للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَخَلَفَهُ) أَيْ عَنْ قُرْبٍ (مُقْتَدٍ بِهِ قَبْلَ بُطْلَانِهَا جَازَ) سَوَاءٌ اسْتَخْلَفَ نَفْسَهُ أَمْ اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ أَوْ الْقَوْمُ أَوْ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِإِمَامَيْنِ بِالتَّعَاقُبِ جَائِزَةٌ كَمَا فِي قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ سَوَاءٌ اسْتَأْنَفُوا نِيَّةَ قُدْوَةٍ بِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْأَوَّلِ فِي دَوَامِ الْجَمَاعَةِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْأَصْلِيِّ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ اهـ. مَا قَرَّرَهُ شَيْخنَا حُ ف فِي هَذَا الْمَقَام.

(قَوْلُهُ: فَخَلَفَهُ مُقْتَدٍ بِهِ إلَخْ) وَإِذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ ذَلِكَ الْخَلِيفَةِ جَازَ اسْتِخْلَافُ ثَالِثٍ وَهَكَذَا وَعَلَى الْجَمِيعِ مُرَاعَاةُ تَرْتِيبِ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ، وَكَذَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ أَيْضًا فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ وَبَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ بِشَرْطِ كَوْنِ الْخَلِيفَةِ فِي الثَّانِيَةِ حَضَرَ الْخُطْبَةَ بِتَمَامِهَا وَالْبَعْضَ الْفَائِتَ فِي الْأُولَى إذْ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ وَإِنَّمَا يَصِيرُ غَيْرُ السَّامِعِ مِنْ أَهْلِهَا إذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَيُنَزَّلُ السَّمَاعُ هُنَا مَنْزِلَةَ الِاقْتِدَاءِ فَإِنْ قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ صِحَّةُ اسْتِخْلَافِ مَنْ سَمِعَ وَلَوْ نَحْوَ مُحْدِثٍ وَصَبِيٍّ زَادَ فَمَا الْفَرْقُ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ بِالسَّمَاعِ انْدَرَجَ فِي ضِمْنِ غَيْرِهِ فَصَارَ مِنْ أَهْلِهَا تَبَعًا ظَاهِرًا فَلِهَذَا كَفَى اسْتِخْلَافُهُ وَلِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ أَوْ نَقْصِهَا اُشْتُرِطَتْ زِيَادَتُهُ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَسْمَعْ فَلَمْ يَصِرْ مِنْ أَهْلِهَا وَلَا فِي الظَّاهِرِ فَلَمْ يَكْفِ اسْتِخْلَافُهُ مُطْلَقًا فَإِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ امْتَنَعَ الِاسْتِخْلَافُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحْدِثِ بِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ خُطْبَةِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ مِنْهُ وَلَوْ اسْتَخْلَفَ مَنْ يُصَلِّي بِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ سَمِعَ الْخُطْبَةَ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَنَوَى غَيْرَ الْجُمُعَةِ جَازَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ اهـ. شَيْخُنَا ش م ر.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ.

(فَرْعٌ) لَوْ خَطَبَ شَخْصٌ وَأَرَادَ أَنْ يُقَدِّمَ شَخْصًا غَيْرَهُ لِيُصَلِّيَ بِالْقَوْمِ فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ سَمِعَ الْخُطْبَةَ وَأَنْ يَنْوِيَ الْجُمُعَةَ إنْ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَإِلَّا فَلَا إذْ يَجُوزُ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ خَلْفَ مُصَلِّي الظُّهْرِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ بُطْلَانِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِمُقْتَدٍ كَمَا ضَبَّبَ عَلَيْهِ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: أَوْ الْقَوْمُ أَوْ بَعْضُهُمْ) فَفِي الْمَجْمُوعِ يَجُوزُ اسْتِخْلَافُ اثْنَيْنِ وَأَكْثَرَ يُصَلِّي كُلٌّ بِطَائِفَةٍ وَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ أَيْ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَاسْتِخْلَافُهُمْ أَوْلَى مِنْ اسْتِخْلَافِهِ فَمُقَدَّمُهُمْ أَوْلَى مِنْ مُقَدَّمِهِ وَمُقَدَّمُهُ أَوْلَى مِمَّنْ تَقَدَّمَ بِنَفْسِهِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ اهـ. ح ل.

وَفِي ز ي مَا نَصُّهُ: (فَرْعٌ) لَوْ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ وَاحِدًا وَاسْتَخْلَفُوا آخَرَ فَمَنْ عَيَّنُوهُ أَوْلَى مِنْ مُقَدَّمِ الْإِمَامِ إلَّا الْإِمَامَ الرَّاتِبَ فَمُقَدَّمُهُ أَوْلَى وَمُقَدَّمُهُمْ أَوْلَى مِنْ الَّذِي تَقَدَّمَ بِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَاتِبًا وَلَوْ قَدَّمَ الْإِمَامُ وَاحِدًا وَتَقَدَّمَ آخَرُ كَانَ مُقَدَّمُ الْإِمَامِ أَوْلَى اهـ.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَ يُصَلِّي إمَامًا بِالنَّاسِ فِي مَرَضِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَحَسَّ النَّبِيُّ يَوْمًا بِالْخِفَّةِ فَدَخَلَ يُصَلِّي وَأَبُو بَكْرٍ مُحْرِمٌ بِالنَّاسِ فَتَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ وَقَدَّمَهُ لَكِنْ فِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ الَّذِي هُوَ الْمُدَّعَى وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا جَازَ الِاسْتِخْلَافُ مَعَ عَدَمِ الْبُطْلَانِ فَمَعَ بُطْلَانِهَا أَوْلَى اهـ. مِنْ الْحَلَبِيِّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ كَمَا فِي قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ إلَخْ غَرَضُهُ مِنْهُ بَيَانُ جَوَازِ الصَّلَاةِ بِإِمَامَيْنِ بِالتَّعَاقُبِ لَا الِاسْتِبْدَالِ عَلَى الِاسْتِخْلَافِ إذْ لَا اسْتِخْلَافَ فِي قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَقَوْلُهُ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إذَا جَازَ الِاسْتِخْلَافُ إلَخْ هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَأَخَّرَ وَيُقَدِّمَ آخَرَ مَعَ بَقَائِهِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ نَقْلًا عَنْ الْمَحَامِلِيِّ لَكِنْ حَمَلَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ عَدَمَ الصِّحَّةِ عَلَى مَا لَوْ اسْتَخْلَفَ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الْإِمَامَةِ اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر.

وَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ مَا نَصُّهُ وَعِنْدَ ابْنِ الْمُنْذِرِ مِنْ رِوَايَةِ مُسْلِمِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ شُعَيْبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ» وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ شَقِيقٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ» فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ رَجَّحَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ مَأْمُومًا وَاسْتَدَلَّ الطَّبَرِيُّ بِهَذَا عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْطَعَ الْإِمَامَةَ وَيَقْتَدِيَ بِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْطَعَ الصَّلَاةَ وَعَلَى جَوَازِ إنْشَاءِ الْقُدْوَةِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَعَلَى جَوَازِ تَقَدُّمِ إحْرَامِ الْمَأْمُومِ عَلَى الْإِمَامِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ قَطَعَ الْقُدْوَةَ وَائْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ أَنَّهُ كَانَ إمَامًا وَالنَّبِيُّ جَاءَ وَاقْتَدَى بِهِ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ مُقْتَدِيًا بِهِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ. اهـ.

وَفِي السِّنْدِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ، قَوْلُهُ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» اسْتَدَلَّ بِهِ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْإِمَامَةَ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ الْإِمَامَةُ الصُّغْرَى كَانَتْ مِنْ وَظَائِفِ الْإِمَامَةِ الْكُبْرَى فَنَصْبُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ إمَامًا فِي الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مِنْ أَقْوَى أَمَارَاتِ تَفْوِيضِ الْإِمَامَةِ الْكُبْرَى إلَيْهِ وَمَا نَازَعَ بِهِ الشِّيعَةُ حَيْثُ قَالُوا إنَّ الدَّلَالَةَ لَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةً قَوِيَّةً لَمَا حَصَلَ الْخِلَافُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بَاطِلٌ ضَرُورَةَ أَنَّ الْوَقْتَ كَانَ وَقْتَ حَيْرَةٍ وَدَهْشَةٍ وَكَمْ مِنْ ظَاهِرٍ قَدْ خَفِيَ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ اهـ.

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ اسْتَأْنَفُوا نِيَّةَ قُدْوَةٍ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>