يأتي المكلّف في بعض الأوقات بجميع تكليف ذلك الوقت, وأن يعلم المكلّف إتيانه بذلك, وحينئذ يقطع بأنّه من أهل الجنّة.
وأمّا الفرقة الثّانية: وهم الذين لا يوجبون على الله الأصلح للعبد فإنّهم يوجبون على الله -سبحانه- أن يبقى العاصي بعد المعصية وقتاً يتمكّن فيه من التّوبة, وبهذا قال شيخ الاغتزال أبو عليّ الجُبّائي وأصحابه, ووافقه عليه أبو القاسم الكعبيّ -أيضاً- فلو كان ما ذكره المعترض في حقّ المرجئة يدلّ على الكذب في الحديث, لدلّت مذاهب المعتزلة هذه على مثل ذلك, فيقول من يوجب الأصلح للعبد على الله تعالى: المعاصي لا تضرّني لعلمي أنّي من أهل الجنّة بسبب طاعتي لله تعالى يوماً أو ساعة أو لحظة, /ويقول من لا يرى ذلك: أنا أقدم على هذه المعصية وأتوب عقيبها, ولا أخشى (١) مفاجأة الموت قبل التمكّن من التّوبة.
ولكن ليس وقوع المعاصي على حسب الاعتقاد, وإنّما ذلك على حسب شرف الطّباع, وارتفاع الهمم, وشهامة النّفوس, كما قدمنا في الوجه الأوّل, ولو كان السبب في العصيان هو تجويز النّجاة من عذاب الله؛ إمّا اتكالاً على التوبة أو اتكالاً على الرّحمة, لم توجد فرقة من فرق الإسلام إلا وهي مجروحة, ولكان العدل من اعتقد أنّ الله لا يقبل التّوبة ولا يقيل العثرة, ولا يغفر الخطيئة, لكن الذّاهب إلى هذا كافر بالإجماع, خارج عن ملّة الإسلام.
الوجه الرّابع: أنّ من اعتقد أنّ الله تعالى يتفضّل على أهل