للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) سُنَّ (فِطْرٌ بِتَمْرٍ فَمَاءٍ) لِخَبَرِ «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلْيُفْطِرْ عَلَى التَّمْرِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ التَّمْرَ فَعَلَى الْمَاءِ فَإِنَّهُ طَهُورٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ رُطَبٌ قُدِّمَ عَلَى التَّمْرِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَجَعْلُ الْفِطْرِ بِمَا ذُكِرَ سُنَّةً مُسْتَقِلَّةً مِنْ زِيَادَتِي.

ــ

[حاشية الجمل]

وَاسْتِغْفَارُ الْمَلَائِكَةِ لَهُمْ حِينَ يُفْطِرُونَ، وَعُمُومُ الْمَغْفِرَةِ لَهُمْ آخِرَ لَيْلَةٍ مِنْهُ، وَاسْتِغْفَارُ الْحِيتَانِ لَهُمْ حِينَ يُفْطِرُونَ، وَالسُّحُورُ وَتَأْخِيرُهُ، وَتَعْجِيلُ الْفِطْرِ، وَإِبَاحَةُ الطَّعَامِ، وَالْجِمَاعِ إلَى الْفَجْرِ، وَالِاسْتِرْجَاعُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، وَرَفْعُ أَثْقَالِ التَّكْلِيفَاتِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ كَتَحَتُّمِ الْقِصَاصِ حَتَّى فِي الْخَطَأِ وَقَطْعِ الْأَعْضَاءِ الْخَاطِئَةِ، وَمَوْضِعِ النَّجَاسَةِ وَقَتْلِ النَّفْسِ فِي التَّوْبَةِ، وَالْمُؤَاخَذَةِ بِالْخَطَأِ، وَالنِّسْيَانِ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ، وَأَنَّ الْإِسْلَامَ وَصْفٌ خَاصٌّ بِهِمْ عَلَى قَوْلٍ وَإِنْ كَانَ الرَّاجِحُ خِلَافَهُ وَأَنَّ شَرِيعَتَهُمْ أَكْمَلُ مِنْ سَائِرِ الشَّرَائِعِ وَأَنَّهَا لَيِّنَةٌ مُعْتَدِلَةٌ فِي جَمِيعِ جُزَيْئَاتِهَا، وَمِنْ ثَمَّ وَهَبَ اللَّهُ لَهُمْ مِنْ عِلْمِهِ وَحِلْمِهِ وَجَعَلَهُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وَأَعْطَاهُمْ مَرْتَبَةَ الشَّهَادَةِ عَلَى مَنْ سَبَقَهُمْ مِنْ الْأُمَمِ فِي الْقِيَامَةِ فَأَقَامَهُمْ مَقَامَ الْأَنْبِيَاءِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ وَكَمَّلَ لَهُمْ مِنْ الْمَحَاسِنِ مَا فَرَّقَهُ فِي الْأُمَمِ وَلِنَبِيِّهِمْ مَا فَرَّقَهُ فِي الْأَنْبِيَاءِ وَلِكِتَابِهِمْ مَا فَرَّقَهُ فِي الْكُتُبِ، وَأَنَّهُمْ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى ضَلَالَةٍ وَأَنَّ إجْمَاعَهُمْ حُجَّةٌ وَاخْتِلَافَهُمْ رَحْمَةٌ وَأَنَّ الطَّاعُونَ شَهَادَةٌ لَهُمْ وَعَذَابٌ عَلَى غَيْرِهِمْ وَأَنَّهُمْ حَفِظُوا آثَارَ رَسُولِهِمْ عَلَى قَوَانِينِ عِلْمِ الْحَدِيثِ، وَأَنَّ فِيهِمْ أَقْطَابًا وَأَوْتَادًا وَنُقَبَاءَ وَنُجَبَاءَ وَأَبْدَالًا وَأَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ بِلَا ذُنُوبٍ لِاسْتِغْفَارِ الْمُؤْمِنِينَ لَهُمْ وَأَنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْهُمْ وَأَنَّهُمْ يُمَيَّزُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْغُرَّةِ، وَالتَّحْجِيلِ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ وَيَكُونُونَ مَعَ نَبِيِّهِمْ عَلَى كَوْمٍ مُشْرِفٍ فِي الْمَوْقِفِ يَغْبِطُهُمْ فِيهِ جَمِيعُ الْأُمَمِ وَيُمَيَّزُونَ بِسِيمَاءِ السُّجُودِ فِي وُجُوهِهِمْ وَأَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ وَأَنَّهُمْ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَأَنَّهُ يَصِلُ لَهُمْ مَا سُعِيَ لَهُمْ مِنْ صَوْمٍ وَحَجٍّ وَصَدَقَةٍ وَدُعَاءٍ وَقِرَاءَةٍ بَلْ وَكُلُّ عِبَادَةٍ وَأَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ وَأَنَّهُ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا) فَإِنَّ «فِي السُّحُورِ بَرَكَةً» بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ الْأَكْلُ عِنْدَ السَّحَرِ وَبِفَتْحِهَا الْمَأْكُولُ وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ:

يَا مَعْشَرَ الصُّوَّامِ فِي الْحَرُورِ ... وَمُبْتَغِي الثَّوَابِ وَالْأُجُورِ

تَنَزَّهُوا عَنْ رَفَثٍ وَزُورِ ... وَإِنْ أَرَدْتُمْ غُرَفَ الْقُصُورِ

تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السُّحُورِ ... بَرَكَةً فِي الْخَبَرِ الْمَأْثُورِ

اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ فِطْرٌ بِتَمْرٍ) مِثْلُهُ الْعَجْوَةُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَأَصْلُ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِوَاحِدَةٍ وَأَقَلُّ الْكَمَالِ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ خَمْسَةٌ وَهَكَذَا مِنْ مَرَاتِبِ الْأَوْتَارِ وَقَوْلُهُ: فَمَاءٌ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ بَقِيَّةِ أَنْوَاعِ الْحَلْوَى كَالْعَسَلِ وَغَيْرِهِ لِوُرُودِ الْخَبَرِ فِيهِ. اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: بِتَمْرٍ أَيْ وَإِنْ كَانَ بِمَكَّةَ، وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهُ وِتْرًا وَكَوْنُهُ بِثَلَاثٍ فَأَكْثَرَ، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ كَوْنُهُ غَيْرَ مَدْخُولِ النَّارِ وَقِيلَ تَفَاؤُلًا بِالْحَلَاوَةِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لِلْبَصَرِ انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: بِتَمْرٍ فَمَاءٍ وَيُسَنُّ أَنْ يُثَلَّثَ الْفِطْرُ بِهِ كَأَنْ يَأْتِيَ بِثَلَاثِ جَرَعَاتٍ مِنْهُ، وَيُسَنُّ أَنْ يُفَطِّرَ غَيْرَهُ وَلَوْ دَفَعَ لَهُ تَمْرًا لِيُفْطِرَ عَلَيْهِ تَعَيَّنَ لَهُ عَلَى مَا يَظْهَرُ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ نَظَرًا لِغَرَضِ الدَّافِعِ، وَانْظُرْ هَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي دَفَعَ فِيهَا ذَلِكَ لِمَا يُخْشَى مِنْ تَأْخِيرِهِ الْفَوَاتُ أَوْ لَا يَظْهَرُ عَدَمُ تَعَيُّنِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا فَاتَ الْفِطْرُ عَلَيْهِ لَا يَجِبُ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُتَسَامَحُ بِهِ إلَّا أَنْ يَظُنَّ عَدَمَ رِضَاهُ بِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَسُنَّ فِطْرٌ بِتَمْرٍ) أَيْ وَلَوْ لِمَنْ بِمَكَّةَ خِلَافًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ اهـ. شَرْحُ م ر أَيْ فِي قَوْلِهِ أَنَّ مَنْ بِمَكَّةَ يُقَدِّمُ مَاءَ زَمْزَمَ عَلَى التَّمْرِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَمَاءٍ) قَالَ سم عَلَى حَجّ وَفِي حُصُولِ فَضِيلَةِ التَّعْجِيلِ بِنَحْوِ مِلْحٍ وَمَاءِ مِلْحٍ نَظَرٌ. وَكَذَا بِنَحْوِ تُرَابٍ وَحَجَرٍ لَا يَضُرُّ، وَالْحُصُولُ مُحْتَمَلٌ. اهـ.

أَقُولُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ مُحْتَمَلٌ إلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ أَيْضًا بِعَدَمِ الْحُصُولِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْغَرَضَ الْمَطْلُوبَ مِنْ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ إزَالَةُ حَرَارَةِ الصَّوْمِ بِمَا يُصْلِحُ الْبَدَنَ وَهُوَ مُنْتَفٍ مَعَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ تَنَاوُلَ التُّرَابِ، وَالْمَدَرِ مَعَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ مَكْرُوهٌ فَلَا يَنْبَغِي حُصُولُ السُّنَّةِ بِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ التَّمْرَ) أَيْ عِنْدَ إرَادَةِ الْفِطْرِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ تَعْجِيلَهُ بِالْمَاءِ أَفْضَلُ مِنْ انْتِظَارِ نَحْوِ التَّمْرِ وَوَجَّهَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّ فِي التَّعْجِيلِ مَصْلَحَةً تَعُودُ عَلَى النَّاسِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: قُدِّمَ عَلَى التَّمْرِ) أَيْ وَبَعْدَهُ الْبُسْرُ ثُمَّ الْعَجْوَةُ ثُمَّ التَّمْرُ وَبَعْدَهُ مَاءُ زَمْزَمَ ثُمَّ غَيْرُهُ ثُمَّ الْحَلْوَاءُ بِالْمَدِّ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ.

(فَائِدَةٌ)

مَنْ أَحَبَّ أَنْ تُصْرَفَ عَنْهُ مَرَارَةُ الْمَوْقِفِ فَلْيُطْعِمْ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ تَعَالَى شَيْئًا

<<  <  ج: ص:  >  >>