للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُ (غُفْرَانَكَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي) أَيْ مِنْهُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي الْأَوَّلِ ابْنُ السَّكَنِ وَغَيْرُهُ.

وَفِي الثَّانِي النَّسَائِيّ، وَالْخُبُثُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَالْبَاءِ جَمْعُ خَبِيثٍ وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ وَالْمُرَادُ ذُكْرَانُ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثُهُمْ، وَسَبَبُ سُؤَالِهِ الْمَغْفِرَةَ عِنْدَ انْصِرَافِهِ تَرْكُهُ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَوْ خَوْفُهُ مِنْ تَقْصِيرِهِ فِي شُكْرِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ فَأَطْعَمَهُ ثُمَّ هَضَّمَهُ ثُمَّ سَهَّلَ خُرُوجَهُ وَبَقِيَتْ آدَابٌ مَذْكُورَةٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ.

(وَيَجِبُ اسْتِنْجَاءٌ)

ــ

[حاشية الجمل]

وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ جَارِيًا عَلَى الْقَوْلِ الْمُجَوِّزِ لَهُ، أَوْ هُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: غُفْرَانَكَ) نُصِبَ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ بَدَلٌ مِنْ اللَّفْظِ بِفِعْلِهِ وَهُوَ اغْفِرْ لِي فَهُوَ مَنْصُوبٌ بِمَحْذُوفٍ، أَوْ أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ أَوْ مُطْلَقٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَعَافَانِي) .

وَفِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ نُوحًا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذَاقَنِي لَذَّتَهُ وَأَبْقَى فِي مَنْفَعَتَهُ وَأَذْهَبَ عَنِّي أَذَاهُ.

وَفِي رِوَايَةٍ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْرَجَ عَنِّي مَا يُؤْذِينِي وَأَمْسَكَ عَلَيَّ مَا يَنْفَعُنِي وَيُسَنُّ أَنْ يُكَرِّرَ غُفْرَانَك وَمَا بَعْدَهُ ثَلَاثًا كَمَا فِي الدُّعَاءِ عَقِبَ الْوُضُوءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْخَاءِ، وَالْبَاءِ) قَالَ حَجّ وَبِإِسْكَانِهَا وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْإِسْكَانَ تَخْفِيفٌ فَلَا يُرَدُّ عَلَى الشَّارِحِ كَالْمَحَلِّيِّ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمَا بَيَانُ الصِّيغَةِ الْأَصْلِيَّةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَجَمْعُ الْخَبِيثِ خُبُثٌ بِضَمَّتَيْنِ مِثْلُ بَرِيدٍ وَبُرُدٍ وَجَمْعُ الْخَبِيثَةِ خَبَائِثُ وَأَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ، وَالْخَبَائِثِ بِضَمِّ الْبَاءِ، وَالْإِسْكَانُ جَائِزٌ عَلَى لُغَةِ تَمِيمٍ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ ذِكْرُ أَنَّ الشَّيَاطِينَ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا فَقِيلَ: إنَّ الْخُبُثَ الْمَكْرُوهُ وَقِيلَ الشَّرُّ وَقِيلَ الْكُفْرُ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ إلَخْ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ أُخَرَ وَقَدْ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُطْلَقُ عَلَى الْمَعَانِي هُوَ الْخُبْثُ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ وَالشَّارِحُ ضَبَطَهُ بِضَمِّهَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: ذُكْرَانُ الشَّيَاطِينِ) الذَّكَرُ ضِدُّ الْأُنْثَى وَجَمْعُهُ ذُكُورٌ وَذُكْرَانٌ وَذِكَارَةٌ كَحَجَرٍ وَحِجَارَةٍ اهـ مُخْتَارٌ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَسَبَبُ سُؤَالِهِ إلَخْ) حَكَى الْمُؤَلِّفُ هَذَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّمْرِيضِ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ز ي عَنْ شَيْخِهِ الطَّنْدَتَائِيُّ مِنْ أَنَّهُ كَيْفَ يَتَدَارَكُ مَا أَمَرَهُ الشَّارِعُ بِتَرْكِهِ وَأَثَابَهُ عَلَيْهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ أُوجِبَ التَّدَارُكُ عَلَى مَنْ أُوجِبَ عَلَيْهِ التَّرْكُ وَأَثَابَهُ عَلَيْهِ كَالْحَائِضِ فِي تَرْكِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ مَلْحَظَ طَلَبِ التَّدَارُكِ كَثْرَةُ الثَّوَابِ، وَالْإِنْسَانُ مَطْلُوبٌ مِنْهُ ذَلِكَ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فِي تِلْكَ الْحَالَةِ) أَيْ، وَإِنْ طُلِبَ تَرْكُهُ خُصُوصًا إنْ صَحِبَهُ تَرْكٌ قَلْبِيٌّ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ سَهَّلَ خُرُوجَهُ) أَيْ فَلَمَّا رَأَى شُكْرَهُ قَاصِرًا عَنْ بُلُوغِ هَذِهِ النِّعَمِ تَدَارَكَهُ بِالِاسْتِغْفَارِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَبَقِيَتْ آدَابٌ إلَخْ) مِنْهَا أَنْ لَا يَأْكُلَ وَلَا يَشْرَبَ وَلَا يَسْتَاكَ لِأَنَّهُ يُورِثُ النِّسْيَانَ وَأَنْ يَضَعَ رِدَاءَهُ وَأَنْ يَجْلِسَ عَلَى نَشَزٍ وَأَنْ لَا يَبْصُقَ فِي بَوْلِهِ فَإِنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ وَأَنْ لَا يَقُولَ: أَهَرَقْتُ الْبَوْلَ بَلْ بُلْتُ اهـ شَرْحُ الْعُبَابِ مُلَخَّصًا وَمِنْهَا أَنْ لَا يَبُولَ قَائِمًا وَمِنْهَا أَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَدْخُلَ الْخَلَاءَ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ وَلَا حَافِيًا وَلَا يَعْبَثَ وَأَنْ لَا يَنْظُرَ إلَى الْخَارِجِ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ كَرُؤْيَةِ الْحَجَرِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ هَلْ قَلَعَ شَيْئًا، أَوْ لَا اهـ شَوْبَرِيٌّ وَمِنْهَا أَنْ يَكْشِفَ ثَوْبَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا أَيْ قَلِيلًا قَلِيلًا إلَّا لِعُذْرٍ وَمِنْهَا أَنْ يَسْدُلَ ثَوْبَهُ كَذَلِكَ عِنْدَ انْتِصَابِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(فَائِدَةٌ) مَنْ أَكْثَرَ مِنْ الْكَلَامِ خُشِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْجَانِّ وَمَنْ أَدَامَ نَظَرَهُ إلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهُ اُبْتُلِيَ بِصُفْرَةِ الْوَجْهِ وَمَنْ تَفَلَ عَلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهُ اُبْتُلِيَ بِصُفْرَةِ الْأَسْنَانِ وَمَنْ امْتَخَطَ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ اُبْتُلِيَ بِالصَّمَمِ وَمَنْ أَكَلَ عِنْدَ قَضَائِهَا اُبْتُلِيَ بِالْفَقْرِ وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ التَّلَفُّتِ اُبْتُلِيَ بِالْوَسْوَسَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ اسْتِنْجَاءٌ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِيَّةِ وَعَبَّرَ بِالْوُجُوبِ مُرَاعَاةً لِرَدِّ قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْمُزَنِيِّ مِنْ أَئِمَّتِنَا بِعَدَمِ وُجُوبِهِ قِيَاسًا عَلَى الْأَثَرِ الْبَاقِي بَعْدَ اسْتِعْمَالِ الْحَجَرِ وَذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إلَى أَنَّ الْحَجَرَ لَا يُجْزِئُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى تَعَيُّنِ الْحَجَرِ وَهُوَ بِالْمَاءِ يُقَالُ لَهُ اسْتِطَابَةٌ مِنْ الطِّيبِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَنْجِيَ يَطْلُبُ طِيبَ نَفْسِهِ وَبِالْحَجَرِ يُقَالُ لَهُ اسْتِجْمَارٌ مِنْ الْجِمَارِ وَهِيَ الْحَصَى الصِّغَارُ وَقِيلَ الِاسْتِطَابَةُ كَالِاسْتِنْجَاءِ وَهُوَ اسْتِفْعَالٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ رُخْصَةٌ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ سُرَاقَةَ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ إنَّ الَّذِي مِنْ خَصَائِصِنَا الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ شَيْخُنَا الشبراملسي، وَيَدُلُّ لَهُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي بُسْتَانِ الْعَارِفِينَ إنَّ أَوَّلَ مَنْ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ إبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَشُرِعَ مَعَ الْوُضُوءِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَقِيلَ فِي أَوَّلِ الْبَعْثَةِ حِينَ عَلَّمَهُ جِبْرِيلُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ، وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ مُسْتَنْجٍ وَمُسْتَنْجًى مِنْهُ وَمُسْتَنْجًى بِهِ وَمُسْتَنْجًى فِيهِ فَالْمُسْتَنْجِي هُوَ الشَّخْصُ، وَالْمُسْتَنْجَى مِنْهُ الْبَوْلُ أَوْ الْغَائِطُ، وَالْمُسْتَنْجَى بِهِ الْمَاءُ، أَوْ الْحَجَرُ وَالْمُسْتَنْجَى فِيهِ الْقُبُلُ، أَوْ الدُّبُرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>