للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ بِالْأَحْدَاثِ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا حَيْثُ لَا عُذْرَ (صَلَاةٌ) إجْمَاعًا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» وَفِي مَعْنَاهَا خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَسَجْدَتَا التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ (وَطَوَافٌ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ لَهُ وَقَالَ: لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِخَبَرِ «الطَّوَافُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقُ إلَّا بِخَيْرٍ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ

(وَمَسُّ مُصْحَفٍ)

ــ

[حاشية الجمل]

مَسِّ الْمُصْحَفِ مَعَهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَسَيَأْتِي فِي الرِّدَّةِ أَنَّ اسْتِحْلَالَ الصَّلَاةِ مَعَهُ كُفْرٌ اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا اهـ سم وَالْمُرَادُ مِنْ الْحُرْمَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَلَوْ سَهْوًا وَفِي غَيْرِهَا مِمَّا يَأْتِي إثْمُهُ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تَحْرُمُ ابْتِدَاءً بِحَيْثُ يَشْرَعُ فِيهَا وَهُوَ مُحْدِثٌ وَدَوَامًا بِمَعْنَى أَنَّهُ إنْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْحَدَثُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِمْرَارُهُ فِيهَا بِأَنْ يُلَاحِظَ وَيَنْوِيَ أَنَّهُ يُصَلِّي أَيْ يَدُومُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَصْلًا فَلَا يَخْلُصُ مِنْ الْحُرْمَةِ إلَّا إنْ نَوَى قَطْعَهَا، وَالْخُرُوجَ مِنْهَا فَالْحُرْمَةُ فِي صُورَتَيْنِ، وَالْجَوَازُ فِي صُورَةٍ هَكَذَا حَقَّقَهُ ع ش عَلَى ابْنِ قَاسِمٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِالْأَحْدَاثِ) أَيْ الَّتِي هِيَ الْأَسْبَابُ وَيَصِحُّ إرَادَةُ الْمَنْعِ لَكِنْ بِتَكَلُّفٍ؛ إذْ يَنْحَلُّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ بِسَبَبِ الْمَنْعِ مِنْ نَحْوِ الصَّلَاةِ صَلَاةٌ إلَخْ وَذَلِكَ الْمَنْعُ هُوَ التَّحْرِيمُ فَيَكُونُ الشَّيْءُ سَبَبًا لِنَفْسِهِ، أَوْ بَعْضِهِ اهـ حَجّ وَيَصِحُّ إرَادَةُ الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ اهـ وَهَذَا يَقْتَضِي فَسَادَ إرَادَةِ الْمَنْعِ لَا صِحَّتَهَا بِتَكَلُّفٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا عُذْرَ) أَيْ كَدَوَامِ الْحَدَثِ وَفَقْدِ الطَّهُورَيْنِ وَأَمَّا فَقْدُ الْمَاءِ مَعَ وُجُودِ التَّيَمُّمِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُجَوِّزَةِ لِلصَّلَاةِ مَعَ وُجُودِ أَحَدِ الْأَسْبَابِ نَعَمْ إنْ نَظَرَ لِلْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْ ذَلِكَ السَّبَبِ فَوَاضِحٌ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: صَلَاةٌ) أَيْ وَلَوْ نَفْلًا وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ خِلَافًا لِلشَّعْبِيِّ الْقَائِلِ إنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ تَصِحُّ مَعَ الْحَدَثِ وَكَأَنَّ وَجْهَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الدُّعَاءُ وَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) قَدَّمَهُ عَلَى الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ النَّصُّ فِي الْمَقْصُودِ إذْ قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَخْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا يُثِيبُ عَلَيْهَا مَعَ صِحَّتِهَا كَمَا وَرَدَ نَفْيُ الْقَبُولِ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُهَا لِفَسَادِهَا اهـ شَيْخُنَا، وَالْمُرَادُ الْإِجْمَاعُ الْمَذْهَبِيُّ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى حَدَثٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ فَلَا يَرِدُ اللَّمْسُ، وَالْمَسُّ اهـ ع ش فَقَوْلُهُ: إجْمَاعًا أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ بَعْضَ تِلْكَ الْأَسْبَابِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَحِينَئِذٍ فَالدَّلِيلُ أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعَى؛ إذْ هُوَ تَحْرِيمُ الصَّلَاةِ بِكُلٍّ مِنْهَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَالدَّلِيلُ إنَّمَا أَثْبَتَ التَّحْرِيمَ بِالْبَعْضِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: إجْمَاعًا قَدَّمَهُ عَلَى الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْقَبُولِ نَفْيُ الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَصْلَ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: «لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» ) أَيْ عِبَادَاتِكُمْ وَمِنْهَا الْوُضُوءُ لِلطَّوَافِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ تَوَقُّفُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: قَدْ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ) قَدْ يُقَالُ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ غَيْرَهُ كَالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ فَلِمَ خَصَّ النُّطْقَ بِالذِّكْرِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ خَصَّهُ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ حُرْمَةَ ذَلِكَ اهـ طُوخِيٌّ، وَالْمَنْطِقُ مَصْدَرٌ سُمِّيَ مَعْنَاهُ النُّطْقُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ فَمَنْ نَطَقَ إلَخْ، وَالْمَصْدَرُ الْمِيمِيُّ هُوَ الْمَبْدُوءُ بِمِيمٍ زَائِدَةٍ نَحْوُ مُقَاتَلَةٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْطِقُ إلَّا بِخَيْرٍ) هُوَ بِالرَّفْعِ؛ لِأَنَّ " لَا " نَافِيَةٌ لَا نَاهِيَةٌ فَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: فَلَا يَنْطِقُ إلَّا بِخَيْرٍ هَلْ الرِّوَايَةُ فِيهِ بِالْجَزْمِ، أَوْ الرَّفْعِ، وَرُوِيَ فَلَا يَتَكَلَّمَنَّ مُؤَكَّدًا بِالنُّونِ وَهِيَ تُشْعِرُ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ هُنَا بِالْجَزْمِ؛ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ بَعْدَ النَّهْيِ كَثِيرٌ، وَالْأَصْلُ تَوَافُقُ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَمَسُّ مُصْحَفٍ) أَيْ بِسَائِرِ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ وَلَوْ بِحَائِلٍ كَمَا يُشِيرُ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَلَّبَهُ بِيَدِهِ وَلَوْ بِلَفِّ خِرْقَةٍ عَلَيْهَا اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: وَمَسُّ مُصْحَفٍ أَيْ بِبَطْنِ كَفٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَدَخَلَ فِي الْمَسِّ مَا لَوْ كَانَ بِحَائِلٍ وَلَوْ ثَخِينًا حَيْثُ يُعَدُّ مَاسَّا لَهُ عُرْفًا؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالتَّعْظِيمِ بِخِلَافِ مَسِّ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ بِحَائِلٍ؛ إذْ الْمَدَارُ فِيهِ عَلَى ثَوَرَانِ الشَّهْوَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ مَعَ الْحَائِلِ وَنَقَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَجْهًا غَرِيبًا بِعَدَمِ حُرْمَةِ مَسِّ الْمُصْحَفِ مُطْلَقًا وَقَالَ فِي التَّتِمَّةِ لَا يَحْرُمُ إلَّا مَسُّ الْمَكْتُوبِ وَحْدَهُ لَا الْهَامِشِ وَلَا مَا بَيْنَ السُّطُورِ وَشَمِلَ الْمُسْلِمَ، وَالْكَافِرَ، وَإِنَّمَا جَازَ تَعْلِيمُهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا إهَانَةَ فِيهِ مَعَ احْتِمَالِ رَجَاءِ الْإِسْلَامِ انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: وَمَسُّ مُصْحَفٍ أَيْ وَلَوْ بِصَدْرِهِ وَبَطْنِهِ وَلِسَانِهِ وَشَعْرِهِ وَسِنِّهِ وَظُفُرِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ: وَمَسُّ مُصْحَفٍ أَيْ وَلَوْ مِنْ وَرَاءِ حَائِطٍ وَبِبَاطِنِ الْكَفِّ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَسِّ الذَّكَرِ مَعَ وُرُودِ الْمَسِّ فِيهِمَا وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا تَعْظِيمُ الْمُصْحَفِ بِإِبْعَادِ الْمُحْدِثِ عَنْهُ وَبِأَنَّ حَدِيثَ الْإِفْضَاءِ قَيَّدَ مَا أُطْلَقَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَمَسُّ مُصْحَفٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصْحَفَ اسْمٌ لِلْوَرَقِ الْمَكْتُوبِ فِيهِ الْقُرْآنُ وَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْأَوْرَاقَ بِجَمِيعِ جَوَانِبِهَا حَتَّى مَا فِيهَا مِنْ الْبَيَاضِ وَحِينَئِذٍ فَمَا فَائِدَةُ عَطْفِ الْأَوْرَاقِ وَقَدْ يُقَالُ فَائِدَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>