(إلَّا لِضَرُورَةٍ) كَكَثْرَةِ الْمَوْتَى لِوَبَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَيُقَدَّمُ) فِي دَفْنِهِمَا إلَى جِدَارِ الْقَبْرِ (أَفْضَلُهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ فَإِذَا أُشِيرَ إلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ» (لَا فَرْعٌ) فَلَا يُقَدَّمُ (عَلَى أَصْلٍ) مِنْ جِنْسِهِ فَيُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ وَالْأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ وَإِنْ كَانَتْ أَفْضَلَ مِنْهَا لِحُرْمَةِ الْأُمُومَةِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْأُنُوثَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَيُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى أُمِّهِ لِفَضِيلَةِ الذُّكُورَةِ (وَلَا صَبِيٌّ عَلَى رَجُلٍ) بَلْ يُقَدَّمُ الرَّجُلُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ وَالتَّصْرِيحُ بِكَرَاهَةِ الدَّفْنِ مَعَ قَوْلِي مِنْ جِنْسٍ وَقَوْلِي لَا فَرْعٌ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِالْجِنْسِ مَا لَوْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ حَقِيقَةً كَذَكَرٍ وَأُنْثَى أَوْ احْتِمَالًا كَخُنْثَيَيْنِ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ أَوْ زَوْجِيَّةٌ أَوْ يَدِيَّةٌ كُرِهَ دَفْنُهُمَا بِقَبْرٍ وَإِلَّا حَرُمَ بِلَا تَأَكُّدِ ضَرُورَةٍ وَحَيْثُ جُمِعَ بَيْنَ اثْنَيْنِ جُعِلَ بَيْنَهُمَا حَاجِزُ تُرَابٍ وَقُدِّمَ مِنْ جِنْسَيْنِ الذَّكَرُ، ثُمَّ الْخُنْثَى، ثُمَّ الْمَرْأَةُ وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ.
(وَسُنَّ لِمَنْ دَنَا) مِنْ الْقَبْرِ بِأَنْ كَانَ عَلَى شَفِيرِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (ثَلَاثُ حَثَيَاتِ تُرَابٍ) بِيَدَيْهِ جَمِيعًا
ــ
[حاشية الجمل]
مَحَلَّانِ كَلَحْدَيْنِ أَوْ شَقَّيْنِ وَبَيْنَهُمَا حَاجِزٌ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ م ر اهـ. (قَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ) ، وَلَيْسَ مِنْ الضَّرُورَةِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي مِصْرِنَا مِنْ الِاحْتِيَاجِ لِدَرَاهِمَ تُصْرَفُ لِلْمُتَكَلِّمِ عَلَى التُّرْبَةِ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ مِنْ الدَّفْنِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ بِالدَّفْنِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ اهـ. عِ ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ كَكَثْرَةِ الْمَوْتَى) أَيْ وَعُسْرِ إفْرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَبْرٍ فَيُجْمَعُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ بِحَسَبِ الضَّرُورَةِ وَكَذَا فِي ثَوْبٍ لِلِاتِّبَاعِ فِي قَتْلَى أُحُدٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ اهـ. شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ وَعَسُرَ إفْرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ إلَخْ) أَيْ فَمَتَى سَهُلَ إفْرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِمَا اُعْتِيدَ الدَّفْنُ فِيهِ بَلْ حَيْثُ أَمْكَنَ، وَلَوْ فِي غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ بَعِيدًا وَجَبَ حَيْثُ كَانَ بَعْدَ مَقْبَرَةٍ لِلْبَلَدِ وَتَسْهُلُ زِيَادَتُهُ وَغَايَتُهُ تَعَدُّدُ التُّرَبِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَقَوْلُهُ وَكَذَا فِي ثَوْبٍ أَيْ وَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ نَدْبًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي اهـ. عِ ش عَلَيْهِ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ مَسٌّ وَإِلَّا وَجَبَ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ فَيُقَدَّمُ أَفْضَلُهُمَا) ، وَهُوَ الْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ اهـ.
شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ) قِيلَ الْمُرَادُ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ إذْ لَا يَجُوزُ تَجْرِيدُهُمَا بِحَيْثُ تَتَلَاقَى بَشَرَتُهُمَا بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ عَلَى كُلٍّ ثِيَابُهُ وَلَكِنَّهُ يُضْجَعُ بِجَنْبِ الْآخَرِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ اهـ. وَهَذَا تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ كَانَ وَقْتَ عَجْزٍ وَحِينَئِذٍ فَبَعْضُ الثِّيَابِ الَّتِي وُجِدَتْ كَانَ فِيهَا سَعَةٌ بِحَيْثُ يَسَعُ اثْنَيْنِ يُدْرَجَانِ فِيهِ فَفَعَلَ فِيهِمَا ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَمَاسُّ عَوْرَتَيْهِمَا لِإِمْكَانِ أَنْ يَحْجِزَ بَيْنَهُمَا بِإِذْخِرٍ وَنَحْوِهِ اهـ. شَرْحُ الْمِشْكَاةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذِهِ إلَى الْمَفْهُومِ الْآتِي؛ لِأَنَّهَا مِنْ صُوَرِهِ لَا مِنْ صُوَرِ الْمَنْطُوقِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَحَيْثُ جُمِعَ بَيْنَ اثْنَيْنِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ مُحَرَّمًا بِأَنْ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَيْهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَجُعِلَ بَيْنَهُمَا حَاجِزُ تُرَابٍ) أَيْ نَدْبًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْجِنْسُ مُتَّحِدًا اهـ. إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ لِمَنْ دَنَا) أَيْ، وَلَوْ امْرَأَةً وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يُؤَدِّ قُرْبُهَا مِنْ الْقَبْرِ إلَى الِاخْتِلَاطِ بِالرِّجَالِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ عَلَى شَفِيرِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَضَابِطُ الدُّنُوِّ مَا لَا يَحْصُلُ مَعَهُ مَشَقَّةٌ لَهَا وَقْعٌ فِيمَا يَظْهَرُ فَمَنْ لَمْ يَدْنُ لَا يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ فِي الذَّهَابِ إلَيْهِ لَكِنْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ الدَّفْنَ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلْبَعِيدِ أَيْضًا وَاسْتَظْهَرَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى التَّأْكِيدِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ ثَلَاثَ حَثَيَاتِ تُرَابٍ) أَيْ مِنْ تُرَابِ الْقَبْرِ عَلَى مَا قَيَّدَ بِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَالْعُبَابِ وَغَيْرِهِمَا وَلَعَلَّ أَصْلَ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِغَيْرِ تُرَابِهِ أَيْضًا أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ ذَلِكَ لِلرِّضَا بِمَا صَارَ إلَيْهِ الْمَيِّتُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَبَقِيَ مَا لَوْ فُقِدَ التُّرَابُ فَهَلْ يُشِيرُ إلَيْهِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي اهـ. ع ش عَلَى م ر وَالتَّعْبِيرُ بِالْحَثَيَاتِ هُوَ الْأَفْصَحُ مِنْ حَثَى يَحْثِي حَثْيًا وَحَثَيَاتٍ وَيَجُوزُ حَثَى يَحْثُوَ حَثْوًا وَحَثَوَاتٍ اهـ. شَرْحُ م ر وَأَصْلُ ثَلَاثِ حَثَيَاتٍ حَثْوُ ثَلَاثٍ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأُقِيمُ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ؛ لِأَنَّ الْحَثَيَاتِ اسْمٌ لِلْعَيْنِ مِنْ التُّرَابِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ اهـ. ع ش وَالْحَثْوُ الْأَخْذُ بِالْكَفَّيْنِ مَعًا أَوْ أَحَدِهِمَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْضًا ثَلَاثَ حَثَيَاتِ تُرَابٍ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ بِهِ نَجَاسَةٌ، وَهُوَ رَطْبٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْضًا ثَلَاثَ حَثَيَاتِ تُرَابٍ) وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَدْفُون
(فَائِدَةٌ) وُجِدَ بِخَطِّ شَيْخِنَا الْإِمَامِ تَقِيِّ الدِّينِ الْعَلَوِيِّ وَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ بِخَطِّ وَالِدِهِ قَالَ وَجَدْت مَا مِثَالُهُ حَدَّثَنِي الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٌ الْحَافِظُ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِرِوَايَتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَنْ أَخَذَ مِنْ تُرَابِ الْقَبْرِ حَالَ الدَّفْنِ بِيَدِهِ أَيْ حَالَ إرَادَتِهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: ١] سَبْعَ مَرَّاتٍ وَجَعَلَهُ مَعَ الْمَيِّتِ فِي كَفَنِهِ أَوْ قَبْرِهِ لَمْ يُعَذَّبْ ذَلِكَ الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ» . اهـ. عَلْقَمِي وَيَنْبَغِي أَوْلَوِيَّةُ كَوْنِهِ فِي الْقَبْرِ لَا فِي الْكَفَنِ إذَا كَانَتْ الْمَقْبَرَةُ مَنْبُوشَةً اهـ ع ش عَلَى م ر
(فَائِدَةٌ) أُخْرَى رَوَى التِّرْمِذِيُّ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مَنْ كَتَبَ هَذَا الدُّعَاءَ وَجَعَلَهُ بَيْنَ صَدْرِ الْمَيِّتِ وَكَفَنِهِ لَمْ يَنَلْ عَذَابَ الْقَبْرِ وَلَمْ يَرَ مُنْكَرًا وَلَا نَكِيرًا، وَهُوَ هَذَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ» وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا مَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِابْنِ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيِّ وَيُسَمَّى دُعَاءَ الْأَمْنِ مَنْ كَتَبَهُ وَجَعَلَهُ فِي حِرْزٍ مِنْ النَّجَاسَةِ كَقَصَبَةٍ أَوْ نُحَاسٍ وَوَضَعَهُ بَيْنَ صَدْرِ الْمَيِّتِ وَكَفَنِهِ أَمِنَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute