للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِسَاتِرٍ) أَيْ مَعَ مُرْتَفِعٍ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ، بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَلُّ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ وَلَوْ بِإِرْخَاءِ ذَيْلِهِ وَيُكْرَهَانِ حِينَئِذٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي تَذْنِيبِهِ تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي وَاخْتَارَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُمَا خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهَانِ (وَيَحْرُمَانِ بِدُونِهِ) أَيْ السَّاتِرِ (فِي غَيْرِ مُعَدٍّ) لِذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا

ــ

[حاشية الجمل]

بِالصَّدْرِ لَا بِالْفَرْجِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَرْجِعَ وَاحِدٌ غَالِبًا، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي مُجَرَّدِ التَّسْمِيَةِ فَإِذَا جَعَلَ ظَهْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَتَغَوَّطَ فَالشَّارِحُ كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ يُسَمِّيَانِهِ مُسْتَقْبِلًا، وَإِذَا جَعَلَ صَدْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَتَغَوَّطَ يُسَمِّيَانِهِ مُسْتَدْبِرًا وَالشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ كَغَيْرِهِ يَعْكِسُونَ ذَلِكَ، وَإِذَا جَعَلَ صَدْرَهُ أَوْ ظَهْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَبَالَ فَالْأَوَّلُ مُسْتَقْبِلٌ اتِّفَاقًا وَالثَّانِي مُسْتَدْبِرٌ كَذَلِكَ نَعَمْ يَقَعُ الْخِلَافُ الْمَعْنَوِيُّ فِيمَا لَوْ جَعَلَ صَدْرَهُ، أَوْ ظَهْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَأَلْفَتَ ذَكَرَهُ يَمِينًا، أَوْ شِمَالًا وَبَالَ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقْبِلٍ وَلَا مُسْتَدْبِرٍ عِنْدَ الشَّارِحِ كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ بِخِلَافِهِ عِنْدَ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ وَغَيْرِهِ اهـ.

وَفِي سم مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الْخَادِمِ مِنْ الْمُهِمِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِبْلَةِ هُنَا هَلْ هُوَ الْعَيْنُ، أَوْ الْجِهَةُ؟ وَيَحْتَمِلُ الْعَيْنَ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ حَيْثُ أُطْلِقَ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ وَيَحْتَمِلُ الْجِهَةَ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ وَلَكِنْ شَرِّقُوا، أَوْ غَرِّبُوا اهـ وَلَعَلَّ الْمُتَّجَهَ الثَّانِي، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الرَّمْلِيَّ قَالَهُ وَكَذَا رَأَيْت م ر اعْتَمَدَهُ، ثُمَّ اعْتَمَدَ الْأَوَّلَ.

(فَرْعٌ) أَشْكَلَ عَلَى بَعْضِ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ قَوْلُهُمْ لَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ وَشِمَالِهَا جَازَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ فَلَوْ تَعَارَضَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ قُدِّمَ الِاسْتِدْبَارُ فَتَوَهَّمُوا أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ جَازَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا مَعَ إمْكَانِهِمَا وَأَنَّ الْمُرَادَ بِتَعَارُضِهِمَا أَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا أَحَدُهُمَا فَلَا مَعْنَى لِتَقْدِيمِ الِاسْتِدْبَارِ وَهُوَ خَطَأٌ وَاضِحٌ بَلْ مَعْنَى قَوْلِهِمْ جَازَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمُمْكِنُ مِنْهُمَا فَإِنْ أَمْكَنَا فَهُوَ مَعْنَى تَعَارُضِهِمَا وَهَذَا وَاضِحٌ لَكِنَّ الزَّمَانَ أَحْوَجَ إلَى التَّعَرُّضِ لِذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ: بِسَاتِرٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ زُجَاجٍ اهـ م ر وَانْظُرْ هَلْ يَحْصُلُ السَّتْرُ هُنَا بِيَدِهِ، أَوْ لَا يُتَّجَهُ الْأَوَّلُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ مُرْتَفِعٍ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فِي بِنَاءٍ مُسَقَّفٍ أَوْ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ وَعَلَّلَهُ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتُرُ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ وَالِدُ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَوْ قَضَى حَاجَتَهُ قَائِمًا عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَسْتُرَ مِنْ عَوْرَتِهِ إلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ صِيَانَةً لِلْقِبْلَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَوْرَةُ تَنْتَهِي لِلرُّكْبَةِ قِيلَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ بَالَ عَلَى مُرْتَفِعٍ وَجَبَ السَّتْرُ إلَى الْأَرْضِ صِيَانَةً لِلْقِبْلَةِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْقِبْلَةَ إنَّمَا تُصَانُ عَنْ الْخَارِجِ مَعَ الْعَوْرَةِ، أَوْ مَا هُوَ حَرِيمٌ لَهَا وَهُوَ مِنْ الرُّكْبَةِ إلَى أَسْفَلِ الْقَدَمَيْنِ خَاصَّةً دُونَ مَا عَدَا ذَلِكَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَفْرَطَ طُولُهُ بِأَنْ كَانَ السَّاتِرُ الْمَذْكُورُ لَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ إلَى قَدَمَيْهِ لَوْ كَانَ جَالِسًا لَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَصِيرًا جِدًّا بِحَيْثُ يَسْتَتِرُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ بِدُونِ السَّاتِرِ الْمَذْكُورِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ أَيْ السَّاتِرِ الْمَذْكُورِ وَلَا يُكْتَفَى بِدُونِهِ حَرِّرْ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِلسَّاتِرِ عَرَضٌ يَسْتُرُ جَمِيعَ مَا تَوَجَّهَ بِهِ وَفِي كَلَامِ حَجّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَرَضٌ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ تَعْظِيمُ الْقِبْلَةِ لَا السَّتْرُ قَالَ: لَا يُقَالُ تَعْظِيمُهَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِحَجْبِ عَوْرَتِهِ عَنْهَا؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ لِحِلِّ الِاسْتِنْجَاءِ، وَالْجِمَاعِ إلَيْهَا اهـ ح ل، وَقَوْلُهُ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ فِي شَرْحِهِ وَهِيَ عِبَارَتُهُ، وَأَمَّا عَرَضًا فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ يَسْتُرَ جَمِيعَ مَا تَوَجَّهَ بِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْقَائِمُ، وَالْجَالِسُ فَسُتْرَةُ الْقَائِمِ فِيهِ كَسُتْرَةِ الْجَالِسِ اهـ. (قَوْلُهُ: ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ) أَيْ وَإِنْ حَصَلَ السَّتْرُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَفِي حَقِّ الْقَائِمِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَرْضِ إلَى السُّرَّةِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِرْخَاءِ ذَيْلِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَحْصُلُ بِالْوَهْدَةِ وَالرَّابِيَةِ وَالدَّابَّةِ وَكَثِيبِ الرَّمْلِ وَغَيْرِهَا وَكَذَا إرْخَاءُ الذَّيْلِ وَلَوْ اسْتَقْبَلَهَا بِصَدْرِهِ وَحَوَّلَ قُبُلَهُ عَنْهَا وَبَالَ لَمْ يَحْرُمْ بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَلَوْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ وَجَبَ الِاجْتِهَادُ حَيْثُ لَا سُتْرَةَ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ وَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَمِنْهُ حُرْمَةُ التَّقْلِيدِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الِاجْتِهَادِ وَأَنَّهُ يَجِبُ التَّعَلُّمُ لِذَلِكَ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَغْلِبْهُ الْخَارِجُ، أَوْ يَضُرَّهُ كَتْمُهُ، وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فِي تَذْنِيبِهِ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ اسْمُ كِتَابٍ صَغِيرٍ جَعَلَهُ لِلشَّرْحِ الْكَبِيرِ كَالدَّقَائِقِ لِلْمِنْهَاجِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ) هُوَ مُسْتَعْمَلٌ هُنَا فِي حَقِيقَتِهِ الَّتِي هِيَ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ مِنْ الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْخَارِجُ بِهِ مِنْ مَجَازِ الْمُجَاوَرَةِ اهـ رَشِيدِيٌّ.

وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ " إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ " أَيْ الْمَكَانَ الْمُهَيَّأَ لِذَلِكَ وَيَجُوزُ حَمْلُ أَتَيْتُمْ عَلَى أَرَدْتُمْ، وَالْغَائِطِ عَلَى فِعْلِهِ وَهُوَ إخْرَاجُ الْفَضْلَةِ الْمَخْصُوصَةِ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ " أَيْ الْمَكَانَ الْمُهَيَّأَ " لِذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَائِطِ فِي الْحَدِيثِ الْمَكَانُ الْمُعَدُّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ حَيْثُ قَالَ عَلَى مَا لَمْ يَسْتَتِرْ فِيهِ بِمَا ذُكِرَ وَفَسَّرَ الْحَوَاشِي مَا لَمْ يَسْتَتِرْ فِيهِ بِالْفَضَاءِ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَائِطِ فِي الْحَدِيثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>