للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَا أَنْفٌ وَأُنْمُلَةٌ) بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ (وَسِنٌّ) أَيْ لَا يَحْرُمُ اتِّخَاذُهَا مِنْ ذَهَبٍ عَلَى مَقْطُوعِهَا، وَإِنْ أَمْكَنَ اتِّخَاذُهَا مِنْ الْفِضَّةِ الْجَائِزَةِ لِذَلِكَ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَصْدَأُ غَالِبًا وَلَا يَفْسُدُ الْمَنْبَتُ وَلِأَنَّ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ بِضَمِّ الْكَافِ اسْمٌ لِمَاءٍ كَانَتْ الْوَقْعَةُ عِنْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَقِيسَ بِالْأَنْفِ السِّنُّ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَالْأُنْمُلَةُ، وَلَوْ لِكُلِّ أُصْبُعٍ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْأُصْبُعِ وَالْيَدِ أَنَّهَا تَعْمَلُ بِخِلَافِهِمَا فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُمَا مِنْ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ كَمَا مَرَّ (وَخَاتَمُ فِضَّةٍ) ؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَذِكْرُ حُكْمِ الْخُنْثَى فِيمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِي

ــ

[حاشية الجمل]

قَبِيلِ الْخَاتَمِ فَتَحْرُمُ مِنْ الذَّهَبِ وَتَجُوزُ مِنْ الْفِضَّةِ.

(قَوْلُهُ لَا أَنْفٌ وَأُنْمُلَةٌ وَسِنٌّ وَخَاتَمُ فِضَّةٍ) أَيْ وَلَا زَكَاةَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ أَمْكَنَ نَزْعُهُ وَرَدُّهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ) فَفِيهَا تِسْعُ لُغَاتٍ أَفْصَحُهَا وَأَشْهُرُهَا فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَضَمُّ الْمِيمِ وَالْأَنَامِلُ أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ غَيْرِ الْإِبْهَامِ ثَلَاثُ أَنَامِلَ اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ لُغَاتِ الْأُنْمُلَةِ وَالْأُصْبُعِ فَقَالَ

يَا أُصْبُعُ ثُلِّثَا مَعَ مِيمِ أُنْمُلَةٍ ... وَثُلِّثَ الْهَمْزُ أَيْضًا وَاوٌ وَأُصْبُوعَا

وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَهَمْزُ أُنْمُلَةٍ ثُلْثٌ وَثَالِثُهُ ... وَالتُّسْعُ فِي أُصْبُعٍ وَاخْتِمْ بِأُصْبُوعٍ

(قَوْلُهُ عَلَى مَقْطُوعِهَا) هَلْ يَخْرُجُ بِهِ مِنْ خَلْقٍ بِلَا نَحْوِ أُنْمُلَةٍ كَأَنْفٍ أَمْ لَا وَالتَّقْيِيدُ لِلْغَالِبِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ) فِي الدَّمِيرِيِّ ابْنُ صَفْوَانَ اهـ. وَهِيَ نِسْبَةُ لِجَدِّهِ فَفِي الْإِصَابَةِ عَرْفَجَةُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالْفَاءِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ وَبِالْجِيمِ بْنُ سَعْدِ بْنِ كَرَزِ بْنِ صَفْوَانَ التَّمِيمِيُّ السَّعْدِيُّ وَقِيلَ الْعُطَارِدِيُّ كَانَ مِنْ الْفُرْسَانِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَشَهِدَ الْكِلَابَ فَأُصِيبَ أَنْفُهُ ثُمَّ أَسْلَمَ «فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ» أَخْرَجَ حَدِيثَهُ أَبُو دَاوُد، وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي أَهْلِ الْبَصْرَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ حَيْثُ تَجُوزُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِلرَّجُلِ وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ الْأُصْبُعِ وَالْيَدِ حَيْثُ يُمْنَعَانِ مُطْلَقًا أَنَّهَا أَيْ الثَّلَاثَةُ تَعْمَلُ وَالْعَمَلُ فِي السِّنِّ بِالْمَضْغِ عَلَيْهِ وَفِي الْأَنْفِ بِخُلُوصِ الْكَلَامِ وَجَذْبِ الرِّيحِ وَدَفْعِ الْهَوَامِّ وَفِي الْأُنْمُلَةِ بِالْقَبْضِ عَلَى شَيْءٍ بِوَاسِطَةِ بَقِيَّةِ الْأُصْبُعِ بِخِلَافِهِمَا أَيْ الْيَدِ وَالْأُصْبُعِ لَا يَعْمَلَانِ شَيْئًا لِعَدَمِ انْثِنَائِهِمَا بَلْ يَكُونَانِ قِطْعَةً وَاقِفَةً. اهـ. شَيْخُنَا وَفِي الشَّوْبَرِيِّ مَا نَصُّهُ يُؤْخَذُ مِنْ الْفَرْقِ عَدَمُ جَوَازِ أُنْمُلَةٍ سُفْلَى كَالْأُصْبُعِ لِمَا ذُكِرَ وَأَخَذَ الْأَذْرَعِيُّ مِنْهُ أَنَّ مَا تَحْتَ الْأُنْمُلَةِ لَوْ كَانَ أَشَلَّ امْتَنَعَتْ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الزَّائِدَةَ إذَا عَمِلَتْ حَلَّتْ وَإِلَّا فَلَا اهـ. (قَوْلُهُ وَخَاتَمُ فِضَّةٍ) الْخَاتَمُ مَا يُلْبَسُ فِي الْيَدِ وَأَمَّا الْخَتْمُ فَهُوَ مَا يُتَّخَذُ لِخَتْمِ الْمَكَاتِيبِ مِنْ غَيْرِ لُبْسٍ فَلَا يَجُوزُ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْضًا وَخَاتَمُ فِضَّةٍ) وَيَحِلُّ لَهُ الْخَتْمُ بِهِ أَيْضًا وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْكَرْمَانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ مَا يُوَافِقُهُ وَعَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ نَقَلَ أَوَّلًا الْحُرْمَةَ ثُمَّ رَجَعَ وَاعْتَمَدَ الْجَوَازَ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَخَاتَمُ فِضَّةٍ) أَيْ بَلْ هُوَ سُنَّةٌ وَالْعِبْرَةُ فِي قَدْرِهِ وَعَدَدِهِ وَمَحَلِّهِ عَادَةً أَمْثَالُهُ فَفِي الْفَقِيهِ الْخِنْصَرُ وَحْدُهُ وَفِي الْعَامِّيِّ نَحْوُ الْإِبْهَامِ مَعَهُ وَمَتَى خَالَفَ عَادَةً أَمْثَالَهُ كُرِهَ أَوْ حَرُمَ وَتَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ فِيهِمَا وَيَحْرُمُ تَمْوِيهُهُ بِالذَّهَبِ سَوَاءٌ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ أَمْ لَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْقُصَ عَنْ مِثْقَالٍ وَلَهُ اتِّخَاذُ خَوَاتِيمَ مُتَعَدِّدَةٍ لِيَلْبَسَ بَعْضَ كُلٍّ مِنْهَا فِي وَقْتٍ وَلَا زَكَاةَ فِيهَا حِينَئِذٍ، فَإِنْ لَبِسَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ عَادَةِ أَمْثَالِهِ أَوْ قَصَدَ ذَلِكَ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْخَلَاخِيلُ لِلْمَرْأَةِ وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ غَيْرِ الْفِضَّةِ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ لَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ حِلْيَةُ أَهْلِ النَّارِ وَكَوْنُهُ فِي خِنْصَرِ الْيُمْنَى أَفْضَلُ وَلَهُ الْخَتْمُ بِهِ إذَا نَقَشَ اسْمَهُ عَلَيْهِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي نَقْشِهِ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهِ وَيُسَنُّ جَعْلُ فَصِّهِ دَاخِلَ الْكَفِّ وَخَرَجَ بِهِ الْخَتْمُ، وَهُوَ قِطْعَةُ فِضَّةٍ يُنْقَشُ عَلَيْهَا اسْمُ صَاحِبِهَا وَيُخْتَمُ بِهَا فَيَحْرُمُ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ الْجَوَازَ، وَهُوَ مَرْجُوحٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُنْدَبُ لُبْسُهُ فِي خِنْصَرِ الْيُمْنَى وَفِي خِنْصَرِ الْيَسَارِ لِلِاتِّبَاعِ لَكِنَّ لُبْسَهُ فِي الْيَمِينِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ وَالْيَمِينُ أَشْرَفُ وَيَجُوزُ لُبْسُهُ فِيهِمَا مَعًا بِفَصٍّ وَبِدُونِهِ وَجُعِلَ الْفَصُّ فِي بَاطِنِ الْكَفِّ أَفْضَلُ، وَيَجُوزُ نَقْشُهُ، وَلَوْ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْقُصَ الْخَاتَمُ عَنْ مِثْقَالٍ وَالْمُعْتَمَدُ ضَبْطُهُ بِالْعُرْفِ فَيَرْجِعُ فِي زِينَتِهِ لَهُ فَمَا خَرَجَ عَنْهُ كَانَ إسْرَافًا كَمَا قَالُوهُ فِي الْخَلْخَالِ لِلْمَرْأَةِ وَيَجُوزُ تَعَدُّدُهُ اتِّخَاذًا وَلُبْسًا وَالضَّابِطُ فِيهِ أَنْ لَا يُعَدَّ إسْرَافًا أَمَّا إذَا اتَّخَذَ خَوَاتِيمَ لِيَلْبَسَ اثْنَيْنِ مِنْهَا أَوْ أَكْثَرَ دَفْعَةً فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ لِوُجُوبِهَا فِي الْحُلِيِّ الْمَكْرُوهِ انْتَهَتْ.

وَقَوْلُهُ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ أَيْ فِي النَّقْشِ لَكِنْ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ إذَا أَدَّى ذَلِكَ إلَى مُلَاقَاةِ النَّجِسِ كَأَنْ لَبِسَهُ فِي الْيَسَارِ وَاسْتَنْجَى بِهَا بِحَيْثُ يَصِلُ مَاءُ الِاسْتِنْجَاءِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ، وَيَجُوزُ تَعَدُّدُهُ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَثُرَتْ وَخَرَجَتْ عَنْ عَادَةِ أَمْثَالِهِ كَعِشْرِينَ خَاتَمًا مَثَلًا، وَقَوْلُهُ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّخَذَهَا لِيَلْبَسَهَا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ اهـ. ع ش (تَنْبِيهٌ)

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِلُبْسِ الْخَاتَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>