فهم يجتهدون أولاً في أن يستنبطوا من نصوصها ما يحملونه على الإشارة إلى التثليث، كعبارة "كلمة الله" أو عبارة "روح القدس".
وثانياً: يحاولون أن يرجعوا التثليث إلى الوحدانية، لتلتقي التوراة مع الإنجيل فيقربوا التوراة إليهم بتحميل عباراتها ما لا تحتمل، ويقربوا عقائدهم من التوراة بتضمين ثالوثهم معنى التوحيد، وإن كان هو أيضاً لا يحتمل ذلك، ولعل ذلك تتميم للفلسفة الرومانية التي كانت تحاول الجمع بين مسيحية المسيح عليه السلام، ووثنية الرومان، وتوراة اليهود بما تحمل من وحدانية ظاهرة لا شبة فيها، إلا التجسيد، لو ما يوهمه في بعض عباراتها.
٦٩- ولقد يجتهد كتاب المسيحية في إثبات أن عقيدة التثليث وأُلوهية المسيح قد وردت بها كتبهم المقدسة، ويسندونها إلى آياتها، سواء أكانت من كتب العهد القديم، أم من كتب العهد الجديد، فيقول صاحب كتاب الأصول والفروع:"أما لآيات الإلهية التي تثبت لاهوت المسيح فهي كثيرة جداً، ولضيق المقام نكتفي باقتباس شيء يسير، فمن أقواله تعالى بلسان أشعياء النبي: "ها العذراء تحبل، وتلد ابناً، وتدعو اسمه عمانوئيل (أي الله معنا)" وقوله: "كأنه يولد لنا ولد ونعطي أبناً، وتكون الرياسة على كتفه: ويدعى اسمه عجيباً، مشيراً إلها قديراً، أبا أبدياً رئيس السلام": أشعيا ٧: ٩٤ و٩: ٦ -.
وعند عماده وتجليه على الجيل شهد له الله من السماء بصوت مسموع قائلاً: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" متى ٣: ١٨ و١٧، ص ٥.
ويشهد له يوحنا الرسول قائلاً: في البدء كان كلمة والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله ... كل شيء به كان. وبغيره لم يكن شيء، والكلمة صار جسداً، وحل بيننا، ورأينا مجده مجداً، كما للوحيد من الأب مملوءا نعمة وحقاً. يوحنا ١: ١و ٣و ٤.
وقال المسيح نفسه: أنا والأب واحد، يوحنا ١٠: ٣٠، وقال له أحد تلاميذه: "ربي وإلهي" يوحنا ٢٠: ٢٨ وقبل منه السجود. ولم يوبخه على دعوته إلهاً، ولما سأله رئيس الكهنة، وقال له: أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا: هل أنت المسيح ابن الله؟ أجابه المسيح على الحلف: "أنا هو" قال