بِمَوْتِ النَّجَاشِيِّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، ثُمَّ خَرَجَ بِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى فَصَلَّى عَلَيْهِ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَذَلِكَ فِي رَجَبَ سَنَةَ تِسْعٍ لَكِنَّهَا لَا تُسْقِطُ الْفَرْضَ أَمَّا الْحَاضِرُ بِالْبَلَدِ فَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ إلَّا مَنْ حَضَرَهُ وَإِنَّمَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ وَالْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ مِمَّنْ كَانَ (مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا وَقْتَ مَوْتِهِ) قَالُوا؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ مُتَنَفِّلٌ وَهَذِهِ لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا وَنَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ فِي اعْتِبَارِ وَقْتِ الْمَوْتِ قَالَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ أَوْ أَفَاقَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْغُسْلِ
ــ
[حاشية الجمل]
عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَاتِ الْمُسْلِمِينَ فَيَشْمَلُ مَنْ مَاتَ مِنْ بُلُوغِهِ أَوْ تَمْيِيزِهِ عَلَى مَا يَأْتِي، ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فِي الدُّعَاءِ لَهُمْ هُنَا اللَّهُمَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِ دُونَ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ إنْ كَانُوا مُحْسِنِينَ إلَخْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْجَمِيعِ أَنَّهُمْ لَيْسُوا كُلُّهُمْ مُحْسِنِينَ وَلَا مُسِيئِينَ اهـ. وَهَلْ يَدْخُلُ فِي الْبَلَدِ تَبَعًا وَقَدْ يَنْقَاسُ عَدَمُ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إلَّا مَعَ حُضُورِهَا اهـ. سم عَلَى الْبَهْجَةِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مَا لَمْ تَشُقَّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ فِي قُبُورِهِمْ وَإِلَّا شَمَلَتْهُمْ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ إفْرَادُهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ مَعَ غَيْبَتِهِمْ فَشُمُولُ صَلَاتِهِ لَهُمْ أَوْلَى اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَتَصِحُّ عَلَى غَائِبٍ عَنْ الْبَلَدِ) أَيْ خِلَافًا لِلْإِمَامَيْنِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ طُهْرَهُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَشُقُّ الْحُضُورُ مَعَهُ إلَيْهِ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَلَوْ فِي الْبَلَدِ وَتُنْدَبُ الصَّلَاةُ آخِرَ كُلِّ يَوْمٍ بَعْدَ الْغُرُوبِ عَلَى مَنْ مَاتَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَيَنْوِي الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَيْهِ وَهَذَا أَسْهَلُ النِّيَّاتِ وَأَوْلَاهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ بِمَوْتِ النَّجَاشِيِّ) بِفَتْحِ النُّونِ وَبِالْجِيمِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ مَلِكُ الْحَبَشَةِ وَكَانَ اسْمُهُ أَصْحَمَةَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الصَّادِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَقِيلَ صَحَمَةُ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْحَاءِ وَمَعْنَاهُ بِالْعَرَبِيَّةِ عَطِيَّةٌ، وَهُوَ الَّذِي هَاجَرَ إلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ فِي رَجَبَ) بِمَنْعِ الصَّرْفِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ لَكِنَّهَا لَا تُسْقِطُ الْفَرْضَ) أَيْ عَنْ أَهْلِ بَلَدِهِ أَيْ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِصَلَاةِ غَيْرِهِمْ اهـ. ع ش، فَإِنْ عَلِمُوا سَقَطَ عَنْهُمْ الْفَرْضُ وَإِنْ أَثِمُوا بِتَأْخِيرِهَا اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَمَّا الْحَاضِرُ بِالْبَلَدِ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ كَبُرَتْ الْبَلَدُ جِدًّا لِتَيَسُّرِ الْحُضُورِ عَلَيْهِ فَلَوْ تَعَذَّرَ لِنَحْوِ حَبْسٍ أَوْ مَرَضٍ جَازَتْ وَكَتَبَ أَيْضًا وَكَذَا لَوْ كَانَ خَارِجَ السُّوَرِ قَرْيَةٌ، فَإِنَّهَا كَدَاخِلِ الْبَلَدِ وَالْقُرَى الْمُتَقَارِبَةِ جِدًّا كَالْقَرْيَةِ الْوَاحِدَةِ اهـ. ح ل وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمَشَقَّةُ وَعَدَمُهَا فَحَيْثُ شَقَّ الْحُضُورُ، وَلَوْ فِي الْبَلَدِ لِكِبَرِهَا وَنَحْوِهِ صَحَّتْ وَحَيْثُ لَا، وَلَوْ خَارِجَ السُّوَرِ لَمْ تَصِحَّ. اهـ. سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ سم.
قَوْلُهُ أَمَّا الْحَاضِرُ بِالْبَلَدِ إلَخْ أَيْ سَوَاءٌ كَبُرَتْ الْبَلَدُ أَوْ صَغُرَتْ اهـ. عَمِيرَةُ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر كَمَا يَقْتَضِيهِ التَّعْلِيلُ بِالْمَشَقَّةِ فِي الْغَائِبِ وَعَدَمِهَا فِي غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ حُضُورُهُ فِي الْبَلَدِ وَلَا غَيْبَتُهُ عَنْهَا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَلَا فِي مَنْعِهَا بَلْ الضَّابِطُ الْمَشَقَّةُ وَعَدَمُهَا فَحَيْثُ شَقَّ حُضُورُ الْقَبْرِ لِبُعْدِهِ عَنْهُ أَوْ حَيْلُولَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنِهِ جَازَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ بِأَنْ اتَّسَعَتْ وَبَعُدَ مَكَانُ الْقَبْرِ عَنْهُ بِحَيْثُ يَشُقُّ حُضُورُهُ إلَيْهِ أَوْ كَانَ فِي مَكَان مُغْلَقٍ وَلَا يَسْهُلُ الْوُصُولُ إلَيْهِ وَحَيْثُ سَهُلَ الْحُضُورُ امْتَنَعَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إلَّا بِحَضْرَتِهِ وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْبَلَدِ كَأَنْ يَكُونَ خَارِجًا عَنْهَا قَرِيبًا مِنْهَا فِي صَحْرَاءَ أَوْ بَلَدٍ قَرِيبَةٍ مِنْهَا حَيْثُ لَا يَشُقُّ الْحُضُورُ اهـ. انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا وَقْتَ مَوْتِهِ) بِأَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا طَاهِرًا اهـ. شَوْبَرِيٌّ فَلَا تَصِحُّ مِنْ الْحَائِضِ وَالْكَافِرِ اهـ. شَرْحِ م ر وَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّ صَلَاةَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ صَحِيحَةٌ مُسْقِطَةٌ لِلْفَرْضِ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الرِّجَالِ فِي الْمَيِّتِ الْحَاضِرِ دُونَ الْغَائِبِ وَالْقَبْرِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ فَلْيُحَرَّرْ فَرْقٌ وَاضِحٌ اهـ. سم (قَوْلُهُ أَيْضًا مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا وَقْتَ مَوْتِهِ) هَذَا الشَّرْطُ فِي غَيْرِ مَا وَقَعَ خُصُوصِيَّةً لِبَعْضِ النَّاسِ «كَتُبَّعٍ مَلِكِ الْيَمَنِ، فَإِنَّهُ آمَنَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ مَبْعَثِهِ بِسَبْعِمِائَةِ عَامٍ وَمَاتَ قَبْلَ النَّبِيِّ فَلَمَّا دَخَلَ الْمَدِينَةَ أَخْبَرُوهُ بِحَالِهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ يَوْمَ دُخُولِهِ لَهَا صَلَاةَ غَيْبَةٍ» اهـ. مَدَابِغِي لَكِنْ يَرُدُّ عَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ مِنْ أَنَّ أَوَّلَ صَلَاةِ غَيْبَةٍ صَلَّاهَا النَّبِيُّ هِيَ الَّتِي صَلَّاهَا عَلَى النَّجَاشِيِّ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ اهـ. (قَوْلُهُ قَالُوا لِأَنَّ هَذَا إلَخْ) وَجْهُ التَّبَرِّي أَنَّ قَوْلَهُمْ وَهَذِهِ لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا مَمْنُوعٌ وَسَنَدُهُ صِحَّتُهَا مِنْ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ وَمِنْ الصَّبِيِّ مَعَهُمْ أَوْ وَحْدَهُ وَمِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ إذَا صَلَّى غَيْرُهُ قَبْلَهُ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَهَذِهِ لَا يَتَنَفَّل بِهَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَعْنَاهُ لَا تُفْعَلْ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِصُورَتِهَا مِنْ غَيْرِ جِنَازَةٍ بِخِلَافِ صَلَاةِ الظُّهْرِ مَثَلًا يُؤْتَى بِصُورَتِهَا ابْتِدَاءً بِلَا سَبَبٍ.
ثُمَّ قَالَ لَكِنْ مَا قَالُوهُ يَنْتَقِضُ بِصَلَاةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ، فَإِنَّهَا نَافِلَةٌ لَهُنَّ مَعَ صِحَّتهَا، وَلَوْ أُعِيدَتْ وَقَعَتْ نَافِلَةً خِلَافًا لِلْقَاضِي وَلَعَلَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الصَّلَاةَ إذَا لَمْ تَكُنْ مَطْلُوبَةً لَا تَنْعَقِدُ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ مَحَلَّ كَلَامِهِمْ إذَا كَانَ عَدَمُ الطَّلَبِ لَهَا لِذَاتِهَا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ، وَهُوَ امْتِيَازُ هَذِهِ الصَّلَاةِ عَنْ غَيْرِهَا، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا أَمَّا لَوْ صَلَّى عَلَيْهَا مَنْ لَمْ يُصَلِّ أَوَّلًا، فَإِنَّهَا تَقَعُ لَهُ فَرْضًا اهـ. شَرْحُ م ر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute