يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ.
(وَأَيَّامِ) لَيَالٍ (بِيضٍ) وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ، وَتَالِيَاهُ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِصِيَامِهَا» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَالْأَحْوَطُ صَوْمُ الثَّانِي عَشَرَ مَعَهَا وَوُصِفَتْ اللَّيَالِي بِالْبِيضِ؛ لِأَنَّهَا تَبْيَضُّ بِطُلُوعِ الْقَمَرِ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا وَسُنَّ صَوْمُ أَيَّامِ السُّودِ وَهِيَ: الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ وَتَالِيَاهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ صَوْمُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مَعَهَا.
(وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ
ــ
[حاشية الجمل]
لَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ وَفِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَالْأَوَّلُ عَرْضٌ إجْمَالِيٌّ بِاعْتِبَارِ الْأُسْبُوعِ، وَالثَّانِي بِاعْتِبَارِ السَّنَةِ، وَكَذَا الثَّالِثُ وَفَائِدَةُ تَكْرِيرِ ذَلِكَ إظْهَارُ شَرَفِ الْعَامِلِينَ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ وَأَمَّا عَرْضُهَا تَفْصِيلًا فَهُوَ بِرَفْعِ الْمَلَائِكَةِ لَهَا بِاللَّيْلِ مَرَّةً وَبِالنَّهَارِ مَرَّةً. اهـ. شَرْحُ حَجّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْمُرَادُ عَرْضُهَا عَلَى اللَّهِ، وَأَمَّا رَفْعُ الْمَلَائِكَةِ لَهَا فَهُوَ بِاللَّيْلِ مَرَّةً وَبِالنَّهَارِ مَرَّةً وَرَفْعُهَا فِي شَعْبَانَ الثَّابِتِ بِخَبَرِ أَحْمَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ إكْثَارِهِ الصَّوْمَ فِي شَعْبَانَ فَقَالَ: إنَّهُ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعِ الْأَعْمَالِ جُمْلَةً انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ) أَيْ لِإِظْهَارِ الْعَدْلِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ إذْ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ اهـ. ق ل عَلَى الْمُحَلَّى (قَوْلُهُ: يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَالْخَمِيسِ) أَيْ فِي النَّهَارِ لَا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَهُوَ الرَّاجِحُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْعَرْضُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَأَوَّلَ قَوْلُهُ وَأَنَا صَائِمٌ أَيْ عَلَى أَثَرِ الصَّوْمِ. اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَأَيَّامُ بِيضٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ صَوْمَهَا بِصَوْمِ شَهْرٍ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا. اهـ. ح ل وَبِيضٍ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ كَمَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ اهـ شَيْخُنَا، وَالْحَاصِلُ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَأَنْ تَكُونَ أَيَّامَ الْبِيضِ فَإِنْ صَامَهَا أَتَى بِالسَّنَتَيْنِ فَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ هِيَ الْمَأْمُورُ بِصِيَامِهَا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ تَبِعَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَصُومُ مِنْ الْحِجَّةِ السَّادِسَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ صَوْمَ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذَلِكَ حَرَامٌ، وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَصُومَ مَعَ الثَّلَاثَةِ الثَّانِيَ عَشَرَ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ إنَّهُ أَوَّلُ الثَّلَاثَةِ اهـ. شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ. . . إلَخْ أَيْ فِي غَيْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِأَنَّهُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيُبْدَلُ بِالسَّادِسِ عَشَرَ اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَبْيَضُّ بِطُلُوعِ الْقَمَرِ. . . إلَخْ) أَيْ فَحِكْمَةُ صَوْمِهَا شُكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى هَذَا النُّورِ الْعَظِيمِ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا أُهْبِطَ مِنْ الْجَنَّةِ إلَى الْأَرْضِ اسْوَدَّ جَسَدُهُ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ وَأَمَرَهُ بِصَوْمِهَا فَابْيَضَّ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ ثُلُثُ بَدَنِهِ وَفِي الثَّانِي ثُلُثَاهُ وَفِي الثَّالِثِ جَمِيعُهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيَّامُ السُّودِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تَسْوَدُّ بِالظُّلْمَةِ مِنْ عَدَمِ الْقَمَرِ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إلَى آخِرِهِ فَحِكْمَةُ صَوْمِهَا طَلَبُ كَشْفِ تِلْكَ الظُّلْمَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ وَتَزْوِيدُ الشَّهْرِ الَّذِي عَزَمَ عَلَى الرَّحِيلِ بَعْدَ كَوْنِهِ كَانَ ضَيْفًا وَقِيلَ لِطَلَبِ كَشْفِ سَوَادِ الْقَلْبِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ. إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ وَهِيَ السَّابِعُ أَوْ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ وَتَالِيَاهُ فَإِنْ بَدَأَ بِالثَّامِنِ وَنَقَصَ الشَّهْرُ صَامَ أَوَّلَ تَالِيهِ لِاسْتِغْرَاقِ الظُّلْمَةِ لِلَيْلَتِهِ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ يَقَعُ صَوْمُهُ عَنْ كَوْنِهِ أَوَّلَ الشَّهْرِ أَيْضًا فَإِنَّهُ يُسَنُّ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ أَوَّلَ كُلِّ شَهْرٍ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ) بِإِثْبَاتِ التَّاءِ مَعَ حَذْفِ الْمَعْدُودِ لُغَةً، وَالْأَفْصَحُ حَذْفُهَا كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ اهـ. شَرْحُ م ر وَسُئِلْت عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ بَعْدَ قَوْلِ النَّوَوِيِّ وَسِتَّةٌ مِنْ شَوَّالٍ يَبْقَى النَّظَرُ فِي مَنْ أَفْطَرَ جَمِيعَ رَمَضَانَ أَوْ بَعْضَهُ وَقَضَاهُ هَلْ يَتَأَتَّى لَهُ تَدَارُكُ ذَلِكَ أَمْ لَا وَمَا الْمُعْتَمَدُ فَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ بَعْدَ قَضَاءِ مَا فَاتَهُ مِنْ رَمَضَانَ أَنْ يَصُومَ سِتَّةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قَضَاءُ الصَّوْمِ الرَّاتِبِ اهـ. رَمْلِيٌّ كَبِير وَفِي حَجّ أَيْضًا التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الصَّوْمَ الرَّاتِبَ يُسَنُّ قَضَاؤُهُ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إلَخْ) ظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّ الثَّوَابَ الْمَذْكُورَ خَاصٌّ بِمَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَلَا يَقْتَضِي عَدَمَ اسْتِحْبَابِ صَوْمِهَا لِمَنْ لَمْ يَصُمْ رَمَضَانَ بِعُذْرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ فَإِنْ لَمْ يَصُمْهُ تَعَدِّيًا حَرُمَ عَلَيْهِ صَوْمُهَا عَنْ غَيْرِ رَمَضَانَ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ فَوْرًا اهـ. ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر قَضِيَّةُ كَلَامِ التَّنْبِيهِ وَكَثِيرِينَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَصُمْ رَمَضَانَ لِعُذْرٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ صِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ كُفْرٍ لَا يُسَنُّ لَهُ صَوْمُ سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ بَلْ يَحْصُلُ أَصْلُ سُنَّةِ الصَّوْمِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الثَّوَابُ الْمَذْكُورُ لِتَرَتُّبِهِ فِي الْخَبَرِ عَلَى صِيَامِ رَمَضَانَ وَإِنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ تَعَدِّيًا حَرُمَ عَلَيْهِ صَوْمُهَا، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْمَحَامِلِيِّ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الْجُرْجَانِيِّ يُكْرَهُ لِمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِالصَّوْمِ كَرَاهَةَ صَوْمِهَا لِمَنْ أَفْطَرَهُ بِعُذْرٍ يُنَافِي مَا مَرَّ إلَّا أَنْ يُجْمَعَ بِأَنَّهُ ذُو وَجْهَيْنِ أَوْ يُحْمَلُ ذَاكَ عَلَى مَنْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَصَبِيٍّ بَلَغَ وَكَافِرٍ أَسْلَمَ وَهَذَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَإِذَا تَرَكَهَا فِي شَوَّالٍ لِذَلِكَ أَوْ غَيْرِ مُسِنٍّ قَضَاؤُهَا مِمَّا بَعْدَهُ وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِصَوْمِهَا مُتَفَرِّقَةً وَلَوْ صَامَ فِي شَوَّالٍ أَوْ فِي نَحْوِ عَاشُورَاءَ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا أَوْ غَيْرَهُمَا فَحَصَلَ لَهُ ثَوَابُ تَطَوُّعِهِمَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلْبَارِزِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ وَالنَّاشِرِيِّ، وَالْفَقِيهِ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ الْحَضْرَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ لَكِنْ لَا يَحْصُلُ لَهُ الثَّوَابُ