للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمين بل إجماع العقلاء المنصفين, قال الله تعالى: ((لئلا يكون للنّاس على الله حجّة بعد الرّسل)) [النساء/١٦٥] وأمثال ذلك, وإذا كانت حجّة الله علينا وعليهم إنّما هي العقل, وبعثة الرّسل, ونحن فيهما على سواء في القدر الذي تقوم به الحجّة, ويحصل معه التّمكّن من الإسلام, لم يجب علينا أن نعرّفهم بأمر قد شاركونا في التّمكّن من معرفته بغير علم منّا.

ألم تر أنّه لم يجب على المفتي أن يفتي العامّيّ في حضرة الرّسول, فكذلك لا يجب علينا أن نعرّف الكفّار بمقتضى العقول مع وجود العقول, فإن قال الكافر: إنّي قد نظرت في جميع ما ذكرتم بجهدي فلم أجد شيئاً ممّا ذكرتم يدلّ على الإسلام, فإنا نقطع على أنّه كاذب معاند, مثلما أنّ المتكلّمين يقطعون على ذلك بعد المناظرة, فإنّما علمنا أنّهم معاندون في ذلك -مع أنّه غيب لا سبيل لنا إلى معرفته- لأنّ الله تعالى أخبرنا بذلك حيث يقول: ((قل فلله الحجّة البالغة)) [الأنعام/١٤٩] وغير هذه الآية الكريمة. وبمعنى هذا الجواب جاء القرآن صريحاً, قال الله تعالى: ((إنّ الدّين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب, فإن حاجّوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتّبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأمّيين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولّوا فإنّما عليك البلاغ والله بصير بالعباد)) [آل عمران/١٩ - ٢٠] فما تركت هذه الآية شيئاً مما ذكرناه والحمد لله.

فإن قلت: قد يكون في النّاس من هو بليد لا يستطيع أن ينظر وحده, ولا يعرف الأدلّة إلا بالتّعليم فيجب تعليمه.