قَاسَ الدَّوَامَ عَلَى الِابْتِدَاءِ فِي الْبُطْلَانِ وَفِيهِ أَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْأَسْبَابَ الْمَذْكُورَةَ تُنَافِي الْوُضُوءَ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَمِنْهَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ فَكَيْفَ تُجْعَلُ مُنَافَاتُهُمَا لِلْوُضُوءِ ابْتِدَاءً أَصْلًا وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مُنَافَاتُهُمَا لَهُ فِي الدَّوَامِ اهـ لِكَاتِبِهِ.
وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجّ، وَإِنَّمَا نَقَضَ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُمَا أَغْلَظُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فِي صُورَةِ سَلَسِ الْمَنِيِّ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ يَصِحُّ الْوُضُوءُ مَعَ خُرُوجِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ سَلَسٌ اهـ شَيْخُنَا وَضَعَّفَهُ ع ش.
وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: فِي صُورَةِ سَلَسِ الْمَنِيِّ أَفْهَمَ أَنَّ السَّلِيمَ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ حَالَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ وَهِيَ لَا تُسْتَبَاحُ مَعَ الْجَنَابَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ انْتَهَتْ وَمِثْلُهُ الْإِطْفِيحِيُّ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّ قَوْلَهُ فِي صُورَةِ سَلَسِ الْمَنِيِّ لَيْسَ بِقَيْدٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَزَوَالُ عَقْلٍ) أَيْ تَيَقُّنُ زَوَالِهِ وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنْ ارْتِكَابِ الْفَوَاحِشِ وَلِهَذَا يُقَالُ إنَّ مُرْتَكِبَ الْفَوَاحِشِ لَا عَقْلَ لَهُ وَشَرْعًا يُطْلَقُ عَلَى التَّمْيِيزِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَيُعَرَّفُ بِأَنَّهُ صِفَةٌ يُمَيَّزُ بِهَا بَيْنَ الْحَسَنِ