وَهُوَ مِنْ نَجَوْت الشَّيْءَ أَيْ قَطَعْته فَكَأَنَّ الْمُسْتَنْجِيَ يَقْطَعُ بِهِ الْأَذَى عَنْ نَفْسِهِ (مِنْ خَارِجٍ مُلَوَّثٍ لَا مَنِيٍّ) وَلَوْ نَادِرًا كَدَمٍ إزَالَةً لِلنَّجَاسَةِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَتَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ فَيَكُونُ وَاجِبًا مِنْ الْخَارِجِ الْمُلَوَّثِ، وَمُسْتَحَبًّا مِنْ خُرُوجِ دُودٍ وَبَعْرٍ بِلَا لَوْثٍ، وَمَكْرُوهًا مِنْ خُرُوجِ رِيحٍ، وَحَرَامًا بِالْمَطْعُومِ الْمُحْتَرَمِ، وَمُبَاحًا وَهُوَ الْأَصْلُ وَلَا يُسْتَعَانُ فِيهِ بِأُشْنَانٍ وَنَحْوِهِ - لِأَنَّهُ خُفِّفَ فِيهِ -، وَلَا شَمِّ يَدِهِ بَعْدَهُ فَإِنْ شَمَّهَا فَوَجَدَ رِيحَ النَّجَاسَةِ لَمْ يَضُرَّ إنْ كَانَ مِنْ بَيْنِ الْأَصَابِعِ وَيَضُرُّ إنْ كَانَ مِنْ الْمُلَاقِي لِلْمَحَلِّ لِدَلَالَتِهِ عَلَى بَقَائِهَا فَتَجِبُ إعَادَتُهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: ١٢٤] فَقَالُوا: هَذِهِ الْكَلِمَاتُ عَشَرَةٌ خَمْسَةٌ فِي الْوَجْهِ وَخَمْسَةٌ فِي الْبَدَنِ فَالْخَمْسَةُ الْأُولَى هِيَ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَالسِّوَاكُ وَالِاكْتِحَالُ، وَالْخَمْسَةُ الَّتِي فِي الْبَدَنِ الْخِتَانُ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَقَصُّ الْأَظْفَارِ وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ فَمِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَيَجِبُ اسْتِنْجَاءٌ) أَيْ لَا عَلَى الْفَوْرِ بَلْ عِنْدَ إرَادَةِ نَحْوِ الصَّلَاةِ، أَوْ خَوْفِ انْتِشَارِ النَّجَاسَةِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: عِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ أَيْ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ فِعْلَهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ وُجُوبًا مُوَسَّعًا بِسَعَةِ الْوَقْتِ وَمُضَيَّقًا بِضِيقِهِ كَبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ وَلَوْ اقْتَضَى الْحَالُ تَأْخِيرَ الِاسْتِنْجَاءِ فَجَفَّفَ بَوْلَهُ فِي يَدِهِ حَتَّى لَا يُصِيبَهُ جَازَ اهـ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجِدَ مَا يُجَفِّفُ بِهِ الْمَحَلَّ أَمْ لَا لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ فِي نَحْوِ الْمَشْيِ لِمَسْكِ الذَّكَرِ الْمُتَنَجِّسِ بِيَدِهِ جَازَ إنْ عَسُرَ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ حَائِلٍ يَقِيهِ النَّجَاسَةَ انْتَهَتْ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا حَاصِلُهُ وَقَدْ يُقَالُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْسُرْ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ إطْلَاقِ م ر وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءِ فِي حَقِّ غَيْرِ نَبِيِّنَا؛ لِأَنَّ فَضَلَاتِهِ طَاهِرَةٌ، وَإِنَّمَا كَانَ يَفْعَلُهُ لِلتَّنَزُّهِ وَبَيَانِ الْمَشْرُوعِيَّةِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ نَجَوْت الشَّيْءَ) أَيْ مِنْ مَصْدَرِهِ وَهُوَ النَّجْوُ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ الْمَزِيدَ يُشْتَقُّ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُجَرَّدِ اهـ شَيْخُنَا.
وَفِي الْمُخْتَارِ وَالنَّجْوُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَطْنِ وَاسْتَنْجَى مَسَحَ مَوْضِعَ النَّجْوِ، أَوْ غَسَلَهُ وَالنَّجْوُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ وَالنَّجْوُ أَيْضًا السِّرُّ بَيْنَ اثْنَيْنِ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَنَجَا الْغَائِطُ نَجْوًا مِنْ بَابِ قَتَلَ خَرَجَ وَيُسْنَدُ الْفِعْلُ إلَى الْإِنْسَانِ أَيْضًا فَيُقَالُ: نَجَا الرَّجُلُ إذَا تَغَوَّطَ وَيَتَعَدَّى بِالتَّضْعِيفِ، وَتَسَتَّرَ النَّاجِي بِنَجْوَةٍ وَهِيَ الْمُرْتَفِعُ مِنْ الْأَرْضِ وَاسْتَنْجَيْت غَسَلْت مَوْضِعَ النَّجْوِ، أَوْ مَسَحْته بِحَجَرٍ، أَوْ مَدَرٍ، وَالْأَوَّلُ مَأْخُوذٌ مِنْ اسْتَنْجَيْت الشَّجَرَ إذَا قَطَعْته مِنْ أَصْلِهِ لِأَنَّ الْغَسْلَ يُزِيلُ الْأَثَرَ وَالثَّانِي مِنْ اسْتَنْجَيْت النَّخْلَةَ إذَا الْتَقَطْت رُطَبَهَا؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ لَا يَقْطَعُ النَّجَاسَةَ بَلْ يُبْقِي أَثَرَهَا اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ قَطَعْته) أَوْ مِنْ نَجَوْت الشَّجَرَةَ إذَا قَطَعْتهَا فَهُوَ لُغَةً الْقَطْعُ وَطَلَبُ النَّجَاةِ وَشَرْعًا إزَالَةُ الْخَارِجِ الْمُلَوَّثِ مِنْ الْفَرْجِ عَنْ الْفَرْجِ بِمَاءٍ، أَوْ حَجَرٍ بِشَرْطِهِ كَمَا يَأْتِي اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّ الْمُسْتَنْجِيَ إلَخْ) لَمَّا كَانَ الْقَطْعُ حَقِيقَةً فِي مُتَّصِلِ الْأَجْزَاءِ اتِّصَالًا قَوِيًّا عَبَّرَ بِكَأَنَّ وَقَوْلُهُ: يَقْطَعُ بِهِ أَيْ قَطْعًا حَقِيقِيًّا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لَا مَنِيٍّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ الْمَكْسُورَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَادِرًا) هِيَ لِلرَّدِّ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ وَلِلتَّعْمِيمِ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ وَقَوْلُهُ: كَدَمٍ أَيْ دَمِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ اسْتِحَاضَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَلَوْ نَادِرًا أَيْ وَلَوْ كَانَ الْخَارِجُ الْمُلَوَّثُ نَادِرًا وَهَذَا رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ النَّادِرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْخِلَافُ فِي إجْزَاءِ الْحَجَرِ وَعَدَمِهِ وَقَوْلُهُ: كَدَمٍ أَيْ حَيْضًا، أَوْ نِفَاسًا، أَوْ اسْتِحَاضَةً وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ " إنَّ الْحَجَرَ لَا يَصِلُ إلَى مَدْخَلِ الذَّكَرِ " مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَى فَرْضِ تَسْلِيمِ عَدَمِ وُصُولِ الْحَجَرِ إلَيْهِ الْخِرْقَةُ تَقُومُ مَقَامَ الْحَجَرِ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَتَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي بَوْلِ الثَّيِّبِ الَّذِي وَصَلَ إلَى مَدْخَلِ الذَّكَرِ لَيْسَ لِأَجْلِ عَدَمِ وُصُولِ الْحَجَرِ لِمَدْخَلِ الذَّكَرِ بَلْ لِانْتِشَارِ الْبَوْلِ وَنَجَاسَتِهِ وَمُجَاوَزَتِهِ مَحَلَّهُ الْمُعْتَادَ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: إزَالَةً لِلنَّجَاسَةِ) فِيهِ أَنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ لَا يَشْمَلُ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْحَجَرِ؛ لِأَنَّهُ مُخَفَّفٌ كَمَا يَأْتِي فَلَعَلَّ فِيهِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ إزَالَةً لِلنَّجَاسَةِ، أَوْ تَخْفِيفًا لَهَا أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ح ل.
قَوْلُهُ: إزَالَةً لِلنَّجَاسَةِ أَيْ لِمَعْنَى الْوَصْفِ الْقَائِمِ بِالْمَحَلِّ عِنْدَ مُلَاقَاةِ عَيْنٍ نَجِسَةٍ مَعَ رُطُوبَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَجَرَ مُزِيلٌ لَهَا بِهَذَا الْمَعْنَى لَكِنَّ كَلَامَهُ الْآتِيَ فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ غَيْرِ الْمُلَوَّثِ يُرْشِدُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّجَاسَةِ هُنَا عَيْنُهَا لَا الْوَصْفُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ أَيْضًا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute